المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05

أسس تصنيف السياحة - الأساس السادس
3-4-2022
علي (عليه السلام) قوة وأعجوبة
7-01-2015
نقد التفسير في عصر الصحابة والتابعين *
13-10-2014
الاخبار الواردة عن السجاد في المهدي
2-08-2015
بكر بن خارجة
29-12-2015
The subjects on morphology and syntax
2024-05-06


الطفل بحاجة الى الأدب والأخلاق  
  
1519   11:07 صباحاً   التاريخ: 6-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص437ــ450
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2018 2450
التاريخ: 25-7-2016 2560
التاريخ: 17-1-2016 2360
التاريخ: 18-1-2016 1984

الانسان موجود يعيش داخل إطار المجتمع والحياة الاجتماعية بحاجة الى مراعاة الأصول والضوابط الاخلاقية التي من الممكن ان تكون ناجمة عن دين وفكر الهي أو من صنيعة افراد المجتمع المستمدة من التعاقد الاجتماعي وفى كلا الحالتين في مجرد وجودها أفضل من عدمها.

لقد عبّروا عن الانسان وقالوا بأنه موجود اخلاقي بسبب الاعتقاد السائد بأنه لا حياة انسانية بدون الاخلاق. انكم لا تلاحظون اي أثر للأخلاق في عالم الحيوان. وكل حيوان يقتصر اهتمامه بنفسه وكيفية انقاذ نفسه من المخاطر. وان حدث ان شاهدتم وجود بعض الاهتمامات والمراعاة لدى بعض الحيوانات لا بد ان تعلموا بأن مصدر ذلك واساسهُ هو الغريزة وليس التفكير.

ان اهمية الاخلاق في الاسلام تصل الى الحد الذي عبر عنه رسولنا الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأن السر في بعثته كامنٌ في هذا الأمر، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: (بعثت لأتمم مكارم الاخلاق). وعندما نقف على وصايا القرآن والسنة نجد ان جانباً مهماً منها يختص بالأخلاق والمسائل الاخلاقية. ومن وجهة النظر الاسلامية فانه لا يوجد بعد العمل بالفرائض شيء أفضل من الاخلاق عند الله تعالى (الكافي ج٢).

حاجة الطفل الى الاخلاق:

ان اطفالنا بحاجة الى الاخلاق وهذه الحاجة الهامة تمتلك عمقاً فطرياً وذاتياً في الانسان، وهو أيضاً من ضرورات الحياة الاجتماعية. ان الطفل وحسب ذاته وفطرته بحاجة الى ان يكون أميناً وصادقاً. نظيفاً ومنزهاً وبعيداً عن أي نوع من الخصال السيئة كالحسد، والضغينة، والبذاءة، وسوء الظن، والازدواجية والنفاق.

كما انه وحسب حياته الاجتماعية مضطر الى أن يتسم بالأخلاق ليصبح بوسعه ان يحيا مع الآخرين ويعاشرهم معاشرة حسنة. وان يحب الناس ويراعي الاخلاق والصفات الانسانية وضوابط الحياة الانسانية. ولا بد من الاستفادة من هذه الحاجة الفطرية والاجتماعية وان نعمل على توجيه الطفل ودفعه نحو الاعمال الحسنة والمرضية ونحو الفضائل الاخلاقية والانسانية في المراحل الاعلى. وضمن هذا الاطار فقط يتمكن الانسان ان يذوق طعم الحياة الاجتماعية ويأخذ نصيبه منها ويسير في طريق النمو والنضج.

ضرورته وأهميته :

الطفل أمانة الله ووديعته لدى الأبوين، وقد جبلت ذهنيته وروحه بمنأىً عن أي تأثير وسلوكه بمنأى عن اي نوع من العادات والخصال السلبية. وفي نفس الوقت فانه يمتلك من القابليات التي تجعله يتقبل الادوار المختلفة. بيد أنه من الناحية التربوية يجب العمل على خلق العوامل والادوار التي تصب في صالح حياته الاجتماعية وتنفعه في حياته اليومية.

