أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-21
2523
التاريخ: 27-1-2023
841
التاريخ: 14-1-2023
5243
التاريخ: 2023-03-09
957
|
أول الاتصال لغة
نلاحظ وجود تفاوت معلوماتي شديد بين البلدان العربية حتى تلك التي تتساوى في مستوى التنمية البشرية، ففي ما عدا الكويت والإمارات العربية المتحدة وطبقا لدراسة أمريكية فان 4 دول عربية معروفة على مستوى العالم الرقمي والتجارة الإلكترونية وهي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن إضافة إلى مصر.
يذكر الدكتور إبراهيم العيسوى في كتاب بعنوان: " التجارة الإلكترونية " انه رغم ما وصلت إليه التجارة الإلكترونية باستخدام شبكة الإنترنت الدولية من تقدم فانه لا يتوقع حدوث توسع كبير في الأجل القصير لدى الدول العربية في استخدامات وتطبيقات التجارة الإلكترونية لعدة أسباب من أهمها ضعف البنية التحتية في مجال الاتصالات والمعلوماتية إضافة إلى تأخر أغلب الدول العربية في اتخاذ إجراءات خاصة لتهيئة البيئة القانونية والمصرفية لتعاملات وتطبيقات التجارة الرقمية فضلا عن انخفاض مستوى الدخل والتعليم.
تبدو بقية الدول متساوية الحظ في افتقارها لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات بغض النظر عن موقعها على سلم التنمية بل إن دولة بثقل العراق مثلا به أكثر من 20 مليون ساكن تكاد تكون خارج منظومة الإنترنت وذلك بسبب سنوات الحرب والحصار. كما توجد عوائق تعمل على توسيع هذه الفجوة الرقمية داخل كل دولة عربية على حده أهمها عامل اللغة إذ ما زالت السياسات العربية تحاول غير جاهدة التصدي لفجوة المعلومات من خلال التركيز على البنية التحتية لقطاع الاتصالات، إلا أنه رغم أهميتها فإن مثل هذه السياسات لن تؤدي إلى النتائج المرجوة ما لم تقم الدول العربية بإفراد اهتماما خاصا لعنصر اللغة والمحتوى وعنصر الكادر المدرب الذي يدخل في إطار فلسفة التنمية البشرية المستدامة.
فمعظم المواد المتاحة على الإنترنت متاحة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية وهي لغة لا يتقنها إلا القليل، مثل هذه الوضعية والمتمثلة في قلة المواد المتوفرة على الإنترنت باللغة العربية ستؤدي حتما إلى حرمان المواطن العربي من المنافع المرجوة من عصر المعلومات، فأول الاتصال لغة إنها الوعاء والحامل الأول للمعرفة.
فعلى سبيل المثال يمكن التأكيد أنه على الرغم من اشتراك الدول العربية بلغة واحدة مكتوبة إلا أنها تطبق مستويات مختلفة من برامج الكمبيوتر واتصالات الانترنيت والهواتف النقالة، يبرز إذن الإشكال لا في اللغة في علاقتها بالإنترنت بل في البرامج المستعملة ذلك أنه بإمكان الإنترنت أن يكون أحد عوامل توحيد المصطلح والدلالة في اللغة الإعلامية ومن ورائها اللغة العربية التي أوشكت الفضائيات العربية باعتمادها اللهجات المحلية أن تؤثر في مستويات استعمالها(1).
فاللغة المشتركة ميزة أساسية في تطوير البرامج التعليمية والكتب وتأهيل المدرسين ومن الممكن أن تصبح هذه اللغة المشتركة وسيلة تمكن الدول العربية من اللحاق بقطار المعلومات غير أنه أمام هذه المهمة الملحة لتطوير اللغة العربية لا يترجم العرب إلا حوالي 330 كتاباً فقط كل سنة وهو ما يعادل خمس ما يترجمه اليونانيون، فكيف يمكن تعريب الإنترنت ونحن لم نتوصل بعد إلى ترجمة المعرفة في بعدها الإنساني أي قبل تعريب الإنترنت يجب تأصيله عربيا.
