أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-21
872
التاريخ: 2023-05-24
1001
التاريخ: 2023-06-24
1512
التاريخ: 2024-11-11
183
|
كان سليمان باشا (أبو ليلة) أول من تولى الحكم في العراق من المماليك، كما اشرنا اليه سابق، وقد كان من بين الكرج الذين اشتراهم حسن باشا وتعهدهم بالرعاية، وقد حصل هذا المملوك على حريته بخدماته لابن سيده وبشجاعته التي أبداها في الدفاع عن بغداد عند حصارها من قبل نادر شاه عام 1732 ، ثم تزوج عادلة خانم (البنت الكبرى لأحمد باشا) في السنة نفسها، وقد شغل منصب كتخدا سنين عديدة وظل ينتقل من درجة إلى درجة اعلى واخيرا عهدت اليه ولاية البصرة عام 1736. وقد استمر سليمان على تقديم المزيد من الخدمات بأمانة واخلاص وكان يسارع في تنفيذ ما يؤمر به حتى أصبح الساعد الايمن للباشا كان يرسله من وقت لأخر لتأديب العشائر المتمردة وقد كان يعود منها في كل مرة منتصرا، حتى كوفئ على ذلك بحصوله على لقب باشا. ولما كان الاهالي يهمهم بالدرجة الأولى توفير الامن والاطمئنان فقد صاروا ينظرون إلى سليمان نظرة اجلال وتقدير، واصبح اسمه يتردد على السنتهم مقرونا بالهيبة وقوة الشكيمة، ولهذا فان توليه باشوية بغداد سنة 1750 لم يكن أمرا غريبا عليهم إذ خبروه مدة طويلة، ولقد واجه خلال سنين حكمه الأولى بعض حركات التمرد العشائرية إلا انه استطاع بحملاته السريعة الحاسمة من القضاء عليها ونال بفضل انتصاراته تقدير البلاط السلطاني، وقد اهدى اليه السلطان في عام 1752 خلعة ووساما تقديرا لانتصاره في حملة سنجار، بالإضافة إلى الهدايا الأخرى التي ارسلت للأمراء الذين كانوا معه، وفي بداية عام 1753 صدر الفرمان السلطاني بجعله وزيرا دائما لكل من بغداد والبصرة، وصدر مثل هذا الفرمان أيضاً عندما توفي السلطان محمود خان عام 1754 وخلفه السلطان عثمان خان، وقد كان استلام الوالي لهذه الفرامين التي كان يحملها من الاستانة رئيس التشريفات يجرى بموجب مراسيم واحتفالات. لقد اظهر سليمان باشا همة كبيرة في الإدارة والحكم ، واصبح العدو المخيف للعشائر الثائرة لشدة بطشه واقدامه حتى انهم اطلقوا عليه اسم (أبو ليلة) لحملاته التي تغير عليهم دائما في الليل، وفي بغداد سمع الرحالة الدنماركي نيبور الناس يسمونه (سليمان الاسد)، وكانت تروى عن شجاعته وبسالته قصص كثيرة حتى قيل انه توجه إلى بلاد الشام وطارد بعض القبائل المتجولة التابعة لمنطقة دمشق بسبب تعرضهم لقافلة تجارية كانت قد خرجت من بغداد متوجهة إلى بلاد الشام وفي عهده اصبح الطريق بين بغداد والبصرة سواء عن طريق الفرات أو دجلة أو البر امنا حتى للمسافرين دون حماية قبيلة من القبائل الامر الذي شجع الكثير من تجار ايران علي اختيار طريق بغداد البصرة على بلادهم التي كانت تسودها الفوضى والاضطراب. ومع كل هذه الشهرة الحسنة التي نالها فان السكان كانوا ينتقدونه بسبب خضوعه لزوجته عادلة خانم التي كانت امرأة قوية ذات نفوذ باعتبارها ابنة احمد باشا الذي كان زوجها أحد عبيده، وكانت تحاول أن تزج بنفسها في الامور السياسية والحياة العامة بتدخلها في كل شيء حتى انها خصصت اياما معينة لاستقبال المراجعين يلتمسونها في تحقيق وانجاز مطالبيهم، وكانوا يجلسون في غرفة خاصة منعزلة عن حريم البلاط ويتولى الحرم أغا مهمة استلام العرائض منهم وارجاع جواب سيدته اليهم، وكثيرا ما كانت تلغي الاوامر التي سبق أن اصدرها زوجها أو كتخذاه ، بل وجعلت لنفسها وساما خاصا لها يتكون من شريط حريري يلف حول الرأس، وقد اهدته في البداية إلى الاغوات البارزين الذين كانوا قد خدموا جدها واباها كعلامة شرف. وقد اصبحت عادلة خانم