أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2016
713
التاريخ: 2023-08-22
1222
التاريخ: 15-8-2016
1040
التاريخ: 2023-07-26
1195
|
من البديهي عدم حجيّة الخبر الكاذب وعدم صحّة الاعتناء به، وكذا الخبر المشكوك في صدقه وكذبه، فلا بدّ في اعتبار كلّ خبر وقول، من إحراز صدقه بالعلم الوجداني، أو بالعلم العرفي أي الاطمئنان، فإنّه حجّة عقلائية، كالعلم عند العقل، ولم يردع عنه الشّارع بل عمل به النّبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) كسائر العقلاء.
ومتعلّق الاطمئنان تارة صدور الخبر من المعصوم؛ لقرينة داخليّة أو خارجيّة، وأخرى صدق المخبر، وهو أي: الاطمئنان بصدق المخبر إن استلزم الاطمئنان بصدق الخبر بالفعل فلا إشكال في اعتباره، وإن لم يستلزم ففيه تردّد. وبعبارة أخرى: هل الاطمئنان النّوعي هو مثل الاطمئنان الشّخصيّ في الحجيّة والاعتبار أم لا؟
لا يبعد الشّق الأوّل بملاحظة طريقة العقلاء.
ثمّ إنّ صدق المخبر، إمّا بإثبات وثاقته وعدالته، وامّا بإثبات حسنه ومدحه بمقدار يثبت صدقه في الكلام وينفي كذبه فيه فحسب، وإن لم يثبت تقواه في سائر أعماله.
إذا عرفت هذا فاعلم إنّ لإثبات العدالة أو الفسق أو الصدق وحده، أو الكذب وحده، ضوابط تجب مراعاتها على كلّ من يبحث عن أحوال الرّواة، بحيث لو غفل عن واحدة منها لم يصب الحقّ لا محالة، وإليك تفصيل تلك الضّوابط:
1 ـ إحراز صدق المخبر، بالوثاقة وصدق الرواة:
وهو عبارة عن ضرورة عدم اعتبار قول الكاذب أو مجهول الحال في تعديل غيره أو جرحه، ولأجله لا نقبل أخبار جماعة منهم: نصر بن صباح، والعقيقي ـ الأب والابن كلاهما ـ وابن النديم؛ لعدم ثبوت وثاقة هؤلاء على الأصحّ، وكذا لا نقبل شهادة أحد لنفسه؛ لأنّها تستلزم الدور. فإذا نقل راوٍ مجهول مدحه من الإمام مثلا لا نحكم بتوثيقه لأجل نقله هذا، بل لا بدّ من إثبات وثاقته مسبقا حتّى يقبل نقله، فكيف يثبت توثيقه بهذا النقل فهل هو إلّا دور مصرّح؟
وسيأتي إبطال ما توهّمه بعض الرجاليّين في هذا المقام.
2 ـ وحدة معنى العدالة عند المخبر وعند المنقول إليه:
وهو لو فرض أنّ العدالة عند المخبر بمعنى مجرّد الإسلام وعدم ظهور الفسق، كما نسب إلى الشّيخ والعلّامة وجماعة (1)، وعند المخبر إليه بمعنى الملكة، لم ينفع التّعديل المذكور شيئا، حتّى مجرّد الصدق ـ كما لا يخفى ـ وهذا أمر مهّم لا يجوز الغفلة عنه.
لكن في كتاب القضاء من الجواهر (2): لما هو المعلوم من طريقة الشّرع من حمل عبارة الشّاهد على الواقع وإن اختلف الاجتهاد في تشخيصه.
أقول: لم يحصل لنا العلم المذكور، ولم نجد دليلا معتبرا على الحمل المذكور في كلامه، فلا بدّ من التزام بالقاعدة الأوليّة، الّتي عرفت مقتضاها؛ وفاقا للشهيد الثّاني في درايته، كما يأتي كلامه في البحث الثّلاثين إن شاء الله.