ولو تلقى الانسان الاخلاق واطلع على قواعده ولم يعرف حقوقه وحقوق الآخرين فلن تتوفر " امكانية مواصلة الحياة وليس بوسعه ان يحيا بينهم بوجه سليم. حتى انه من الممكن احيانا ان يصبح وجها مرفوضا وغير مرغوباً به من قبل المجتمع. وكذا الحال بالنسبة للطفل فيما لو اطلع على ضوابط معقولة وصحيحة أو لم يزين نفسه بالأخلاق والطباع المناسبة.

وبقليل من التسامح يمكن القول بأن الطفل تتملكه حالة من اللامبالاة ولكي يتحول فيما بعد وعلى اثر ملاحظة السلوك والتشجيع والتلقين الى ان يكون حساساً تجاه بعض الامور والمواقف. بالرغم من ان التأثير عليه وتأثيره بذلك يكون قوياً، إذ انه يتقبل كل ما نعطيه اياه وهذه المسألة بالنظر الى حاجة الانسان الى الحياة الاجتماعية تمتلك اقصى درجات الاهمية والضرورة. ويمكن الوقوف على اهمية وضرورة الاخلاق والتربية الاخلاقية بشكل افضل واجلى عندما نصطدم بأفراد لا يتمتعون بالأخلاق. اذ ان اغلب المنحرفين والمذنبين في المجتمع هم من الافراد الذين لم ينالوا حظهم الكافي من الاخلاق، ومفسدوا المجتمع هم من الافراد الفاقدين للتربية الاخلاقية. فالأخلاق الملوثة أفسدت أرواحهم وضيعت حياتهم والامراض الاخلاقية المزمنة تسببت في تخبطهم وفسادهم.

الدور النموذجي للآباء :

ان دور الاسرة والأبوين في التربية الاخلاقية للطفل مهم جداً واساسي. فالعائلة تمثل المدرسة الاخلاقية الأولى للأطفال، والابوين هما أول وأهم المربين له، حيث يعد سلوكهم واعمالهم، أقوالهم وحصيلة تجاربهم درساً مهماً للطفل. وابتسامتهم وتقطيبة وجوههم، محبتهم وعدم محبتهم، وفاؤهم وخيانتهم، صدقهم وكذبهم، اصالتهم واجرامهم ترسم للطفل معالم حياته الحالية والمستقبلية.

ويقول علماء النفس ان الأسس الاخلاقية لشخصية الطفل توضع لبناتها الأولى في البيت وتقبله للموازين الاساسية والمؤثرة في بناء الاخلاق تنطلق من هذا المكان، وما يشاهده الطفل في البيت يجعله جزءً غير قابل للتغيير في خلقه وطباعه ويرسخه بداخله الى ما لانهاية. ويصدق هذا الامر بشأن الاطفال ويؤثر فيهم الى درجة يقول معها علماء النفس ان السلوك الشخصي واخلاق الطفل وطباعه ما هي إلا انعكاس كامل لسلوك الابوين. ومن هذا المنطق فان نمط تعامل الابوين فيما بينهم، تأدبهم واخلاقهم واحترامهم لبعضها البعض، وكيفية حياتهم ومواقفهم ازاء المسائل والأمور له اثر بالغ جداً في هذا المجال.

كيفية التربية الاخلاقية :

وبناءً على هذا الأساس فان التربية الاخلاقية للطفل ما هي إلا نتيجة طبيعية للنموذج الذي يتلقاه الطفل من العائلة. بيد ان هذا الحديث لا يعني ان نموذج الطفل وقدوته في كل الاوقات هما الأب والأم، بل من الممكن في بعض الاحيان ان يستحوذ افراد آخرون على قلبه ومشاعره ويوقعونه في شباكهم. وهذا الأمر الذي نادراً ان يظهر لدى الاطفال الصغار يمكن ان يكون مضراً أو مفيداً وفي طريق مصلحة الطفل.

