النسبية العامة هي نظرية انيقة ورائعة. ومع ذلك، فهي صعبة التطبيق في الاوضاع الحقيقية. كإيجاد زيف الزمان – المكان المسبب للتوزيع المعطى للكتلة. والسبب هو ان النظرية نوعاً ما معممة. فالمادة تخبر الزمان – المكان كيف يزيف. وعندئذ الزمان – المكان المزيف يخبر المادة بكيفية الحركة والمادة عندما تتحرك فقط، تخبر الزمان – المكان بكيفية تغيير زيفه، وهكذا. هناك نوع من الدجاج والبيض المتناقضين في قلب هذه النظرية. والفيزيائيون سموها اللاخطية، وعدم الخطية بالنسبة للنظريين هي حبة بندق قاسية ليكسروها.

توضيح واحد للخطية اشير إليه مسبقاً بأنه حقيقة الجاذبية، وهو مصدرها. حسناً إذا استطاعت الجاذبية صنع جاذبية اكبر، فإن الجاذبية الزائدة تستطيع صنع جاذبية أكثر بقليل وهكذا. ولحسن الحظ، فالجاذبية ضعيفة جداً، لذا فمن غير الطبيعي للجسم الضخم أن يسلك سلوكاً حسناً، لكن ليس دائماً.

فبعض النجوم الكبيرة جداً تنهي حياتها بطريقة غريبة. عادة، يمنع النجم اصطدامه بجاذبيته بضغط الغاز الساخن في داخله المدفوع باتجاه الخارج. لكن هذا الغاز المدفوع للخارج يولد تجمعه حرارة. وبينما ينفد كل الوقود الممكن، فإنه ينكمش. وعادة بعض اشكال الضغط تتدخل لصنع قزم ابيض أو نجم نيوتروني، عالي الكثافة كجمرة هائلة. وعلى كل حال، فإذا كان النجم هائلاً جداً وجاذبيته قوية جداً، فلا شيء يستطيع ايقاف النجم من الانكماش نحو الداخل لهذه النقطة. وابعد مما يعرفه الفيزيائيون، فإن مثل هذه النجوم ستزول من الوجود، وتترك جاذبيتها خلفها.

فما قلناه حول وجود الثقوب السوداء ربما يكون الأكثر غرابة لكل التوقعات للنسبية العامة. فالثقب الأسود هو منطقة زمان – مكان حيث الجاذبية قوية جداً فيها، فحتى الضوء لا يستطيع الهروب منها. وهكذا تبدو معتمة. ومنطقة زمان – مكان هي العبارة التالية، لكتلة النجم الفاني.

كيف تستطيع ان تملك جاذبية بدون كتلة؟ فالجاذبية تبرز ليس فقط من الكتلة بل من كل أشكال الطاقة. ففي حالة الثقب الأسود تكون جاذبيته جاذبية أكبر وبدورها تكون جاذبية اكبر ... لذا فالثقب يعيد توليد نفسه مثل رجل يثبت نفسه وسط الهواء بخيوط حذائه. فمن وجهة نظر الزمان – المكان فالثقب الأسود ثقب بشكل حرفي. بينما النجم مثل الشمس يوجد حفرة في محيط الزمان – المكان، والثقب الأسود يوجد بئر عميقة عند سقوط المادة لكن لا نستطيع مطلقاً الهروب منها مرة أخرى.

لاحظ الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل سبرامانیان شاندراسيخار: "الثقوب السوداء في الطبيعة هي أكثر الأهداف التامة العينية هناك في الكون". فالعناصر الوحيدة في تركيبها هي مفاهيمنا للزمان – المكان ⁽⁶⁾.

وبسبب جاذبيتها القوية جداً تظهر الثقوب السوداء التأثير الأكبر للنسبية العامة. وتتم احاطتها بسطح يُعرف بحادثة الأفق. وهذا يحدد نقطة اللاعودة للأهداف التائهة والقريبة جداً من الثقب الأسود. وإذا تحركت بالقرب من حادثة الأفق، فسترى خلف رأسك ان الضوء سيلتوي حول الثقب قبل الوصول لعينيك. فإذا استطعت بطريقة ما ان تحوم خارج حادثة الأفق، فالزمن سيجري ببطء بالنسبة لك وستستطيع نظرياً مشاهدة المستقبل الكامل للكون المضيء الذي مر عليك أشبه بسينما من الماضي إلى الأمام.

