المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الغدير في القرآن
12-1-2016
القيام في الصلاة
21-9-2016
فاكهة الكاريسا Carissa macrocarpa
12-11-2017
المحاصيل العطرية (النباتات العطرية)
19-3-2017
تحلیل قيم تشبعات العوامل المؤثرة بالتركيب الداخلي - عامل المستوي التعليمي
26/10/2022
المخصبات Fertilizers
27-4-2018


سهل بن هارون  
  
7142   04:03 مساءً   التاريخ: 8-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في النثر العربي
الجزء والصفحة : ص144-147
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-06-2015 2581
التاريخ: 9-04-2015 1979
التاريخ: 6-7-2019 2646
التاريخ: 11-3-2016 2530

سهل بن هارون، هو فارسي من دستميسان(1)، كورة بين البصرة وواسط والأهواز، ويعين الحصري القرية التي ولد فيها، فيقول: إنها ميسان(2)، واختلف الرواة في اسم جده، فهو في الفهرست رامنوي أو راهبون، وهو في البيان والتبيين راهبوني(3)، وهو مثل ابن المقفع لا يعرف بالضبط متى كان مولده، أما وفاته فكانت في عام 215 للهجرة(4)، وقد ترك موطنه أول الأمر إلى البصرة حيث تخرج فيها، ثم انتقل إلى بغداد، فكتب ليحيى بن خالد البرمكي، وله أشعار في مديحه(5)، ويقال: إنه خلفه على الدواوين(6)، ويظهر أنه ظل يشتغل فيها لعهد الأمين(7)، ولما ولي المأمون الخلافة قدمه إليه الفضل بن سهل فأعجب به، وجعله خازنًا بدار الحكمة(8)، وظل بها إلى أن توفي.
ودلائل كثيرة تدل على أنه كان مثقفا ثقافة ممتازة بجميع معارف عصره، وأنه كان أحد النقلة من لسانه الفارسي إلى العربية(9)، ولكن أهميته لا ترجع إلى ما ترجم، بل ترجع إلى ما صنف وألف، ومن أجل ذلك كان يختلف عن ابن المقفع، فابن المقفع أهميته الأولى في تاريخ النثر العربي، إنما ترجع إلى أنه كان مترجما، وأنه مرن أساليب العربية على حمل الثقافات الأجنبية، أما سهل فكان أديبا تبدو شخصيته فيها يؤلف، ويدبج، ويحبر.
ويجمع من ترجموا لسهل على أنه كان شعوبي المذهب، شديد العصبية على العرب، ويقول صاحب الفهرست: إن له في ذلك كتبا كثيرة(10)، وعلى نحو ما اشتهر بالشعوبية اشتهر بالحكمة، حتى لقبوه "بزرجمهر الإسلام"(11)، ووصفه الجاحظ فقال: "كان سهل سهلا في نفسه، عتيق(12) الوجه، حسن الشارة، بعيدا من الفدامة(13)، تقضي له بالحكمة قبل الخبرة، وبرقة الذهن قبل المخاطبة، وبدقة المذهب قبل الامتحان، وبالنبل قبل التكشف"(14)، ويلاحظ ابن النديم أن الجاحظ كان يفضله، ويصف براعته وفصاحته، ويحكي عنه في كتبه(15)، وقد صرح مرارا بأنه كان يلقاه(16)، وروى كثيرا من نوادره، فمن
ذلك أنه تندر على أحد جيرانه، وهو صغير يختلف إلى الكتاب، فقال:
نبيت بغلك مبطونا فرغت له ... فهل تماثل أو نأتيك عوادا(17)
ويدل هذا على أنه كانت فيه نزعة إلى الفكاهة منذ حداثته، وتروي له في ذلك طرائف كثيرة، منها أن رجلًا لقيه فقال له: هب لي ما لا ضرر به عليك، فقال: وما هو يا أخي؟ قال: درهم، قال سهل: "لقد هونت الدرهم، وهو طائع الله في أرضه لا يعصي، وهو عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف دية المسلم، ألا ترى إلى أين انتهى الدرهم الذي هونته؟ وهل بيوت المال إلا درهم على درهم"(18)، وقال دعبل الشاعر: "أقمنا عند سهل بن هارون، فلم نبرح، حتى كدنا نموت من الجوع، فلما اضطررناه، قال: يا غلام! ويلك غدنا! قال: فأتينا بقصعة "بصفحة" فيها مرق، فيه لحم ديك هرم، ليس قبلها ولا بعدها غيرها، لا تحز فيه السكين، ولا تؤثر فيه الأضراس، فاطلع في القصعة وقلب بصره فيها، ثم أخذ قطعة خبز يابس، فقلب جميع ما في القصعة، حتى فقد الرأس من الديك، فبقي مطرقا ساعة، ثم رفع رأسه إلى الغلام، فقال: أين الرأس؟ فقال: رميت به. قال سهل: ولِم رميت به؟ قال: لم أظنك تأكله، قال: ولأي شيء ظننت أني لا آكله؟ فوالله إني لأمقت من يرمي بجليه، فكيف من يرمي برأسه؟ ثم قال له: لو لم أكره ما صنعت إلا للطيرة "التشاؤم"، والفأل لكرهته، الرأس رئيس، وفيه الحواس "الخمس"، ومنه يصبح الديك، ولولا صوته ما أريد، وفيه فرقة الذي يتبرك به، وعينه التي يضرب بها المثل، يقال: شراب كعين الديك "في الصفاء" ودماغه عجيب لوجع الكلية، ولم أر عظما قط أهش تحت الأسنان من عظم رأسه. فهلا إذ ظننت أني لا آكله ظننت أن العيال يأكلونه؟ وإن كان بلغ من نبلك أنك لا تأكله، فإن عندنا من يأكله، أما علمت أنه خير من طرف الجناح ومن الساق والعنق، انظر أين هو، قال: والله ما أدري أين رميت به، قال: لكني أدري أنك رميت به في بطنك، والله حسيبك"(19). ويروى أن أبا الهذيل العلاف المتكلم المعروف طلب إليه رقعة إلى الحسن بن سهل يوصيه به، فكتب له كتابا، وذهب به إلى الحسن، فلما فضه أغرب في الضحك، إذ وجد فيه هذه الأبيات:
إن الضمير -إذا سألتك حاجة ... لأبي الهذيل خلاف ما أبدي
فامنحه روح اليأس ثم امدد له ... حبل الرجاء بمخلف الوعد
حتى إذا طالت شقاوة جده ... وعنائه فاجبهه بالرد
وإن استطعت له المضرة فاجتهد ... فيما يضر بأبلغ الجهد
فلما راجعه أبو الهذيل قال له: أين عزب عنك الفهم؟ أما سمعت قولي: إن الضمير خلاف ما أبدي؟ فلو لم يكن ضميري الخير ما قلت هذا"(20)، وقالوا: إن المأمون انحرف عنه، فدخل عليها يومًا، وقال: يا أمير المؤمنين! إنك ظلمتني وظلمت فلانا الكاتب، فقال له: ويلك وكيف؟ قال: رفعته فوق قدره، ووضعتني دون قدري، إلا أنك له في ذلك أشد ظلما، قال: كيف؟ قال: لأنك أقمته مقام هزؤ وأقمتني مقام رحمة، فضحك المأمون، وقال له: قاتلك الله! ما أهجاك! "(21). وقصوا عنه أنه خاطب بعض الأمراء، فقال له: كذبت، فقال: أيها الأمير! إن وجه الكذاب لا يقابلك -يعني الأمير بذلك- لأن وجه الإنسان لا يقابله(22).
وكل هذه الأحاديث والنوادر المروية عن سهل تدل على ذكائه، وفطنته وخفه روحه، وصدق الجاحظ إذ يقول: إنه كان سهلا في نفسه تحكم له برقة الذهن ودقته، فهو فكه، وهو لسن شديد العارضة، وفي لهجة لسانه وأسلوب منطقه ما يجعلنا نحس الصلة الشديدة بينه، وبين الجاحظ، إذ يعد امتدادا -من بعض الوجوه- لهذا اللسان ونموا لهذا القعل وما طوى فيه من حجاج وجدل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الفهرست "طبعة القاهرة" ص 174.
2- زهر الآداب 2/ 258.
3-البيان والتبيين 1/ 52.
4-معجم الأدباء "طبعة القاهرة" 11/ 267.    

5-الحيوان 3/ 466، 5/ 603 والبيان والتبيين 3/ 352.
6- شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون "طبعة دوزي" ص 243 وما بعدها.
7- البيان والتبيين 1/ 346.
8- معجم الأدباء 11/ 267.
9-البيان والتبيين 3/ 29.
10-الفهرست ص 174.
11- زهر الآداب 2/ 258 وسرح العيون "طبعة المطبعة الوطنية" ص 132.
12- عتيق الوجه: جميل.
13- الفدامة: العي.
14- البيان والتبيين: 1/ 89.
15- الفهرست ص 174.
16-البيان والتبيين 1/ 238 والحيوان 7/ 202.  

17-الحيوان 3/ 66.
18-سرح العيون ص 133.
19- الحيوان 2/ 374 وانظر سرح العيون ص133.
20- سرح العيون ص 134.
21- نفس المصدر ص 134.
22- سرح العيون ص 134.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.