اذن يمثل النفوذ الى اعماق الطفل ركناً اساسياً في مسألة تربيته الاخلاقية يجب ان يأخذه الابوان بنظر الاعتبار. كما ان النصائح والتوجيهات الاخلاقية يجب بناءً على هذا الاساس مؤثرة أيضاً في هذا المجال. ويجب ان لا يتبادر الى اذهان بعض الآباء ان قناعة المربي بحديثه يمكن ان يكون بناءً وهادياً فقط. انكم تملؤون ذهن الطفل بتوجيهاتكم ولا يعرف ان كانت هذه الاملاءات ستترجم الى واقع عملي ام لا. وفي نفس الوقت فان النصائح والتوجيهات بنّاءة ومفيدة للأطفال الصغار وتؤدي الى ان يطبع بها الطفل.

والأساس في التربية الاخلاقية يعتمد على الاختيار السليم والبناء وفسح المجال امام التقيد والالتزام بالأصول والضوابط المدروسة وهنا تكمن أهمية مسألة الهدفية وامتلاك الرؤية والفلسفة الواضحة عن الحياة. ويجب على الآباء ان يطلعوا على ذلك ويستنيروا به.

المعلومات اللازمة في هذا المجال :

يجب ان يعلم الآباء الاتجاه الذي يتحركون صوبه وماذا يريدون فعله في التربية الاخلاقية؟ وما هي الاصول الموازين المراد نقلها الى الطفل؟ لأنه عندما يدور الكلام عن الاخلاق فإننا نرى انفسنا امام ابعاد واسعة من المواضع، وتبدو امامنا خطوط متعددة من موازين الحياة الاجتماعية وينبغي لنا ان نتخذه تجاه كل منها اسلوباً معيناً:

بعض المعلومات تتعلق بموازين المعاشرة على اساس مراعاة حقوق الافراد، الادب والاحترام، ومراعاة المحبة والعدل والانصاف. والجزء الآخر يتعلق بالفضائل التي لابد ان نتزين بها ونعرف قدرها وأهميتها ونعرفها للآخرين. ونعمل على ايجاد وخلق العادات المقبولة في انفسنا ونجعل انفسنا في مسار الخير والصلاح.

والقسم الآخر من الاخلاق بشأن مراعاة الآداب، والتقاليد والاعراف التي تم الوقوف على صحتها، ويرى افراد المجتمع انهم ملزمون بالتقيد بها ومراعاتها مثل آداب الطعام، والمعاشرة، الذهاب والاياب، والمجاملات، والقمم الآخر منها بشأن الامور التي تؤدي اللجوء لها والاعتماد عليها الى خلق موجبات الضلال والضياع للفرد والآخرين مثل الرياء والخديعة والنفاق. وبالنتيجة من المهم ان يدرك الطفل تدريجياً ما هو الصالح والطالح في كل ذلك، وايهما حق وايهما باطل و...

بداية سن التربية الاخلاقية ومراحلها :

الاخلاق بمعنى مجموعة الضوابط المتحكمة بالسلوك يجب ان تراعى بشأن الطفل منذ الايام الأولى للولادة أو أردنا التساهل قليلاً في ذلك فيجب ان يحصل ذلك ابتداء من الشهر الرابع للولادة على الاقل، أي تلك السن التي ينجح الطفل فيها بإيجاد علاقة صميمية مع الوالدين، ويكون لتبسمه وبكائه معنى ويصبح كل منهما بشكل عامل ارتباط بين الطرفين.

وابتداءً من هذه السن يجب ان نعمل على توجيه مسألة التربية بحيث ان الطفل يسخر مسألة البكاء مثلاً كعامل تحذير وتنبيه وليس بعنوان وسيلة للأخذ والقبض، أو ان يستخدم اللجاجة لغرض الحصول على مكانة أو امتياز معين لنفسه. وهذه المرحلة من العمر تعد مرحلة حساسة واستثنائية خاصة وان الأمور التي يتعلمها الطفل في هذه المرحلة وعاداتها غير قابلة للتغيير. ويبدأ الطفل في هذا العمر بالاهتمام بعلاقاته الاجتماعية وعلى الأبوين ان يبذلوا ما بوسعهم من اجل ان يبدأ الطفل في هذه المرحلة بالذات بالعمل على انسجام توقعاته وآماله مع المجتمع تدريجياً.

