أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2017
3398
التاريخ: 14-2-2019
2734
التاريخ: 4-3-2019
3208
التاريخ: 7-11-2017
2838
|
قال البلاذري : " ولما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة أمر عليّاً بالمقام بعده بمكّة حتّى أدّى ودائع كانت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للنّاس ، فأقام ثلاثاً ثم لحق به ، فنزل معه على كلثوم بن الهدم الأنصاري ، فآخى بينه وبين نفسه "[1].
وروى الكنجي باسناده عن علّي عليه السّلام ، قال : " لمّا خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة في الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتّى أؤدّي ودائع كانت عنده للنّاس ، وإنّما كان يسمّى الأمين ، فأقمت ثلاثاً وكنت أظهر ، ما تغيبت يوماً واحداً ، ثم خرجت فجعلت اتبع طريق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى قدمت على بني عمرو بن عوف ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مقيم ، فنزلت على كلثوم بن الهدم ، وهناك منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم "[2].
وروى ابن عساكر باسناده عن أبي رافع " أنّ عليّاً كان يجهزّ النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين كان بالغار ، ويأتيه بالطعام ، واستأجر له ثلاث رواحل ، للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأبي بكر ودليلهم ابن أرهط ، وخلّفه النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم فخرج إليه أهله ، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه وما كان يؤتمن عليه من مال ، فأدّى أمانته كلّها ، وأمره إنّ يضطجع على فراشه ليلة خرج وقال : إنّ قريشاً لن يفتقدوني ما رأوك ، فاضطجع عليّ عليه السّلام على فراشه ، وكانت قريش تنظر إلى فراش النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيرون عليه رجلا يظنّونه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حتّى إذا أصبحوا رأوا عليه عليّاً فقالوا : لو خرج محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لخرج بعلّي معه ، فحبسهم الله عزّوجلّ بذلك عن طلب النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين رأوا عليّاً ولم يفقدوا النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأمر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً أن يلحقه بالمدينة ، فخرج عليّ في طلبه بعدما أخرج إليه ، فكان يمشي من الليّل ويكمن بالنّهار حتّى قدم المدينة ، فلمّا بلغ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قدومهم قال : ادعوا لي عليّاً فقالوا : انّه لا يقدر إنّ يمشي فأتاه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا رآه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم اعتنقه وبكى رحمة له ممّا رأى بقدميه من الورم وكانتا تقطران دماً ، فتفل النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في يديه ثمّ مسح بهما رجليه ودعا له بالعافية ، فلم يشتكهما عليّ حتّى استشهد "[3].
وقال الوصّابي : " قال ابن إسحاق : أقام علي بن أبي طالب بمكة بعد النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاث ليالي وأيّامها حتّى أدّى عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الودايع الّتي كانت عنده للنّاس ، فلمّا فرغ منها لحق برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنزل معه على كلثوم بن هدم ولم يقم بقبا[4] إلاّ ليلة أو ليلتين .
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للعبّاس إنّ عليّاً سبقك بالهجرة "[5].
وقال ابن حجر : " لمّا هاجر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمره إنّ يقيم بعده بمكّة أيّاماً يؤدّي عنه أمانته والودائع والوصايا الّتي كانت عند الّتي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ يلحقه بأهله ففعل ذلك "[6].
أقول : هاجر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكّة إلى المدينة غرّة ربيع الأوّل من السنة الثالثة عشرة من المبعث ، وفي هذه الليلة بات أمير المؤمنين على فراش النّبي ، وكانت ليلة الخميس ، وفي الليلة الرّابعة كان خروجه من الغار متوجّهاً إلى المدينة ، وفي يوم الثّاني عشر منه كان قدوم النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة عند زوال الشّمس .
كلام المأمون في آية الغار
ولقد استدلّ علماء السنّة على فضل أبي بكر بن أبي قحافة بمصاحبته النّبي في الهجرة ، ففي الاحتجاج الّذي جرى بين المأمون العباسّي والفقهاء في عصره :
قال إسحاق بن إبراهيم : وإنّ لأبي بكر فضلا . قال المأمون : أجل لولا أن له فضلا لما قيل : إنّ عليّاً أفضل منه ، فما فضله الّذي قصدت إليه السّاعة ؟ قلت : قول الله عزّوجلّ : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )[7] فنسبه إلى صحبته قال : يا إسحاق ، أما أني لا أحملك على الوعر من طريقك ، إنّي وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافراً وهو قوله : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً )[8] قلت : إنّ ذلك صاحب كان كافراً ، وأبو بكر مؤمن ، قال : فإذا جاز أن ينسب إلى صحبة من رضيه كافراً جاز أن ينسب إلى صحبة نبيّه مؤمناً ، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثّالث ، قلت : يا أمير المؤمنين إنّ قدر الآية عظيم إنّ الله يقول : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ) . قال : يا إسحاق تأبى الآن إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك .
أخبرني عن حزن أبي بكر ، أكان رضىً أم سخطاً ؟ قلت : إنّ أبا بكر انّما حزن من أجل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خوفاً عليه وغمّاً إنّ يصل إلى رسول الله شيء من المكروه ، قال : ليس هذا جوابي ، انّما كان جوابي أن تقول : رضى أم سخط ؟ قلت : بل رضى لله ، قال : فكأن الله جلّ ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضى الله عزّوجلّ وعن طاعته ! قلت : أعوذ بالله ، قال : أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضىً لله ؟ قلت : بلى . قال : أو لم تجد أنّ القرآن يشهد أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال له : ( لاَ تَحْزَن ) نهياً له عن الحزن . قلت : أعوذُ بالله ، قال : يا إسحاق ، إنّ مذهبي الرّفقُ بك لعلّ الله يردّك إلى الحقّ ويعدل بك عن الباطل ، لكثرة ما تستعيذ به ، وحدّثني عن قول الله : ( فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ )[9] من عنى بذلك : رسول الله أم أبا بكر ؟ قلت : بل رسول الله . قال : صدقت . قال : فحدّثني عن قول الله عزّوجلّ : ( وَيَوْمَ حُنَيْن إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ )[10] إلى قوله : ( ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )[11] أتعلم من المؤمنون الّذين أراد الله في هذا الموضع ؟ قلت : لا أدري يا أمير المؤمنين . قال : النّاس جميعاً انهزموا يوم حنين ، فلم يبق مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاّ سبعة نفر من بني هاشم : علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والعبّاس آخذ بلجام بغلة رسول الله ، والخمسة محدقون به خوفاً من أن يناله من جراح القوم شيء ، حتّى أعطى الله لرسوله الظّفر ، فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصّة ، ثمّ من حضره من بني هاشم ، قال : فمن أفضل ، من كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعاً لينزلها عليه ؟ قلت : بل من أنزلت عليه السكينة ؟ قال : يا إسحاق ، من أفضل ، من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتّى تمّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما أراد من الهجرة ؟ إنّ الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليّاً بالنّوم على فراشه وأن يقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بنفسه ، فأمره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك فبكى علي رضي الله عنه فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما يبكيك يا علي ، أجزعاً من الموت ؟ قال : لا ، والّذي بعثك بالّحق يا رسول الله ، ولكن خوفاً عليك ، أفتسلم يا رسول الله ؟ قال : نعم . قال : سمعاً وطاعة وطيّبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله ، ثمّ أتى مضجعه واضطجع وتسجّى بثوبه ، وجاء المشركون من قريش فحفّوا به ، لا يشكون انّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد أجمعوا أن يضربه من كلّ بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسّيف ، لئلاّ يطلب الهاشمّيون من البطون بطناً بدمه ، وعليّ يسمع ما القوم فيه من تلف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار ، ولم يزل علي صابراً محتسباً ، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتّى أصبح ، فلمّا أصبح قام ، فنظر القوم اليه فقالوا : أين محمّد ؟ قال : وما علمي بمحمّد أين هو ؟ قالوا : فلا نراك إلاّ كنت مغرّراً بنفسك منذ ليلتنا ، فلم يزل على أفضل ما بدأ به يزيد ولا ينقص حتّى قبضه الله إليه "[12].
[1] أنساب الأشراف ج 2 ص 91 ، الحديث 7 .
[2] كفاية الطالب ص 322 .
[3] ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج 1 ص 138 ، الحديث 189 ورواه الطبرسي من أصحابنا عن أبي رافع كذلك ، إعلام الورى ص 190 .
[4] قال ياقوت : " وأقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقبا يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وركب يوم الجمعة يريد المدينة " معجم البلدان ج 4 ص 302 .
[5] أسنى المطالب ، الباب الأول ص 6 .
[6] الصّواعق المحرقة ص 72 .
[7] سورة التوبة : 40 .
[8] سورة الكهف : 37 و 38 .
[9] سورة التوبة : 40 .
[10] سورة التوبة : 25 .
[11] سورة التوبة : 26 .
[12] العقد الفريد ج 5 ص 97 ، طبعة القاهرة سنة 1385 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|