أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2015
1388
التاريخ: 5-2-2017
1588
التاريخ: 2023-04-02
916
التاريخ: 24-12-2015
1540
|
تتَّسم معادلات أينشتاين المتعلقة بنظرية النسبية العامة بأنها غنية جدًا وتُتيح حلولا مختلفة كثيرة تصف نُسَخًا بديلة من نسيج الزمكان المنحني. وهذا يوفّر لدارسي الكون مصدرًا لا ينضب تقريبًا من الأكوان المحتملة ليصفوها ويتأملوها. صحيح أن نوعية الكون الذي نعيش فيه بالفعل لا يُمكن تحديدها إلَّا بالرصد (إن أمكن ذلك أصلا!). لكن هذا لا يمنع علماء الفيزياء الرياضية من النظر في معادلات أينشتاين من كل وجه للعثور على كل أنواع الحلول الشائقة.
وأحد الأجسام المثيرة للاهتمام التي يمكن أن يتخيَّلها علماء الفيزياء الرياضية هو ما يُسمى بالثقب الأبيض. يتصرف الثقب الأبيض كالثقب الأسود تماما، ولكن مع عکس اتجاه الزمن (تخيَّل فيلمًا يُعرَض بتسلسل عكسي من الأمام إلى الخلف). فبدلا من أن يمتص المادة، يقذفها خارجًا. وبدلا من أن يُشكّل أفق الحدث المحيط به منطقة لا يمكن الهروب منها أبدًا يحرس منطقة لا يمكن لأي شيء دخولها. فحالما تخرج المادة من ثقب أبيض، لا يمكنها العودة إلى هناك؛ ويكون مستقبلها كله خارجه. يتشكل الثقب الأسود من نجمٍ منهار ولا بد أن يتبخّر في النهاية وفق قوانين ميكانيكا الكم إلى إشعاع هوكينج. أما الثقب الأبيض، فلا يُمكن أَن يَنتُج إِلَّا من الإشعاع الذي يتجمع تلقائيًا، لسبب ما، ليكون ثقبا أسود. ليس من السهل فهم الكيفية التي يمكن أن يحدث بها هذا في الواقع، وفوق ذلك، أثبت دوجلاس إيردلي أنَّ الثقوب البيضاء غير مستقرة بطبيعتها.
وعندما كان أينشتاين وتلميذه ناثان روزن يُجرِّبان طرقًا مختلفة لحل معادلات أينشتاين في ثلاثينيات القرن العشرين، وجدا حلًّا مُثيرًا للاهتمام. إذ توصلا إلى أنه إذا أمكن أن تكون منطقة من نسيج الزمكان منحنية بشدة، فربما يُمكن أن تُصبح مطويةً بما يكفي للتوصيل بين جزأين من نسيج الزمكان ، كانا منفصلين سلفا بمسافة كبيرة، بواسطة جسر صغير، أو ثُقب دودي، كما هو موضح في شكل 3-2. ودائما ما كانت المسافات الهائلة الفاصلة بين النجوم والمجرات غير مواتية لرغبة أولئك الكتاب الذين يريدون تقديم عروض درامية بشرية على مسرح كوني، غير أنَّ الثقوب الدودية (المعروفة أيضًا باسم جسور أينشتاين روزن) أتاحت للكتاب آلية الحبكة المثالية التي يستطيعون بها نقل أبطال رواياتهم الأخيار والأشرار إلى هناك. يُعد هذا الابتكار الرياضياتي بمثابة نعمة بأتم معنى الكلمة لكتاب روايات الخيال العلمي، لأنه يُتيح وسيلة جاهزة لقطع مسافات هائلة عبر الفضاء، وبذلك يدعم نجاح العديد من آليات الحبكة التي قد تبدو مختلقة تمامًا وغير قابلة إطلاقًا للتصديق. ولكن تجدر الإشارة مجددًا إلى أننا لا نملك أدلة رصدية على وجود الثقوب الدودية في كوننا بالفعل وفوق ذلك، تُوجد أدلة نظرية كثيرة بعض الشيء على أنَّ الثقب الدودي، فور تكونه لن يبقى مستقرا فترةً طويلة. إذ يبدو أنَّ إبقاء الثقب الدودي مفتوحا يستلزم كميةً كبيرة من مادة ذات طاقة سالبة، في حين أنَّ كل المادة العادية لها طاقة موجبة (هذا مرتبط بحقيقة أن قوى الجاذبية عادة ما تكون تجاذُبية على الدوام). ومن ثُمَّ، فمرور مادة عادية عبر ثقب دودي ربما يكون كافيًا لإنهاء استقراره وتدميره ما يجعله يتحول إلى نقطة تفرد في ثقب أسود.
شكل 3-2: ثقب دودي يصل بين منطقتين في نسيج الزمكان كان من المفترض أن تكونا منفصلتين لولاه.
