اهتمت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومنذ نشأتها في عام 1863م باللاجئين وحمايتهم بوصفهم اشخاص مدنيين يتعرضون لخطر النزاعات المسلحة (1) ، حيث كلفت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بموجب اتفاقيات جنيف الاربع لتقوم بتطبيق القانون الدولي الانساني ، وبناءا على التزامها بموجب هذه الاتفاقيات تتدخل لدى أطراف النزاع كافة بغية احترام القانون الدولي الانساني بوصفها حارس له .

وتساهم اللجنة في اضفاء الحماية للاجئين على اساس قانوني يتمثل في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية الافراد المدنيين خلال الحرب لعام 1949م ، حيث نصت المادة ( 143 ) منها على حق اللجنة الدولية للصليب الاحمر في الذهاب الى جميع الاماكن التي يتوافر فيها الاشخاص المدنيون المحميون بموجب هذه الاتفاقية ولا يقف امام لجنة الصليب الاحمر اي عائق من الوصول اليهم الا في حالات استثنائية ومؤقتة عند وجود ضرورات عسكرية قهرية ، ومنحت المادة ( 10 ) من الاتفاقية ذاتها الحق للجنة الصليب الاحمر بتقديم  المساعدة الانسانية بعد موافقة اطراف الــنزاع المعنية  ، وجاءت المــادة ( 11 ) منها لتنص على تدخل اللجنة الدولية للصليب الاحمر في تقديم المساعدة الانسانية للمدنيين في حال عدم قدرة الدول الحامية بالوفاء بالتزامها فيما يخص بتقديم المساعدة ، وجاء البروتوكول الاضافي الاول لعـــام 1977م  في المــــادة ( 81 ) منه ليسهل مهمة اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن طريق حث اطراف النزاع كافة للتعاون مع اللجنة.

وتعتبر اللجنة الدولية للصليب الاحمر منظمة ذات وضع قانوني خاص للغاية ، كونها هيئة خاصة غير حكومية الطابع , إلا أن المهمات التي عهدت اليها بموجب القانون الدولي منحتها وجهة دولية , مما أدى إلى الاعتراف بشخصيتها القانونية الدولية . اذ منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة للجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 1990م صفة المراقب(2).

أن حماية اللاجئين بموجب القانون الدولي الإنساني ضيق النطاق وهذا يرجع لكون أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تتدخل في حماية اللاجئين ألا في حالات معينة تتمثل فيما يلي :

1. في حال ما أذا  كان الأشخاص لا ينتمون إلى دولة  تتعرض لنزاع مسلح دولي أو نزاع داخلي ، وفي هذه الحالة يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب قانون اللاجئين لعام 1951م , وينتفعون بأنشطة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فلا تتدخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر هنا إلا بصفة فرعية والتي تتمثل في حال كونها المنظمة الوحيدة في ميدان العمل ، أما إذا حلت محلها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من الجهات التي تختص بشؤون اللاجئين كوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين , فإنها تنسحب من ميدان العمل لتخصص جهودها للمهمات التي يمكن أن تفيد عملها المميز (3).

2. في حال رفض الدولة التي يحصل فيها النزاع الدولي او الداخلي تدخل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، مثال ذلك قيام اللجنة الدولية للصليب الاحمر  بالتعاون مع منظمة اليونيسف بمساعدة اللاجئين الكمبوديين في المناطق المتاخمة لتايلند وذلك بعد اجراء مشاورات ونقاشات مع المفوضية السامية وموافقة الحكومة التايلندية (4).

3.في حال كون الدولة التي يوجد فيها الاشخاص المدنيين في النزاع المسلح الدولي او الداخلي عضواً في اتفاقية 1951م ، وهنا يتمتع اللاجئون بالحماية التي تسبغها عليهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، او في حال كونهم احد الفلسطينيين المشمولين بحماية وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين . 

4. تعمل لجنة الصليب الاحمر على تقديم خدمات وكالتها المركزية للبحث عن المفقودين للاجئين في كل وقت ، اذ انها تتدخل عندما يواجه اللاجئون مشكلات أمنية خطيرة في البلدان المستقبلة للاجئين , لاسيما إذا تعرضت مخيماتهم الواقعة بالقرب من الحدود لأعمال العنف او عمليات عسكرية ، وفي هذه الحالات تجد اللجنة الدولية نفسها في وضع يمكنها من أداء دور الوسيط المحايد والمستقل , وتتوفر لها اختصاصات مماثلة لاختصاصات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  .

اما فيما يتعلق ببرامج لجنة الصليب الاحمر في حماية اللاجئين فقد ساهمت في ارساء مبادئ في قانون اللاجئين كأعاده لم شمل الاسرة والبحث عن المفقودين وساهمت عن كثب في وضع السياسات الدولية للاجئين (5) ابتكرت برامج طبية جراحية في زمن الحرب لمساعدة اللاجئين الجرحى ، وتمثل مسألة إعادة اللاجئين إلى أوطانهم من المشاغل الرئيسية للجنة  حتى إذا لم يكن هناك مشاركة حقيقية في عمليات إعادة اللاجئين إلى أوطانهم ، فهي تساعد في ذلك عن طريق مناشدة الدول والمنظمات المعنية للقيام بتحديد مواعيد وشروط لعودة اللاجئين إلى أوطانهم .  ويساعدها في ذلك البلد الأصلي للاجئين التي تسمح لها بتكوين فكرة مفصلة وبتقديم توصيات بشأن عودة اللاجئين إلى أوطانهم مع ضمان أمنهم وكرامتهم (6).

