أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2019
1003
التاريخ: 22-10-2019
965
التاريخ: 2023-06-05
1228
التاريخ: 18-10-2019
1411
|
المقال العلمي
المقال العلمي، من حيث هو نوعان، نوع يكتب للمتخصصين، ونوع يكتب لغيرهم من القراء، والاول مكانه الكتاب العلمي، أو المجلة العلمية التي تصدرها الهيئات أو المؤسسات التي توفرت على نشر العلم، والثاني مكانه الصحيفة اليومية، والمجلة الدورية: أسبوعية كانت أم شهرية أم سنوية، والاول ليس موضوعاً لبحثنا هذا، أما الثاني فموضوع اهتمام الصحافة، ومدار عنايتها، ومادة من موادها لا تستطيع الاستغناء عنها بحال ما.
والمقال العلمي الذي تنشره الصحف والمجلات إنما يحقق غرضين من أغراض الصحافة الخمسة التي أشرنا إليها في غير هذا الفصل، وهذان الغرضان هما:
1. التوجيه والإرشاد.
2. التسلية والإمتاع.
وليس شك في أن الناس جميعاً في احتياج إلى من يرشدهم على الدوام فيما يتصل بحياتهم العقلية، وحياتهم الفنية، أو بعبارة أخرى: في احتياج إلى الغذاء العقلي، والغذاء الفني، وهذا أو ذاك إنما يتم لهم عن طريق المقال العلمي في الصحيفة أو الإذاعة.
والذي لا شك فيه أيضاً أننا في عصرنا هذا لا نستطيع ولو حرصنا أن نلم بجميع العلوم والفنون، لأننا في عصر التخصص العلمي والفني، لكل واحد منا شعبة خاصة من شعب المعرفة أو الفن، توفر عليها، واستأثرت بعقله وقلبه، بل امتزجت بروحه ودمه.
غير أنه إلى جانب هذا التخصص العلمي أو الفني لا غنى للمثقفين في الامة عن الاخذ من كل علم من العلوم الإنسانية بطرف، وبهذه الطريقة تستروح العقول البشرية من جهة، ويحدث التوازن العقلي والروحي للمواطن المثقف من جهة ثانية.
وقد أدركت الصحافة منذ نشأتها هذه الحقيقة، فدرجت على إمداد قرائها من حين لآخر بتلك الفصول العلمية المفيدة، والمقالات الفنية الطريفة يتعلمون منها حيناً، ويتسلون بها أحياناً، ويجدون في كلتا الحالتين لذة عقلية ربما لا تضارعها لذة مادية من لذائذ الحياة.
ثم إن القراء أنفسهم بالقياس إلى المقال العلمي طبقتان كما سبقت الإشارة إلى ذلك:
طبقة لا تعرف إلا علماً واحداً، أو فناً مفرداً، ولا صلة لها تقريباً بغير ذلك من العلوم أو الفنون.
وطبقة لا تعرف شيئاً من هذا أو ذاك، ولم تتخصص في شيء من هذا أو ذاك، ولكنها تميل إلى أن يكون لها بعض الإلمام بهذا الشتات من المعلومات.
وما دام الامر كذلك فلا مناص للصحيفة من الاعتراف بهذا الوضع. والتقيد بهذا القيد في كتابة هذا النوع من أنواع المقال، وبعبارة أخرى ينبغي أن تتوافر في المقال العلمي الذي تنشره الصحيفة شروط عدة، منها ما يلي:
أولاً- الإقلال جهد المستطاع من المصطلحات العلمية المعروفة عند أهل هذا العلم أو ذاك من العلوم التي يتعرض لها المقال.
ومعروف أن لكل علم منها عشرات، بل مئات من المصطلحات يعرفها المشتغلون بهذا العلم معرفة جيدة، وكلما جد جديد من هذه المصطلحات، بادروا إلى معرفته، وأخذوا في تداوله، أما غيرهم من الناس فلا علم لهم بهذه المصطلحات، ولهذا وجب على كاتب المقال العلمي بالذات أن يقتصد ما أمكنه في ذكر هذه المصطلحات.
