المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

ذهاب السيدة زينب إلى المعركة
6-12-2017
الهيكل التنظيمي للمجلة
21-8-2021
خطوات التخطيط الإعلامي- اختيار الوسائل
13-9-2020
ري أشجار اللوز
2023-12-03
قواعد اخراج الفضاءات
17-8-2021
word-formation (n.)
2023-12-07


مقارنة نموذجية بين قراءة حفص وقراءات تخالفها  
  
7460   06:55 مساءاً   التاريخ: 10-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج1 ، ص393-414 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / القراء والقراءات / رأي المفسرين في القراءات /

كانت ولا تزال قراءة عاصم ـ برواية حفص ـ هي القراءة المفضّلة ، والتي تقبّلها جمهور المسلمين في جميع الأدوار والأعصار ، وفي جميع البلدان والأمصار ؛ وذلك لميّزات كانت فيها .

الميّزات أهمّها :

إنّ عاصماً جمعَ بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد ... الأمر الذي خُصَّ به الوصفُ في كتُب تراجم القرّاء (1) ... كما اختصّ بعلوّ الإسناد وارتفاعه إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بواسطة واحدة ، هو التابعيّ الكبير أبو عبد الرحمان عبد الله بن حبيب السلمي ... وكانت قراءة الإمام هي قراءة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بلا شكّ ، عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ ، فكانت هي الحجّة المعتبرة .

وحفصٌ كان أتقن أصحاب عاصم وأعلمهم بقراءته ... قال ابن معين : الرواية الصحيحة التي رُويت من قراءة عاصم ، رواية حفص بن سليمان (2) .

قال الشاطبي : ... وحفصٌ ... وبالإتقان كان مفضّلاً (3) .

وفي العَرْض التالي مقارنة نموذجيّة بين هذه القراءة وسائر القراءات التي تخالفها ؛ ليتبيّن مدى قوّتها وإتقانها حسب المقاييس أيضاً ، فضلاً عن قوّة السند وإتقان المأخذ كما عرفت .

ملتقطات في هذه المقارنة

وإليك ملتقطات من ذلك حسب ترتيب السوَر :

فمِن سورة الفاتحة :

{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة : 4] .

قرأ عاصم والكسائي : ( مالك ) بالألف ، وقرأ الباقون بغير ألف .

وهكذا روى العيّاشي بإسناده إلى الحلبي : أنّ الإمام أبا عبد الله الصادق ( عليه السلام ) كان يقرأ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) . والظاهر أنّه ( عليه السلام ) كان ذلك دأبه ، نعم ، كان كثيراً ما يقرأ بغير ألف أيضاً ؛ لِمَا رواه العيّاشي بإسناده عن داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقرأ ما لا أُحصي ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بغير ألف (4) .

غير أنّ في نسبة ( مَلك ) بغير ألف إلى الإمام ( عليه السلام ) نوع خفاء ، إذ لعلّه كان يميل بالألف ، كما هي عادة العرب في اللهج بالألِفات المشالة غير المقلوبة عن الواو أن يتلفّظوا ممالةً إلى الياء تقريباً ، بحيث ربّما لا يُحسُّ بقراءة الألف عند السامع ، فحسب الراوي أنّه ( عليه السلام ) قرأ بغير ألف .

والظاهر جواز القراءة بالوجهين ، وإن كان الأرجح قراءة الألف ؛ لكونها هي المحفوظة في صدور المسلمين عامّتهم وخاصّتهم ، ممّا يدلّ على أنّها هي الأصل المأثور متواتراً ... ولأنّ الإمام ( عليه السلام ) كان يتداوم عليها ، وإن كان قد يقرأ بغير ألف أحياناً ، ولعلّ الثانية كانت للموافقة مع قرّاء الحجاز ( مكّة والمدينة ) آنذاك (5) .

وقد رجّح الأخفش قراءة الألف ؛ لأنّ ( مالكاً ) يضاف في اللّفظ إلى سائر المخلوقات ( أي جميعها ) يقال : مالك الناس والجنّ والحيوان ، ومالك الرياح والطير وسائر الأشياء ، ولا يقال مَلك ... قال : فلمّا كان ذلك كذلك كان الوصف بالمِلك ـ بكسر الميم ـ أعمّ من الوصف بالمُلك ـ بضمّ الميم ـ ؛ لأنّه يملك جميع ما ذكرنا وتحيط به قدرته .

قال أبو زرعة ـ تعقيباً على هذا الكلام ـ : قال علماؤنا : إنّما يكون المِلك ـ بالكسر ـ أبلغ في المدح فيما أُضيف إلى الله ، ممّا أُضيف إلى المخلوقين ؛ لأنّ أحدهم إنّما يملك شيئاً دون شيء ، والله يملك كلّ شيء (6) .

