أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-11
1503
التاريخ: 2023-05-06
1755
التاريخ: 2023-05-11
1217
التاريخ: 2024-11-08
183
|
لقد سار الجلائريون على النظم التي كانت قائمة في البلاد ولم يضيفوا شيئاً جديدا إلى ما كان عند اسلافهم من النظم الإدارية والحضارية والاقتصادية. وبشكل عام كان الجهاز الإداري مضطربا يسوده الانحلال، ويعزى ذلك إلى الحروب بين الجلائريين والحكومات المجاورة، وهجمات تيمور لنك المتواصلة على العراق التي لم تفسح المجال للحكام في التفكير بإصلاح جدي، زيادة على عوامل اخرى منها ارتباك الإدارة وقلة الكفاءة. والضبط بين الموظفين ادت دورها في عدم رسوخ السلطة الجلائرية في المدن جميعا. وكان العراق يشكل القسم الاكبر والاهم من الدولة ومن ثم اصبحت بغداد مركزا للدواوين ومقرا للحكومة مدة اطول مما كانت عليه العاصمة تبريز، وهذا ما يوضح ازدياد اهمية بغداد في العهد الجديد، فقد كانت مقرا للسلطان الجلائري عندما يكون في العراق، أو لنائبه إن غاب عنها، ومقرا للوالي والديوان، حينما انتقلت العاصمة إلى تبريز 1358-1386. لم تستمر التقسيمات الادارية التي كانت في العراق خلال العصر الايلخاني خلال هذا العصر، والواقع انها اضمحلت منذ العهد الايلخاني، فقد استغل ولاة بغداد سلطاتهم في ابتزاز الاموال لاسترضاء السلطان واهملوا شؤون الادارة، وعملت الفتن وحوادث الشغب بين الموظفين الى عدم ثباتهم، يضاف الى ذلك ان تولية المنصب الاداري لم يكن يلتزم نسقا ثابتا بل عرضة للأهواء الشخصية. ان عدم وجود مصادر مدونة عن العهد الجلائري، أو انها دونت لكنها لم تصل الينا جعلنا نجهل الكثير عن مناطق الادارة وطريقة ادارتها. ولكننا نستطيع القول ان نفوذ السلطان عندما يكون مقره في بغداد كان يشمل الولايات الثلاثة: وهي العراق العربي وديار بكر وكردستان وكانت الولايتان الاخيرتان تدار من قبل الحكام الذين يعينهم السلطان مباشرة أو من قبل بعض الاسر وامراء القبائل الموالية له. لقد كانت سلطة والي بغداد محدودة وليس له أي سلطة ادارية أو غيرها على الولايات الاخرى، ويكون ارتباطها بالعاصمة تبريز. وكان السلطان يعين الحكام على جميع الولايات التابعة له، وكان لكل من العراق العربي وديار بكر وكردستان حاكم خاص. وكان على رأس الادارة في الولاية موظف يسمى الوالي أو الحاكم أو الامير، وكانت كل ولاية تضم مجموعة من المدن يتبع كلا منها عدد من القرى والارياف ويقال للمدينة وتوابعها اعمال. وكانت مساحة هذه الاعمال وعدد القرى التابعة لها غير ثابتة، ولم يكن تقسيمها يستند على اسس طبيعية أو جغرافية، بل كانت تحدد لتحقيق اغراض اقتصادية منها جباية الضرائب والموارد الحكومية. وان اخبار حكام هذه المدن وموظفي ادارتها والعلاقة بينهم وبين حكام المدن والقرى الصغيرة التابعة لهم غامضة، ولم يصلنا شيئا منها. لقد شاع خلال حكم الجلائريين، اسلوب الإدارة بطريقة (المقاطعات والضمان)، وبموجبه يفوض الديوان حكم احدى الولايات أو المدن إلى الضامن) وعادة يكون صدر الديوان (الوزير) في الولاية أو الحاكم، مقابل تأدية مبلغ معين من المال، ويقوم الحاكم باستحصال الضرائب المقررة في منطقته محتفظا بالزيادة لنفسه، وكانت تناط بالضامن، هذا النظام شؤون الولاية ولاسيما اقرار الامن وتشجيع الزراعة، وهو مسؤول عن تعيين عمال أو نواب عنه في المدن الواقعة في منطقة الضمان واتبعت طريقة اخرى تقوم على إدارة الولايات بما عرف ب (أمانت) وبموجبها يعهد إلى أحد المقربين من السلطان أو حكام الاطراف بحكم احدى المناطق والمدن بشكل ( عهدة أو امانة) مدة معينة، وله راتب من الديوان، ويكون على هذا المسؤول ضبط الامن والنظام في منطقته، وفي كل منطقة ادارية من مناطق البلاد، وفي كل مدينة ديوان خاص أو عدد من الموظفين يمثلون ديوان بغداد عرفوا باسم الحكام أو المتصرفين والعمال. أما السلطة العسكرية في بغداد وبقية مدن العراق، فكان على راسها موظف يسمى (داروغة) - وتعني