بسبب اعمالها هذه حديث الخاص والعام وصارت تتهم بانها السبب في وقوع الكثير من الحوادث فقد ذكر أن سليمان باشا قام بتحريض منها بحملة على الزعيم الكردي سليم باشا بابان الذي مات والدها احمد في حملة ضده من قبل، واستدرجه إلى بغداد حيث امر بإعدامه شنقا في عام 1758، كما قيل إن قتل زوج اختها عائشة بريئا كان بتحريض منها. بلغ نفوذ المماليك القمة في عهده حين أكثر من استخدام المماليك في الوظائف المهمة، وبدأ سيل المماليك يتدفق بزيادة من اسواق تفليس إلى بغداد فأسست لهم مدرسة تتسع لمائتين منهم، وصار أبو ليلة يكثر من استخدامهم في وظائفه الحكومية، فكان منهم الكتبة والجباة وقادة الحاميات كما كانوا من كبار حاشيته أيضاً، فادى ذلك إلى حرمان الاسر التركية والبغدادية المعروفة من نصيبها الذي اعتادت عليه في جهاز الحكومة سابقا. وفي 14 ايار عام 1762 توفي سليمان باشا عن عمر ناهز السادسة والستين عاما وذلك على إثر مرض الم به مدة ستة أشهر، وقد ظلت بغداد تردد ذكراه حتى استمع إليها نيبور في عام 1766، وقد كان موت سليمان بداية فترة طويلة من الفوضى. كانت وفاة أبي ليلة الذي لم يعقب احدا على الحكم ايذانا بنشوب نزاع عنيف بين المتحفزين للحصول على منصب الباشوية، فقد كان هناك سبعة مماليك مرشحين للحكم تولى كل منهم في وقت ما منصب الكتخدا، وكان أحد هؤلاء عمر اغا الزوج الثاني لعائشة خانم البنت الثانية لأحمد باشا، وكان الاخر علي اغا متسلم البصرة الذي كان من قبل حاكم الديوانية، وهو الذي ساعد ابا ليلة عند زحفه على بغداد عام 1749. في وقت اراد الباب العالي اسناد ولاية بغداد إلى والي الرقة سعد الدين باشا كمحاولة للحيلولة دون حصر السلطة بأيدي المماليك، غير أن اضطراب الاوضاع في بغداد بسبب تنافس المماليك السبعة جعل الباب العالي يتريث في اصدار الامر، ثم وردت عريضة من بغداد تتضمن أسماء المرشحين السبعة لكي يختار السلطان منهم، واحدا، فصدر الفرمان بتعيين علي اغا للمنصب الشاغر، وقد قيل إن تعيينه كان بتأثير الصدر الاسبق محمد راغب باشا وتوصيات الكثير من ذوي النفوذ في بغداد وما قدمه من هدايا وأموال إلى المسؤولين في الباب العالي. ولم يكد على اغا يصل بغداد ويتسلم زمام الحكم حتى بدأت المؤامرات تحاك ضده من اجل قتله والتخلص منه، وقد بلغت هذه المؤامرات أوجها عندما تعرض لمحاولة اغتيال اثناء. من محاربة عشيرة كعب عام 1763، وبعد فشل هذه المؤامرة راحت القوى المضادة تنشر بين الناس مختلف الاشاعات لإثارتهم ضده الى حد سرد ت شائعة تقول انه من فرقة القزلباش وينوي تسليم بغداد لشاه إيران ومما كان يعطي لهذه الادعاءات مفعولها بين الناس كون على باشا من أصل إيراني. لقد كان أهم مروجي هذه الاشاعات اثنان هما: عادلة خاتون إذ فقدت نفوذها في عهده بعدما كانت بمثابة الحاكم الثاني على البلاد في عهد زوجها، والثاني زوج اختها عمر اغا الذي هو من المرشحين السبعة. كان لهذه الاقوال مفعولها بين الاهالي فقد احدثت استياء ضد علي باشا، ثم اندلعت ثورة محلية كان المحرك لها عمر اغا، وكان الانكشارية مادتها، وقد احتل الثوار القلعة، ووجهوا نيران مدافعهم نحو السراي، غير أن على باشا تمكن من تهدئة الحالة، ثم قام بإعدام الكثير من رؤساء الانكشارية، فساد هدوء مشوب بالتوتر، ثم اعقبته عاصفة هو جاء اعادت الثورة إلى اشد ما كانت عليه بحيث اضطر الوالي في النهاية إلى الهروب من السراي متنكرا بزي امرأة ولجا إلى احدى الدور القريبة منه، ولكن الثوار علموا بمقره فهجموا عليه وأخرجوه وأتوا به إلى القلعة، وهناك قتلوه عام 1764.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|