قلت : المُلك ـ بالضمّ ـ هو السلطة ، والأكثر كونها في السياسة الإداريّة لأُمّة أو رقعة من الأرض ، ومن ثمّ كان ملكوت السماوات والأرض بيده تعالى { لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } (7) .

والمِلك ـ بالكسر ـ أعمّ وأشمل ، وهو أساس المُلك ـ بالضمّ ـ ومنشأُه الأوّل ، وهو في المخلوق عرضيّ اعتباريّ ، وفيه تعالى أصيل حقيقيّ ؛ لأنّه تعالى إنّما مَلك الأشياء كلّها مُلكاً حقيقياً ، وفي غيره اعتباريّ محْض .

قال الراغب : المُلك ـ بالضمّ ـ ضبط الشيء المتصرّف فيه بالحُكم ، والمِلك ـ بالكسر ـ كالجنس للمُلك ـ بالضمّ ـ فكلّ مُلكٍ مِلكٌ ، وليس كلُّ مِلكٍ مُلكاً ، قال تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ } [آل عمران : 26] ، {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان : 3] ، وقال : {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ } [يونس : 31] ، {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا } [الأعراف : 188] ، وفي غيرها من الآيات .

ورُجّح ( مالِك ) على ( مَلِك ) بوجوه :

قال تغلب : إنّ مالكاً أبلغ من مَلِك ؛ لأنّه قد يكون المُلك على مَن لا يُملَك ، كما يقال مَلِك الروم وإن كان لا يملِكهم ، ولا يكون مالكاً إلاّ على ما يُملَك .

وقال آخر : إنَّ مالكاً أبلغ في المدح للخالق من مَلِك ، أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ؛ لأنّ مالكاً من المخلوقين يكون غير مَلك إلاّ واحداً في كثير ، وإذا كان الله مالكاً فهو مَلِك إطلاقاً .

قال الشيخ : والأقوى أن يكون ( مالِك ) أبلغ في المدح فيه تعالى ؛ لأنّه ينفرد بالمِلك ويملك جميع الأشياء فكان أبلغ (8) .

وقال أبو علي الفارسي : يشهد لِمن قرأ ( مالك ) من التنزيل قوله تعالى : {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار : 19]؛ لأنّ قولك : ( الأمر له ) و( هو مالك الأمر ) بمعنى ، ألا ترى أنّ لام الجرّ معناها المِلك والاستحقاق (9) .

ومن سورة البقرة :

{وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة : 9].

قرأ نافع وراوِياه : ( قالون ، وورش ) ، وابن كثير ، وأبو عمرو { وَمَا يخادعُونَ } ، واحتجّ أبو عمرو بأنّ الرجُل إنّما يخادع نفسه ولا يخدعها ، أي يحاول ذلك ولا يتحقّق منه .

وقرأ عاصم وراوِياه : ( شعبة ، وحفْص ) وسائر الكوفيّين وغيرهم : { وَمَا يَخْدَعُونَ } ، وحجّتهم في ذلك : أنّ الله أخبر عن المنافقين أنّهم يخادعون الله والذين آمنوا ... بقولهم : {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة : 8] فأثبتَ لهم مخادعتهم الله والمؤمنين .

فلو كان عقَّبه بأنّهم لا يخادعون الله والمؤمنين ، وإنّما يخادعون أنفسهم كان ذلك تنافياً في الكلام ، إذ كان قد نفى في آخر الكلام ما أثبته لهم في أوّله .

أمّا لو قُرئ بغير ألف كان قد أخبر أنّ المخادعة من فِعلهم ، لكنّ الخدع إنّما يحيق بهم خاصّة دون غيرهم من المؤمنين (10) .

توضيح ذلك : إنّ المخادعة هي محاولة الخدْع ، يجوز أن يقع ويجوز أن لا يقع ، قال تعالى : {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ} [الأنفال : 62] ، أمّا الخدع فهو تعبير عن تحقّقه ووقوع تأثير الخداع ، الأمر الذي ينفيه تعالى بالإضافة إلى نفسه والمؤمنين ، وإنّما يحيق المكر السيّئ بأهله .

وبذلك يتبيّن وَهْن احتجاج أبي عمرو ؛ لأنّهم لم يحاولوا خداع أنفسهم ، وإنّما وقع تأثير الخداع بأنفسهم من غير أن يكونوا أرادوه ، قال تعالى : {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ } [فاطر : 43] .

قال مكّي بن أبي طالب : وقراءة مَن قرأ بغير ألف أقوى في نفسي ؛ لأنّ الخِداع فِعل أنفسهم قد يقع وقد لا يقع ، والخدع فِعل وقع بلا شكّ ، فإذا قرأت : ( وما يخدعون ) أخبرتَ عن فِعلٍ وقع بهم بلا شكّ ، وأمّا إذا قرأت : ( وما يخادعون ) جاز أن يكون لم تقع بهم المخادعة ، فـ( يخدعون ) أمكَن في المعنى ....