العمر من ٣ــ٦ سنوات يمثل المرحلة الثانية للتربية الاخلاقية والتي تبقى لبناتها حسب اعتقاد علماء النفس الى نهاية العمر وهي تشكل حوالي70% من سلوك الكبار.

ويتعلم الطفل الأصول الاخلاقية في هذه المرحلة ويتسم الثناء والثواب والعقاب في هذه المرحلة بأنه اكثر تأثيراً وفاعلية.

المرحلة الثالثة للتربية الاخلاقية تتمثل بعمر٦-١٢سنة والتي تحظى هي الاخرى بأهمية استثنائية أيضاً خاصة وان الطفل من الممكن ان يعاني من تضاد وتعارض البيت والمدرسة ويميل بالنتيجة الى أحدهما أو على الاقل يأخذ مسحة لنفسه من كليهما. ويلعب سلوك المعلمين والزملاء، والعوامل المحركة والمثيرة، والثواب، والمظاهر ودوراً مهماً في هذه المرحلة في بناء أو تخريب اخلاق الطفل.

الاخلاق والموازين :

قلنا ان في كل مجتمع هناك مجموعة من الضوابط والشروط يرى الافراد انهم مضطرون للانسجام معها من حيث البعد الاخلاقي. وأساس المسألة في هذا الأمر ان نعرف ما هي الاشياء الجيدة والاشياء السيئة، وأي عمل يجب ان نؤديه وأي عمل يجب ان نجتنبه وبالنتيجة يجب ان نحرر روح الطفل من الفوضى ونجعله حساساً تجاه الامور.

كما ان مسألة التحلي بالقيم والفضائل الاخلاقية في مجال الاخلاق مطلوبة هي الاخرى وكذلك قبول القانون واحترامه.

ويجب ان يكون الانسجام بمثابة حصيلة الاخلاق وقبول الموازين ومرادنا من الانسجام ليس المقصود به القبول والتطابق الغير مشروط مع المجتمع وثقافته، بل معرفة الواجب والمسؤولية والسعي من اجل تحقيق ذلك وهذا هو الفرق بين نظام الاسلام في الحياة الاجتماعية وبقية المجتمعات اذ يتمثل الانسجام فيها بالموافقة على ما تعاقد عليه المجتمع.

ان تحديد الموازين المدروسة واحترامها تعد بحد ذاتها وسيلة جيدة لتحقيق النمو الاخلاقي وتكمن مسؤولية الابوين في هذا المجال بحمل الطفل على مراعاتها دون فرض أو اجبار في هذا الخصوص. ان الشعور بالرضا وعدم الرضا اثناء العمل يعد بحد ذاته افضل وسيلة لقبول تلك الموازين :

خلق الفرص الاخلاقية:

والدا الطفل مكلفون بإيجاد فرصة معينة امام الطفل، لكي يعد نفسه فيها للتمسك بالأخلاق وتعلم اصوله وضوابطه. وان جانباً من تربية الطفل يرتبط بجدية وجهود الابوين لغرض اتصاف الطفل بالفضائل والابتعاد عن الرذائل.

١- ففي جانب الفضائل المراد هو بناء الطفل لغرض تقبل الملكات الفاضلة، ترويض الأدب، التخلي عن جزء من حقوقه وحرياته للآخرين، امتلاك بعض الخصال كحب الخير، والاحسان، والتعاون، والايثار، والتعاضد الاجتماعي، ومشاركة الناس في همومهم، ومواساتهم في آمالهم ومعاناتهم، اعانة المحتاجين وبذل المزيد من العون لهم، و...

٢- في جانب الرذائل، فالمراد التخلي عن الكبر, والغرور، والرياء والشرك، التكبر والتعالي، اجتناب العوامل المضرة ومخاطر الانحراف، والتخلي عن الخمول، والنفاق، واليأس، والشر، والانتقام، والبغض، الاعتداء والاهانة، الميل عن الحق، والدفاع عن الباطل، والتحلل وعدم التقيد، وبشكل عام التخلي عن الاعمال التي تعتبر مخالفة للأخلاق من وجهة النظر الدينية.