الرئيس أو الحافظ- وهو في سلطته وصلاحياته اشبه بالحاكم العسكري في العصر الحاضر، ويساعده في اعماله الشحنة. لقد برزت في هذا العصر عدد من الدواوين وهي: ديوان السلطنة: وهو من اهم الدواوين ويسمى رئيسه نائب الديوان، وعمله مراقبة وتنظيم الاعمال الخارجية والداخلية في البلاط، ويعنى بالأمور المرتبطة بالسلطان واهله واملاكهم وشؤونهم، وكان للسلطان واسرته أملاك واسعة في البلاد يعين عليها وكلاء ونظار يتولون إدارة شؤنها، ويرسلون العوائد إلى السلطان. الديوان الكبير أو ديوان الوزارة: كان السلطان يختار الوزير، ويصدر مرسوما بتعيينه ولقد اخذ الجلائريون بنظام الوزير الواحد. ديوان الاستيفاء: وهو يتبع الديوان الكبير، ويرأسه مستوفي الملك الذي يختاره السلطان والمستوفي موظف من كتاب الأموال والدواوين عمله ضبط الديوان التابع له، والتنبيه على ما فيه مصلحته من استخراج أمواله، ونحو ذلك ومن المستوفين: مستوفي الصحبة، وهو يشارك الوزير ويعاونه في الامور العامة مثل كتابة المراسيم وتسجيلها، ومثله في النفوذ مستوفي الدولة، ولكل ديوان من دواوين الدولة ناظر وتحته المستوفي. ويقوم المستوفي بضبط مصادر المال وكيفية الدخل ووجوه الانفاق وله نواب ينتشرون في جميع انحاء البلاد لإدارة الشؤون المالية بها. ويشرف ديوان الاستيفاء على امور الموظفين في مختلف الدواوين وترعى الحكومة امور موظفيها في حياتهم، وبعد مماتهم تقوم برعاية اولادهم. ديوان الاشراف: ويسمي رئيسه مشرف الممالك، ويختاره السلطان ويكون مطلعا على كل الاعمال، وتحت رئاسته عدد من المشرفين الذين يشغلون بالنظر في الدواوين المختلفة، ويطلعون الحكومة على اخبار الموظفين واعمالهم. ديوان الغ بيتكجي: ليس لدينا معلومات كافية عنه، ورئيس هذا الديوان هو مثل سائر رؤساء الدواوين الأخرى يختاره السلطان، ومهمة هذا الديوان هو النظر في الامور المالية. ديوان الانشاء: وهو واحد من اهم دواوين المملكة يدون ويجمع كل القرارات والوثائق السياسية والادارية ووسائل السلاطين والوزراء وسائر الشخصيات الهامة. ديوان النظر: ووظيفة هذا الديوان مثل ديوان الاستيفاء والاشراف بشان التفتيش على مختلف الأمور، ويعتبر مكملا لهما، ويقوم. هذا الديوان بضبط امور الديوان الكبير وتدبير المال وتمويل الخزانة ونفقات الامراء واصحاب الديوان وله نواب ينتشرون في مختلف الولايات، ويسمى. عمالته نظار. والنظار يشاركون الوزير في اعماله، ولقد تنوعت القاب هؤلاء بحسب الاعمال التي ألت إليهم، فناظر الجيش هو الذي يعنى بأموال الجيش، وينظر في حسابها، وناظر الخاص هو الذي ينظر في خاص اموال السلطان، وناظر الدولة عمله مشاركة الوزير في التصرف عامة والنظر في المالية وارزاق اصحاب القلم من الموظفين خاصة واسمه أيضاً ناظر الدواوين، وهناك احيانا ناظر النظار أو صاحب الشريف، ومقره ديوان النظر، ويعاونه في اعماله متولي الديوان، وهو ثاني رتبة الناظر. ديوان القضاء: كان القضاء حسب الشريعة الاسلامية بالنسبة للمسلمين، وحسب القوانين المغولية بالنسبة للمغول. وكانت اللغة العربية مستخدمة في كل القوانين إلى أن جاء الجلائريون فجعلوا القوانين باللغة التي يتحدث بها اهل الولاية أو الاقليم، فاستخدمت اللغة العربية بالنسبة للبلاد التي تنتشر فيها العربية واللغة الفارسية بالنسبة للنواحي التي تنتشر فيها الفارسية، واللغة المغولية بالنسبة للقبائل المغولية. وتمركزت التشكيلات القضائية في جميع انحاء المملكة تحت اشراف ديوان القضاة. بلا شك أن الحروب والمنازعات الكثيرة كان لها اثر كبير على الناحية الاقتصادية في البلاد، فقد فرض الحكام الضرائب حتى يتمكنوا من تغطية نفقات الجيوش التي كانوا يخوضون بها حروبهم ومعاركهم، وقد اتاح هذا الوضع لموظفي الدولة ممارسة الظلم في معاملة الناس وتحصيل اكبر قدر ممكن من الاموال لمنفعتهم الشخصية. والضرائب التي كانت تحصل نوعان:
1- ضرائب مقررة: وهي تحصل بواسطة ديوان الاستيفاء، وتشكل عائدا لخزانة الديوان.
