أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-26
1740
التاريخ: 28-9-2016
2407
التاريخ: 28-9-2016
2595
التاريخ: 25-4-2022
1839
|
قد بيّنا حقّ الجوار وحقّ الرحم، ويدلّ على الثاني أخبار أكثر من أن تحصى، وقد أشرنا إلى بعضها.
قال النبي صلى الله عليه وآله: «يقول الله تعالى: أنا الرحمن وهذه الرحم قد اشتققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته» (1).
وقال الصادق عليهالسلام في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1]: «هي أرحام الناس إنّ الله أمر بصلتها وعظّمهما، ألا ترى أنّه جعلها منه؟» (2).
وقال الباقر عليهالسلام: «صلة الأرحام تزكّي الأعمال وتنمي الأموال وتدفع البلوى وتيسّر الحساب وتنسىء في الآجال وتوسّع في رزقه» (3).
وعن السجّاد عليهالسلام قال: «قال النبي صلى الله عليه وآله: من سرّه أن يمدّ الله في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه، فإنّ الرحم له لسان ذلق يوم القيامة، يقول: ربّ! صل من وصلني واقطع من قطعني» (4).
وقال الصادق عليهالسلام: «إنّ صلة الرحم والبرّ يهوّنان الحساب ويعصمان الذنوب، فصلوا أرحامكم وبرّوا بإخوانكم ولو بحسن السّلام وردّ الجواب» (5).
وقال عليهالسلام: «صل رحمك ولو بشربة من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، وصلة الرحم منسأة في الأجل ومحبّة في الأهل» (6).
وأفضلها وأحسنها الولادة.
قال النبي صلى الله عليه وآله: «برّ الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحجّ والعمرة والجهاد في سبيل الله» (7).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: «برّ الوالدة على الولد ضعفان» (8).
وقال صلى الله عليه وآله: «الوالدة أسرع إجابة، قيل: يا رسول الله ولم ذاك؟ قال: هي أرحم من الأب، ودعوة الرحم لا تسقط» (9).
وعن الصادق عليهالسلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما» (10).
[وفي رواية أخرى] (11): «قلت: كيف يعينه على برّه؟ قال: يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه ولا يخرق به، وليس بينه وبين أن يصير في حدّ من حدود الكفر الا أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم» (12).
وقال رجل من الأنصار للنبي صلى الله عليه وآله: من أبرّ؟ فقال: والديك، قال: قد مضيا، قال: برّ ولدك (13).
وكلّ ما يذكر في حقوق الأخوة جار في حقوق الأبوين، فإنّ هذه الرابطة آكد منها ويزيد عليها ما أشرنا إليه من وجوب إطاعتهما شرعاً فيما سوى الحرام المحض.
وحقّ الأمّ أظهر في الجسمانيّات، فلذا أكثر من الحثّ عليه ورجّح على حقّ الأب.
قال السجاد عليهالسلام: «وحقّ أمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلّك، وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحرّ والبرد لتكون لها، فإنّك لا تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه.. الحديث» (14).
فهذه الحقوق كلّها جسميّة والأب وإن كانت له حقوق جسميّة أيضاً، بل قد تكون أكثر الا أنّ حقوقها أظهر وتعبها فيما تتحمّله من المشاقّ أبين.
نعم حقّ الأب أظهر من حيث المعنى والروحانيّة، فإنّه أصل وجودك والنعمة عليك ومربّيك والراغب في استجماعك لما يظنّه كمالاً في حقّك، والواصل بك إلى كلّ مرتبة تعجبك إن وصلت إليها، فهو في الحقيقة أحقّ من الأم بالحقوق المقرّرة لهما عليك، والفرق بينهما بقدر الفرق بين الجسم والروح، فإنّ أمّك مربّية لجسمك خاصّة وحافظة له عن الآفات الجسمانيّة بالقدر الممكن لها وأبوك مربّ لنفسك وروحك، مضافاً إلى جسمك.