وقد حذرت اللجنة الدولية أكثر من مرة من مخاطر الإعادة المبكرة إلى الوطن في المناطق غير المستقرة أو في المناطق التي دمرت فيها البنى الأساسية ، خاصة وان إشكالية الألغام المضادة للأفراد التي تضر آثارها المخربة بالسكان المدنيين منتشرة وهي تسبب أحياناً في تهجير الأهالي , فإنها تتسبب أيضاً في إعاقة تعمير البلدان التي عانت من ويلات الحرب , وتشكل عائقاً كبيراً لعودة اللاجئين إلى أوطانهم  وترى اللجنة الدولية أن الحــظر التام للألـــغام المــــضادة الأفراد (7) سيسمح وحده بوضع حد لهذه الآفة الحقيقية.

كما اصدرت اللجنة قرارات عديدة بشأن حماية اللاجئين منها القرار ( 21 ) الذي اصدرته في مانيلا عام 1981م ، الذي جاء ليؤكد على ان المسؤولية الاولى في حماية اللاجئين تقع على عاتق الحكومات واشار الى دور المفوضية في الحماية وتقديم المســاعدة للاجئين ودور اللــجنة التكـــميلي (8).

وتتعاون اللجنة الدولية للصليب الاحمر مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعمل , ويسمح تشاورهما وتنسيق جهودهما على نحو وثيق لإغاثة الضحايا على أفضل وجه. وتضطلع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر بدور مهم في الحماية وتتحد في عمليات المساعدة المقدمة للاجئين ، وكذلك تتعاون لجنة الصليب الاحمر مع جمعية الهلال الاحمر الوطنية لغرض تلبية الحاجات الانسانية بشكل اكبر واسرع ، وكلاهما يشكل اضخم شبكة انسانية في العالم تعملان بأسلوب محايد ومستقل لتقديم المساعدات الانسانية  ، وعزز هذا التعاون في اتفاقية اشبيلية لعام 1997م الذي هدف الى تقوية التعاون بين مكونات اللجنــــتين والانشــطة الدولية وتفادي الخلافات (9).

وكان للجنة موقف مهــم في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين بين عامي ( 1948م – 1950م ) ، حيث عملت على اغاثة اللاجئين الفلسطينيين مع باقي المنظمات الاخرى وعملت على توزيع المواد الغذائية لهم واستمرت في تقديم المساعدة لهم الى ان قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرار انشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وتوليها مهمة مساعدتهم (10) . وعمدت لجنة الصليب الاحمر على تقديم المساعدة لما يقارب ( 10 ) الالف لاجئ سوري في سهل البقيع في لبنان في عام 2012 (11) ، وافتتحت مكتب خاص بها في الاردن بغية البحث عن اللاجئين السوريين وجمع شملهم بعوائلهم بالإضافة الى المساعدات الطبية التي قدمت لهم  (12) ، كما اطلقت اللجنة في العام نفسه حملة لتعـــزيز شبكة توزيع للمياه في للاجــئين في الحدود السودانية (13) ، وقدمت اللجنة مساعدة لحوالي ( 25 ) الف شخص ايراني من اصل كردي الذين لجأوا للعراق وسعت للعثور على دول مستقبلة لهم كلاجئين (14) .

_____________

1- حيث نصت المادة  ( 4 ) من نظامها الاساس على انه : "  ج. الاضطلاع بالمهام الموكلة إليها بموجب اتفاقيات جنيف, والعمل من أجل التطبيق الأمين للقانون الدولي الإنساني الواجب التطبيق في النزاعات المسلحة, وأخذ العلم بأي شكاوى مبنية على مزاعم بانتهاكات لهذا القانون " .

2- لمحة عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، المجلة الدولية للصليب الأحمر , العدد ( 16) , كانون الأول 1990م ، ص ( 545 – 550 ( .

3- فرانسواز كريل ، سياسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الخاصة باللاجئين والمدنيين النازحين داخليا ، مجلة اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، العدد ( 863 ) ، 2001م .

4 -Krill Francoise , The ICRC policy on refugees and internally displaced civilian , 2001  , P.616   .                                                                                                                                                

 5-  ،The Role of the ICRC in protecting and Assisting Refugees displaced persons   , Preliminary Workshop London  , 2011 , P3      ، Senate House  

6-  Ipid  .

7- تم عقد اتفاقية دولية لحظر الالغام المضادة للافراد وتسمى ايضا باتفاقية اوتاوا ، ابرمت في دولة النرويج  ودخلت النفاذ في عام 1997.

8-   Preliminary, OP , Cit , P.611.                                                                                                       

9-   Ipid .

10- المجلة الدولية للصليب الأحمر ، اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين ، العدد ( 843) ، 2001م.

11- مساعدة اللاجئين السوريين في سهل البقاع ، اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، بحث منشور في12/شباط2012م  على الموقع الالكتروني : http://www.icrc.org/ara/resources/documents/photo-gallery/2012.

12- افتتاح مكتب للبحث عن المفقودين في مخيم اللاجئين السوريين ، موقع اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، 26/ايلول2012م.

13- وصول المساعدات الى الاف اللاجئين في جنوب السودان ، تقرير منشور على الموقع الالكتروني للجنة الدولية للصليب الاحمر ، 15/تشرين الثاني2012م ، http://www.icrc.org.

  14-   Preliminary, OP , Cit , P. 651