2- ضرائب شرعية: وهي تحصل بواسطة رجال الدين وتشكل عائدا لبيت المال. هذا فضلا عن ضرائب اخرى تتمثل في الهدايا والرشاوى التي كانت تقدم للمحصلين على هيئة عينية أو نقدية. كما كانت ضرائب التمغاجي على النجارين والحدادين والحوانيت، وهي تجبى بواسطة حكام التمغا كما كانوا يسمون في العصر الايلخاني وما بعده. لم تدم حقبة الاستقرار التي شهدها الحكم الجلائري طويلا، ودخلت البلاد عهد من الاضطراب والفتن وتسلط الامراء على شؤون الحكم، وتحول العراق إلى ميدان للحروب الاهلية كانت فاتحتها اندلاع النزاع بين السلطان جلال الدين حسين (1384-1392) واخويه الشيخ علي حاكم بغداد واحمد حاكم البصرة، وتواصل النزاع حتى بعد مصرع السلطان، واشترك فيه الاخ الرابع بايزيد، وما أن تمت التسوية في 1383م بمقتل الشيخ علي واقتسام ممتلكات الدولة بين بايزيد وله منطقة الجبال والسلطان احمد الذي تملك منطقة العراق حتى تعرضت البلاد إلى تهديد خطير نتيجة الغزوات التيمورية للعراق، وكان على بغداد أن تواجه عدة هجمات في اوقات متقاربة 1393 و1401-1402)، وتمخضت عن ذلك نتائج سلبية في اوضاع العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية، فقد أودى الصراع الاسري الجلائري، ثم الغزو التيموري بحياة عدد كبير من الناس، وتسبب في تشريد عدد آخر وتهجير اصحاب الخبرات العلمية والحرفية إلى بلاد ما وراء النهر، ورافق ذلك اضطراب كبير كان له تأثير كبير في تدهور النشاطات الاقتصادية والفكرية والعمرانية، واضطربت الإدارة، وفقدت السلطة سيطرتها على كثير من المدن التي اعلنت استقلالها وصار نفوذ السلطان الجلائري لا يتعدى المدن القريبة من بغداد، ونتيجة للتدهور الاقتصادي، وقلة موارد الدولة كان السلطان يمنح إدارة هذه المدن إلى ابنائه وأمرائه الذين يطمئن لولائهم، وشمل هذا النمط من الإدارة الذي هو ضرب من ضروب الاقطاع، مدن الحلة ومندلي وبعقوبة وتكريت وغيرها. وكما اتسم الجهاز الإداري في العهد الجلائري في مراحله الاخيرة عامة، بالضعف والارتباك وقلة كفاية الموظفين وانعدام الضبط بينهم، وعجز في اوقات كثير عن توفير الامن وحماية الطرق خارج المدن الكبيرة، وافتقد المواطنون الحماية، وتعرضوا في حالات كثيرة إلى النهب وهجمات قطاع الطرق، ولم يشرك الجلائريون سكان البلاد في الإدارة، فلا عجب أن ينهار حكم هذه السلالة على يد قوة تركمانية عرفت باسم دولة الخروف الاسود (قره قوينلو)، حينما نجح زعيمها قره يوسف في دحر السلطان احمد الجلائري الذي لقي مصرعه وهو يحاول الفرار في 831هـ - 1410م وفي السنة التالية دخلت قوات قره يوسف بغداد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|