أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
4833
التاريخ: 3-10-2014
6322
التاريخ: 25-09-2014
5192
التاريخ: 2-12-2015
4730
|
إن الحروف المقطعة رموز بين الله سبحانه وحبيبه المصطفى
إن الحروف المقطعة رموز بين الله سبحانه وحبيبه المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وليس المراد منها إفهام الآخرين(1) ؛ كما يقول الآلوسي: ... هذا ووراء هذين القولين أقوال أخشى من نقلها الملال، والذي يغلب على الظن ان تحقيق ذلك علم مستور. وسر محجوب عجزت العلماء -كما قال ابن عباس -عن إدراكه و...، وقال الشعبي: «سر الله تعالى فلا تطلبوه".
بين المحبين سر ليس يفشيه قول ولا قلم للخلق يحكيه ولا يعرفه بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الاً الأولياء الورثة فهم يعرفونه من تلك الحضرة(2)... . يعتقد عدد من العظماء أن تلك الحروف رموز بين الله ورسوله وأوليائه(عليهم السلام)، ولا سبيل للآخرين إلى نيلها، ولابد لهم من قبولها من باب الإيمان بالغيب.
إن كثيراً من الأحكام والتعاليم الدينية لا تعدو كونها رموزاً وأسراراً ومثلما يدفعنا الله سبحانه وتعالى إلى القيام بأفعال نجهل رموزها وأسرارها، فهو يأمرنا بقول أقوال لا يتيسر لنا فهم معانيها. فالأفعال الرمزية؛ كرمي الجمرات، والتعليق في الهدي (تعليق النعل في رقبة البعير أو الشاة المعدين للهدي لتحقق إحرام حج القران)، والهرولة بين الصفا والمروة في الحج، والأقوال الرمزية؛ كالحروف القرآنية المقطعة.
واستناداً إلى هذا الرأي، فإنه لا يجب السعي لفهم مدلولات الحروف المقطعة، هذا إذا كان في النية بلوغ ذلك من خلال العلوم الحصولية المتعارفة، لكن الباب للوصول إلى هذه الرموز والأسرار ليس موصداً بالكامل؛ إذ أن نيل تلك الأسرار عن طريق قرب الفرائض والنوافل(3) ميسور بالنسبة لأولياء الله؛ فابن العربي، العارف المشهور، ينضم أيضاً إلى طائفة المعتقدين برمزية وسرية هذه الحروف.
الجواب: إن الأمر بالتدبر في القرآن يشمل الحروف المقطعة أيضأ لأنها ألفاظ مستعملة لا مهملة، وإن لبسيطها ومركبها معنى قابلاً للفهم، ولابد للادعاء بأنها رموز أن يأتي بعد الإذعان بكونها ذوات معان. أما الادعاء بانحصار فهم هذا المعنى بالرسول الأكرم، والأولياء المعصومين(عليهم السلام)، وإن أمكن ثبوتاً، إلاً أنه محتاج للدليل إثباتا؛ مثلما أن آيات أمثال: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]. التي يستفاد منها حرمة مس كتابة القرآن من غير طهارة، تشمل الحروف المقطعة أيضاً، فلا يجوز مس هذه الحروف بل وحتى تقبيلها بدون طهارة.
إن رمزية الحروف المقطعة لا تتناسب مع ذكرها في القرآن (الذي هو كتاب الهداية، والبيان، والتبيان)، ولا مع الأمر بالتدبر بكل آياته (على نحو العموم أو الإطلاق). فالقرآن الكريم يقول: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } [محمد: 24]. ولما كانت الحروف المقطعة جزءاً من القرآن، فالأمر بالتدبر شامل لها ايضا، وإن رمزيتها لا تتلاءم مع التدبر، اضف إلى ذلك أنه لا يوجد دليل معتبر يدعم هذا الرأي كي يكون مدعاة لتخصيص العموم أو تقييد الإطلاق.
وفي الجمع بين كون الحروف المقطعة رموزاً والأمر بالتدبر بالقرآن، لا يعتقد الآلوسي ان الأمر بالتدبر يشمل تلك الحروف (4). وعدم الشمول هذا إما ب «الانصراف»، أو بـ«الصرف» وبدليل آخر. وعلى الرغم من أن التدبر قسمان: تسبيبي وبشكل مباشر؛ أي تارة يفهم الإنسان معنى الآية بنفسه بالتدبر، وتارة يعلم أنه إلى أي شخص عليه الرجوع من أجل فهم المراد منها والتدبر فيها، كما لو علم أن عليه الرجوع إلى أهل البيت(عليهم السلام)الذين هم أهل الذكر: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] ، لكنه في حالة الحروف المقطعة، وبناء على كونها رمزية، فكلا الطريقين معدوم، وهذا يتنافى مع عموم أو إطلاق التدبر في جميع القرآن.
تنويه: ليس مرادنا من هذا الجواب نفي وجود أي سر أو رمز بين الله سبحانه ورسوله الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) أو سائر أوليائه؛ فالله عز وجل علم الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في المعراج أسراراً جمة، وعلم حضرته (صلى الله عليه واله وسلم) أمير المؤمنين(عليهم السلام)علوماً مستفيضة مما كتم وستر عن الباقين. حتى قال(عليه السلام)لكميل بن زياد النخعي. «ها ان هاهنا لعلمأ جماً [او أشار بيده إلى صدره] لو أصبت له حملة»(5) أي إن في صدري لعلوماً جمة لا طاقة لأحد بحملها، بل المراد أت الحروف المقطعة، التي هي جزء من القرآن، ليست من تلكم الرموز، أو أن رمزيتها غير مؤكدة.
لكن كبار اهل المعرفة، كالعارف المشهور ابن العربي، يستطيعون الاطلاع على جانب من أسرار العالم، وكشف جملة من الأمور عن طريق الشهود، بيد أن كشفهم ليس حجة على الباقين، ولا سبيل لنا لإثباته فلو تمكن أهل الشهود من برهنة مشهوداتهم وجعلها معقولة. لتم عرض براهينهم على ميزان الصحة والسقم، أي العلوم المتعارفة أو الأصول المنتهية إليها، وإذا تم تأييدها فهي تصبح مقبولة.
خلاصة القول، إن من جملة أوصاف الكمال المنسوبة للقرآن هو وصفه بالنور، والموصوف بالنور - ما لم يقم الدليل على اختصاص نورانيته , فكل أجزائه نور وإن تفاوتت مراتب المشاهدة. بناء على ذلك، لابد أن يكون للآخرين نصيب ولو من بعض مراتب الفهم لمدلولات الحروف المقطعة.
__________________
1. تفسير القرآن الكريم لصدر المتألهين، ج6 ص17 - 18؛ والحكمة المتعالية، ج7، ص 41-42؛ وتفسير روح البيان، ج 1، ص28.
2. راجع روح المعاني، ج 1، ص167.
3. جاء في حديث قرب النوافل، المروي في الجوامع الروائية للفريقين، أن الإنسان يصير حبيب الله نتيجة للنوافل، وحينها يصبح اله عينه، وأذنه، و... الخ؛ أي إن الله يؤمن له كل المجاري الإدراكية والتحريكية: «قال رسول (صلى الله عليه واله وسلم) قال اله عز وجل: من أهان لي ولياً ففد أرصد لمحاربتي. وما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحيته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولأنه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته"، (الكافي، ج 2، ص 352).
4. راجع روح المعاني، ج 1، ص167.
5. نهج البلاغة، الحكمة 147.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|