إن عدم التكافؤ بين البحث عن تأسيس بنية تحتية وبين قضية اللغة يسلب مبدأ البنية التحتية والإرادة السياسية معا من أي عمق إستراتيجي في عملية تنمية المجتمع فترتطم تلك البنية وتلك الإرادة بمشكلة اللغة في بعدها المعجمي والفكري معا علما بأن الفكري يحدد المعجمي أي الدلالي يحدد المصطلح في حين أننا لا زلنا نعتبر أن المصطلح الغربي يكفي فقط أن نجد له مصطلحا عربيا حتى نستفيد منه، فدولة كالهند -رغم التعدد الديني واللغوي - استطاعت أن توحد بين كل الاختلافات المذهبية واللغوية داخل المجتمع وذلك بفضل تطويع وسائل الاتصال الحديثة لطبيعة المجتمع الهندي.
إشكالية اللغة العربية وعلاقتها بالإنترنت طرحت في عديد المناسبات لعل أهمها ما ناقشه المجتمعون في تونس أثناء ندوة "أسماء الإنترنت باللغة العربية و التجارة الإلكترونية و الإنترنت: الماضي والحاضر و المستقبل" فقد تم طرح إشكالية المسائل الفنية المتعلقة بإجراءات تسجيل أسماء الإنترنت مثل عناوين مواقع الواب والبريد الإلكتروني وذلك باستعمال اللغة العربية وكذلك مواصلة العمل لتوحيد المواصفات في البلدان العربية وتطابقها مع المواصفات العالمية.
ومن بين النقاط الأخرى التي طرحت للنقاش المسائل اللغوية الخاصة باللغة العربية بصفة خاصة والأحرف العربية بصفة عامة والحقوق الفكرية ونشر استعمال اللغة العربية في الإنترنت ومتابعة التطور التكنولوجي وانعكاساته على المستعمل العربي. ذلك أن اللغة العربية هي اللغة الخامسة المعتمدة في مجالات الاتصال عبر شبكة الإنترنت في العالم.
ظهرت بدايات أزمة اللغة العربية في علاقتها بالإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة عند بروز محركات البحث في شبكة الإنترنت العربية حيث ظهرت مجموعتين.
الأولى قلدت محركات البحث بالإنجليزية لذلك جاءت نتائجها ضعيفة لاعتمادها في البحث على عنصر المطابقة اللغوية لكلمات البحث مما يتسبب في حجب الكثير من المعلومات التي تتوافق منطقيا مع الكلمات المراد البحث عنها. أما المجموعة الثانية من محركات البحث فقد اعتمدت على تقنيات متقدمة لمعالجة اللغة العربية ومن أبرز الأمثلة عن هذه المحركات أراب في ستا والإدريسي الذي أصدرته شركة صخر لبرامج الحاسب الآلي.
وتتميز هذه المجموعة في كونها تساعد على البحث في شبكة الإنترنت من خلال الاشتقاق ذلك أن في اللغة العربية تشتق الكلمات من جذورها مما يجعل من الكلمة تتوافر في أكثر من عشرة أشكال وذلك بالتصاقها بأحرف زائدة ( حرف جر، حرف عطف، ضمير متصل... ) في البداية والوسط والنهاية.
لقد بات اليوم إذن الحديث على أن اللغة التي سوف تحيا هي تلك التي لها قاموسا وسجلا لغويا في تكنولوجيا الاتصال الحديثة فالقضية ليست في عملية التعريب الميكانيكي بل في كيف نفهم الإنترنت عربيا وكيف نتعامل معه كعنصر ثقافي لا كوسيط تقني فحسب لحل مشكلات التنمية، فالإشكالية هي في المقام الأول حضارية وفكرية أكثر منها قضية لغوية فنية وهي كذلك.
______________________
(1) وقائع ندوة "أسماء الإنترنت باللغة العربية - التجارة الإلكترونية والإنترنت: الماضي و الحاضر والمستقبل" تونس أبريل 2002. تحت إشراف الائتلاف العربي لأسماء الإنترنت وزارة تكنولوجيات الاتصال والوكالة التونسية للإنترنت.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|