المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الأفوه الأودي  
  
6145   08:30 صباحاً   التاريخ: 27-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص133-135
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015 2435
التاريخ: 27-1-2016 3286
التاريخ: 24-06-2015 5471
التاريخ: 12-08-2015 2174

الأفوه الأوديّ هو صلاة بن عمرو بن مالك بن عوف بن الحارث من سعد. العشيرة من بني مذحج من اليمن. ويقال أيضا الأفوه الأزدي. وكان يكنى أبا ربيعة، و «الأفوه» لقب غلب عليه.
وكان الأفوه سيّدا في قومه وقائدهم في قتال بني عامر، ولعلّ وفاته كانت 560 م. والأفوه من مشاهير الشعراء القدماء في الجاهلية، وكان ينحل الشعر لشهرته وتقدّمه. من أجل ذلك يشكّ الجاحظ في شعره (1). وأكثر شعره في الحكمة والحماسة. وهو معدود في الشعراء الحكماء.
- المختار من شعره:
من مشهور الحكمة في الشعر الجاهلي قول الأفوه الأوديّ:
والبيت لا يبتنى إلاّ له عمد... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمّع أوتاد وأعمدة... وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا (2)
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم... ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت... فإن تولّوا فبالأشرار تنقاد
وقال في الحكمة والحماسة من قصيدة مطلعها:
إن تري رأسي فيه قزع... وشواتي خلّة فيها دوار (3)
وهي قصيدة كان الرسول قد نهى عن روايتها لما فيها من تفضيل اليمن (عرب الجنوب) على مضر (عرب الشمال) مما يثير العداوة والنزاع بين العرب. قال الأفوه فيها:
يا بني هاجر، ساءت خطّة... أن تروموا النصف منا ونجار (4)
ان يجل مهري فيكم جولة... فعليه الكرّ فيكم والغوار (5)
نحن أود، ولأود سنّة... شرف ليس لنا عنها قصار (6)
سنّة أورثناها مذحج... قبل أن ينسب للناس نزار (7)
نحن قدنا الخيل حتى انقطعت...شدن الافلاء عنها والمهار(8)
كلّما سرنا تركنا منزلا... فيه شتّى من سباع الأرض غاروا (9)
وترى الطير على آثارنا... رأي عين ثقة أن ستُمار(10)
ملكنا ملك لقاح أوّل... وأبونا من بني أود خيار (11)
ولقد كنتم حديثا زمعا... وذنابى حيث يحتلّ الصغار (12)
عنكم في الأرض! إنّا مذحج... ورويدا يفضح الليل النهار (13)
إن إيراد هذه الأبيات هنا إنما هو للدلالة على الاتجاه الذي اتجهه الاسلام لما منع رواية القصائد التي تثير الاحقاد وتؤدي إلى الحرب.
_____________________
1) الحيوان 6:280.
2) كادوا: حاولوا، أرادوا.
3) القزع: غيم متفرق (أبيض؟، كناية عن الشيب). الشواة: قحف (بكسر القاف) الرأس أو جلدة الرأس. خلة: (قليلة الشعر). الدوار: صداع في الرأس يفقد الانسان توازنه من جرائه.
4) بنو هاجر: بنو اسماعيل بن ابراهيم من زوجته هاجر (عرب الشمال: مضر). النصف: الانتصاف، الاخذ بالحق، الانتقام. نجار: نكون في جواركم (نعيش تحت سلطتكم).
5) الكر فيكم: الهجوم عليكم. الغوار: التوغل في صفوف العدو (في الحرب). -ان جولة قصيرة أقوم بها فيكم على مهري (الصغير السن) كافية لأن أهزمكم وأثخن القتل فيكم.
6) ليس لنا عنها قصار: لا نرجع عنها.
7) نحن كنا معروفين بالشجاعة والقوة منذ أيام أبينا مذحج (من أسلاف عرب الجنوب) قال أن يدري الناس أن ثمت شخصا اسمه نزار (من أسلاف عرب الشمال).
8) شدن (بضم فضم) جمع شدن (بفتح ففتح): الظبي الصغير. الافلاء جمع فلو (بكسر الفاء): ولد الفرس. المهر: الحصان الصغير. -يقول: نحن أبعدنا في الغزو حتى عجزت الخيل الصغيرة (النشيطة القوية عن السير).
9) حتى السباع (الوحوش)، وكانت شتى (مختلفة الاجناس)، فإنها كانت تهرب منا كلما اقتحمنا عليها الارض التي كانت هي فيها.
10) وكانت الطير تتبعنا على يقين بأنها ستمار (ستجد ميرة: طعاما) من الاعداء الذين سنكثر القتل فيهم.
11) اللقاح (بفتح اللام) القوم في الجاهلية لم يخضعوا للملوك ولا استطاع ملك أن يسبي منهم أحدا. أول: منذ أول الدهر. أبونا (سلفنا) من بني أود خيار (الناس: أحسن الناس).
12) الزمعة (بفتح ففتح): قرن صغير أو شعرات في مؤخرة رجل الشاة أو الارنب (شيء لا قيمة له). ذنابى: ذنب (تبع للآخرين). يحتل (يستقر). الصغار (الذلة).
13) عنكم في الأرض: ابتعدوا الى مكان قصي في الارض. نحن مذحج (حكام الارض). يفضح الليل النهار: يبين الحق (ترون أن السلطان لنا لا لكم).
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.