وهذه الضابطة إنّما تصبح ذات ثمرة مهمّة في علم الرجال إذا قلنا بأنّ معنى التّوثيق هو التعديل، كما عن جماعة من المتأخّرين. وأمّا إذا جعلناه بمعنى التصديق، فتقل ثمرتها كما لا يخفى.
ثمّ إنّي بعد ذلك وقفت على كلام لسيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) في هذا المقام، وهو موافق لما ذكرنا ومخالف لما ذكره صاحب الجواهر، ولما ذكره سيّدنا الأستاذ الحكيم في مستمسكه فراجعه، إن شئت (3).
3 ـ معاصرة المخبر للمقول فيه:
معاصرة المخبر للمقول فيه أو علم أو احتمل اتّصال سلسلة النقّل إليه، حتّى يحمل إخباره على الحسّ. وأنّه شاهد آثار العدالة الحسيّة أو أحسّ صدقه منه، أو نقلت تلك الآثار، أو صدقه إليه بهذه الكيفيّة، فلو فرضنا نفي الأمرين معا لم يكن قول المخبر حجّة؛ فإنّه ينشأ عن حدس بعيد، وليس النقل الحدسي داخلا في الخبر الواحد المعتبر، كما حقّقه الشّيخ الأنصاري (قدس سرّه) في رسائله.
فلا يُقال: العدالة بناء على تفسيرها بالملكة غير حسّية لا محالة.
فإنّه يُقال: نعم، لكن آثارها حسّية، فتكون نفسها قريبة من الحسّ، فيقبل الإخبار بها، كالحسيّ الصرف عند العقلاء. ومحلّ الإشكال فيما لم تدرك الآثار المذكورة بالحسّ؛ لبعد الزمان أو المكان، مثلا: ففي مثله لا دليل على اعتبار التّوثيق والتحسين، إذا لم يعلم، أو لم يحتمل عقلائيّا استناده إلى النقل المتّصل، ومع العلم أو الاحتمال المذكور، يقبل الخبر حملا له على الحسي؛ لبناء العقلاء على ذلك (4).
ولأجل هذا الشّرط لا نقبل أقوال علمائنا الكرام، أمثال العلّامة والشّهيدين ونظرائهم في حقّ أصحاب الصّادقين (عليهما السلام) مثلا؛ لعدم مشاهدتهم صدق الأصحاب وآثار عدالتهم بالحسّ، وعدم احتمال وصولها إليهم بالنقل المعتبر من غير طريق الشّيخ والنجّاشي وأمثالهما.
فالسلسلة لم تدم بعد الشّيخ مجرّدة ومستقلّة ومتفرّدة عنه، وكلّ من أتى بعده اعتمد عليه وعلى أمثاله. وكذا يشكل قبول قول الكشي والشيخ والنجّاشي وأمثالهم في توثيق أو جرح أصحاب أمير المؤمنين والحسنين (عليهم السلام) لبعد الفصل وعدم وجود السلسلة ظاهرا.
4 ـ ألّا يكون توثيقه مرسلا:
ونقصد بها وجوب ذكر الوسائط إلى الموثّق أو المادح الأوّل المعاصر للمقول فيه، وتفصيل هذا الشّرط وما يترتب عليه يأتي في البحث الرابع على نحو التفصيل.
5 ـ أن يصل قوله ـ مدحا كان أو ذمّا ـ إلينا بطريق معتبر:
ولأجله لا نقبل ما نسب إلى ابن عقدة وابن الغضائري والبرقي من المدح والذم في حقّ الرّواة؛ لأنّ كتبهم لم تصل إلينا بطريق معتبر.
6 ـ إيجاب الأسباب المذكورة للوثاقة والصدق والضعف، للمراد والمطلوب، عقلا أو شرعا، أو عرفا:
وتفصيل هذه الضابطة وما وقع فيها من الاشتباه من جماعة، يذكر في البحث الثاني.
وستعرف أن هؤلاء استفادوا العدالة، أو الصدق من أمور لا توجبها أصلا.
