المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المباشرة
2024-11-06
استخرج أفضل ما لدى القناص
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / الطلاق.
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / النكاح.
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / الأطعمة والأشربة.
2024-11-06
المتولي للصدقات
2024-11-06

الوضع في مسائل التوحيد
13-3-2016
الاحتياجات الغذائية للأغنام والماعز
29-1-2016
خــلافة القاهـر بالله
18-10-2017
طريقة القياس بوساطة الانزيم Determination Method Using Enzyme
2024-04-20
Patrick Alexander Sinclair Hardie
22-4-2017
OLIGOMERIZATION OF BUTENES
3-9-2017


حاجة الطفل الى النجاح  
  
1628   10:50 صباحاً   التاريخ: 19/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص293ــ304
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

ان كل انسان بحاجة الى هذه المسألة، وهي ان يحقق بعض النجاحات في حياته اليومية وفى علاقاته بالآخرين، وفى مواجهة الصعوبات اليومية، ويحظى بالثناء وتشجيع ودعم الآخرين له، أو يحظى على الأقل بالموافقة الذاتية. وهذه الحاجة تلازم الانسان في جميع مراحل السر.

ويمكن مشاهدة هذه الحاجة عند الاطفال بشكل واضح تماماً وهم أيضاً بحاجة الى الثناء والتصديق وان يمدحهم الآخرون ويهتمون بهم ويحترمونهم. كما انه بحاجة لان يعرف نسبة هذا النجاح وقيمته وأهميته وفي اي الظروف وبأي الامكانيات يمكنه ان يحقق النجاح في عمل ما أو ان يحقق بعض الاهداف. ونلاحظ تجسيد هذه الحاجة في محاولات الاطفال الدؤوبة للوصول الى النجاح، وفي بعض الاحيان نشاهد صورها الغير صحيحة بشكل حالات التباهي والعجب، والانتساب الى المجاميع والفصائل التي توجد فيها فرصة الرئاسة النجاح. 

جذوره ومنشأوه :

لقد ذكروا عدة أمور تمقل بمجموعها جذور ومنشأ هذه الحاجة منها: الغرور وعزة النفس؛ إذ اعتبره علماء النفس بأنه امر فطري. والبعض الآخر قالوا بأن حب الذات والرغبة في البقاء هما أساس هذه الحاجة، ويقولون أيضاً بما آن الانسان يحب نفسه فهو يحاول آن يهيئ الأرضية اللازمة لدوامه وبقائه. كما ان بعض علماء النفس يقولون أن جذور واساس ذلك هو الحاجة للثقة بالنفس والمطالبة بالقبول الاجتماعي.

وعلى اي حال يمكن الاشارة الى وجود عاملين بموازاة بعضها البعض في هذا المجال :

الأول : الغريزة والفطرة.

الثاني: المحيط والعامل الاجتماعي.

إذ من الممكن ان نبدي وجهة نظرنا بشأن الاطفال على هذا الاساس، وأيضاً من الممكن ان نذكر العامل الاجتماعي باعتباره مؤيداً وعاملاً في هذا المجال.

أهميته للأطفال :

وبغض النظر عن ماهية جذور هذه الحاجة لابد من القول بان وجودها مهم وضروري جداً بالنسبة للطفل. فهو بحاجة لان يشعر بالنجاح في الحياة؛ بل وحتى التمرن على النجاح، وان يخرج من الحالة الحيوانية والانفعالية. وعادة تعطي حالات النجاح والفشل في الحياة رؤية ونظرة معينة للفرد لها دور - في حياته المستقبلية.

ان النجاح في انجاز امر معين يصبح السبب في ان يتولد لدى الطفل اعتقاد ايجابي بنفسه تدريجياً، ويصبح متفائلاً بجدارته ويطمئن ويثق بها. كما تلعب نسبة النجاح دورا اساسيا في نمو شخصيته وافكاره ومشاعره، وتساعد على ازدياد الحماس في التطور ورسم البرامج اللاحقة.

ولو بدأ له بعض النجاح في عمله فانه سيطمئن الى ان جهده وسعيه ليسا عديمي الفائده، ولا ينبغي ان يبدر منه تصرف ينم عن اليأس تجاه العمل والتحضير له. كما يتوصل عملياً في ظل ممارسة العمل والنجاح الى أنه كم يلزم للآخرين من التخطيط، والاستثمار واستهلاك الوقت اللازم للوصول الى هدف ما، وهذا الامر بحد ذاته يمثل عاملاً للنمو الاجتماعي.

