المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الخبز أرزي
29-12-2015
حق الزوج والزوجه في الإرث
20/11/2022
مؤثّرات في العمل الصالح
10-10-2014
الظاهرة السبئية
18-3-2016
موسى بن جعفر بن خضر بن محمد يحيى كاشف الغطاء.
20-7-2016
تنزيه نوح عليه السلام عن الكذب
14-11-2017


أبو بكر الخوارزمي  
  
3049   04:08 مساءً   التاريخ: 5-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في النثر العربي
الجزء والصفحة : ص230-233
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2016 8105
التاريخ: 21-06-2015 3304
التاريخ: 26-06-2015 3322
التاريخ: 12-08-2015 2146

كان أبو بكر كاتبًا كبيرًا، كما كان شاعرًا كبيرًا أيضًا، وهو ابن أخت محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ المعروف(1)، وأصله من طبرستان، ومولده ومنشؤه خوارزم(2)، وإليها ينسب، وقد فارقها في ريعان عمره وحداثة سنه، وهو قوي المعرفة، قويم الأدب، نافذ القريحة، حسن الشعر، ولم يزل يتقلب في البلاد، ويدخل العراق والشام، ويأخذ عن العلماء، ويقتبس من الشعراء، ويستفيد من الفضلاء، حتى تخرج وخرج فرد الدهر في الأدب والشعر، ولقي سيف الدولة وخدمه، واستفاد من يمن حضرته، ومضى على غدوائه في الاضطراب والاغتراب، وشرق بعد أن غرب، وورد بخارى.... ووافى نيسابور ... ثم قصد سجستان.. ثم إنه عاود نيسابور، وأقام بها إلى أن وفق التوفيق كله بقصد حضرة الصاحب بن عباد بأصبهان، ولقائه بمدحه، فأنجحت سفرته، وربحت تجارته، وسعد جده بخدمته، ومداخلته، والحصول في جملة ندمائه المختصين به، فلم يخل من طل إحسانه و وابله، وغامر إنعامه ونائله، وتزود من كتابه إلى حضرة عضد الدولة بشيراز ما كان سببًا لارتياشه ويساره، فإنه وجد فيها قبولًا حسنًا، واستفاد منها مالًا كثيرًا، ولما انقلب عنها بالغنيمة الباردة إلى نيسابور استوطنها، واقتنى بها ضياعًا وعقارًا، ودرت عليه أخلاف الدنيا من جميع الجهات، وحين عاود شيراز ورد منها عللًا بعد نهل، فأجرى له عند انصرافه رسم يصل إليه في كل سنة بنيسابور مع المال، الذي كان يحمل من فارس إلى خراسان، ولم يزل بحسن حال ... يقيم للأدب سوقًا، ويعيده غضا وريقًا، ويدرس ويملي، ويشعر ويروي، ويقسم أيامه بين مجالس الدروس ومجالس الأنس، وكان يتعصب لآل بويه تعصبًا شديدًا، ويغض من سلطان خراسان، ويطلق لسانه بما لا يقدر عليه(3)، وتعصب الخوارزمي للبويهيين طبيعي لما ذكره الثعالبي من تكريمهم له وبذلهم، على أن ذلك كان سببًا في أخذه، وحبسه واستخراج بعض المال منه إلا أنه احتال يومًا، وهرب إلى حضرة الصاحب متنكرًا، واستمر عنده حتى تولى الوزارة في خراسان صديقه أبو الحسن المزني، فاستدعاه وأكرم مورده ومصدره، وكتب إلى نيسابور في رد ما أخذ منه عليه، ففعل، وزادت حالته، وثبت قدمه، ونظر إليه ولاة الأمر بنيسابور بعين الحشمة، والاحتشام، والإكرام والإعظام، فارتفع مقداره، وطاب عيشه(4)، ويظهر أنه كانت بنيسابور جماعة مستوحشة منه جدًا، فاستغلوا الفرصة حين وفد بديع الزمان على بلدتهم في أخريات أيام الخوارزمي، وعقدوا مناظرات بينهما، وأعانوا البديع عليه(5)، ولم يحل الحول حتى توفي، وكانت وفاته سنة 383 هـ، ومولده سنة 323 هـ(6).
