أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-5-2022
2131
التاريخ: 25-4-2022
1290
التاريخ: 5-5-2022
1216
التاريخ: 9-5-2021
8666
|
نموذج لحديث الحقائق والمعلومات
اخترنا لذلك حديثاً أجراه الدكتور "محمود عزمي" باسم صحيفة "الاهرام" مع سلطان مراكش "محمد بن يوسف" وهو الحديث الذي نشرته الجريدة المذكورة بالعدد رقم 3520 في يوم الثلاثاء 27 من مارس سنة 1951 ، وهذا نصه:
نموذج للحديث
سلطان مراكش يشرح الموقف في بلاده
ضغط الإقامة العامة الفرنسية على جلالته
حديث للسلطان تختص بنشره "الاهرام"
وصلت إلى الرباط عاصمة مراكش مساء الخميس الخامس عشر من شهر مارس الحالي، وكان همي الاول أن أتشرف بالمثول بين يدي جلالة السلطان محمد الخامس لكي أتعرف خلال الحديث مع "المصدر الاول" نصيب الحقيقة فيما أذيع من تطور العلاقات خلال الثلاثة الشهور الاخيرة بين "القصر الشريف"، والإقامة العامة الفرنسية.
فما إن أضحى الضحى بعد ليلة نعمت فيها بالنوم الهادئ إثر رحلة جوية طويلة من القاهرة إلى أثينا، فروما، فتونس، فالجزائر، فالدار البيضاء، حتى هرولت إلى الفناء السلطاني الذي يحيط به سور رفيع.
وقصدت إلى عتبة "المخزن" وهو اللفظ الذي يعبر به عن الحكومة المغربية الاصيلة فاجتزتها، وتقدم إلىّ من كانت عليه النوبة من الموظفين، واليوم يوم الجمعة، وتركت لديه بطاقتي برسم الصدر الاعظم "السيد المقّرى" الذي جاوزت سنة الرابعة بعد المائة ... وأفضيت إليه بالتماس التشرف بمقابلة حضرة صاحب الجلالة السلطان.
صلاة السلطان
وسألت: هل يخرج السلطان للصلاة؟ وكان قد أذيع في القاهرة أن الإقامة العامة الفرنسية قد منعت جلالته من تأدية فريضة الجمعة ... فقيل لي إن الموكب السلطة يخرج إلى المسجد على عادته عند "الزوال" فرأيت أن يبدأ استقصائي الاحوال في مراكش بهذا الجانب من الانباء، وقررت تأدية الصلاة في حضرت السلطان .. وكانت الساعة الثانية عشرة قد انتصفت فيممت شطر المسجد الواقع مقابل القصر، ودلفت إليه، فلم أجد به إلا قليلاً جداً من العاكفين على قراءة القرآن، فاستميزت بينهم واحداً قعدت إلى جانبه بعد أن صليت ركعتين تحية للمسجد، فسمعته يرتل القرآن ويقرؤه بالقراءات السبع.
ودهشت إذ فاتت الساعة الثانية عشرة دون أن يزيد عدد الحاضرين بالمسجد إلا قليلاً، وعلمت بعد ذلك أن ساعة الزوال في الرباط إنما هي الساعة الواحدة بعد الظهر!!.
فظللت أشاهد الوافدين، والمتوضئين الحاملين معهم "سجاجيدهم" الصغيرة، وغير الحاملين، واستمع للمرتلين القرآن علانية حتى الساعة الواحدة بعد الظهر، وأنا أغير مواضع الساقين مني، تلمساً للراحة في هذا الجلوس الطويل...
وعزفت الموسيقى، وتقدم فرسان الحرس ومشاته، وتحرك الركب السلطاني من القصر متجهاً إلى المسجد، ووقفت العربة السلطانية أمام بابه الصغير، فدخل منه السلطان إلى مقصورته الخشبية.
وأذن المؤذن في الخارج، ودعا الداعي إلى الإنصات في الداخل، وألقى الخطيب الخطبة، ودعا فيها للخليفة محمد الخامس بالنصر والتأييد، وقامت الصلاة، ثم خرج رجال القصر، والوزراء، واصطفوا أمام المسجد تحية للسلطان، إذ يخرج ويمتطي هذه المرة جواده، ويعود إلى قصره. فأسرعت في الخروج، واستطعت أن أقف إلى جانبه، وأحي السلطان تحيته، فعرفني جلالته، وقد سبق أن حظيت بالمثول بين يديه منذ خمس سنين، وتفضل جلالته عليّ بالسلام، فسجلت بهذا حضوري.