والحقيقة ان الزمن يجري بشكل أكثر بطئاً في جاذبية قوية للثقب الاسود منه في مكان آخر في الكون. تخيل انك بعيد عن الثقب الأسود وعندك صديق يتباطأ بالقرب منه. وبسبب الفرق الملاحظ في جريان الوقت بالنسبة لكليكما، بينما أنت تسافر من الاثنين إلى الجمعة، يتقدم صديقك فقط من الاثنين للثلاثاء. وهذا يعني إذا وجدت طريقة تسبق بها صديقك، فإنك تنتقل من الجمعة راجعاً للثلاثاء. عندئذ تستطيع الانتقال بالزمن إلى الخلف.

بالحقيقة، لقد وجدت ان هناك طريقة لتشجع نفسك من موضع لآخر. فنظرية اينشتاين للنسبية تسمح بوجود ثقوب دافئة؛ نفق مثل طريق مختصر عبر الزمان – المكان. وبعد مرور شهر واحد على الثقوب الدافئة ووجود فتحة قرب صديقك، سيكون من الممكن الرجوع بالوقت من الجمعة إلى الثلاثاء. فالمشكلة مع الثقوب هي انها تغلق الخطاف في أي لحظة ما لم تبق مفتوحة للمادة بجاذبية تنافرية. ولا أحد يعرف ان المادة الغريبة موجودة في الكون ولا يهم ان تبقى الحقيقة الممتازة بأن نظرية اینشتاین للجاذبية لا تخرج عن امكانية انتقال الزمن.

هناك فروقات قليلة، بين نوع آلة الزمن التي سمحت بها النسبية العامة، والنوع الموصوف في رواية الخيال العلمي للكاتب اش جي ويلز. فلشيء واحد، أنت تسافر مسافة عبر الفضاء لتنتقل مسافة عبر الزمن. فلا تستطيع ببساطة الجلوس في آلة الزمن، وسحب الرافعة لتجد نفسك في العام 1776. والفرق الثاني المهم هو أنك لا تستطيع الرجوع للخلف لزمن قبل زمن بناء آلة الزمن. لذا فإذا اردت الذهاب في رحلة لصيد الديناصورات، فبناء آلة زمن اليوم لن ينفعك. فستجد ان المخلوقات الناشئة أو بعض الديناصورات الذكية قد خلقت وانقرضت منذ 15 مليون سنة.

وبالنسبة للفيزيائيين النظريين فإن آلات الزمن هي فكرة مشوشة ومزعجة. فإذا كان انتقال الزمن ممكناً، وكل انواع الأوضاع المستحيلة أو التناقضات ممكنة أيضاً، وأن يرجع رجل للخلف بالزمن ويقتل جدته قبل أن تنجب أمه، فالمشكلة هي أنه إذا كان قد قتل جدته، فكيف يستطيع أن يولد ليرجع بالزمن إلى الخلف ويفعل الفعل المشين؟

الاسئلة المربكة حفزت الفيزيائي الانكليزي ستيفن هوكنغ لافتراض حماية عبر الزمن وأساساً هو حظر واضح وصريح لانتقال الزمن. وطبقاً لفرضية هوكنغ، فإن بعض ما لم يُعرف لحد الآن من قوانين الفيزياء بإمكانه التدخل لمنع انتقال الزمن. وليس لديه دليل قوي ليسأل: "اين يكون سواح المستقبل؟"

_________________________________________

هوامش

(6) ان مصطلح الثقب الأسود صيغ من قبل جون ويلير عام 1965. وقبل عام 1965 كان هناك القليل من الابحاث العلمية عن هذا الموضوع. وبعد ذلك، تفجر المجال. والمصطلح دخل اللغة اليومية. وغالباً الناس يتحدثون حول أشياء تختفي تحت ثقب اسود بيروقراطي. فالمصطلح هو توضيح تام لأهمية الحصول على الكلمات الصحيحة لوصف ظاهرة في العلوم. فإذا وصفوا صورة حية في عقول الناس، فالباحثون ينجذبون نحو هذا الموضوع.