قال أبو حاتم : العامّة عندنا على قراءة ( وما يخدعون ) (11) .

***

{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة : 10].

قرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : ( يكذبون ) بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد .

وقراءة التخفيف هي الأشبه بسياق الآية ؛ لأنّهم إنّما عوتبوا على كِذبهم ونِفاقهم ، ولم يكن ثمّة تكذيب في ظاهر الكلام {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } [المنافقون : 1] ، فقد صحّت قراءة التخفيف ؛ ليكون الكلام على نظام واحد (12) .

* * *

{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة : 61].

قرأ نافع وراوِياه ( قالون ، وورش ) : ( النبيئين ) بالهمز ... وهو من النبْر في القرآن المنهيّ صريحاً عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) .

روي أنّ رجلاً قال للنبي ( صلّى الله عليه وآله ) : يا نبيء الله ، فنهرَه وقال : ( لست نبيء الله ولكنّي نبيّ الله ) ، وفي رواية : ( إنّا معشر قريش لا ننبر ) .

ولمّا حجّ المهديّ العبّاسيّ قدّم الكسائي يصلّي بالناس ، فهمَز ، فأنكر عليه أهل المدينة وقالوا : إنّه ينبُر في مسجد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بالقرآن !! (13) .

وقد روى الصدوق بإسناده عن الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : تعلّموا القرآن بعربيّته ، وإيّاكم والنبْر فيه ـ يعني الهمْز ـ ) (14) .

قال الصادق ( عليه السلام ) : الهمز زيادة في القرآن ، إلاّ الهمز الأصلي مثل قوله تعالى : {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النمل : 25] وقوله : {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل : 5] وقوله : {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة : 72]) (15) .

وقرأ عاصم وسائر القرّاء : ( النبيّين ) على الأصل المعهود من لُغة قريش .

قال أبو محمّد مكّي بن أبي طالب : قرأ نافع وحده : النبئ ، والنبوءة ، والأنبئاء ، والنبيئين ـ بالهمز ـ في جميع القرآن ، إلاّ في موضعين من سورة الأحزاب (16) ، فإنّ قالون لم يهمزهما (17) ، وهذا الكلام يستدعي أنّ ورشاً تتبّع نافعاً في الهمز بالجميع .

وهذا غريب ، كيف أنّ نافعاً قارئ المدينة يخالف رأي نبيّها وأهلها والمسلمين في النبْر في القرآن ؟! .

قال سيبويه : ليس أحد من العرب إلاّ ويقول : تنبّأ مسيلمة ، بالهمز ، غير أنّهم تركوا الهمز في النبيّ كما تركوه في الذرّية والبرية والخابية ، إلاّ أهل مكّة فإنّهم يهمزون هذه الأحرف الثلاثة ولا يهمزون غيرها ، ويخالفون العرب في ذلك (18) .

إذاً كانت قراءة عاصم وفْق لُغة قريش الذين نزل القرآن بلُغتهم ، كما كانت متوافقة مع الفصيح من لغة العرب جميعاً ، وقد نزل القرآن عربيّاً وعلى لُغتهم ولهْجتهم ،... سوى أنّ ( ورشاً ) وشيخه ( نافعاً ) خالفا قريشاً وسائر العرب أجمعين .

وقد قال تعالى : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء : 193 - 195] .

* * *

{قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة : 67] .

قرأ نافع ( هُزْء ) والباقون ( هُزُء ) ، وقرأ حفص ( هزواً ) بغير همز وضمّتين ؛ لأنّه كره الهمز بعد ضمّتين في كلمة واحدة فليّنها ، وهي المتوافقة مع لغة العرب الفصحى السَلِسة ، وهي القراءة المعروفة عند عامّة المسلمين .

قال مكّي : (هزواً ، وكفواً ، وجزءً ) قرأ حمزة بإسكان الزاي والفاء ، وضمّها الباقون ، وكلّهم همزَ إلاّ ( حفْصاً ) ، فإنّه أبدلَ من الهمزة واواً مفتوحةً على أصل التخفيف (19) .

* * *

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة : 119].

قرأ نافع ( ولا تَسأل ) نهْياً ... ولا وجه له ... إلاّ على مذهب فاسد تركناه (20) .

وقرأ عاصم والباقون ( ولا تُسأل ) أي لست مسؤولاً عنهم ، كما في قوله تعالى : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ }[ الغاشية : 21 ـ 22] ، ونظيرها من آيات نزلت تسلية لخاطره ( صلّى الله عليه وآله ) ، كانت نفسه الكريمة تذهب عليهم حسرات أن لا يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً ... ولعلّه ( صلّى الله عليه وآله ) كان يخشى المسؤوليّة التي جاءت الإشارة إليها في قوله تعالى : {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف : 6].

