أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2016
1622
التاريخ: 9-11-2016
2932
التاريخ: 9-11-2016
1290
التاريخ: 9-11-2016
2079
|
فقد كان الفرد متعصباً لقبيلته في البادية والحاضرة، وكانت القبيلة شديدة التعصب لأفرادها، وقد استمرت هذه الروح التعصبية في الإسلام على الرغم من محاولة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القضاء على التعصب القبلي الأعمى الذي كان يسيطر على الحياة الاجتماعية أملًا في إيجاد وحدة أممية مشتركة بين المسلمين بقطع النظر عن مصلحة القبيلة أو العشيرة أو البطن أو الفخذ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضِ﴾ (سورة الأنفال: آية 72)، وقال: ﴿ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ (سورة التوبة: آية 11)، وفي القرآن والحديث أقوال كثيرة تنهى المسلمين عن العودة إلى العصبية القبلية الجاهلية المقيتة، وقد استطاع الرسول وخلفاؤه الراشدون؛ وخصوصا أبا بكر وعمر أن يقصوا العرب عن هذه الروح، ولكن هذا لم يدم طويلًا ، فرجع الوضع إلى ما كان عليه في الجاهلية بعدهما. كان العرب في الجاهلية يعتبرون القبيلة هي المرجع الأساسي الذي يرجعون إليه في الدفاع عن حقوقهم، والاستنصار على عدوهم والتعاون على أعداء بني قبيلتهم سواء كان مُحِقًا أو مبطلا، ولم يكن الدين ليحول بين هذا التناصر ، ولما قدم الرسول بدعوته نصره كثير من قرابته لا لأنهم آمنوا به وصدقوه في دعوته حقًّا بل انتصارًا له؛ لأنه فرد من أفراد قبيلتهم، وبذلك استطاع أن يبقى في مكة على الرغم من شدة خصومه عليه، وكان شذوذ عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد العزي الملقب بأبي لهب شذوذاً فرديًّا، على أن ابن هاشم يروي أبا لهب قد ثارت عصبيته لأخيه أبي طالب، وهدد زعماء قريش بأنه سينضم إلى أخيه إذا هم لم يحترموا شيخوخته وجواره، وأنه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موت أبي طالب، وقال له امض لما أردتَ ، وما كنتَ صانعا إذ كان أبو طالب حيًّا فاصنعه، وحلف له بأنه لا يُوصل إليه حتى يموت(1)وقد أقر الإسلام بعض تقاليد الجاهلية التي تمت إلى العصبية القبلية بسبب، فمن ذلك أنه أبقى لولي القتيل حقه في طلب دم صاحبه؛ قال تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ (سورة الإسراء: آية (33)، ولا يُشترط في هذا الولي أن يكون ابن القتيل أو أخاه أو من ذوي قُرباه، بل ربما كان شيخ القبيلة، أو رئيس العشيرة، ومن ذلك حق «العقل»، وهو توزيع دية القتيل على القبيلة بسبب الصلح أو القضاء، كما أن مستحقي حق العقل هم الذين يجب عليهم الدفع فيما لو انعكست الآية، ومن ذلك بعض حقوق الميراث وحقوق أولي الأرحام واليتامى والمساكين في الأسرة وقد كانت للعصبية القبلية درجات يتلو بعضها بعضا، فأولها العصبية للأسرة، ثم العصبية للقبيلة، ثم العصبية للأحلاف؛ أما العصبية للأسرة: فقد رأينا بعض أحوالها فيما سبق، وأما العصبية للقبيلة فتتجلى في أن أفراد القبيلة الواحدة تتضامن أمام القبائل الأخرى في الحروب أو المصالح المشتركة، وتتعاون في المغانم والمغارم، وأما العصبية للأحلاف فهي أن يتعصب الفرد لأحلاف قبيلته، فيحارب معهم ويتعاون وإياهم ويتحمل تبعة أعمالهم، ومن أمثلة ذلك ما يُروى من أن بعض يهود المدينة كانوا أحلافًا للأوس وبعضهم كان أحلافًا للخزرج، وكان كل فريق ينصر حليفه، وقد استمر هذا إلى ما بعد الإسلام وإليه الإشارة في الآية: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الله في شَيْءٍ﴾ (سورة آل عمران: آية 28)، وتحالف اليهود مع قريش ضد النبي فكونوا حزبًا واحدًا مقابل الجبهة الإسلامية. وقد كان لهذه الأحلاف والأحزاب طُرُق مُتَّبعة في عقدها وفي فسخها، ومما يلحق بالعصبية القبلية عصبيات أخرى يمكننا إجمالها فيما يلي: عصبية الولاء، وعصبية الجوار، وعصبية الأجيال، أما عصبية الولاء: فهي أن يلحق فرد أو بطن أو فخذ أو قبيلة بقبيلة أخرى فيكونون مواليهم، ويقطعون صلاتهم بقبيلتهم السابقة، وليس هذا الولاء كولاء الرق والعبودية، ولكنه ولاء الاستنصار والاعتزاز والتقوى، وقد كان لهؤلاء الموالي كافة الحقوق التي للقبيلة، وأما عصبية الجوار: فهي أن يلتحق فرد أو بطن ضعيف بآخر قوي، ويستجير به، ويطلب حمايته، ودفع الظلم عنه، فإذا قبل المستجار ذلك أعلنه في المواسم على الأشهاد، وأصبح المستجير في حِمَى المجير كأنه فرد من أفراد عشيرته، ويظل حق الجوار محفوظا إلى أن يتخلى المستجير عنه على الملأ، وأما عصبية الأجيال: فهي التعصب للتقاليد والموروثات التي وصلت إلى الأخلاف عن الأسلاف من أمور الدين والدنيا وتقاليدها، وقد تجلى هذا واضحًا في عزوف كثير من عرب الجاهلية عن الدعوة الإسلامية لبعض التقاليد الموروثة لا غير، ولما قوي أمر الإسلام ودخل العرب في دين الله، وجاء نصر الله والفتح أبقى الرسول جزءًا من هذه التقاليد التي كان يتعصب لها العرب؛ لتغلغلها في النفوس من جهة، وعدم معارضتها للمبادئ الإسلامية الرئيسية كبعض تقاليد الحج من رمي الجمار والطواف بين الصفا والمروة واستلام الحجر الأسود وتقبيله والوقوف بعرفة، وذبح الضحايا والقرابين وتحريم لبس المخيط وتحريم الصيد، ومن تقاليد الأجيال التي نص عليها الإسلام؛ حرمة الأشهر الحُرُم ، والإبقاء على الرضيعة، والتسري بالإماء بدون تحديد والزواج بأربعة نساء. ومما حرمته من تقاليد الأجيال: الزواج بامرأة الأب، والجمع بين الأختين، والزنا، والسفاح، والمخادنة، وطواف العاري حول الكعبة، والذبح على الأنصاب والأزلام، واعتزال النساء في المحيض، ودخول الرجال إلى بيوت النساء بدون إذنهن، والتبرج وكشف الزينة لغير المحارم، والتبني.
.......................................
1- ابن هشام 323:1.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|