أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-6-2017
24406
التاريخ: 22/12/2022
2075
التاريخ: 18-1-2016
6398
التاريخ: 6-9-2020
4912
|
مخاوف الأطفال ظاهرة تقلق الآباء والأمهات، وكان العلماء يعتقدون أن الطفل يولد مزوداً بغريزة الخوف، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الخوف عند الطفل لا يبدأ قبل الشهر السادس، ولا يكون في هذا السن واضحاً أو محدداً، وأكثر ما يبدو ذلك بتأثير الأصوات العالية، وإضاعة التوازن.
فالطفل الذي يعيش في الريف، لا يخشى الحيوانات الأليفة، كالكلب أو البقرة أو النعجة، لكن الطفل الذي يتربى في المدن يخافها، وهذه إشارة إلى تأثير البيئة، (ومخاوف الأطفال تتكون أثناء الطفولة الباكرة، ونتيجة لتعاملهم مع البيئة، وتأثرهم بالنمط الحضاري لهذه البيئة، وما فيها من مفاهيم وعادات وأساطير ومواقف)(1).
وقد أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت حول مخاوف الأطفال أن الخوف يتراوح بين النسب التالية: (الخوف من الأمور الخارقة في الطبيعة كالسحر والشياطين 19,5 %، بقاء الطفل وحيداً 14,5 %، الخوف من هجوم بعض الحيوانات بشكل مفاجئ 13,5 %، الخوف من الجروح والوقوع والعمليات الجراحية 13 %)(2).
أما العالم (واطسن)، فيرى (أن الأصوات العالية أو السقوط ما هي إلا منبهات طبيعية لشعور الولد بالخوف، وإن باقي مصادر الخوف ما هي إلا مثيرات شرطية، ارتبطت بالمثير الأصلي الطبيعي فاكتسبت صفته)(3)، ولكننا نجد في الواقع ما يخالف رأي (واطسن)، في هذا الموضوع، فالطفل عندما يكبر يخاف من أي موقف غير متوقع، وفيه غرابة، وهذا يشير إلى أنه ليس هناك مثير واحد يحدث الخوف في الطفولة الأولى.
أما ما يعتقده بعض الأهل بأن إزالة المخاوف من ذهن الطفل تكون بإبعاده عن مصادر الخوف، فهي مسألة غير واقعية، وقد تعمل على تأجيج الشعور بالخوف، ويرى بعض المربين أن خير وسيلة هي أن نعوّد الطفل على مواجهة مواقف الخوف فيصبح من الممكن التحكم بها، وتشكل المخاوف جزءاً هاماً من نمو الأطفال وحياتهم، تنمو معهم حتى مرحلة النضج، لذا يجب مساعدة الأطفال على تخطي مخاوفهم منذ الطفولة، حتى لا ترافقهم وتشكل لهم العقد والمخاوف المرضية تختلف عن المخاوف العقلانية المشروعة التي يحسها الراشدون، ومخاوف الأطفال هي في منزلة بين المنزلتين، مخاوف مؤقتة، تزول مع نموهم إذا عولجت وتتحول إلى دائمة وإلى عقد إن هي أهملت.
إن نزعة حفظ البقاء عند الكائن الحي تدفعه للنضال من أجل ذلك، لتنمية هذه النزعة والابتعاد عن كل ما يهددها، ويعد لذلك انفعال الخوف أحد مظاهر الحفاظ على البقاء، والخوف هو الذي يحفز المرء على الحرص والتروي والحذر، من أجل الحفاظ على البقاء (فالخوف إشارة تهدف إلى الحفاظ على الذات وذلك بتعبئة الامكانات الفيسيولوجية للكائن الحي)(4)، ثم إن إفرازات الأدرينالين الناتجة عن الخوف والمتمثلة بمظاهر فسيولوجية عدة تزيد من قدرة الفرد وقوته وسرعة حركته في المواجهة أو الهرب، ولم يثبت للعلماء الباحثين أن هذه الإفرازات تزيد من القدرة العقلانية بل ثبت العكس أي أنها تحد من هذه القدرة أو تشلها، (والفرد المدرك لقوته وقوة حلفائه لا يعاني من أية مخاوف غير عقلانية، ويتمتع باستعداد أفضل لمجابهة التهديدات التي يلزم الخوف منها)(5). ولا شك بأن الخوف إلى جانب كونه أحد مظاهر حفظ البقاء فهو يحمي الفرد من التهور، لكن شرط أن يقوم هذا الخوف على تقييم دقيق للمدقق ويكون واقعياً، فالخوف من الوحوش المفترسة، والأعاصير الشديدة أمر سوي، أما الخوف من الفراشة والنملة، فهو خوف مرضي، وهو بالتالي سلوك غير سوي، وغير عقلاني. ثم إن المرء عندما يكون أقوى من التهديد لا يعد هناك مبرر للخوف. وقد ثبت كذلك أن هناك ارتباط بين المخاوف الواقعية والذكاء. فالأطفال الأكثر ذكاءً، هم أقدر من غيرهم في تقدير العواقب السيئة، فالخوف منها واتخاذ الحذر والوقاية، وهم يتغلبون على مخاوفهم غير العقلانية بطريقة أفضل من رفاقهم (من متوسطي الذكاء)، (فكلما زاد ذكاء الطفل كلما أصبح أسرع وعياً بالأخطار الحقيقية وقدرة على التمييز بينها وبين الأخطار الوهمية المتخيلة)(6).
فالطفل الذكي لا يمكنه أن يعتقد بالعفاريت وبوجودها، وذلك بفضل قدرته على التفكير المنطقي، والمخاوف التي لا مبرر لها من شأنها أن تصيب صاحبها بعدم التكيف والاضطرابات السلوكية.
بعض الأهل لا يسمحون لأطفالهم بمواجهة الصعاب خوفاً عليهم وحباً بهم فيقيمون حولهم أسباب العناية الكاملة، والحرص الشديد المبالغ به، فيعملون على غير رغبة منهم على زرع المخاوف في نفوس أبنائهم. وترداد عبارات التحذير المبالغ به حول الوقوع في المخاطر، يهدد الثقة بالنفس، ويعمل على إنشاء المخاوف.
وهناك فروق فردية كبيرة في درجة قابلية وإصابة الأطفال بالمخاوف ناتجة عن الأسباب الوراثية، وغالباً ما تبدأ منذ فترة الحمل، وتكوين الجنين، وعن أسباب تربوية مردها إلى الطريقة التي يتعامل فيها الآباء مع أطفالهم.
والمقولة التي ذهبت إلى أن البنات أكثر تخوفاً من البنين، فقدت مصداقيتها ولم تعد الشجاعة إمتيازاً ذكرياً أو حكراً على جنس الرجال. نقول هذا بعد سماعنا الكثير عن الفتيات اللواتي عرفن بشجاعتهن النادرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ د. فاخر عاقل، أصول علم النفس وتطبيقاته، ص 217.
2ـ د. عبد الرحمن العيسوي، أمراض العصر النفسية والعقلية والسيكوسوماتية، ص145.
3ـ د. مصطفى فهمي، سيكولوجية الأطفال غير العاديين، ص 319.
4ـ ب. ب وولمان، مخاوف الأطفال، تقديم عبد العزيز القوصي ومحمد الطيب، ص15.
5ـ المصدر السابق، ص 18.
6ـ المصدر السابق، ص 20.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|