مع السلطان في القصر
وأبلغت من بعد أن منتصف الساعة الثانية عشرة ظهر الثلاثاء العشرين من شهر مارس الحالي قد حدد موعداً لتشر في بالمقابلة السلطانية، وقبيل الموعد قصدت إلى القصر الشريف، فاستقبلني حجابه، ورافقوني إلى مكتب وزيره، فاستمهلت فيه لحظات جاء على إثرها مستشار الحكومة الشريفة الفرنسي، فدعانا نحن الاثنين إلى القاعة السلطانية.
وهناك كان جلالة السلطان على أريكته، فتقدمت إليها، وتشرفت بالمصافحة، ثم جلست على مقعد عن يسار الاريكة، وجلس إلى جانبي المستشار الفرنسي بعد أن أشار له السلطان بالجلوس دون المصافحة، وقعد الوزير على وسادة إلى يمين الاريكة.
وتفضل السلطان فغمرني بظرفه، إذ بادرني باستطالة المدة التي انقضت بعد زيارتي الاولى لمراكش، فقد قاربت الخمس سنوات، وخصني بعطفه، إذ أضاف أنه يود لو يراني مرة في كل شهر، فلا أقل من أن تكون زيارتي مرة في كل سنة، وعقب على ذلك بترديده أن "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً" .
تحية لمصر
وسألني جلالته عن مصر وأحوالها، وأعرب عن خالص شكره لاهتمامها به وببلاده، وحملني شرف الإفضاء بعظيم تحيته، وصادق عرفانه للشعب المصري جميعه، وكذلك لجامعة الدول العربية، وأمينها العام، وكان جلالته يذكر ذلك كله في عبارات قوية تخرج من الاعماق.
عندي سؤال
ثم تقدمت إلى جلالته بأن لديّ سؤالاً أود لو أستطيع أن ألقيه، وأنا أعرفه بالغاً حداً من الدقة غير قليل، ولكني ألح في إلقائه إلحاحاً، ولا أود في الوقت نفسه أن يكون في الإدلاء به شيء من الإحراج، فلا دل به، وليتصرف فيه جلالته كما يشاء.
فتلطف جلالته، وأشار إليّ بالإفصاح، فقلت: إنا سمعنا في مصر بوقوع نوع من الضغط والإكراه، وأود لو استطعت أن أعلم الجهة التي صدر عنها الضغط والإكراه: هل هو الجنرال "جوان" أو قبائل الجلاوي، أو ضمير جلالتكم؟
فأجاب جلالته على الفور:
"إن هذا السؤال سياسي، ويحسن أن تقدمه مكتوباً، وسأجيبك عنه كتابة أيضاً، وستكون إجابتي بغاية الصراحة" .
وعاد جلالته يكرر في حزم:
"قدم ما تشاء من أسئلة، وسأجيبك عنها كتابة، وبكل صراحة" .
وسألني جلالته عن برنامجي في اليومين التاليين، فأجبت أني قاصد إلى طنجة في اليوم التالي، وأني عائد منها ومن الرباط يوم الجمعة.
فعقب جلالته بقوله:
"ستكون إجابتي المكتوبة عندك يوم الجمعة، وستكون بغاية الصراحة" .
فشكرت جلالته خالص الشكر، وأحسست عمق ما تنطوي عليه شخصية السلطان من قوة معنوية.
وإذا كنت أعرف أن تصريحات الملوك لا يصح نشرها إلا بإجازتهم فقد تقدمت إلى جلالته مستأذناً في نشر الإجابات على أسئلتي، فتفضل جلالته بذلك.
ثلاثة أسئلة
ولما أذن لي جلالته بالانصراف مررنا في طريقنا بمكتب وزير القصر، فأخذ منه المستشار الفرنسي قبعته، وطلب إلى الوزير أن أجلس لأدون الاسئلة، فتركت المستشار يمضي، وجلست إلى منضدة الوزير، وأمسكت بالقلم، وعلى ورقة من أوراق القصر السلطاني حررت بالمداد الازرق ثلاثة أسئلة، وقعتها بإمضائي، وأرختها بتاريخ اليوم، ثم كتبت صورة منها بالقلم الرصاص على ورقة أخرى من أوراق القصر احتفظت بها، وسلمت الاولى للوزير وانصرفت.
