يشتمل هذا المدخل على المراحل الثلاث المتميزة في تطور مفهوم الجودة وهي: الفحص ومراقبة الجودة، وتأكيد الجودة.

وفيما يلى استعراض لأهم سمات هذه المراحل:

- مرحلة الفحص Inspection وهي إحدى مراحل الجودة، يتم فيها العمل للحيلولة دون وصول الوحدات المنتجة المعيبة التي لا تلبي رغبات العملاء إليهم، ولكنها لا تمنع وقوع الخطأ؛ فالخطأ قد وقع فعلاً وما على الفحص إلا اكتشافه أو استبعاده، وهذا يتطلب دراسة ذلك للوقوف على أسبابه لاتخاذ القرارات اللازمة للقضاء عليها.

وتتميز هذه المرحلة بما يلي:

- ضمان سحب الوحدات المعيبة، وكذلك الطلبات المعيبة، قبل إجراء العمليات الإنتاجية التالية عليها، والتي كانت سوف تتسبب فى زيادة تكاليف الإنتاج في حالة اكتشاف هذه الوحدات المعيبة في المراحل المتأخرة من الإنتاج.

- سلامة القرارات الخاصة برفض الطلبات الواردة من المصادر الخارجية في حالة زيادة الوحدات المعيبة بها عن الحدود المسموح بها.

كما أن من أهم عيوبها ما يلي:

- تحمل المنظمة تكاليف باهظة خاصة بالفاحصين والأجهزة المستخدمة.

- قد تؤدى إلى تعطل وعرقلة الإنتاج وضياع كثير من الوقت.

ورغم تلك العيوب فى هذه المرحلة إلا أن جوران Juran يصف نظام الفحص في كلمات قليلة بأنه يمثل شرا لابد منه إلى أن يحين الوقت الذى يمكن أن نعمل بدونه وهذا يتجلى فى الحاجة الملحة للتحسين والتطوير؛ إذ كلما دخلت تحسينات وتطويرات على إدارة الجودة تراجعت أنشطة الفحص وقل الاعتماد عليها إلى الحد الأدنى.

- مراقبة الجودة Quality Control: يقصد بها مجموعة الأنشطة والأساليب والعمليات والآليات التي تستخدم لإتمام جودة الأداء الإنتاجي، وبهذا المعنى تعتبر من المكونات الداخلية لأنشطة مدخل تأكيد الجودة، ولكن من ناحية أخرى فإنه وفقاً لتعريفها فإن مراقبة الجودة تعتبر أيضاً محدودة الرؤية نسبياً باعتمادها علي نظم المراقبة أو بعض الأساليب الكمية وخرائط الرقابة علي الجودة وهي بدورها قد تساعد في الرقابة علي الأداء الإنتاجي وبالتالي المنتج، وإن كانت أبعد كثيراً من مجموعة أنشطة الفحص التي تصمم للتأكد من أن المنتجات المعيبة لن يسمح لها أن تصل إلى العميل.

- ومما يؤكد ذلك فإن مراقبة الجودة تتضمن تسجيل وتحليل وكتابة التقارير المتعلقة بالمعلومات المتصلة بالجودة، حيث إن هذه المعلومات تمثل الأساس الذي يتم الاحتياج إليه يوماً بعد يوم لاتخاذ القرارات السليمة، وعلى الرغم من أن مراقبة الجودة أكثر تقدماً من مجرد الفحص إلا أن التقدم فى مفاهيم إدارة الجودة جعل الاعتماد على مراقبة الجودة غير كاف، بل وغير ملائم بمفرده لتحقيق التحسين المستمر والمنشود، وقد كان للإحصائي الشهير شیوهارت shewhart إسهاماته الكبيرة فى الرقابة على الجودة؛ حيث أعطى تعريفاً محدداً وقابلاً للقياس لرقابة التصنيع، كما تمكن من التوصل إلى أساليب فعالة وقوية للرقابة والتقييم اليومى للإنتاج، فضلاً عن تقديمه عدة مقترحات لطرق تحسين الجودة.

- تأكيد الجودة Quality Assurance: انطلاقاً من مراقبة الجودة نما مفهوم نظم تأكيد الجودة (QAS)، وفى هذه المرحلة يتم البحث من أجل معالجة جذور الأسباب وراء الانحرافات عن المستوى الموضوع، ولذلك فإن التحسينات المستمرة والدائمة المتعلقة بالجودة لا يمكن أن تتم إلا عن طريق توجيه الجهود التنظيمية تجاه الوقاية من وقوع المشكلات من منابعها أو مصادرها، ومن ثم فإننا ننتقل إلى مرحلة تالية من التقدم والتطور في المفهوم وهى ما يعرف باسم تأكيد الجودة.

ويمكن - ببساطة - وصف مدخل تأكيد الجودة بأنه نظام أساسه منع وقوع الخطـأ Prevention Based والذي يعمل على تحسين جودة المنتج سواء كان سلعة أم خدمة ويزيد الإنتاجية بوضع تأكيدات على المنتج وتصميم العمليات ومراقبتهـا؛ وذلـك بالتركيـز عـلى مصادر الأنشطة. إنها - باختصار - تمنع ظهور السلع والخدمات غير المطابقة، ولذلك يوصف بأنه مدخل أكثر فعالية من مدخل الفحص، رغم أنه تأسس طبقاً لمنهجه وبناءً عليه، ولكنـه مدخل لنظم وقائية - إلى حد بعيد - بطبيعتها؛ حيث إن تأكيد الجودة يعتبر أكثر ارتباطاً بالمفاهيم الإدارية كالإدارة بالأهداف والنتائج (MBO)، وبإدارة النظم، وبإدارة المشروعات.

إن الجودة يجب أن تبنى فى مرحلة التصميم الإنتاجي السلعي أو الخدمي، لا في مرحلة الرقابة، كما كان الحال في المداخل السابقة، ولهذا نجد أن معظم مشاكل الجودة نشأت بسبب ضعف التصميمات أو عدم ملاءمتها أو عدم مطابقتها.

ويوضح الجدول رقم (1) مجالات الاهتمام للمداخل الثلاث للإدارة التقليدية للجودة عبر مراحل تطورها.

يتضح من الجدول السابق أن كل مرحلة من مراحل المدخل التقليدي قد ركزت على اهتمامات معينة وبدأت أولى هذه المراحل بالفحص للمطابقة وتصحيح الأخطاء بعد وقوعها، تلتها مرحلة مراقبة الجودة التي توسعت في مفهوم الفحص إلى محاولة المنع، ثم المرحلة الثالثة مرحلة تأكيد الجودة QA)) لتغطى مجالات أرحب؛ وتشمل التصميم والمطابقة والأداء.