جغرافية الخدمات من منظور اقتصادي:

قسمت الأنشطة الاقتصادية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: الأنشطة الأولية وتسمى قطاع الفلاحة والصيد، حيث يتعامل فيها الإنسان مع الموارد الطبيعية كالأرض والتربة في الإنتاج الزراعي والتعدين والتحجير والرعي والصيد البحري والتحريج من الغابات، أما الأنشطة الثنائية فيتعامل الإنسان فيها مع مخرجات الأنشطة الأولية كالخامات لعمليات معقدة تستخدم فيها التكنولوجيا وتنتج سلعا جديدة لها خصائص تختلف عن خصائص الخامات المستخدمة والتي تسمى بقطاع الصناعة والموارد الطاقوية والأشغال العمومية، ومن أهم الأنشطة الثنائية نذكر على سبيل الحصر الصناعات التحويلية وصناعة المياه والكهرباء والتشييد والبناء، وفي هذا الإطار يطلق الاقتصاديون على الأنشطة الأولية والثنائية اسم القطاعات السلعية، و التي يمكن أن تستهلك مباشرة أو تدخل في عمليات أكثر تعقيدًا، وتسمح فوائض الدخول من القطاعات السلعية أو الإنتاجية بظهور أنشطة جديدة يتم فيها توظيف الخبرات الجسدية والفكرية والمهارات المجموعات . السكان في تقديم خدمات متنوعة يحتاجها المجتمع، ويطلق عليها الأنشطة الثلاثية، أما الأنشطة الرباعية فتضم قطاع المعلومات والبحوث والإدارة.

وعلى هذا الأساس نجد أن الإنتاج الخدمي يتسم باتساع مجالاته، وهو يظهر في القطاعات السلعية كالزراعة والصناعة مثلا ولكن نسبة مساهمة المكون الخدمي في هذه القطاعات محدودة، غير أنه لا تلبث أن ترتفع في أنشطة النقل والتوزيع رغم أنها تستخدم تجهيزات ضخمة من أساطيل النقل وأشكال مختلفة من المستودعات والمخازن، إذ تقدم خدمات مباشرة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولكن ضخامة وتنوع الأنشطة داخل قطاع النقل والتوزيع جعل من هذا القطاع الخدمي الإنتاجي صناعة خاصة تبلورت هويتها في فرع جديد من فروع الجغرافيا الاقتصادية وهو جغرافية النقل.

ويتعاظم المكون الخدمي في تكلفة أنشطة التجارة والخدمات الاجتماعية التي تتعامل مع أفراد المجتمع مباشرة في عمليات التسويق أفرادا وجماعات وتقل بها حجم التجهيزات والوسائط في عملية الإنتاج الخدمي. ويتفاوت مفهوم الخدمات بين المهتمين بها، فقد أوضح Roald KENT أن هناك اتجاهين لتعريف الخدمات:

أولهما: يعتمد على طبيعة مخرجات الإنتاج OUT PUT ويؤكد على الطبيعة غير الملموسة لمنتجات الخدمة وهذا التعريف يؤكد على عدم مادية المنتج، وذلك لأن بعض الخدمات مثل التشييد والبناء والطباعة والنشر تنتج سلعا مادية، وتصنف التعدادات الخدمات إلى القطاعات التالية:

النقل والتخزين والمواصلات

التمويل والتأمينات والعقارات وخدمة الأعمال.

خدمات المجتمع العامة والخدمات الاجتماعية الشخصية.

ثانيهما: يعتمد على طريقة الإنتاج وتعريف الخدمات على أنها الأنشطة غير التصنيعية أو التعدينية أو الزراعية، فالأول يعتبر تعريفا ضيقا إذا قورن بالتعريف الثاني الذي يتصف بعدم الدقة.

وقد حاول البعض أن يجد للخدمات تعريفا بالإشارة إلى الأهداف العامة لها، والتي تشمل زيادة المداخيل وإتاحة الفرص الاقتصادية الجيدة وتحسين الأحوال البيئية والارتقاء بالمستوى الصحي للسكان وزيادة المعرفة والثقافة والتكيف الشخصي والاجتماعي ووسائل التنمية الاجتماعية المنظمة.

وهناك عدة مشاكل تسببت في عدم وضع تعريف محدد للخدمات، ومنها:

1- أن مغزى الخدمات للاقتصاديات الوطنية يعتمد على السياسة الوطنية قومية المستخدمة في هذه الاقتصاديات، وبذلك يختلف تعريف الخدمة.

2- كيفية فصل الخدمات عن السلع وقياس حجمها، فمعظم السلع والخدمات لما مكونات من بعضها متضمنة في عملية إنتاجها على سبيل المثال فإن خدمة النقل الجوي أو البحري تعتمد على استخدام الطائرات والسفن والتكنولوجيات المتقدمة المرتبطة بهم.

3- عدم قياس قيمة السلع المعطاة فإنه يضم تكلفة المنتج الكلي، وبالتالي لا يفصل تكاليف الخدمة التي دخلت في إنتاجها.

4- مشكلة توافر البيانات الخاصة بالسلع المادية والتركيز عليها دائما على عكس البيانات الخاصة بالخدمات.

5- بيانات الخدمة كثيرًا ما تكون منفصلة وعدد الخدمات المدرجة تحت بند خدمات أخرى يختلف من دولة إلى أخرى.

وبناء على التعريفات السابقة والمنظور المتغير للخدمات ما بين عامة وخاصة بأجر أو مجاني محلية أو دولية معمرة أو غير معمرة، كما أو كيفا، نشاطا أو مهنة. ويمكن الربط بين التعريفات السابقة بحيث تعرف الخدمة على أنها عمل مفيد يستهدف تحسين نوعية الحياة للفرد أو المجتمع، وينتج في معظم الأحوال سلع غير مادية، لأنه في الغالب يقدم خبرة ومهارة فئات مدربة علميا وعمليا إلى عامة السكان، وإلى هيئات وشركات محلية أو إقليمية أو عالمية.