وقصدت في اليوم التالي إلى طنجة، وأمضيت بها يومين كاملين، ثم عدت إلى الرباط بعد ظهر الجمعة الثالث والعشرين من هذا الشهر.
مع ولي العهد
وكان قد تصادف وأنا أغادر القصر الشريف بعد تسليمي أسئلتي لوزيره أن التقيت في إحدى الردهات بصاحب السمو الامير الحسن ولي العهد، فتفضل بدعوتي إلى تناول الشاي بقصره الخاص يوم عودتي من طنجة فذهبت إليه عند انتصاف الساعة السادسة بعد الظهر.
الجرائدي
وهناك سلمني صورة والده السلطان التي تفضل جلالته بإهدائها إلى، فأقبلت على قراءة الإهداء وهو:
إلى الجرائدي الفذ السيد محمود عزمي محمد يوسف .. ملك المغرب أعانه الله.
ووقفت وقفة حتى تبينت أن "الجرائدي" إنما هو التعبير المقابل عندنا لتعبير "الصحفي" .
ملك المغرب
كما تبينت صحة التلقب بملك المغرب، لان جلالته إنما هو العاهل الاوحد لسلطنة مراكش التي يسمونها "المنطقة السلطانية"، و"المنطقة الخليفية" و"المنطقة الدولية" أيضاً، وإذا كان مقر جلالته الرسمي في الرباط فإن له خليفة في تطوان ومندوباً في طنجة.
واعتززت بالهدية الكريمة، وتساءلت عن الإجابة على أسئلتي، فناولني الامير ولي العهد الورقة المكتوبة عليها، وإذا كانت بالخط المغربي فقد شاءت إرادة سموه أن يتلوها حتى أقف على كنهها في أسرع وقت.
وقد استمعت إليها، كما استطعت أن أقرأها بسهولة فيما بعد، فألفيتها مبنية أحسن إبانة، ووجدتها "غاية في الصراحة" على سابق نطق جلالته!
حديث السلطان
وها هي أسئلتي، وإجابات ملك المغرب عليها:
الضغط والإكراه
السؤال الاول:
أذيع أن توقيع جلالتكم على "بروتوكول" 25 فبراير سنة 1951 كان تحت ضغط أو إكراه، وقد سمعت منذ قدومي إلى مراكش في هذا الصدد روايات:
يقول بعضها: إن التوقيع كان نتيجة لتهديد من قبل الجنرال جوان، ويقول بعضها
الآخر: إنه كان نتيجة لحركة صدرت عن القبائل بإيعاز من الجلاوي.
ويقول بعضها الآخر: إنه يرجع إلى ضمير جلالتكم الذي شاءت حكمته أن ينقذ بلاده من شر التلاحم.
تري أية رواية من هذه الروايات أصدّق؟
بل أيها الصحيح؟
الجواب:
إن توقيعنا على "بروتوكول" 25 فبراير سنة 1951 ك ان نتيجة لعوامل متعددة، أهمها:
1. التهديد الذي وجه إلينا بواسطة بوزير القصور والتشريفات من بعض شخصيات الإقامة العامة، وذلك في أثناء المخابرات التي كانت جارية بين القصر، والإقامة العامة في ذلك اليوم.
2. حركة القبائل التي أتى بها من جهات متعددة دون أن تعلم الباعث الحقيقي على تحريكها، فرابطت على أبواب فاس، وسلا، والرباط.
3. اجتناب ما كان يتوقع من عواقب سيئة، للعوامل الانفة الذكر، فاضطررنا مع هذه الاسباب جميعها إلى إرضاء مطالب الإقامة العامة.
سبب الأزمة
السؤال الثاني:
قيل إن الازمة ترجع إلى تعطيل إصدار بعض الظهائر "أي المراسيم" . فإذا كان هذا صحيحاً، ترى ما هي أسباب هذا التعطيل؟
الجواب:
إن سبب الازمة هو غير ما أشيع من أننا رفضنا بعض التشاريع القانونية المقترح علينا قبولها، إذ أن الازمة في الواقع ترجع إلى الرغبة التي أعرب عنها مقيم فرنسا العام في أن يصدر منا استنكار لأساليب حزب الاستقلال، وإلى عدم نزولنا على هذه الرغبة.