* * *

{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [البقرة : 165] .

قرأ نافع وابن عامر ( ولو ترى ) خطاباً إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وعليه فجواب الشرط محذوف مقدّر ، أي لرأيت أمراً فظيعاً ... وهكذا يبقى ( أنّ القوّة ...) بلا محلّ للإعراب ، إلاّ بتقدير ( لأنّ القوّة ...) ،... وهذا كلّه تكلّف (21) .

وقرأ عاصم والباقون ( ولو يرى ) جرْياً مع ظاهر الكلام من غير تكلّفِ تقدير .

* * *

{فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة : 186] .

قرأ ورش عن نافع ( الداعي ) بالياء ؛ لأنّه الأصل (22) .

وقرأ عاصم والباقون ( الداع ) بغير ياء ، وحجّتهم : أنّ ذلك في المصحف كذلك بغير ياء ، فلا ينبغي أن يخالف رسم المصحف (23) .

* * *

{ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ ...}[ البقرة : 214] .

قرأ نافع ( حتّى يقولُ ) بالرفع ، زعماً أنّها بمعنى ( قال ) على الماضي (24) .

وقرأ عاصم والباقون بالنصب على الأصل ؛ لأنّ مدخول ( حتّى ) غاية للزلزال ، وتكون ( حتّى ) هنا بمعنى ( إلى أن ) .

* * *

{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} [البقرة : 246] .

قرأ نافع ( هل عسِيتم ) بكسر السين ، لغة رديئة ، وقرأ عاصم والباقون بالفتح ، لغة فصحى .

قال أبو عبيد : القراءة عندنا هي الفتح ؛ لأنّها أعرف اللغَتين ، ولو كان الكسر صحيحاً لقُرئ ( عَسَى رَبُّنَا...)[ القلم : 32] بكسر السين ، وقد أجمعوا هناك على الفتح لا غير ...

قال مكّي : والفتح في السين هي اللغة الفاشية ، وعليها أجمع القرّاء ، ونافع معهم في غير ما هنا ... .

قال : وهو الاختيار ؛ لإجماع القرّاء عليه مع المضمر والمظهر ، وإنّما خالفهم نافع وحده مع المضمر . وقد قال أبو حاتم : ليس للكسر وجه (25) .

* * *

{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا} [البقرة : 282].

قرأ عاصم ( تجارةً ) بالنصب خبراً ، والاسم مضمر ، والمعنى : ( إلاّ أن تكون المعاملة تجارة حاضرة ) ، وقرأ الباقون ( تجارةٌ ) بالرفع ، على أن تكون ( كان ) تامّة ، قياساً على قوله : {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة : 280] قبلها  .

لكنّ الرفع هناك كان لأجل الدلالة على عموم الحُكم ، يشمل كلّ مُعسر ، وليس مخصوصاً بالمتبايعَين فحسب ، ومن ثمّ أجمعوا على الرفع هناك ، فلا موضع للقياس عليه (26) .

* * *

{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } [البقرة : 283] .

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( فرُهُن ) بضمّ الراء والهاء ، جمع رَهن ، مثل : سَقف وسُقُف ، وقرأ عاصم والباقون ( فرهان ) ؛ لأنّ جَمع فَعْل على فِعال أقيَس في العربيّة ، نحو : بحر وبِحار وعبد وعِباد ، وكعب وكِعاب ، ونعل و نِعال .

قال مكّي : جمع فَعْل على فِعال كثير ، وجمع فَعل على فُعُل قليل ، وإنّما أتى منه أشياء نوادر في الكلام ... فيحمل القرآن على الكثير الفاشي وهو فعال ، وهو الاختيار (27) .

ومن سورة آل عمران :

{فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران : 13].

وقرأ نافع ( ترونهم ) بالتاء بناء منه على أنّ الخطاب مع اليهود (28) ، وقرأ عاصم

والباقون بالياء ، قال أبو عمرو : لو كانت بالتاء لكانت ( مثلَيكم ) ، قال مكّي : وقد كان يَلزم مَن قرأ بالتاء أن يقرأ ( مثليكم ) وذلك لا يجوز ، لمخالفة الخطّ (29) .

* * *

{فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران : 20].

قرأ نافع وأبو عمرو ( ومَن اتّبعني ) بالياء على خلاف مرسوم الخط ، وقرأ عاصم والباقون وفْق رسم خطّ المصحف الشريف (30) .

* * *

{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عمران : 36].

قرأ ابن عامر ( بما وضعتُ ) بضمّ التاء وقرأ عاصم ـ برواية حفْص والباقون ـ بسكون التاء ، إذ لو كان ذلك من كلامها لكان الأليَق أن يكون : ربّ إنّي وضعتها أنثى وأنت أعلم بما وضعتُ (31) .