إذا كانت الثقوب الدودية موجودة بالفعل، وأمكن الحفاظ على بقائها أي فترة زمنية معقولة، فستكون لها بعض الخصائص الغريبة والمدهشة فهي لن تتيح وسيلةً لأخذ طريق مختصر هائل عبر مساحة شاسعة من الفضاء فحسب، بل ستسمح أيضًا للمسافر بالعودة في الزمن إلى الوراء. إذ يُمكن للمرء حينئذٍ إنشاء منحنيات مغلقة محاكية للزمن؛ أي حلقات في نسيج الزمكان تُشكّل فيها المخاريط الضوئية دائرةً مغلقة (انظر شكل 3-3) بحيث يستطيع شخص مسافر على طول منحنى مُغلَق مُحالٍ للزمن أن يُكرّر التجارب نفسها التي عاشها مرارًا وتكرارًا ببساطة، كما يظهر في فيلم «يوم مكرر» (جراوندهوج داي).
وفي الحقيقة، تُوجد عدة حلول لمعادلات أينشتاين، بالإضافة إلى حلول الثقوب الدودية، لها هذه الخاصية المقلقة المنافية للحس المنطقي. ففي عام 1949، وجد عالم الرياضيات كيرت جودل حلا يصف كونًا دوارًا، وهذا الحل يتضمَّن النوع نفسه بالضبط من المنحنيات المغلقة المحاكية للزمن التي تمرُّ عبر الأحداث مرارًا وتكرارًا في حلقة لا تنتهي من «يوم مكرر». (من الواضح أنَّ «حرية الإرادة ليست جزءًا من معادلات المجال!) صحيح أنَّ الجزء الذي يُعتقد أنَّ له أهمية مادية حقيقية في العالم الفعلي من حل «كير» هو ذلك الذي يصف نسيج الزمكان خارج أفق الحدث. ولكن لم يتَّضح ما إذا كان الجزء المتعلق بما يوجد داخل أفق الحدث من حل «كير»، وإن كان سليمًا من الناحية الرياضية، له أي أهمية مادية. ففي هذا الجزء من حلّ كير، لا تكون حالة التفرُّد مجرد نقطة (مثلما تكون في الثقب الأسود غير الدوار)، بل تأخُذ شكل حلقة سريعة الدوران (لكنَّ صحة ذلك من الناحية المادية قائمة أساسًا على مجرد تخمينات). وتكون هذه المتفردة الشبيهة بالحلقة محاطة بمنحنيات مغلقة محاكية للزمن. وعلى هذا المنحنى يكون مستقبلك جزءًا من ماضيك أيضًا، ويُصبح ممكنًا لك من الناحية النظرية أن تقتل جدك أو جدتك قبل أن يلدا والديك! وبذلك يبدو أنَّ وجود منحنيات مغلقة محاكية للزمن يخلق إمكانية حدوث جميع أنواع المفارقات المتعلقة بالسفر عبر الزمن وأحد الحلول الممكنة لهذا هو الاعتراف بأننا ليس لدينا نظرية تربط ميكانيكا الكم (التي تصف الأشياء الصغيرة جدا) بنظرية النسبية العامة التي تصف الأشياء الضخمة جدًّا، أي ليس لدينا نظرية عن الجاذبية الكمية. فنحن لا نعرف فيزياء الأجسام التي تتّسم بكتلة هائلة لكن حجمها صغير جدا. ويرى معظم الفيزيائيين أننا بحاجة إلى هذا لنفهم سلوك نسيج الزمكان بالقرب من نقاط التفرد فهما تاما . ومن ثَمَّ، قد يكون السبب في أنَّ هذه الحلول الغريبة لمعادلات أينشتاين لا تتحقق بالفعل في الكون هو أنَّها محظورة أصلا بحكم طبيعتها الميكانيكية الكمية الأساسية. إذ ربما تسفر التأثيرات الكمية، على سبيل المثال، عن إنهاء استقرار الثقوب الدودية. ويعتقد ستيفن هوكينج أن هذا ما يحدث بالفعل، وسَمَّى هذا المبدأ «فرضية حماية التسلسل الزمني». وقال ساخرًا إِنَّ هذا هو المبدأ الأساسي الذي يُبقي الكون آمنًا للمؤرخين.
شكل 3-3: منحنى مغلق مُحاكِ للزمن حيث يُصبح مستقبلك هو ماضيك.
يُوجد الكثير من السمات والظواهر المتعلقة بالأجزاء الداخلية من الثقوب السوداء الدوارة يكاد يتجاوز فَهمنا للفيزياء الأساسية، ولذا يصير جزء كبير من وصفنا لها قائمًا على مجرد تكهنات. وعلى النقيض من ذلك، فدوران الثقوب السوداء وتأثيرها في محيطها لهما أهمية عملية هائلة لفهم ما نستطيع رؤيته بتلسكوباتنا. ولذا فخطوتنا التالية هي التفكير بمزيدٍ من التفصيل فيما يحدث للمادة عندما تسقط في ثقب أسود.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|