ويبالغ بديع الزمان في وصف هزيمته للخوارزمي حين دعى لمناظرته. على أنه ينبغي أن نتلقى هذه المبالغة بشيء من الاحتياط؛ لأن البديع هو الذي رواها في رسائله من جهة(7)؛ ولأن الخوارزمي كان له خصوم في نيسابور، وقفوا ضده فيها من جهة أخرى، ولعل صاحب اليتيمة كان دقيقًا في حكمه حين قال في ترجمة بديع الزمان: ثم شجر بينه، وبين أبي بكر الخوارزمي ما كان سببًا لهبوب ريح الهمذاني، وعلو أمره، وقرب نجحه، وبعد صيته، إذ لم يكن في الحسبان والحساب أن أحدًا من الأدباء والكتاب، والشعراء ينبري لمباراته، ويجترئ على مجاراته، فلما تصدى الهمذاني لمساجلته، وتعرض للتحكك به، وجرت بينهما مكاتبات، ومقامات، ومناظرات ومناضلات، وأفضى السنان إلى العنان، وقرع النبع بالنبع(8)، وغلب هذا قوم، وذاك آخرون، وجرى من الترجيح بينهما ما يجري بين الخصمين المتحاكمين، والقرنين المتصاولين، طار ذكر الهمذاني في الآفاق، وارتفع مقداره عند الملوك والرؤساء، وظهرت أمارات الإقبال على أموره، وأدر له أخلاف الرزق، وأجاب الخوارزمي داعي ربه، فخلا الجو للهمذاني، وتصرفت به أحوال جميلة(9)، فصاحب اليتيمة يرى أن نجاح البديع في هذه المناظرات، لم يجئ من أنه انتصر على الخوارزمي، وإنما جاء من أنه استطاع أن يثبت له، وسرعان ما أتى الحادث المفاجئ، فتوفي الخوارزمي، وخلا الجو للبديع.
ومهما يكن، فقد كان الخوارزمي من كبار الأدباء في عصره، روى ابن خلكان أنه استأذن على الصاحب في أرجان، وهو لا يعرفه، فقال لحاجبه: قل لهذا المستأذن قد ألزمت نفسي أن لا يدخل علي أحد من الأدباء، إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر الخوارزمي: ارجع إليه، وقل له هذا القدر من شعر الرجال، أم من شعر النساء؟ فدخل الحاجب، فأعلم الصاحب بما قال، فقال الصاحب: هذا يكون أبا بكر الخوارزمي(10)، والحق أن أبا بكر كان أستاذًا كبيرًا في عصره، ولعله من أجل ذلك أسند إليه منصب تخريج التلاميذ في نيسابور(11)، ويظهر أنه كان متشيعًا غالبًا في تشيعه، ففي رسائله رسالة شيعية صب فيها جام غضبه على الخلفاء من الأمويين والعباسيين(12)، وإن من يرجع إلى رسائله يجدها تستحوذ على خصائص مذهب التصنيع لعصره في صورة بالغة من السجع، والبديع، وانظر إليه يكتب إلى أبي علي البلعمي لما طال عتبه، وكثرت رقاعه(13):
الكريم -أيد الله تعالى الشيخ- إذا قدر، غفر، وإذا أوثق أطلق، وإذا أسر أعتق، ولقد هربت من الشيخ إليه، وتسلحت بعفوه عليه، وألقيت ربقة حياتي ومماتي بيديه، فليذقني حلاوة رضاه عني، كما أذاقني مرارة انتقامه مني، ولتلح على حالي غرة عفوه، كما لاحت عليها مواسم غضبه، وسطوه، وليعلم أن الحر كريم الظفر إذا نال أقال، وأن العبد لئيم الظفر، إذا نال استطال، وليغتنم التجاوز عن عثرات الأحرار، ولينتهز فرص الأقدار، وليحمد الله تعالى الذي أقامه مقام من يرجى، ويخشى، وركب نصابه في رتبة شاب الزمان ومجدها فتي، وأخلق العالم وذكرها طري، فجعله في الميلاد كريمها، وسليلها، وفي الرتبة قدوتها وجليلها، وليعتقد أنه قد هابه من استتر، ولم يذنب إليه من اعتذر، وأن من رد عليه عذره، فقد خرج إلى الشجاعة بعد الجبن، وأخرج ذنبه إلى صحو اليقين من سترة الظن، وفق الله تعالى الشيخ لما يحفظ عليه قلوب أوليائه، وعصمه بما يزيد به في جماجم أعدائه، وليس بين الموالاة والمعاداة، إلا لقية بشعة، أو لفظة قذعة.