ومع هذا وذاك ينبغي للمحرر العلمي أن يدرك أن القارئ لا يضيره أن يقرأ لفظاً علمياً غريباً على مسامعه إذا دعت الضرورة إلى استعماله في المقالة.
ولا ينبغي للمحرر في هذه الحالة أن يعتذر عن استعمال هذا اللفظ، ولا أن يحاول شرحه شرحاً علمياً مستفيضاً، فله مثلا أن يستخدم لفظ الوحدة الحرارية، ولكن ليس عليه أن يشرح هذه الوحدة الحرارية من الوجهة العلمية، بل يقول مثلا: إن ثلاث قطع من السكر، أو قطعة صغيرة من الزبد تولد مائة وحدة حرارية، وإن الإنسان يحتاج إلى مائة وحدة حرارية في الساعة عادة، وإلى مائة وستين وحدة إذا كان يقوم بعمل مجهد. (1)
ثانياً- تبسيط المعلومات التي يقدمها الكاتب للقراء مراعاة منه لهذه الحقيقة التي أشرنا إليها الآن وهي أنه إنما يكتب لغير المتخصصين من القراء.
والكتاب والمحررون في مجال التبسيط درجات:
فمنهم من وهب المقدرة على شرح المادة العلمية الصعبة بطريقة سهلة على الاسماع، تعرف طريقها إلى الاذهان، ومنهم من غلبت عليه الصبغة العلمية الخالصة، وعجز عن التخفف منها، ولم يستطع أن يقدم للصحيفة غذاء ما في هذه الناحية.
ثالثاً- اصطناع القوالب الادبية كلما أمكن ذلك في التعبير عن المادة العلمية، ومن هذه القوالب على سبيل المثال قال القصة، وبها يستطيع الكاتب القدير أن يحيل هذه المواد الجافة إلى قصص حية تحس فيها كأن الطبيعة نفسها تتكلم وتتحرك، أو كأن الحقائق العلمية ذاتها أشخاص تذهب وتجئ، وتؤدي أدوارها كأحسن ما يكون الاداء.
وبهذا الاسلوب الجذاب يستطيع الكاتب المتمرن أن يحدثنا عن الطبيعة وظواهرها في قصص:
فقصة للمطر، وقصة للقمر، وقصة للبركان، وقصص للجبال أو الوديان، وهكذا.
ثم بهذا الاسلوب الجذاب يستطيع الكاتب أيضاً أن يحدثنا عن الإنسان، وعما يعرض له من حالات الصحة والمرض، وكل ذلك في قصص ممتع.
فقصة عن السرطان، وقصة عن الشلل، وقصة عن الجرائم، وقصة عن الميكروب، وقصة عن الانسولين، وأخرى عن البنسلين، وثالثة عن أنواع الفيتامين، وهكذا.
رابعاً- ربط المعلومات الطريفة التي يأتي بها الكاتب في مقاله بحاجة من حاجات القراء، أو رغبة من رغباتهم، حتى ولو كانت هذه النزعة مجرد التأمل في قدرة الخالق، وكثيرون من الناس تحفزهم هذه النزعة الاخيرة إلى القراءة.
خامساً- عدم طغيان الصفة الذاتية على الصفة الموضوعية وإن كان ذلك لا يمنع من وجود مسحة ذاتية صريحة تبث في المقال شيئاً من الحياة والإشراق.
ومهما يكن من شيء ففي مجال المقال العلمي الآن تتنافس الصحافة والإذاعة أيهما أجدى على القارئ أو السامع، وأيهما أقدر من الاخرى على تثقيفه بشتى المعارف التي تجمعها أفلاك ثلاثة يسبح فيها العالم، وهي: الله، والطبيعة، والإنسان.
_______________________
(1) كيف تصبح صحفياً، لكارل وارين، ترجمة عبد الحميد سرايا، الصفحة الاخيرة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|