7 ـ ظهور قول الموثّق ـ بالكسر ـ والمادح والجارح في المراد، حسب الدلالة اللفظيّة وعدم إجمال وإبهام فيه:
ولذا وقع الاختلاف في وثاقة الحسين بن علوان للإشكال في ظهور كلام النجّاشي في رجوع توثيقه إليه أو إلى أخيه الحسن.
8 ـ خلوّ التوثيق أو التضعيف عن المعارض المعتبر:
فلو تعارضا تساقطا، إن لم يكن لأحدهما مرجّح.
هذه هي الضوابط المهمّة للتعديل والتّجريح والتحسين والتضعيف، الّتي نؤكّد مرّة أخرى للمحصّلين على الاهتمام بها، وأنّه لا اعتبار لأقاويل الرجاليّين في إثبات المدح والذّم خارج تلكم الضوابط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: تنقيح المقال: 1 / 176، الطبعة القديمة. وقال الشّيخ الأنصاري (قدّس سرّه) في رسالته في العدالة المطبوعة مع مكاسبه، الصفحة: 326، (طبعة اطّلاعات): ثمّ إنّه ربّما يذكر في معنى العدالة قولان آخران:
أحدهما: الإسلام وعدم ظهور الفسق، وهو المحكي عن ابن الجنيد والمفيد في كتاب الأشراف، والشّيخ في الخلاف مدعيّا عليه الإجماع ...
ولذا ذكر جماعة من الأصحاب هذين القولين في عنوان ما يعرف العدالة، مع أنّ عبارة ابن الجنيد المحكي عنه:
إنّ كلّ المسلمين على العدالة إلّا أن يظهر خلافها، لا يدلّ إلّا على وجوب الحكم بعد التّهم. وأوضح منه كلام الشّيخ في الخلاف، حيث إنّه لم يذكر إلّا عدم وجوب البحث عن عدالة الشّهود إذا عرف إسلامهم، ثمّ احتج بإجماع الفرقة وأخبارهم، وأنّ الأصل في المسلم العدالة، والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل.
نعم، عبارة الشّيخ في المبسوط ظاهرة في هذا المعنى، فإنّه قال: العدل ... وأمّا في الشّريعة، فهو من كان عدلا في دينه، عدلا في مروته، عدلا في أحكامه.
فالعدل في الدّين أن يكون مسلما لا يعرف منه شيء من أسباب الفسوق ... لكن الظّاهر أنّه أراد كفاية عدم معرفة الفسق منه في ثبوت العدالة لا أنّه نفسها ... ثمّ شرّع الشّيخ الأنصاري في إبطال هذا القول.
والحاصل: إنّ الشّيخ الأنصاري ينكر أو يتردّد في نسبة هذا القول، حتّى إلى واحد من علمائنا، كما صرّح في الصفحة: 329، من الرسالة المذكورة.
(2) كتاب القضاء: 116 / 40 الطبعة الجديدة.
(3) التنقيح: 2 / 176 ـ 177.
(4) ومع إحراز وثاقة الناقلين المتوسّطين؛ ولذا لا نقبل الرّوايات المرسلة، لاحتمال ضعف رواتها، كما نذكره في الضابطة الآتيّة.
وبالجملة: بناء العقلاء على قبول ما علم صدوره عن حس أو احتمل صدوره عن حسّ، وهذا لا ينافي لزوم اشتراط وثاقة الناقلين المتوسّطين، إذا كان الفصل الزماني بين الناقل والمقول فيه مانعا عن اللقاء. وعلى هذا فلا منافاة بين هذه الضابطة وتاليتها، فافهم ذلك جيّدا. واعلم أنّ ما يخبر به المخبر على أقسام أربعة: الحدسي الصرف، الحدسي القريب من الحسّ، بأن تكون آثاره حسيّة، المحتمل كونه عن حدس أو حسّ، الحسيّ الصرف، وبناء العقلاء على عدم حجيّة القسم الأوّل، وحجيّة سائر الأقسام كما يظهر للمتدبّر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|