الجهود لنيل النجاح:

استعرضوا السيرة اليومية لاحد الاطفال، لكي تلاحظوا حجم الجهود والمحاولات التي يبذلها لغرض تحقيق ما يسميه هو بالنجاح. وما هي الاعمال التي يبادر الى انجازها وما مقدار المعاناة والآلام التي يتحملها في هذا المجال. حتى انهم يلجأون أحياناً الى الحسد والمنافسة، ويقللون من شأن الآخرين ليتمكنوا من اثبات اعمالهم ويعلنوا عن نجاحهم.

انه يزج بنفسه في أي عمل كان يرى فيه املاً للنجاح، حتى انه ينجز أحياناً بعض الاعمال التي ينبغي للكبار القيام بها، وبالرغم من احتمال عدم نجاحه في هذا المسعى إلا أن هذا السعي يبعث الأمل في نفسه. انه يريد ان يحظى بالثناء والمصادقة على عمله بأي شكل كان، وخاصة إذا كان وسط الجماعة ويريد أولئك أيضاً ان يروا عمله أو يظهروا استعدادهم لدعمه وتشجيعه.

مشاعر الطفل تجاه النجاح :

عندما يشاهد الطفل انه متفوق، واعماله موفقة، سيفرح لذلك كثيراً ويشعر بسرور بالغ واعتزاز كبير. ولهذا السبب أيضاً يود ان يدور حوله الحديث في محيط البيت والمدرسة، لكي يزداد شعوره بالغرور والاعتزاز اكثر من السابق.

انهم يشعرون في ظل النجاح بانهم افراد لائقون، وبوسعهم ان يتطوروا، ومثل هذا الاحساس له تأثير بالغ في تخفيف وتقليل آلامهم ومعاناتهم، وان كانوا يعانون من شيء من الاختلال يمكنهم ان يحققوا توازنهم الروحي. وكذلك يشعر الطفل في ظل النجاح بأنه يمتلك مكانة اجتماعية، وبوسعه في المستقبل ان يصبح منشأ لبعض الآثار ويسحب بساطه خارج الماء كما يقال.

وأخيراً يشعر الطفل في ظل النجاح بأن له شخصية كشخصية الآخرين، وأهمية مكانته ثابتة، وقادر على ان يقف على قدميه ويثق بنفسه ويحافظ على استقلاله، وان يشعر في داخله بالوضاعة أحياناً، فبإمكانه ان يتفوق على هذا الشعور ويستعيد كبريائه واعتزازه بنفسه.

فوائد ذلك للطفل:

يحمل النجاح فوائد وآثاراً جمة للطفل؛ إذ ان آراء علماء النفس في هذا الصدد تظهر مدى اهمية آثاره . يقول احد علماء النفس ما من شيء ابلغ أثراً لتحقيق النصر من النصر نفسه، وكل نصر محقق يمهد الارضية للتجرأ على الدخول في انتصارات أخرى.

وما أكثر النجاحات التي تجعل الطفل سعيداً ما بقي الدهر، وتمهد الارضية لينعم بطراوة الروح. انه بحاجة لأن يشعر بالغرور والاعتزاز ويأتي النجاح ليمثل وسيلة له لبلوغ ذلك. كما ان النجاح يصبح السبب في ان يشعر الطفل بأنه مقتدر، والطفل الموفق في أمر ما يشعر بأنه يمتلك المزيد من الطاقة، ومستعد لبذل المزيد من الجهود لإحراز النجاحات اللاحقة، حتى انه مستعد في هذا المجال ان يعمد الى انجاز بعض الاعمال التي يستشف منها بشكل عام بانها فوق طاقة الطفل ولا يتوقع منه انجازها.

ان نجاح الطفل في حل المعضلات، وانجاز أمر ما يفسح المجال امام ابراز قابلياته الأخرى وثقته بنفسه وكفاءته في المجالات الأخرى، ويؤدي الى تفجير طاقات الفرد الكامنة وتسهل أمامه امكانية النمو. انه يستلذ بسببه بالمواجهة العقلية والعملية ويدرك لماذا ينبغي له ان يندفع ويتطور ومن هذه الناحية يشعر في نفسه بالاستغناء.