ومن سورة النساء :

{نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء : 31].

قرأ نافع ( مَدخلاً ) بفتح الميم مصدراً ثلاثياً (32) .

وقرأ عاصم والباقون بالضمّ ؛ ليتوافق المصدر مع الفعل ، كما في سورة الإسراء {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسراء : 80] مصدراً مزيداً باتّفاق القرّاء .

* * *

{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء : 43] .

قرأ حمزة والكسائي ( أو لمَستم ...) بغير ألف ، وقرأ عاصم والباقون بالألف ، وحجّتهم : ما روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قوله : ( ( أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ) أي جامعتم ، ولكنّ الله يُكنّي ) (33) .

ومن سورة المائدة :

{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة : 6] .

قرأ عاصم برواية حفص ( أرجُلَكم ) بالنصب ، وهكذا قرأ نافع ، وابن عامر ، والكسائي .

وقرأ برواية شعبة بالخفْض ، وهكذا ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة (34) .

وقد تكلّمنا عن قراءة النصب وكونها هي المختارة وفْق المذهب الصحيح في مسْح الأرجُل (35) .

ومن سورة الأنعام :

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام : 90].

قرأ حمزة والكسائي ( اقتَدِ ) ، وقرأ عاصم والباقون ( اقتده ) بهاء السكت وصلاً ، وحجّتهم : أنّها مثبتة في المصحف ، فكرهوا إسقاط حرف من المصاحف (36) .

* * *

{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام : 137].

قرأ ابن عامر ( شركائهم ) بإضافة القتْل إلى الشركاء مع فصل المفعول به ، وقد خطّأه الأئمّة وسائر العلماء .

وقرأ عاصم والباقون ( شركاؤهم ) بإضافة القتْل إلى الأولاد ، ورفْع الشركاء فاعلاً للمصدر ، وقد بحثنا عن ذلك سابقاً (37) .

ومن سورة الأعراف :

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف : 57].

( بُشراً ) بالباء ، وكذا في سورَتي : الفرقان (38) ، والنمل (39) ، هذه هي قراءة عاصم وحده . قال أبو زرعة  : وحجّته قوله تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم : 46] ، وذلك أنّ الريح تبشّر بالمطر . قال : وكان عاصم يُنكر أن تكون الريح تنشر ، وكان يقول : المطر ينشر ، أي يُحيي الأرض بعد موتها ، يقال : نشرَ وأنشر إذا أحيى (40) .

وقرأ حمزة ، والكسائي ( نَشْراً ) ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ( نُشُراً ) ، وقرأ ابن عامر ( نُشْراً ) ، ودلائلهم في ذلك غير وافية (41) .

ومن سورة هود :

{يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } [هود : 42] .

قرأ عاصم وحده ( يا بنيّ ) بفتح الياء ، وقرأ الباقون بالكسر ، ويأتي نظيره في سورة لقمان .

ومن سورة النحل :

{ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل : 37].

قرأ عاصم وحمزة والكسائي ( لا يَهدي ) بفتح ياء المضارعة وكسر الدال ، وقرأ نافع والباقون ( لا يُهدى ) بضمّ الياء وفتح الدال ، بمعنى أنّ الذي أضلّه الله فلا هادي له (42) ، لكن يبقى ربط الكلام غير منسجم ! .

ومن سورة الكهف :

{وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف : 34] .

{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} [الكهف : 42] .

قرأ عاصم وحده ( ثَمر ) ( بثَمَره ) (43) بفتحتين ، وقرأ أبو عمَر ( ثُمر ) ( بثُمره ) بالضمّ فسكون ، وقرأ الباقون ( ثُمُر ) ( بثُمُره ) بضمّتين .

والقياس مع عاصم بدليل { كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا...}[ الكهف : 32] والأكل هو الثمر (44) ، فضلاً عن موافقة جمهور المسلمين .

* * *

{وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف : 59].

قرأ حفص وحده ( لِمَهلِكهم ) على وزان مجلس بكسر اللام ، وقرأ شعبة بفتح اللام ، وقرأ نافع والباقون ( لمُهلَكهم ) بضم الميم وفتح اللام (45) .

ومن سورة مريم :

{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [مريم : 90].

قرأ نافع والكسائي ( يكاد ) بالياء ، وقرأ عاصم والباقون ( تكاد ) بالتاء (46) ، وهو الأنسب ؛ لأنّ الاسم جمع مؤنث سالم بالألف والتاء ، ولاسيّما وضمير الجمع المؤنّث العائد عليها ، ولا كذلك لو كان جمع مكسّر ولو كان مؤنثاً حقيقيّاً ، كما في {وَقَالَ نِسْوَةٌ} [يوسف : 30].

ومن سورة طه :

{طه} [طه : 1].

