أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-19
1021
التاريخ: 2023-10-26
1063
التاريخ: 2024-04-08
746
التاريخ: 2024-08-02
441
|
وأحب يوستنيانوس — منذ بدء عهده — أن يُعيد إلى الدولة الرومانية مَجْدَها الغابر، وأن يُحقق فعلًا ما كان له مِن سيادةٍ اسمية على إيطالية وأفريقية وإسبانية وفرنسة، ولو أدى به ذلك إلى الحرب والفتح، ولكن لم يتسن له شيءٌ من ذلك قبل منتصف السنة 533 لاشتغاله بجارته الكبيرة فارس الساسانية. وناهز قباذ الثمانين، وأحب أن يضمن المُلك من بعده لابنه الأصغر كسرى أنو شروان، ففاوض يوستينوس في ذلك وطلب إليه أن يتبنَّى كسرى وأن يدافع عن حقه في الملك، ونظر يوستينوس في الأمر، وشاور فيه رجالَهُ، ثم أجاب قباذ أنه مستعد للقيام بتلك المهمة، شرط أن يكونَ التبني على الطريقة العشائرية الألمانية. ولا نعلم بالضبط شُرُوط هذا النوع من التبني، ولكن يلوح لنا أنه كان أيسر مما أراده قباذ. وكان الوفد الفارسي في الوقت نفسه يُفاوض للوصول إلى تفاهم بين الدولتين حول قضية لازيقة «لازستان»، فلما عاد الوفدُ إلى عاصمة فارس وأَطْلَعَ قباذ على اقتراح زميله يوستينوس، حقد قباذ وأضمر السوء، وكان يفتش عن ظرف يستعين به للظهور بمظهر المدافع عن الدين الفارسي القديم، فأمر جرجان ملك إِيبيرية في القوقاس أن يمتنع هو وشعبُهُ المسيحي عن دفن الموتى، وأن يَتَّبِعُوا في ذلك الطريقةَ الفارسيةَ القديمةَ، فيعرضوا الجثث لطيور السماء، ولكن جرجان أبى واستنصر يوستينوس فنصره، وهكذا دخلت الدولتان: دولة الروم ودولة الفرس، في حالة حرب منذ السنة 527 (1). وصمد بليساريوس قائد الروم في وجه الفرس عند دارا في السنة 530، وفي السنة 531 أقبل المنذر اللخمي من الحيرة وأَغَار على خلقيس «قِنَّسرين» ثم سار إلى أنطاكية وعاث في ضواحيها وغنم مالًا وافرًا وأسر كثيرين وعاد إلى الفُرات، ثم عاود الكَرَّة والفرس من ورائه وأغار على اليهود، فهب بليساريوس لصده، وانتصر عليه وعلى أسياده عند الفرات في كلينيكوم Callinicum فردهم بذلك عن غزو سورية الشمالية. وتُوُفي قباذ في السنة 532، فعرض خلفه كسرى أَنو شروان صلحًا دائمًا قَبِله يوستنيانوس دونما تردد بالنظر لما كان يفكر فيه من انصرافٍ إلى العمل في الغرب لإعادة وحدة الإمبراطورية، وقبل أن يتجه نحو الغرب أنشأ حلفين شرقيين: حلفًا مع أُمراء القوقاس في الشمال، والآخر مع نجاشي الحبشة في الجنوب؛ ليأمن بهما شَرَّ حربٍ ثانيةٍ مع الفُرس (2).وعني يوستنيانوس في هذه الآونة نفسها بتوطيد علاقاته مع القبائل العربية الضاربة في بادية الشام؛ ليوازن بنفوذها نفوذَ شقيقاتها في بادية العراق وهُنَّ عمَّال كسرى، وكان بنو غسَّان قد وفدوا إلى سهول حُوران من اليمن أو ما يليها في فترة من الفترات التي تَصَدَّعَ فيها سَدُّ مأرب، وحلوا بين عشائر قضاعة وسُليح، ثم سيطروا عليها وجمعوها في كيانٍ سياسيٍّ، فاستعان بهم الروم في القرن الخامس لمراقبة غيرهم من القبائل العربية التي كانت تَجُوبُ أَطْرَافَ الجزيرة المتاخمة لبادية الشام واستعملوهم لِصَدِّ هذه القبائل إذا هي حاولت الانصباب على أراضي الإمبراطورية، ووجد الروم في الغساسنة أيضًا خير معوان لهم على عرب الحيرة أنصار فارس، وبلغ الغساسنة الأوج في أوائل القرن السادس، فانضوى تحت لوائهم جميعُ شيوخ العشائر العربية من لبنان شمالًا حتى الحجاز جنوبًا. ورأى يوستنيانوس أَنْ يَزيدهم هيبة فَرَفَعَ أميرَهم الحارث بن جبلة إلى رُتبة فيلارخوس وبطريق، وبذلك جعله يوازن في اللقب أمراء الحيرة عمَّال فارس (3).
..........................................
1- Christensen, A., l’Iran sous les Sassanides, 355, 356-357
2- Diehl, Ch., Justinien et la Civ. Byz., 381–385, 394–398
3- Diehl, Ch., Op. Cit., 387–396; Bury, J. B., Later Rom. Emp., II, 91-92. راجع أيضًا كتاب الأمويين والبيزنطيين للدكتور إبراهيم أحمد العدوي، ص8–12.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|