فشل الطفل ومخاطره :

في بعض الموارد يواجه الاطفال حالات من الانكسار، وبالرغم من كل ما تنطوي عليه هذه الانكسارات من عوامل بناءة إلا انها تفسح المجال الى ان تستحوذ على الطفل مشاعر الألم والقلق. ان ثقل الفشل يطبع على جبين الطفل ختم التفاهة وسيصبح مانعاً كبيراً يحول دون نموه. كما يوحي الفشل للطفل أحياناً بان الحياة بالنسبة له لا قيمة لها ويعاني من الارهاق العصبي ولا يدري ما يجري عليه.

وكلما انخفضت نسبة النجاح للطفل، ازداد اليأس وكثر الطلب وازدادت الحركة نحو تحقيق الآمال. ان الاكتواء بنار الفشل يطبع على جبين الطفل المزيد من مشاعر التفاهة، ويصبح مانعاً أمامه يحول دون تمكنه من النمو والاندفاع بشكل سليم، ان روح الاطفال الشفافة تؤدي الى ان يفقدوا أملهم وهمتهم نتيجة تعرضهم لانكسار واحد، ويغضوا الطرف عن امالهم وحتى انهم يفقدون القدرة على العودة الى حالتهم الاولى.

وقد اظهرت بعض التحقيقات ان الاطفال الذين يفشلون في الدراسة يعانون من بعض المشاكل الخاصة بشأن علاقتهم مع الآخرين، وتصبح امكانية انسجامهم مع المجتمع أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد. كما ان هؤلاء الافراد يعانون من بعض الصعوبات بشأن تأمين احتياجاتهم البدنية أو النفسية وحتى انهم لا يهتمون بتأمين هذه الاحتياجات، وبالتالي تصبح حالتهم بشكل ينم عن ان نوعاً من الخرس والبهت والحيرة قد استحوذ عليهم، وينسون الاسلوب المؤدي الى احراز النجاح والموفقية.

تكرار الفشل:

من الممكن أحياناً ان تتكرر حالات الفشل للطفل، وفي هذه الحالة من الممكن ان يفقد حتى مشاعره وعواطفه، وان لا يبالي بمصيره وحياته. وينبغي ان لا نتصور بأن الطفل صغير ولا يملك الادراك الكافي؛ إذ ان بعض التجارب اظهرت ان بعض الاطفال الذين يعانون من حالات الفشل المتعاقبة نفضوا أيديهم من انفسهم ووضعوا نهاية لحياتهم. ان عدد هؤلاء من حيث الاحصاء قليل جداً ولكن له وجود.

ان الانكسارات المتوالية تربك الافراد الكبار فكيف بالأطفال الصغار. طبعاً توجد لدى بعض الاطفال الملاحظة التالية :

إذ أنهم يختارون حالة عدم الاعتناء بشأن الانكسارات المتوالية، ولا ينظرون الى تلك الامور باهتمام. من الضروري طبعاً في هذه الحالة ان نقوم بإحياء الرغبة في احترام النفس لدى هؤلاء الاطفال، وفي نفس الوقت الذي لا ندع الانكسار يربكهم، يجب ان نعمل على ان يواجه الامور ويهتدي الى اساليب مواجهة عوامل الانكسار.

موقف الابوين تجاههم:

بسبب حساسية الاطفال وشفافية طبعهم والآثار السلبية التي يخلفها الفشل في نفوسهم، من الضروري ان يقوم الآباء والأمهات بالمراقبة والاهتمام في هذا المجال. ومنها ان لا يوكلوا إليه الاعمال الثقيلة، ولا يحملوه فوق طاقته أو لا يزجونه في أمر تكون نتيجته الفشل والانكسار قطعاً.

وكذلك لو تعرض الطفل للفشل اثناء ادائه واجباً معينا، فليس فقط لا ينبغي ان يلام ويعاقب؛ بل على العكس من ذلك، يجب الأخذ بيده ومواساته، بل وتقويته لكي ينهض ويواصل طريقه من جديد.

لابد من احياء الهدف السابق في ذهنه من قبل ابويه ويهيؤا أمامه موجبات نجاحه الجديد.  وينبغي له في مسيرة حياته ان يدرك المسألة التالية: انه ليس من المقرر ان ينجح الانسان في جميع الاعمال، ولو فشل ذات يوم فليس ذلك مهماً؛ بل المهم ان يخلي الانسان مكانه في هذه الحياة على اثر الهزيمة التي لحقت به والفشل الواقعي هو هذا القسم الاخير. لذا فان تقوية الابوين للطفل المنكسر واعطائه روحية جديدة يعتبر أمراً ضرورياً.