قرأ أبو عمرو ( طاء هِـ ) بكسر الهاء ، وقرأ حمزة والكسائي ( طِ ، هـِ ) بالكسر فيهما ، وقرأ حفص والباقون ( طا ، ها ) . قال أبو زرعة : وهو الأصل ؛ لأنّ العرب تقول : طاء ، هاء .. (47) .

* * *

{قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه : 63] .

وقرأ أبو عمرو ( هذين ) بالتشديد والياء ، وقرأ عاصم والباقون ( هذان ) بالتخفيف والألف ؛ لأنّه الموافق لرسم المصحف الإمام (48) .

وقد تكلّمنا عن تفصيل ذلك في مجاله (49) . ولأبي زرعة أيضاً كلام حول ذلك فراجع .

ومن سورة الأنبياء :

{وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء : 88] .

قال الفرّاء : القرّاء يقرأونها بنونَين ، وكتابتها بنون واحدة ؛ وذلك أنّ النون الأُولى متحرّكة والثانية ساكنة ، فلا تظهر الساكنة على اللسان ، فلمّا خَفيت حُذفت (50) .

فقد قرأ عاصم برواية حفص ، وكذلك سائر القرّاء ، بنونَين مع إخفاء الثانية ، وفْق المعهود من لهجة العرب عند النُطق بالنون الساكنة في الحالة السادسة ، ممّا ذكره أئمّة القراءة ، منهم : مكّي بن أبي طالب فراجع (51) .

هذا ، ولكن ابن عامر وكذا شعبة قرأ ( نُجّي ) بتشديد الجيم وسكون الياء .

قال الفرّاء : ولا نعلم لها جهة إلاّ احتمال اللَحن ؛ لأنّ ما لم يسمّ فاعله إذا خلا باسم ، رَفَعَهُ . قال أبو زرعة : وقالوا أيضاً : ( نجّي ) فعل لم يسمّ فاعله وكان الواجب أن تكون الياء مفتوحة كما في ( عُزيّ وقُضي ) (52) .

قال مكيّ بن أبي طالب : وحجّة مَن قرأ بنون واحدة أنّه بنى الفعل للمفعول فأضمر المصدر ( أي نُجّي النجاء المؤمنين ) ؛ ليقوم المصدر مقام الفاعل ، ونصب ( المؤمنين ) على أنّه مفعول به ، قال : وفيه بُعدٌ من وجهين :

أحدهما : أنّ الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر ، فكان يجب رفع ( المؤمنين ) ، وذلك مخالف للخطّ .

والوجه الثاني : أنه كان يجب أن تفتح الياء من ( نجّي ) ؛ لأنّه فعل ماضٍ ، كما تقول : ( رمى ) و( كلّم ) فأسكن الياء وحقّها الفتح ، فهذا الوجه بعيد في الجواز .

قيل : إنّ هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم ، قال مكّي : وهذا أيضاً بعيد ؛ لأنّ الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد .

وقيل : أُدغم النون في الجيم ، قال : وهذا أيضاً لا نظير له ، لا تُدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبُعد ما بينهما .

قال : وإنّما تعلّق مَن قرأ هذه القراءة أنّ هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة ، فهذه القراءة إذا قُرئت ( بتشديد الجيم ، وضمّ النون ، وإسكان الياء ) غير متمكّنة في العربية (53) .

ومن سورة الشعراء :

{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء : 193].

قرأ حفص ، وأبو عمرو ، وابن كثير ، ونافع ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ) بتخفيف ( نزل ) ورفع ( الروح ) .

وقرأ الباقون ( نَزَّلَ بِهِ الرُّوحَ الأَمِينُ ) بالتشديد والنصب (54) ، أي نزّل الله الروح بالقرآن ، ولا يخفى ما فيه من التعسّف ؟! .

ومن سورة الروم :

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم : 22] .

قرأ حفص وحده ( للعالمين ) بكسر اللام ، أي العلماء جمع العالِم ، وهي القراءة المعروفة لدى الجمهور . قال أبو زرعة : وهو المتناسب مع ما قبل الآية { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (55) وما بعدها : {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم : 24] (56) .

ومن سورة لقمان :

{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان : 13] .

قرأ حفص وحده ( يا بنيّ ) بفتح الياء في جميع القرآن (57) ، وقرأ الباقون بكسرها في الجميع أيضاً .

وأراد حفص ( يا بنيّاه ) فرخّم ... وهو الأصوب في لسان العرب ، والأسلس تعبيراً في الكلام (58) .

ومن سورة الصافّات :

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات : 123] .

قرأ ابن عامر بغير همْز في ( الياس ) ؛ زعماً منه أنّ اسمه كان ( ياس ) فدخلت عليه الألف واللام (59) .

والصحيح : قراءة الباقين بالهمز ؛ بدليل ما بعدها {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات : 130]. (60) .

ومن سورة النجم :

{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} [النجم : 50] .

