أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-11-2018
2545
التاريخ: 26-4-2018
5213
التاريخ: 2024-01-07
644
التاريخ:
3433
|
مما يستحق النظر والاعتبار فيما نحن فيه أن ملوك المسلمين غير العرب على اختلاف مواطنهم وأجناسهم ولغاتهم ودولهم من الفرس والأتراك والأكراد والبربر والشركس وغيرهم، مع ما بلغوا إليه من سعة الملك وعز السلطان ومع حاجاتهم إلى السيادة الدينية لتستقيم دولتهم، وتجتمع الرعية على طاعتهم، ولم يخطر لأحد منهم أن يطلب الخلافة لنفسه، قبل انتقال الإسلام إلى طوره الثاني بعد تضعضعه بفتوح المغول، ولا ادعاها أحد من العرب غير قريش، وأول سلطان غير عربي بويع بالخلافة، السلطان سليم الذي نحن في صدده ولا تزال الخلافة في دولته إلى الآن. على أن الذين قويت شوكتهم في عهد ذلك التمدن من الأمراء المسلمين أو القواد غير العرب، كانوا إذا طمعوا بالسيادة الدينية أو الخلافة انتحلوا لأنفسهم نسبا في قريش كما فعل «أبو مسلم الخراساني» لما رأى من نفسه القوة على إنشاء الدولة. وربما طمع بالخلافة، وانتحل لنفسه نسبًا في بني العباس فقال إنه ابن سليط بن عبد الله بن عباس. وأما الملوك أو السلاطين الأعاجم، فلما ضخمت دولتهم في أواخر العصر العباسي، ورأوا انحطاط الخلافة وتقهقرها تمنوا الاستغناء عنها، ولكنهم لم يروا سبيلا إلى ذلك، إلا أن يستبدلوها بخلافة أخرى. على أن بعضهم طمع بالنفوذ الديني عن طريق الانتساب إلى الخليفة بالمصاهرة. وأول من فعل ذلك، عضد الدولة «بن بوية» المتوفى سنة 372ه، فإنه حمل الطائع بالله الخليفة العباسي في أيامه أن يتزوج بابنته، وغرضه من ذلك أن تلد له ابنته ولدًا ذكرًا فيجعله ولي عهده؛ فتكون الخلافة في ولد لهم فيه نسب، ولم يوفق إلى مراده. ولما أفضت السلطة إلى السلاجقة تقدموا في هذا الطريق خطوة أخرى، فعمدوا إلى التقرب بالمصاهرة أيضًا. ولكن على أن يتزوج السلطان «طغر لبك السلجوقي» ابنة الخليفة، وهو يومئذ القائم بأمر الله فخطبها إليه، ووسط قاضي الري في ذلك، فانزعج الخليفة لهذا الطلب أيما انزعاج؛ إذ لم يسبق أن يتزوج بنات الخلفاء إلا أكفاءهم بالنسب، وكانت يد السلطان قوية والخليفة لا شيء في يده فأخذ الخليفة في استعطافه ليعفيه من الإجابة على طلبه، فأبى السلطان إلا أن يجاب. وحدثت أمور يطول شرحها خيف منها على الدولة فاضطر الخليفة إلى القبول فعقد له عليها سنة 454هـ. وهذا ما لم يَجْرِ مثله قبله، لأن آل بويه لم يطمعوا بذلك ولا تجاسروا على طلبه مع مخالفتهم للخليفة في المذهب؛ إذ يكفي الخليفة تنازلا أن يتزوج بنات الملوك، لا أن يزوجهم بناته، ولم ينل هذا الشرف أحد قبل طغرلبك. ومع ذلك فإنه لما دخل إلى عروسه في السنة التالية قبل الأرض بين يديها وهي جالسة على سرير ملبس بالذهب، فلم تكشف الخمار عن وجهها ولا قامت له وظل أيامًا يحضر على هذا الصورة وينصرف على أنه لم يوفق لإتمام ما أراده لأنه توفي في تلك السنة. أما المبايعة بالخلافة لغير العرب فلم تنلها دولة إسلامية قبل العثمانيين، وذلك أن الخليفة العباسي كان عند الفتح العثماني لمصر، الإمام محمد المتوكل على الله الثالث، وقد تقدم ذكره مرارا، وهو الخليفة الثامن عشر من الدولة العباسية بمصر، فلما تم فتح مصر للسلطان سليم، علم أن الأمر لا يستتب له، إلا إذا أضاف السلطة الدينية إلى السلطة الزمنية، فاغتنم فوزه وطلب إلى المتوكل على الله أن يبايعه فبايعه بالخلافة الإسلامية وسلمه الآثار النبوية، وهي: العلم والسيف والبردة وسلم إليه أيضًا مفاتيح الحرمين، فصار خليفة وسلطانًا، وتوارث ذلك السلاطين ،بعده، ولا يزالون على ذلك إلى الآن. أما الخليفة العباسي، فإنه نقل إلى الآستانة وخصص له راتب لنفقاته. وقبل وفاة السلطان سليم عاد المتوكل إلى مصر وعاش فيها منفردًا إلى أن توفاه الله سنة 945هـ، وهو آخر الخلفاء العباسيين وفد دولتهم الدينية، نيفا وثمانية قرون.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|