طعم الهزيمة :

وفي نفس الوقت ينبغي لنا ان نتذكر انه من الخطأ القول بوجوب ان تكون حياة الطفل مقروناً بالنجاح دائماً أو ان يُصار الى وضع لبنات الحياة بالنمو الذي يؤدي الى ان يكون الطفل موفقاً دائماً في اداء امر معين. انه مضطر لا محالة الى ان يتذوق طعم الهزيمة احياناً، ويدرك ان هذا الاحتمال يواجه الافراد أيضاً.

طبعاً ليس من الضروري ان نصوغ له في بعض الأحيان هزيمة كاذبة، لأن الطفل سيتعرف تلقائياً على الهزيمة خلال حياته اليومية والمقرونة بالألعاب المتنوعة التي يلهو الطفل بها. انه خلال مباشرته وتعامله مع الاصدقاء بل وحتى مع ابويه كثيراً ما يتمرن على الهزيمة لدرجة انهم لم تعد هناك حاجة الى صياغة المقالب لذلك.

لا تقلقوا لهزيمة الطفل، ولا تتصوروا انه سيخسر نفسه بهزيمة أو هزيمتين تعرضان له ويفقد أمله بالحياة. ان الطفل سيدرك عملياً وخلال حياته اليومية ان مجموعة من حالات الفشل والنجاح والسقوط والنهوض هي التي ستبلور حياته. من هذا المنطلق فانه سينهض بعد السقوط ويشرع عمله من جديد. نعم ان الاطفال المدللون والمنعمون هم فقط يستاؤون بشدة من هذا الأمر، وان هزيمة واحدة ولو بسيطة يعتبرونها اهانة لهم.

التمهيد للنجاح :

وفي نفس الوقف وبالرغم من انه يلزم أحياناً ان تتوفر له بعض الظروف لكي يصبح من الممكن ان يحصل على النجاح، وان هذا الامر ضروري اكثر للطفل وخاصة بعد عدة هزائم متتالية . ينبغي له ان يحقق لنفسه هذه الامكانية لكي يصبح بإمكانه التغلب على نقاط ضعفه.

وهذا التمهيد ضروري من جانب آخر أيضاً، وهو مسألة اشباع غروره وشعور الطفل بالسعادة وحسن الحظ. إذ ان تأمين النجاح للطفل يشبه تأمين السعادة وحسن الحظ والفرد الذي يرى ان سعادته محققه بالاعتزاز والفخر، ويتمتع بالغرور والحيوية، ويمتلك باعثاً للعمل وبذل الجهد وكذلك لمواصلة حياته.

كما يجب ان نلقن الطفل ونعلمه ان كل هزيمة بمثابة درس جديد للفوز بالنجاح. عودوه على ان يفكر دائماً في علل واسباب الهزيمة، ويرى السبب في عدم نجاحه بعمل معين. ثم يسعى ويبدي محاولة وتحركاً جديداً لكي تمهد له أرضية النجاح.

التمرن على النجاح :

ان الآباء مسؤولون كذلك عن توفير الامكانات والاجواء اللازمة للطفل ليتسنى له ممارسة التمرن على النجاح في ظلها وفي هذا الاطار ينبغي لهم ان يختاروا له اهدافاً صغيرة ومحدودة ويحملونه على التحرك نحوها. وان توفر له العوامل والشروط اللازمة لنيل النجاح، ويخلقوا اسباباً تتوفر فيها دوافع التحرك والعمل لتسوقه آنذاك الى الامام.

شجعوه دائماً وقولوا له بأنك لست فرداً تافها لا حول ولا قوة لك، بل انك تمتلك القدرة على العمل والتوفيق، وبوسعك ان تتطور كالآخرين... وبهذا الاسلوب اعملوا على تقوية روحيته وعزيمته لكي لا يكون مهزوزاً، وقدروا له القدرة على الفوز من خلال بعض التمهيدات اللازمة. واجعلوه على طريق الوصول الى الهدف ولكن لا تتصرفوا أيضاً بالشكل الذي يتم فيه انجاز العمل من قبلكم ولكن يُكتب باسمه.

ان التكاليف التكاملية مناسبة جداً للطفل في طريق تمرنه على النجاح والمراد بذلك التكاليف والبرامج التي تنجز فيها الاعمال مرحلة بـ أخرى .