قرأ نافع وأبو عمرو ( عاد لُوّلَى ) فأدغم نون التنوين من ( عاداً ) في اللام من ( الأُولى ) .

قال أبو عثمان المازني : أساء عندي أبو عمرو في قراءته ؛ لأنّه أدغمَ النون في لام المعرفة ،

واللام إنّما تحرّكت بحركة الهمزة وليس بحركة لازمة ( أي ليست هي متحرّكة بذاتها ) (61) .

ومن سورة الواقعة :

{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ـ إلى قوله ـ وَحُورٌ عِينٌ }[ الواقعة : 17 ـ 22] .

قرأ حمزة والكسائي ( وحورٍ عينٍ ) بالخفْض ، وقرأ عاصم والباقون بالرفْع ، قال الزجّاج : الرفْع أحسن الوجهين .

وقد اختلف الأئمّة في وجه إعراب ذلك خفْضاً ورفْعاً ، ولهم في ذلك تفصيل عريض ، فليراجع (62) .

ومن سورة المعارج :

{كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج : 15، 16] .

قرأ حفص وحده ( نزّاعةً ) بالنصب ، وقرأ الباقون ( نزّاعةٌ ) بالرفع :

فالنصب على أنّه حال ، وهو ظاهر معروف .

أمّا الرفع فقد اختلفوا فيه ، قال الفرّاء : إنّه بدل من ( لظى ) . وقال الزجّاج : إنّه خبر بعد خبر بلا فصل عاطف ، كما تقول : إنّه حلوٌ حامض (63) .

وقد ذكر مكّي للرفع وجوهاً خمسة (64) ، الأمر الذي يُنبئك عن ضعفه .

* * *

ومن سورة المدّثّر :

{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } [المدثر : 5] .

قرأ حفص وحده ( والرُجز ) بضمّ الراء ، يعني الصنم .

وقرأ الباقون ( الرِجز ) بالكسر ، يعني العذاب (65) أي موجِبه ، وهو تكلّف .

ومن سورة القيامة :

{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة : 1].

قرأ ابن كثير ( لأقسِمُ ) بلام تأكيد ، وعليه فيبقى عطف { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } عطف نفي على إثبات ، وهو كما ترى ؟! .

وقرأ عاصم والباقون ( لا أُقسم ...) كما هو المعروف (66) .

* * *

{وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة : 27].

وقرأ حفص وحده ( مَن راق ) بإظهار النون ، إعلاماً بانفصالها من الراء ... وقرأ الباقون بالإدغام .

* * *

{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة : 37].

قرأ حفص وحده ( يُمنى ) بالياء ؛ لأنّ الضمير يعود على المنيّ ، وقرأ الباقون بالتاء بالعود على النطفة ، وهو بعيد (67) .

ومن سورة المطفّفين :

{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين : 14] .

قرأ حفص وحده ( بل ران ) بإظهار اللام ؛ لأنّها من كلمة ، و ( ران ) كلمة أخرى ، وعليه قراءة الجمهور ، وأدغمَ الباقون (68) .

* * *

{وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين : 31] .

وأيضاً قرأ حفص وحده ( فكهين ) ، وقرأ الباقون ( فاكهين ) .

لكن قياس باب فَعِل يَفعل ـ كفرِح يفرح ـ لازماً ، هو مجيء الصفة على فَعِل مكسور العين كفَرِح ، ولا يقاس على ( حَذِر وحاذَر ) ، أو ( طمِع وطامع ) (69) ؛ لأنّهما متعدّيان .

ومن سورة المَسد :

{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد : 4].

قرأ عاصم وحده بنصب ( حمّالةَ ) قطعاً على الذمّ ؛ لأنّها نكرة لا تقع وصفاً للمعرفة ـ كما قاله الفرّاء ـ (70) .

وقرأ الباقون بالرفع خبراً أو نعتاً ، وفيه ضعف وبحاجة إلى تكلّف ، فراجع .

* * *

ومن سورة الإخلاص :

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 4].

قرأ حفص وحده ( كُفُواً ) بضمّتين فالواو المفتوحة ، وقرأ حمزة ( كُفئا ) بالضمّ فالسكون مهموزاً ، وقرأ الباقون ( كُفُئاً ) بضمّتين مع الهمز .

وقراءة حفص هي المتوافقة مع خطّ المصحف الشريف بالواو (71) ، فضلاً عن موافقة الجمهور .

قال أبو زرعة : وتبع في ذلك قول العرب : ( ليس لفلان كفوٌ ، ولا مِثل ، ولا نظير ) ، والله جلّ وعزّ لا نظير له ولا مِثل (72) .

هذا آخر ما أردنا ثبْته في هذا المجال ، ولم تكن الغاية الاستقصاء ، والحمد لله وسلام على رسوله والأئمّة الميامين .