المتابعات اللازمة في هذا المجال :

لكي تتبلور الاخلاق بشكل جيد لدى الطفل من الضروري ان لا يكتفي الآباء بالكلام والنصح والتحذير فقط أو ان لا يتولد لديهم تصور معين بأنهم قاموا بالنصح والتنبيه وكفى، ولم تعد لهم اي مسؤولية أخرى، كلا ، إذ يجب عليهم متابعة سلوك واعمال الطفل دائماً.

والمراد بالمتابعة والسيطرة هنا ليس استخدام العنف والعقوبة البدنية، كلا، لأن الادب والاخلاق لا يمكن زرعهما لدى الفرد عن طريق العناد والقوة وان تم ذلك فلن يقوى على الدوام. إذ لا بد من مراقبة الجوانب الاخلاقية والسلوكية لدى الطفل والسيطرة عليها من خلال الاساليب المتعقلة، واكتشاف النقاط الايجابية في حياته وتشجيعها وتصديقها. وطبعاً لا يعني هذا الحديث عدم لجوءنا الى استخدام الانتقادات البناءة لاصلاح اخطاء الطفل عندما تستدعي الضرورة لذلك.

ان المراقبة ضرورية بشكل اكبر في السنوات الثلاثة الأولى من العمر، ويتأثر الطفل في هذه المرحلة بروحية الأبوين واخلاقهم ومشاعرهم بشكل اكبر أيضاً. وفي المرحلة الخاصة على وجه التحديد يجب ان لا نعمد الى استخدام التنبيه والمعاقبة لغرض تحفيز الطفل ودفعه الى اداء الاعمال. حيث تظهر في هذه الصورة حالة الاعراض عن الاخلاق وظهور حالة الخوف والفزع والتي تبقى آثارها السلبية في الطفل الى أمد طويل.

الممارسات الاخلاقية:

ومن اجل تربية الطفل اخلاقياً وجعله في مسار الحق والصواب من الضروري ان نحمل الطفل على الممارسة العملية، مثل مطالبته باداء التحية على الاخرين والتسليم عليهم، ومصافحتهم، ومجاملتهم، والتعامل مع الافراد بوجه منبسط، ويظهر محبته واحترامه للآخرين ، وان يشعر بالرضا في داخله جزاء هذه الاعمال.

ومن التمارين والممارسات الاخلاقية تمرين السيطرة على النفس، وتمرين تحمل المصائب والمعضلات، ويجب في بعض الاحيان حمل الطفل على القيام الاعمال التي لا يحبها وان لا يكون أسير اهوائه ورغباته النفسية، ويقبل بالأمور التي يراها مكرمة بالنسبة له ولكن عندما يقول أبويه بانها في مصلحته عليه ان يقبل بذلك. وان لا يبدي المزيد من التأوه والتألم فيما يتعلق بشأن تحمل الألم والمرض، ولا يلجأ الى اشراك الآخرين في تحمل آلامه ومعاناته وان يجعل نصب عينيه هذه المقولة: لا يحب للآخرين ما لا يحب لنفسه.

خلق العادات الاخلاقية:

لا بد من غرس الاخلاق لدى الطفل تدريجياً لكي لا يشعر بالتثاقل والصعوبة ولا يرى المشقة في ابعادها العملية. ان التطبع والتعود على الجوانب الاخلاقية من المسائل الأساسية في الحياة، ولا يمكن اعتبار الفرد بأنه خلق بدونها.

وعلى أثر التعود، فان القيام بسلوك خاص يصبح أمراً ميسوراً على الطفل وتزول مشاعر الملل والمعاناة ولن تكون هناك حاجة للتصنع والتظاهر.

ولن يكون الطفل بحاجة الى تفكير جديد بشأن كل حالة أو ان يطالب الطفل بأوامر جديدة في هذه المرحلة.

ان جانباً من هذه التعاليم وخلق العادات تكمن في طار المسائل الاجتماعية مثل الامتناع عن البصاق في الشارع، عدم شرب الماء من أي قدح كان، عدم استخدام المنشفة والمنديل العائدين للغير، الامتناع عن العيش والفعالية في الاجواد الملوثة والقذرة، الامتناع عن العطاس والسعال بوجه الآخرين و...