ألا ترى أنّه يرضى عليك بما تكرهه ويشقّ عليك من الحرّ والبرد والجوع والعطش والسهر وغيرها في تحصيل ما يراه كمالاً في حقّك ممّا لا ترضى به أمّك.
قال السجّاد عليهالسلام: «وأمّا حقّ أبيك فأن تعلم أنّه أصلك فإنّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه.. الحديث» (15).
فحقّه أعظم وأوجب حقيقة سيّما فيما يتعلّق بالروحانيّات كالإعظام والإكرام وطلب المغفرة والسعي في بقاء اسمه وأثره بعد موته وأضرابهما، وهذا ممّا لا سترة فيه، فاللازم توجيه ما ورد في ترجيح حقّ الأمّ وتقديمه بتخصيصه بالجسمانيّات كالخدمة وحسن الإنفاق وأمثال ذلك، فإنّها لكونها امرأة وهي قاصرة العقل في درك الكمالات والفضائل النفسانيّة قليلة الطاقة في تحمّل المكاره الجسمانيّة، فمراعاة شأنها فيها أولى وأليق، فافهم. وممّا ذكر يظهر أنّ حقّ المعلّم أعظم لكونه روحانيّاً محضاً.
قال السجاد عليهالسلام: «وحقّ سائسك بالعلم التعظيم والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه، وألّا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدّث في مجلسه أحداً، ولا تغتاب عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوّاً، ولا تعادي له وليّاً، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنّك قصدته وتعلّمت علمه لله لا للناس، إلى أن قال عليهالسلام: «وأمّا حقّ رعيّتك بالعلم فأن تعلم أنّ الله عزّوجلّ إنّما جعلك قيّماً لهم فيما أتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّاً على الله عزّوجلّ أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلّك.. الحديث» (16).
«فالمتعلّم منك ولد روحانيّ لك، كما أنّ معلمك والد روحانيّ لك، والتفاوت بين حقوقهما وحقوق الوالد والولد الجسمانيّين كالتفاوت بين الجسم والروح، فإن اجتمعتا عظمت الحقوق واجتمعت»، وقد أشرنا إلى بعض آداب التعلّم والتعليم فيما سبق بما فيه كفاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحجة البيضاء: 3 / 427 ـ 428.
(2) المحجة البيضاء: 3 / 430، نقلاً عن الكافي: 2 / 150.
(3) المحجة البيضاء: 3 / 4330، نقلاً عن الكافي: 2 / 150 إلى «في الآجال» ثم قال في المحجّة: «وفي رواية: وتوسّع في رزقة وتحبّب في أهل بيته» والمصنّف كما ترى جمع بينهما وجعلهما رواية واحدة. والرواية الأخرى في الكافي: 3 / 152.
(4) الكافي: 2 / 156، كتاب الإيمان والكفر، باب صلّة الرحم، ح 29.
(5) الكافي: 2 / 157، كتاب الإيمان والكفر، باب صلّة الرحم، ح 31.
(6) الكافي: 2 / 151، كتاب الإيمان والكفر، باب صلّة الرحم، ح 9.
(7) المحجة البيضاء: 33 / 4334.
(8) المحجة البيضاء: 3 / 4435 وفيه: «على الولد».
(9) المحجة البيضاء: 3 / 435، وفيه: «دعوة الوالدة».
(10) الكافي: 6 / 48، كتاب العقيقة، باب حق الأولاد، ح 33.
(11) هذه الزيادة لابدّ منها، لأنّ المصنّف جمع بين روايتين من دون إشارة.
(12) الكافي: 6 / 50، كتاب العقيقة، باب برّ الأولاد، ح 6.
(13) الكافي: 6 / 49، كتاب العقيقة، باب برّ الأولاد، ح 2.
(14) المحجة البيضاء: 3 / 451، نقلاً عن الفقيه: 2 / 621.
(15) المحجة البيضاء: 3 / 450، نقلاً عن الفقيه: 2 / 622.
(16) المحجة البيضاء: 3 / 450، نقلاً عن الفقيه: 2 / 620 ـ 621.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|