وأنت ترى في هذه الرسالة، أن الخوارزمي يعتمد على السجع اعتمادا يشبه ما رأيناه سابقًا عند ابن العميد، والصاحب، فهو ينتخب لفظه كما ينتخب أسجاعه، وهو يعني بالسجع القصير، حتى لا يطول الزمان على الأذن، فتخرج من الجو الموسيقي الذي يريده الكاتب، وقد يأتي بالسجع الطويل، ولكنه يحدث فيه من المعادلات الداخلية ما يعود به قصيرًا، كقوله: وليعلم أن الحر كريم الظفر إذا نال أقال، وأن العبد لئيم الظفر، إذا نال استطال، فإن هاتين السجعتين طويلتان في الظاهر؛ ولكنك إذا تأملتهما وجدتهما تنحلان إلى أربع سجعات، ففيهما سجعتان داخليتان، وكان يلجأ إلى ذلك كثيرًا في رسائله، وهو لا يلجأ إلى السجع وحده، كما نرى في تلك الرسالة، بل نراه يلجأ إلى ألوان البديع وخاصة لون التصوير، ولون الطباق حتى يرصع سجعه ترصيعًا، وكان يعنى أيضًا بلون الجناس، ولكنها عناية أقل من عنايته بالطباق، ومن أمثلة جناسه قوله في مطلع إحدى رسائله: وعد الشيخ يكتب على الجلمد، إذا كتب وعد غيره على الجمد، ولكن صاحب الحاجة سيئ النظر بالأيام، مريض الثقة بالأنام(14)، وقوله في أخرى: ورد على خبر وفاة فلان، فدارت بي الأرض حيرة، وأظلمت في عيني الدنيا حسرة، وملك الوله والوهل قلبي وساوس وفكرة، وتذكرت ما كان يجمعني، وأباه من سكرى الشباب، والشراب(15)، وعلى هذا النحو كان الخوارزمي يعتمد في تصنيعه على ما عرف عند ابن العميد، وتلامذته من سجع وبديع، وإنه ليحاول أن يبلغ من ذلك أوسع درجة ممكنة من الحلية، فهو يقصر سجعه، وهو يخلع عليه ضروبًا من الرشاقة بفضل ما يلجأ إليه من الصور والجناس والطباق، وكل ذلك ليجلب أبدع ما يمكن من طرف، وتحف في هذا الباب، وإن الإنسان ليحس عنده حقًا بأن التصنيع قد وصل إلى غايته من التجميل، فكل عبارة كأنها زخرف مستقل بما تحمل من وشي البديع وزينته، وإنه ليتطرف في ذلك تطرفًا ينتهي به إلى ظهور بعض سمات التصنع في كتابته.
 
 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وفيات الأعيان 1/ 523.
2-اليتيمة للثعالبي طبع الصاوي 4/ 192 .
3- اليتيمة 4/ 195.
4- اليتيمة 4/ 196.
5- اليتيمة 4/ 196.
6- اليتيمة 4/ 196 وانظر وفيات الأعيان 1/ 523. 
7- انظر هذه المناظرات في رسائل بديع الزمان طبع بيروت سنة 1921 ص 28، وما بعدها.
8-النبع: شجر للقسي والسهام.
9- اليتيمة 4/ 241.
10- وفيات الأعيان 1/ 523
 11-في رسائل الخوارزمي ما يدل على كثرة تلاميذه، فهو يراسلهم، ويوصي بهم الأمراء والرؤساء، انظر الرسائل طبع الجوائب ص10، 12، 37، 50، 75، 94، 98، 119، 124، 155، 159، 180.
12-رسائل الخوارزمي ص130.
13-رسائل الخوارزمي ص96.
14- رسائل الخوارزمي ص12، والجلمد: الصخر، والجمد: الثلج.
15-نفس المصدر ص15.
 
 
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.