ان جميع هذه المسائل تنطوي تحت الآداب الاجتماعية التي نحن بصدد دراستها في موضوع الاخلاق.

ان خلق وايجاد هذه العادات في الطفل تتم بشكل تدريجي، ومن الضروري هنا ان تتصاعد الاعمال من المرحلة السهلة الى الصعبة وتؤخذ بنظر الاعتبار ظروف وقابليات الطفل ومستوى ادراكه وقدرته، كما يجب ان نأخذ بنظر الاعتبار مسألة تحمل الطفل وصبره ومطاولته بهذا الشأن وان لا ينشأ الطفل نشأة تنم عن انه سريع الضجر والتألم، وشديد الحساسية ومترعرع في محيط منعم ومرفه. ان كل هذه العادات الهدف منها ان يكون الطفل قادراً على مواصلة حياته في الجو المتعارف عليه.

الرقابة على العلاقات:

ينبغي للآباء والمربين ان يمتلكوا المعلومات المطلوبة حول علاقات الطفل ليقوموا بتعليمها اياه. إذ على الطفل ان يدرك ان الأدب والاخلاق يكمنان في الاخذ والعطاء. ولو اراد من الآخرين ان يعاملوه بأدب فعليه ان يعاملهم بنفس تلك الطريقة حتماً .

وعليه ان ينظر الى حديث الآخرين بكل احترام وتقدير لكي ينظر الى حديثه باحترام مماثل أيضاً.

كما يجب تعليمهم على ان يكون كلامهم قليلاً، وصادقاً، وصحيحاً، ومفيداً، ومؤدباً، ويراد به الخير والصلاح. ان تقدير خدمات الآخرين وشكرهم على ذلك من أوليات العادات والآداب كما ان محبة الآخرين يمثل اسلوباً لغرض الاستفادة من صفاء الغير، واستخدام المصطلحات الحسنة من شروط الادب ايضاً. الكرامة والحزم من اركان وثوابت الحياة الاجتماعية، بينما نجد ان الابتعاد عن المنطق، والادب، والتفكير والاهتمام بالنفس فقط، والابتعاد والانزواء عن الناس، التكبر ومدح النفس، الاسراف في القول والعمل، الادعاء بالفضل تعتبر كلها من عوامل الانحدار والسقوط ولا بد من اجتناب ذلك كله.

وعليه ان يعلم انه ومن اجل الاستفادة من الآخرين عليه ان يبادر الى مساعدة الآخرين، وان يغني الحياة من خلال الاعتماد على الكفاءة والنمو والتعامل الانساني وتنفيذ مسؤولياته والتزاماته تجاه الآخرين وبعبارة اخرى ان يدرك كيفية اقامة العلاقات الصحيحة.

ملاحظات مهمة بشأن الأدب والاخلاق :

١- الاساس في الجانب الاخلاقي يستند الى معرفة الحق والصواب وفي هذه الحالة يجب قبول ذلك والتحلي به.

٢- ثبات الاخلاق من ثوابت الحياة الانسانية والاخلاقية، ولابد للطفل ان يتصف بذلك.

٣- علينا تعليم الطفل ان يطمع بالآخرين بمقدار قدرته على رد ذلك.

٤- اضطروه الى التخلي عن الكذب، والرياء ، والخيانة حتى وان كذب عليه، وخانوه، و...

٥- يجب ان ينظر الطفل الى مسألة مراعاة الضوابط الاخلاقية كواجب ملقى على عاتقه وليس بدافع الطمع في الجنة أو الخوف من النار.

٦- ان محبة النفس امر حسن وضروري لمواصلة الحياة إلا ان التكبر قبيح وغير مندوب.

٧- اثناء المصادمات احملوه على امتلاك وعيه وتعقله وان لا ينسى السكوت والاستماع بوقار وحكمة.

٨- اضطروه الى ان يحمل كَلّه بنفسه وان يقوم بذلك حسب قدرته.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.