II- تمييز مفهوم التنمية عن المفاهيم المشابهة     

كثيراَ ما يقع الخلط بين مفهوم التنمية وبعض المفاهيم القريبة منه، وفيما يلي تمييز موجز بينها :

1. التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي : 

تطرقنا في المطلب السابق إلى جوهر التمييز بين هذين المفهومين ونلخصه هنا مع إضافات كالتالي(1):

- النمو مفهوم كمي يشير إلى الزيادة المستمرة في إنتاج السلع الاقتصادية في بلد ما، بينما التنمية مفهوم كمي ونوعي يهدف إلى رفع مستوى الإنسان في كافة المجالات.

- النمو عملية تغيير تلقائية بينما التنمية جهد هادف وإرادي مقصود.

- النمو لا يتناول مختلف نواحي الحياة عكس التنمية.

ـ يقاس النمو بالدخل الفردي الحقيقي، بينما التنمية وبسبب كونها مفهوم أشمل من النمو يترجم تغييرات متعددة اجتماعية ثقافية، ديمغرافية، اقتصادية وسياسية، فإنها تحتاج إلى معايير متعددة الأبعاد (مثل مقياس التنمية البشرية الأشهَر والأبسط مثلاَ).

2. التنمية الاقتصادية والتطور الاقتصادي:

أصل "التطور" تقدم الاقتصاد نحو أهداف محددة مسبقاً، وبذلك فهو مفهوم يشير إلى التغيير والحركة، ولكنه غالباً ما يستعمل للتعبير عن الحالة الاقتصادية (أو الاجتماعية أو غيرها لأن مفهوم التطور لا يختص بالمجال الاقتصادي) لبلد ما أو قطاع ما بعد مرور فترة زمنية معينة (مثلاً التطور من المجتمع الزراعي التقليدي إلى المجتمع الصناعي الحديث)، وكأن التطور معيار للتقييم.

بذلك فهو غير مرادف للنمو، إذ يمكن ان يحدث تطور في المجال الصناعي ولكنه بوتيرة أقل من تزايد السكان مما يعني عدم وجود نمو، كما أنه غير مرادف للتنمية إذ يمكن أن يحدث تطور اقتصادي دون أن يكون مصحوباً بتغييرات هيكلية وذهنية تضمن استمرارية هذا التطور^.(2)

3. التنمية الاقتصادية ومفاهيم أخرى : 

بقي أن نشير إلى الفرق بين مفهوم التنمية وبعض المفاهيم الأخرى غير النمو والتطور الاقتصادي، وهي⁽³⁾:

* التنمية والتغيّر: التغير لا يؤدي بالضرورة إلى التقدم، فقد تتغير الأشياء إلى السالب، بينما تهدف التنمية إلى إحداث تغير نحو الأفضل.

* التنمية والتقدم : لا يشير "التقدم" إلى الحركة في العملية التنموية بل إلى المرحلة النهائية التي تستهدفها.

* التنمية والتحديث : ينصرف مفهوم التحديث إلى جلب رموز الحضارة الحديثة وأدوات الحياة العصرية (تجهيزات تكنولوجية، سلع وأنماط استهلاكية.... ) ، وهو لا يشير في الحقيقة إلى حدوث تنمية لأن نظريات التحديث ظلت أسيرة النموذج الغربي متجاهلة الخصائص المميزة للمجتمعات النامية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في ذلك :

- طلعت السروجي، التنمية الاجتماعية، مركز نشر و توزيع الكتاب الجامعي، حلوان، 2002، ص51.

- ماجد مالك الرزامي التنمية البشرية والأمن القومي العربي- دراسة حالة دول الخليج العربي، رسالة دكتوراه في الاقتصاد كلية الاقتصاد، جامعة دمشق، (غ م)، 2009، ص ص :15-16.

- Croissace, développement et changement social, fiche de cours téléchargée sur www.studyrama.com 

(2) انظر: مصطفى زروني، النمو الاقتصادي واستراتيجيات التنمية بالرجوع إلى اقتصاديات جنوب شرق آسيا، أطروحة دكتوراة في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير ، جامعة الجزائر ، (غ) م)، 1999-2000 ، ص ص: 10-11.

- Matouk BELATTAF, op. cit., pp: 38-39. 

(3) صليحة مقاوسي وهند جمعوني، نحو مقاربات حديثة لدراسة التنمية الاقتصادية، الملتقى الوطني حول الاقتصاد الجزائري – قراءات حديثة في التنمية، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير مع مخبر الدراسات الاقتصادية للصناعات المحلية، جامعة باتنة، يومي 12-13 ديسمبر 2009، ص ص :4-5.