أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-20
955
التاريخ: 13-2-2017
1248
التاريخ: 2023-04-18
1072
التاريخ: 2023-05-13
1167
|
عالج ابن رشد مفهوم الحرارة من الناحية الطبية أكثر مما ركز على الجانب الفيزيائي، وقد قسمها إلى قسمين؛ «طبيعية وغريبة، وإن الكون إنما يكون بالحرارة الطبيعية والفساد بالغريبة.» 43 أي يكون حدوث الأجسام بوجود الحرارة المناسبة لوجودها، ويكون خرابها نتيجة تعرضها لحرارة خارجية، فالحرارة الطبيعية هي حرارة جسم الإنسان الذاتية، أما الحرارة الغريبة فهي التي يتأثَّر بها من الشمس أو النار، أو غيرهما من مصادر، يؤكد ذلك بقوله: «إنَّ الحرارة حرارتان؛ حرارة ملائمة، وحرارة غريبة مستفادة من خارج. وجميع الأجساد تعفن من الحرارة الغريبة، وإذا عفنت كانت هي أيضًا حارة بالحرارة الغريبة باردة بالحرارة الملائمة. وهذه هي حال أبدان سكان البلاد الحارة دائما. وأما البلدان المعتدلة، في وقت الشتاء الحرارة الغريزية أكثر، وفي وقت الصيف تكون الغريبة أكثر.» 44
ويختلف مقدار الحرارة زيادة أو نقصانا بحسب مقدار البرودة التي تمتزج بها؛ الأمر الذي يؤثّر على الجسم الحاوي لهذه الحرارة، وبرأي ابن رشد أن هضم الطعام يكون لدى سكان البلاد الباردة أفضل من هضم الطعام لدى سكان البلاد الحارة، يقول في ذلك: «الحرارة إنما تختلف بالأزيد والأنقص، والأزيد والأنقص إنما يوجد لها بحسب ما يخالطهما من البرودة؛ إذْ كانت هي المعدلة لها حتى تكون ملائمة للموجود التي هي حرارة غريزية. وأيضًا فإن البرودة تحفظ حرارة المكوّن لئلا يتفشَّش ويتبدد؛ إذْ كان من شأنهما ذلك ويُصيّرها إلى باطن المكوّن؛ ولذلك ما تكون هضوم أهل البلاد الباردة أحسن من هضوم أهل البلاد الحارة، ويكون الهضم في زمان الشتاء أقوى منه في زمان الصيف.» 45
ويلزم أن يكون دومًا مع الحرارة رطوبة أو جفاف، فإذا كانت الحرارة في الهواء لزمها رطوبة هوائية، وإن كانت الحرارة من النار لزمها الجفاف، والسبب في ذلك أنَّ الرطوبة واليبوسة يُشكّلان المادة الأولية للبرودة والحرارة، والتلازم هنا تلازم واجب وليس اختياريًا، يقول في ذلك: إن كل حرارة تلزمها إما رطوبة وإما يبوسة، كما يلزم ذلك في الأسطقسات الأربعة؛ فإن كانت الحرارة هوائيةً لزمتها رطوبة هوائية، وإن كانت ناريةً لزمتها يبوسة نارية؛ لأنَّ الرطوبة واليبوسة هما هيولى الحار والبارد، فكل حرارة أو برودة تلزمها إما رطوبة وإما يبوسة يكون قدومها في ذلك كقدر الحرارة والبرودة في ذلك، فإن كانت حرارةً مُطلقة لزمتها يبوسة مطلقة أو رطوبة مطلقة، في حرارة النار والهواء، وإن كانت حرارةً غير مطلقة لزمتها يبوسة أو رطوبة غير مطلقة. 46
________________________________
هوامش
43 ابن رشد، رسائل ابن رشد الطبية، تحقيق: جورج قنواتي وسعيد زايد الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1987م، ص 90.
44 المرجع السابق نفسه، ص133.
45 ابن رشد رسائل ابن رشد الطبية، ص92.
46 المرجع السابق نفسه، ص 97.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|