نذهب نحن الشيعة إلى عصمة الأنبياء والرسل عليهم السلام فما هو تفسير بعض الايات القرآنية التي تنسب المعصية للأنبياء ؟ |
1127
06:56 صباحاً
التاريخ: 2023-08-14
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-11
1114
التاريخ: 2023-08-08
1431
التاريخ: 2023-08-17
1016
التاريخ: 2023-08-06
994
|
السؤال : نذهب نحن الشيعة إلى عصمة الأنبياء والرسل عليهم السلام فإذا سلّمنا بذلك ، فما هو تفسير خروج أبينا آدم وأُمّنا حوّاء من الجنّة؟
وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدّة من الزمن ، وكذلك قصّة نبي الله موسى ، ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء؟ أودّ معرفة الإجابة بمزيد من التفصيل.
الجواب : يشير الشيخ المفيد قدس سره إلى رأي الإمامية حول عصمة الأنبياء عليهم السلام بقوله : « إنّ جميع أنبياء الله عليهم السلام معصومون من الكبائر قبل النبوّة وبعدها ، وما يستخف فاعله من الصغائر كُلّها ، وأمّا ما كان من صغير لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوّة وعلى غير تعمّد ، وممتنع منهم بعدها على كُلّ حال ، وهذا مذهب جمهور الإمامية ، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه » (1).
وعلى هذا ، يمكن توجيه خروج أبينا آدم عليه السلام وأُمّنا حوّاء من الجنّة ، بأنّ الخروج من الجنّة ليس عقاباً ـ على معصيتهما وهما منزّهان منها ـ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة ، وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والإهانة ، وكيف يكون من تعبّدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل ، مستحقّاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والإهانة؟
فإن قيل : فما وجه الخروج إن لم يكن عقوبة؟
قلنا : لا يمتنع أن يكون الله تعالى علم أنّ المصلحة تقتضي بقاء آدم عليه السلام في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة ، فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة ، وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة.
وإنّما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنّة {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] من حيث وسوس إليهما ، وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج.
ثمّ لا يخفى أنّ المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً ، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليه السلام مندوباً إلى ترك التناول من الشجرة ، ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ، وليس يمتنع أن يسمّى تارك النفل عاصياً ، كما يسمّى بذلك تارك الواجب.
وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة : روى الشيخ الصدوق قدس سره : « لمّا جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإسلام ، والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلاّ وقد ألزمه حجّته كأنّه قد ألقم حجراً ، قام إليه علي بن محمّد بن الجهم ، فقال له : يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال : « بلى » ، قال : فما تعمل في قول الله عزّ وجلّ : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } [طه: 121] ، وقوله عزّ وجلّ : {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ } [الأنبياء: 87] ....
فقال مولانا الرضا عليه السلام : « ويحك ـ يا علي ـ اتق الله ، ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوَّل كتاب الله برأيك ، فإنّ الله تعالى يقول : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] .
أمّا قوله عزّ وجلّ في آدم عليه السلام : ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم حجّة في أرضه ، وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض ، تتمّ مقادير أمر الله عزّ وجلّ ، فلمّا أُهبط إلى الأرض ، وجُعل حجّة وخليفة عُصِمَ بقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33].
وأمّا قوله تعالى : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ) إنّما ظنّ أنّ الله عزّ وجلّ لا يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عزّ وجلّ : {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } [الفجر: 16] أي ضيّق عليه ، ولو ظنّ أنّ الله تبارك وتعالى لا يقدر عليه لكان قد كفر » (2).
وأمّا يونس عليه السلام إنّما بقي في بطن الحوت إلى مدّة من الزمن ، لا لمعصية صدرت منه ، ولا لذنب ارتكبه ، والعياذ بالله ، وإنّما لكونه خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ، ومغضباً عليهم ، بعد أن دعاهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه إلاّ بالتكذيب والردّ ـ ولم يعد إليهم ظانّاً أنّ الله تعالى لا يضيّق عليه رزقه ، أو ظانّاً أن لن يبتلى بما صنع حتّى وصل إلى البحر ، وركب السفينة ، فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه ، وتنجو السفينة بذلك ، فقارعوا فيما بينهم ، فأصابت يونس عليه السلام فألقوه في البحر ، فابتلعه الحوت ونجت السفينة.
ثمّ إنّ الله سبحانه وتعالى حفظه حيّاً في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس عليه السلام يعلم أنّها بلية ابتلاه الله بها ، مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه إلى قومه ، بعد أن آمنوا وتابوا ، فأخذ ينادي في بطن الحوت : أن { لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة إلى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت.
وأمّا قتل موسى عليه السلام للقبطي ، فلم يكن عن عمد ولم يرده ، وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوّه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله ، فأراد موسى عليه السلام أن يخلّصه من يده ، ويدفع عنه مكروهه ، فأدّى ذلك إلى القتل من غير قصد إليه ، وكُلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير أن يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ، ولا يستحقّ عليه العوض به ، ولا فرق بين أن تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه ، وبين أن يكون عن غيره في هذا الباب ، والشرط في الأمرين أن يكون الضرر غير مقصود ، وأنّ القصد كُلّه إلى دفع المكروه ، والمنع من وقوع الضرر ، فإن أدّى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.
____________
1 ـ أوائل المقالات : 62.
2 ـ الأمالي للشيخ الصدوق : 150.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|