يمثل الماء العذب 3% من ماء الأرض الكلي، لكن أهميته تفوق كثيراً مقداره. وثلاثة أرباع الماء العذب موجودة في الغطاء الجليدي القطبي وكتل الجليد في جبال الألب، و90% من هذه المياه محصورة ضمن صفيحة جليد القارة القطبية الجنوبية. ويؤدي الجليد المتجمد في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند والمناطق الأخرى أغراضاً بيئية مفيدة من حيث إن فقاعات الهواء والماء نفسه المأسورة ضمن الجليد تمثل سجلات للظروف الجوية التي سادت عبر الأحقاب ، وذلك إضافة إلى كونه مصدراً عملياً ممكناً للماء الشديد النقاء (لعلك سمعت بمقترحات لجر جبال جليد كبيرة من المناطق القطبية إلى مناطق تشح فيها المياه العذبة من قبيل الخليج العربي، وهي مقترحات لم تتحقق أبداً). وقد كنا قد استشهدنا بأمثلة على ذلك حين تحرّي تراكيز ثاني أكسيد الكربون وعامل حموضة المطر.

ويوجد معظم الماء العذب المتبقي في جوف الأرض. ويسمى الماء الموجود في مسامات التربة ويخضع للتبخر والاستبدال الدوري بواسطة الهواء بماء مسامات التربة أو رطوبة التربة. وحيث تكون مسامات التربة أو الصخور ممتلئة بالماء دائماً، حالة وهي تشبع موجودة تحت منسوب المياه الجوفية، يُسمى الماء بالماء الجوفي. يُري الشكل 2.9 بعض المصطلحات التي يستعملها علماء الأرض غالباً تمثل المياه الجوفية نحو 20% من الماء العذب في العالم، وهي تُستعمل على نطاق واسع في الصناعة والري وفي الأغراض المنزلية المختلفة.

ونحو 0.5% فقط من مجمل المياه العذبة في الأرض هي مياه سطحية سهلة الوصول إليها وتوجد في الأنهار والبرك والبحيرات وعلى قلتها، فإن هذه الكمية التي تساوي مجرد 0.02% من مياه الأرض الكلية تهيمن على معظم دراساتنا في الكيمياء البيئية، لأنها متوفرة بسهولة ولكونها حاجة جوهرية لبقاء ونمو كثير من أشكال الحياة الحيوانية والنباتية على كوكب الأرض. ويُعتبر الماء السهل الوصول إليه على درجة من الأهمية من الناحيتين النوعية والكمية.

فمن الناحية الكمية، تتوزع الموارد المائية توزعاً غير متجانس. يُري الشكل 3.9 توزع الماء على الأرض، وتُقدَّر فيه الكميات بالأمتار المكعبة في السنة للفرد per

(m³ y^-1 PC)capita). من الواضح أن ثمة فروقاً شاسعة في توزع الماء، فكمية الماء المتاحة للفرد سنوياً في آيسلاندا تزيد على 600 ألف متر مكعب، وتساوي 10 آلاف متر مكعب في السويد وماليزيا، و 3000 متر مكعب في فرنسا والهند، و250 متراً مكعباً في إسرائيل والمملكة العربية السعودية. أما كون الماء متاحاً للجميع بسهولة، فتلك مسألة أخرى. ووفقاً لإحدى التقديرات تُعتبر البلدان التي يقل فيها الماء العذب المتاح عن m³ y^-1 PC 2000   في حالة عجز مائي مزمن والفوارق في نوعية المياه كثيرة أيضاً، وثمة كثير من الجوانب الكيميائية والحيوية المكروية التي يجب أخذها في الحسبان حين تحديد جودة الماء. وهذا موضوع سوف نستقصيه في الفصل السادس عشر. ويتضمن الملحق ب - 1- تراكيز العناصر الشائعة في الماء العذب.

لقد قدمنا في الشكل 4.1 وصفا لإحدى دورات الماء الشهيرة. لا تقتصر الدورة على الأشكال الصلبة والسائلة للماء فقط، بل تتضمن أيضاً بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي. وليست الكتلة الغازية الكلية منه غير ذات أهمية، بل هي تكافئ نحو 15% من تلك الموجودة في البحيرات والأنهار.

ووفقاً لما رأيناه، تتأثر طبيعة المطر كثيراً بسيرورات الأنشطة البشرية التي تطلق كيماويات غازية إلى الجو. فتلك الغازات تنحل في قُطَيْرات ماء الغيوم، وتخضع أحياناً إلى مزيد من التفاعلات، ثم تسقط على الأرض بأشكال مختلفة من المتساقطات.

النقطة الرئيسية 1.9 الماء جوهري لجميع أشكال الحياة على الأرض. وبرغم كون مقدار الماء المتوفّر على الأرض هائلاً، لا توجد إلا نسبة ضئيلة جداً من الماء العذب السهل الوصول إليه. ويتوزع هذا الماء العذب المحدود الكمية الضروري لمختلف جوانب حياة الإنسان في المدن والأرياف، توزُّعاً غير متجانس بين مناطق العالم المختلفة.