أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-6-2017
1800
التاريخ: 26-4-2018
5213
التاريخ: 20-6-2017
1775
التاريخ: 20-6-2017
1533
|
هو ابن المطيع — على ما مرَّت الإشارة إليه — وكان مولده في سنة 317، أمه أم ولد، اسمها عتب، ويُروى: عنب، ويُقال بل كان اسمها هزار، أدركَت خلافته، وكان عمره لما تولى الخلافة 48 سنة، ولم يَلِ الخلافة قبله أسنُّ منه، وفوَّضَ أمور المملكة إلى عَضُد الدولة، فلما خرج هذا من التولية أنفذ إلى الطائع هدية على 500 حمال، من جملتها 50 ألف دينار في عشرة أكياس ديباج أسود، وألف ألف درهم في مائتي كيس، 500 ثوب أنواعًا، و30 صينية مُذَهَّبة، فيها العنبر والمسك والكافور والعود الهندي والند، إلى غيرها من الثياب والدواب، لكن ما هذه كلها وأضعاف أضعافها بالآلاف بجنب الخسارة العظمى التي خسرها الخليفة ببيع قوَّته وسطوته لواحدٍ من الأعجام! لكن الطائع كان صاحب تنعُّم، وما كان يهمه أمر الخلافة؛ إذ كان يطلب الراحة لنفسه والتلذُّذ بنسائه، فكان قد جمع بين بنت عضُد الدولة، وبنت عز الدولة بختيار، وأصدق كل واحدةٍ منهما مائة ألف ساد (نوع من ثياب الكتان)، وعضد الدولة أول من خوطب بالإسلام بالملك شاهنشاه (من ألقاب القدماء الفُرس)، وأول من خُطب له على المنابر مع الخلفاء، وأول من ضُرب الطبل أو الدبداب على بابه أوقات الصلوات الثلاث، وفي أيامه عُمِّرَت بغداد؛ لأنها كانت خَرُبَت بانفجار البثوق، فأمره الطائع، فتولَّى بنفسه سد بثوق النهروان، فسدها في سنة 367 (977م)، وأثَّر عضد الدولة في أيام الطائع آثارًا جميلة، وعمارات كثيرة، وغرس الأشجار، وأخر الخراج، ورُفِعَتِ الجباية عن قوافل الحجيج، وكَثُرَ دَرُّ الأقوات والرسوم والصلات للفقهاء والعلماء والفقراء والأدباء، ورغب الناس في الاشتغال بالعلوم لكثرة الهبات والعطاء؛ ولهذا لم يُجمع في زمنٍ من الأزمان كما اجتمع في الدولة البُويهية من سائر أرباب العلوم والفنون والصنائع، وكانت في أيامه الارتفاعات جَمَّة، والأموال وافرة، ومن آثاره التي يُتحدَّث بها: البيمارستان العضدي بالجانب الغربي من بغداد في خراب دار ابن حمدان، وكان «بجكم» قبله حاول ذلك فلم يقدر عليه، وعمل قنطرتي الصراة، وسور مدينة يثرب، وعمل غير هذا من المصانع والآثار الخالدة. وفي سنة 367 التقى عز الدولة وعضُد الدولة، فظفر عضد الدولة وأخذ عز الدولة أسيرًا، وقتله بعد ذلك، فخلع الطائع على القاتل خلع السلطنة، كأنه يشجعه على ارتكاب المنكرات، ولا يعلم أن هذه الخلع بعد القتل تُجرئ عضد الدولة أو تُجرئ ابنه نصرًا الملقب ببهاء الدولة على خلعه يومًا كما سنراه، ولم يكتفِ بأن خلع عليه خلع السلطنة، بل توجَّه بتاج مجوهر وطوَّقه وسوَّره على ما جرتِ العادة عليه في ذلك العصر، وقلَّده سيفًا، وعقد له لواءين بيده، أحدهما مفضض على رسم الأمراء، والآخر مذهب على رسم وُلاة العهود، ولم يُعقد هذا اللواء الثاني لغيره قبله، وكتب له عهدًا وقُرئ بحضرته، ولم يبق أحد إلَّا تعجَّب، ولم تجرِ العادة بذلك، إنما كان يُدفع العهد إلى الولاة بحضرة أمير المؤمنين، فإذا أخذه قال أمير المؤمنين: «هذا عهدي إليك فاعمل به.» وفي سنة 375ھ/985م همَّ صمصام الدولة بن عضد الدولة الذي ولي الملك وولاية العهد بعد وفاة أبيه في سنة 372 أن يجعل المكس على ثياب الحرير والقطن مما يُنسج ببغداد ونواحيها، ووقع له في ضمان ذلك مليون درهم في السنة، مما يدل على أن صناعة الأنسجة أو الحياكة كانت قد بلغت مبلغًا عظيمًا في دار السلام، لكن اجتمع الناس في جامع المنصور على صورة ما نسميه اليوم «بالمظاهرة، أو المعالنة الوطنية»، وعزموا على المنع من صلاة الجمعة، وكاد البلد يُفتتن، فأعفاهم من ضمان ذلك. وفي سنة 376 قصد شرف الدولة أخاه صمصام الدولة فانتصر عليه وكحله، ومال العسكر إلى شرف الدولة، فقدِمَ ببغداد وركب الطائع إليه يُهنئه بالبلاد، وعهد إليه بالسلطنة، وتوَّجه وقُرِئ عهده والطائع يسمع. إلى هذه الدرجة وصل ضعف الخليفة، أن يُكافئ أعظم مكافأة في الأرض لمن يجترح إثمًا هو كالقتل بل أشنع! وفي سنة 378ھ/988م أمر شرف الدولة برصد الكواكب السبعة في سيرها كما فعل المأمون. وفي سنة 379ھ مات شرف الدولة، وعَهِدَ إلى أخيه «أبي نصر»، فجاءه الطائع إلى دار المملكة يُعزيه، فقبَّلَ الأرض أبو نصر غير مرة ثم ركب إلى الخليفة، وحضر الأعيان، فخلع الطائع على أبي نصر سبع خُلع، أعلاها سوداء وعمامة سوداء، وفي عنقه طوق كبير، وفي يده سواران، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف المشهورة، ثم قبَّل الأرض بين يدي الطائع، وجلس على كرسي وقُرئ عهده، ولقَّبه الطائعُ «بهاء الدولة وضياء الملة». وبعد سنتين قام بهاء الدولة على الطائع كما هو المنتظر من كل زنيمٍ لئيم رفع قدره، وخلعه. وتحرير الخبر: أن الخليفة حبس رجلًا من خواص بهاء الدولة، فجاء هذا وقد جلس الطائع في الرواق متقلِّدًا سيفًا، فلما قرب بهاء الدولة قبَّل الأرض دهاءً ورياءً وخبثًا ونكرًا، ثم جلس على كرسي، فتقدم أصحاب بهاء الدولة، فجذبوا الطائع من سريره، وتكاثر عليه الديلم، فلفُّوه في كساء، وأُصعد إلى دار السلطنة، وارتج البلد، ورجع بهاء الدولة وكتب على الطائع أيمانًا بخلع نفسه، وأنه سلَّم الأمر إلى القادر بالله، وأشهد عليه الأكابر والأشراف، وذلك في 19 شهر شعبان 381ھ/1 ت2 سنة 991م، وأنفذ إلى القادر بالله ليحضر، وكان بالبطيحة، واستمر الطائع في دار القادر بالله إلى أن مات ليلة عيد الفطر سنة 393ھ (30 أيلول 1003م)، ودُفن في تربة بالرصافة، وكان شديد الانحراف على آل أبي طالب، وسقطت الهيبة في أيامه جدًّا حتى هجاهُ الشعراء. وكانت خلافته 17 سنة و9 أشهر، وعمره 78 سنة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|