ولقد قدم المقيم العام هذا الطلب قبل سفره إلى أمريكا بلهجة لا تخلو من تهديد، أما مشاريع الظهائر الشريفة المقترح علينا إمضاؤها، فإننا لا نرفضها، أو نشير بتعديلها إلا بعد أن تدرسها لجان قصرنا الشريف، وتبدي نظرها فيها، مستندة إلى الاوفقة "أي الاتفاقيات"، والمعاهدات، وسائر فروع القانون.
آمال السلطان
السؤال الثالث:
ما هي آمال جلالتكم في مستقبل مراكش، وفي علاقاتها مع الجمهورية الفرنسية؟
الجواب:
إن رغبتنا شديدة في تقدم البلاد، ورقيها رقياً ديمقراطياً، وجميع أعمالنا ومساعينا تهدف إلى إحلال بلادنا العربية الإسلامية في المكان اللائق بماضيها المجيد.
وأملنا عظيم أن تنظر حكومة الجمهورية الفرنسية، اعتماداً على ما بين الدولتين من روابط الصداقة إلى مطامح شعبنا الشريفة بما يليق بها من العناية.
وفي نشر هذه النصوص اليوم كفاية، وسنتابع الإدلاء بملابسات استقصائنا ونتائجها في الايام التالية محمود عزمي.
بين الطريقة القديمة والحديثة في نشر الحديث
لا بد أنك لاحظت أيها القارئ أن الحديث الصحفي الذي كتبه الدكتور "محمود عزمي" يحظى بميزتين هما: ميزة السرد وميزة الوصف، ولان الحديث لم يكن على شكل حوار بين السلطان والمحرر فإنه فقد في الواقع شيئاً من الحيوية التي تتمم الحديث بالطريقة الحوارية، وليس الذنب في ذلك على المحرر، ولكن ذنب السلطان الذي أصر على أن تكون إجاباته تحريرية لا شفوية، من أجل ذلك يمكن النظر إلى النموذج المتقدم على أنه مكتوب بالطريقة القديمة لا بالطريقة الحديثة.
والواقع أن هناك طرقاً عدة استحدثها الصحفيون لإجراء الحديث:
فمن هذه الاحاديث ما يكتب على طريقة الحوار الداخلي مع النفس، ولعل من أروع الامثلة عليها حديث للفنان "عبد الوارث عسر" نشرته مجلة الاسبوع العربي البيروتية في الاسبوع الثاني من شهر ديسمبر "كانون الاول" سنة 1967 ، وقام بإجراء هذا الحديث مع الفنان "عبد الوارث" في هذه المجلة الصحفي "فاروق البقيلي" وفيه أوضح طبيعة الفنان الرومانسية وصور عواطفه الإنسانية.
ثم إن من أشهر الطرق الحديثة في هذا الفن من فنون الصحافة، وهو الحديث طريقة "القصة الإخبارية" ونحن نعرف أن القصة الإخبارية لابد لها من عنوان، وصدر، وجسم أو صلب، ثم إن الطريقة الحديثة لا غنى لها عن عنصر الوصف الذي يتخلل الحديث الصحفي، وهو خير ما يضمن انتباه القارئ، وقراءته الحديث من أوله إلى آخره، وبدون هذا العنصر يصبح الحديث جافاً كل الجفاف لا يستطيع القارئ متابعته بيسر.
والامثلة على طريقة "القصة الإخبارية" في إجراء الاحاديث الصحفية كثيرة تطالعنا بها الصحف اليومية والمجلات على الدوام مؤثرة إياها على غيرها من الطرق لسهولتها ومرونة الصحفيين في كتابتها، وتدربهم عليها.
ومن هذه النماذج على سبيل المثال حديث صحفي للدكتور طه حسين أجراه، معه الاستاذ "كمال الملاخ" المحرر بصحيفة الاهرام، وذلك بمناسبة بلوغ الدكتور "طه حسين" الثامنة والسبعين من عمره وقد نشرت الحديث ومعه صورة الدكتور "طه حسين" جالساً بمفرده، وأخرى له مع زوجته، وقد نشر بجريدة الاهرام في عددها الصادر في 15 / 11 / 1967 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|