وعندما يحقق في كل مرحلة نجاحا معينا ينبغي ان ينال تشجيعا وهدية مناسبة ومن ثم يندفع للامام. كما ينبغي له في كل مرحلة ان يباشر وبمساعدتكم وتوجيهكم له بتقييم عمله ونجاحه السابق، ويرى اين تكمن نقاط ضعفه وقوته في ذلك. كما يلزم أحياناً ان نقوي لديه حاسة التقليد لكي يتعلم شيئاً ما على اساس النموذج الذي يشاهده ويشرع بأدائه .

ان تنظيم بعض البرامج الرياضية، والتشجيع على ممارسة الالعاب المتنوعة، وتحميل الطفل بعض الواجبات الصغيرة ضمن محيط البيت، والتمرن على المهارات البسيطة كصنع صندوق أو علبة معينه. أو قالب معين و.. يمكن ان تكون مفيدة ومؤثرة جداًفي هذا الصدد.

العوامل المؤثرة في النجاح :

هناك بعض العوامل التي لها دخل في نجاح الطفل لأداء عمل معين بجهلها الكثير من الآباء والمربين ولا يعلمون بأن هذه المسائل تلعب دوراً مهماً في هذا المجال. وعلى سبيل المثال فان الروحية المرحة بحد ذاتها من عوامل النجاح؛ إذ ان الطفل الذي لا يحظى بروحية فاعلة ولأي سبب كان لن يجد نفسه مضطراً لممارسة العمل. وهذه الروحية تحصل لدى الطفل، في الحياة العائلية، والمسائل الانضباطية، وانماط التعامل معه ونقول بصراحة ان الطفل الذي يشاهد بأم عينيه نزاعات الأبوين في محيط البيت لا يمكن ان يتمتع بالروحية المناسبة للعمل والنجاح.

ان وجود الدافع والهدف والغرور لأداء العمل مهم ومؤثر جداً في هذا المجال ، وكذلك فان تشجيعكم وثنائكم في هذا المجال مهم جداً وموجه أيضاً. تصرفوا بالشكل الذي لا يتصور معه الطفل بأنه صغير وحقير امام عمل معين، ولا يواجهه بالفزع والقلق. ان الذكرى المزعجة والمؤلمة لعمل ما تترك اثراً على حركة الطفل اللاحقة وتغلق بوجهه طريق التطور والاندفاع. كما ان حالات البحث عن العيوب، والتهكم لها اثر سلبي في هذا المجال وهي تشبه حالات المقايسة والمقارنة؛ إذ تسلب الطفل راحته وهدوئه النفسي.

بعض الملاحظات المهمة :

وفي الختام من الضروري ان نلتفت الى بعض الموارد التي تلعب دوراً مؤثراً في أمر نجاح الطفل ونموه والتمهيد لذلك :

١- ان للنجاح معنى لدى الطفل عندما يكون مقروناً بالاستقلال. ويتمكن الطفل ان يعمل حقيقة بشكل مستقل. وعلى هذا الاساس اجعلوا الطفل مستقلاً بمقدار جدارته في استخدام الاستقلال الممنوح.

٢- تأمين الراحة الجسمية والنفسية يعلب دوراً مهماً ومؤثراً جداً في نجاح الطفل. وفي حالة عدم توفر هذا التأمين للطفل لن يمكن ان يحظى بالقدرة على كسب النجاح.

٣- لو أيقنتم ان إقدام الطفل على عمل معين سينتهي بهزيمته وفشله حتما امنعوه عن هذا الاقدام ولا تدعوه يلج في هذا الوادي.

٤- صححوا مفهوم النجاح لدى الطفل، واصراره على ذلك وان لا يبلغ به الامر درجة يكون معها في صدد كسب النجاح حتماً ولو فشل في أمر معين تسودّ الدنيا أمامه.

٥- أزيلوا عنه تدريجياً اصراره في الاتكال على الأبوين، وان لا يبلغ به الأمر درجه يتكل فيها حقاً على والديه لأدام عمل معين. انه بحاجة لان يقدم على انجاز عمل معين لنفسه.

٦- يجب ان تكون توقعاتكم من الطفل معقولة وفي حدود القدرة والتمكن. ان انتظار التضحية والايثار واداء الاعمال المهمة من الطفل يؤدي الى الفشل وعدم النجاح. وفي تلك المرحلة من العمر، خذوا بنظر الاعتبار نوع النشاط ومقدار مساعدتكم له.

٧- إمدحوا روحية السعي لكسب النجاح لدى الطفل، ولكن اطلبوا منه ان لا يجر هذا الأمر الى التفاضل الذي يمهد الارضية اللازمة لسقوطه الاخلاقي. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.