تخطيط الخدمات التجارية.

تعتبر التجارة إحدى أهم أنشطة قطاع الخدمات، حيث تتضح أهميتها من خلال هيكلتها للمجال، وكفاءتها في تلبية حاجيات السكان المتباينة، حيث لا يتم ذلك إلا بتوفر عدد كبير من الأنشطة التجارية وعدد لا بأس به من المشتغلين، كما تتباين أهمية التجارة حسب مستوى المراكز العمرانية تلعب التجارة والخدمات دورا متعاظما في المناطق الحضرية، وتتباين أهمية التجارة باختلاف أحجام المدن، وتقف عوامل كثيرة أمام هذا التباين.

وأهم ما تتميز به الخدمات التجارية هو صغر المساحة التي تحتلها رغم أن الخدمات التي تقدمها لا تقتصر على سكان المدينة فقط بل تتعدى إلى خدمة سكان الإقليم، وتزداد حصة هذا الاستعمال ويتسع كلما ازدادت علاقات المدينة التجارية وكبر حجمها.

ورغم صغر الحيز المكاني الذي تحتله هذه الخدمات إلا أنها تستقطب عدد مرتفع من العاملين بها، حيث نجد أن الاستعمال التجاري يضم نسبة عالية من تلك القوى العاملة إذ أنه لا يتعدى 5% من مساحة المنطقة المعمورة في المدن الأمريكية إلا أنه يضم 40% من القوى العاملة في المدينة.

ومن أهم السمات الأخرى التي يتميز بها الاستعمال التجاري احتكاره واحتلاله للمواقع المركزية في المدينة قلب المدينة وليس ذلك فحسب بل يحتل الأماكن والأراضي ذات الأسعار المرتفعة جدا نظرا لما تتمتع به الوظيفة التجارية من دفع أعلى الإيجارات وأغلى الأسعار.

وقد تبلور تفاعل التجارة مع المجال الحضري وترجم في أشكال توطنية مختلفة للأنشطة التجارية والخدمية داخل المدن ويتباين الدور الذي تلعبه الأنشطة الخدمية والتجارية في اقتصاديات المناطق الحضرية واختلاف طبيعة العمليات التي تسودها والمراحل التي وصلت إليها في التنظيم الحضري، ولكن نصل إلى نتيجة فعالة في الخدمات التسويقية، فلا بد من منهجية خاصة تقوم على تطبيق المنهج العلمي في الجغرافيا، وتتحدد في نقطتين:

أولا: فحص توطن الأنشطة التجارية والخدمية على ضوء نظريات ونماذج التوطن التي تقنن توطن الأنشطة المختلفة مثل نظرية فيبر وفون تيونن، ونموذج مان المدينة البريطانية المتوسطة الحجم ونظرية هوت عن القطاعات الحضرية، ونظرية هاريس وألمان عن المدينة المتعددة النوى ونظريات المزايدة الإيجارية من نظريات توطن الأنشطة المختلفة والتي تشرح تنظيماتها المكانية.

ثانيا: إتباع نظم التحليل العلمي الحديث في وصف التنظيم المكاني للأنشطة التجارية والخدمية بين أنماط الاستخدامات الحضرية الأخرى بالمدينة، وذلك على ضوء عدة متغيرات، مثل تعيين مركز الأعمال والتجارة "C.B.D" بالمدينة بناءً على مدى توسطه للمنطقة العمرانية وقيمة الأراضي ومركب الاستخدامات وتناقص الكثافة السكانية والإسكانية بالتباعد عن قلب المدينة.