________________________

(1) راجع ابن الجزري في شرح طيبة النشر : ص 9 ، والمكرّر لسراج الدين الأنصاري : ص5 .

(2) المصدرين السابقين .

(3) سراج القارئ ( شرح الشاطبية ) : ص 14 .

(4) تفسير العيّاشي : ج1 ، ص22 ـ 23 .

(5) ابن كثير قارئ مكّة من السبعة مات سنة (120هـ) ، ونافع قارئ المدينة مات سنة (169 هـ ) ، وعاش الإمام جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) (83 ـ 148هـ) .

(6) حجّة القراءات : ص79 .

(7) جاءت في عشرة مواضع من القرآن .

(8) تفسير التبيان : ج1 ، ص35 .

(9) مجمع البيان : ج1 ، ص24 .

(10) حجّة القراءات : ص 87 .

(11) الكشف : ج 1 ص 225 ـ 227 .

(12) راجع حجّة القراءات : ص 89 ، والكشف : ج 1 ص 228 .

(13) نهاية ابن الأثير : ج 5 ص 7 . وراجع التمهيد : ج 2 ص 69 الطبعة الثانية .

(14) في نسخة الوسائل ( النبز ) بالزاي ، وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه بالراء المهملة .

(15) وسائل الشيعة : باب 30 من أبواب قراءة القرآن ح 1 ، ج 4 ، ص 865 .

(16) الآية : 50 و 53 .

(17) الكشف : ج 1 ص 243 ـ 244 .

(18) نهاية ابن الأثير : ج 5 ص 4.

(19) راجع الكشف : ج 1 ص 247 . وحجّة القراءات : ص 101 .

(20) راجع حجّة القراءات : ص 111 .

(21) راجع حجّة القراءات : ص 119 .

(22) راجع حجّة القراءة : ص 127 .

(23) راجع حجّة القراءات : ص 127 .

(24) حجّة القراءات : ص 131 .

(25) راجع حجّة القراءات : ص 140 . والكشف : ج 1 ص 303 .

(26) الكشف : ج 1 ص 322 .

(27) الكشف : ج 1 ص 323 .

(28) حجّة القراءات : ص 154 .

(29) الكشف : ج 1 ص 436 .

(30) حجّة القراءات : ص 158 .

(31) حجّة القراءات : ص 161 .

(32) حجّة القراءات : ص 199 .

(33) حجّة القراءات : ص 205 .

(34) حجّة القراءات : ص 223 .

(35) راجع صفحة 381 ـ 383 .

(36) حجّة القراءات : ص 260 .

(37) راجع صفحة : 246 و 268 و 357 و 376 من هذا الجزء .

(38) الفرقان : 48 .

(39) النمل : 63 .

(40) حجّة القراءات : ص 286 .

(41) راجع الكشف : ج 1 ص 465 .

(32) حجّة القراءات : ص 340 .

(43) الكهف : 34 .

(44) حجّة القراءات : ص 388 .

(45) حجّة القراءات : ص 416 .

(46) حجّة القراءات : ص 421 .

(47) حجّة القراءات : ص 450 .

(48) حجّة القراءات : ص 454 .

(49) راجع ص 364 من هذا الجزء .

(50) أي فلمّا خفيَت لسانا حذفت خطّاً ، وذلك في العهد الأوّل عندما الخطّ عند العرب في بدايته .

(51) الكشف : ج 1 ص 166 .

(52) راجع معاني القرآن للفرّاء : ج 2 ص 210 ، وحجّة القراءات لأبي زرعة : ص 469 ـ 470 .

(53) الكشف : ج 2 ص 113 .

(54) حجّة القراءات : ص 520 .

(55) الروم : 21 .

(56) حجّة القراءات : ص 558 .

(57) وجاءت في ستّة مواضع من القرآن .

(58) راجع الحجّة في القراءات لأبي زرعة : ص 564 ، وأيضاً : ص 340 .

(59) معاني القرآن : ج 2 ص 392 .

(60) حجّة القراءات : ص 610 .

(61) حجّة القراءات : ص 687 .

(62) مجمع البيان : ج 9 ص 216 . والكشف : ج 2 ص 304 . وحجّة القراءات : ص 695.

(63) حجّة القراءات : ص 723 ـ 724 .

(64) الكشف : ج 2 ص 336 .

(65) حجّة القراءات : ص 733 . والكشف : ج 2 ص 347 .

(66) حجّة القراءات : ص 735 .

(67) حجّة القراءات : ص 737 .

(68) حجّة القراءات : ص 754 .

(69) راجع معاني القرآن : ج 3 ص 249 . والكشف : ج 2 ص 366 ، وحجّة القراءات : ص 755 .

(70) معاني القرآن : ج 3 ص 298 .

(71) التيسير : ص 226 .

(72) حجّة القراءات : ص 777 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .