أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2017
2106
التاريخ: 6-6-2021
3751
التاريخ: 2024-10-29
103
التاريخ: 21-3-2016
2676
|
إنَّ التعذيب هو ضغط مادي أو معنوي على إرادة المجني عليه، فبذلك لا يشترط في جريمة التعذيب صورة معينة للفعل المادي أو المعنوي اللازم لقيامها، شأنها في ذلك شأن جريمة القتل القصدي، بخلاف جريمة التزوير التي يُشترط لتحققها أن تقع بإحدى الطرق المادية أو المعنوية التي حددها القانون، وبناءً على ما تقدم، فإن خطة دراسة صور التعذيب يمكن أن توضع في محورين؛ إذ يتناول الأول صور التعذيب المادي، في حين يعالج الثاني صور التعذيب المعنوي.
وكما يمكن أن توضع الخطة على أساس الوسائل المادية أو المعنوية المتبعة في التعذيب، أو آثارها على المجني عليه، ولكننا نفضل أن نتبع منهجاً بحثياً آخر يلبي اعتبارات عملية معاصرة تركت بصماتها على بعض صور التعذيب المادي، فجردتها من مظاهر الإيلام وإن لم تجردها من علة التجريم؛ أي: شل إرادة المجني عليه، ونقصد بذلك بعض وسائل التحقيق العلمية الحديثة التي تعدم إرادة المستجوب الحرة وتؤثر في اختياره.
وبهذا سوف نبحث صور التعذيب في فقرتين: الفقرة الأولى: صور التعذيب التقليدية
نقصد بصور التعذيب التقليدية، الأفعال المادية أو المعنوية التقليدية، التي اعتاد رجال السلطة اتباعها في الأنظمة الدكتاتورية والديمقراطية أيضاً، التي تنطوي على إيلام جسدي أو نفسي للخاضع لها، ولا يعتمد القائم بها على تقنية متطورة أو وسيلة حديثة، بطبيعة الحال فلسنا نهدف هنا إلى حصر تلك الأفعال التي تعد من صور التعذيب التقليدية، وذلك لاستحالة حصرها من الناحية العملية أولاً، وعدم جدوى ذلك ثانياً؛ إذ لم يحدد المشرع طرقاً معينة لقيام الجريمة دون سواها، كما أنه وفقاً للقواعد العامة لا عبرة بالوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجريمة ما لم يرسم القانون طريقةً بعينها لذلك، ومع ذلك يمكن على سبيل المثال أن يعتبر تعذيباً، كسحق أصابع المجني عليه؛ أي: كسرها وقلع الأظافر، وممارسة الحرق، وكذلك قص الشعر أو الشارب والبصق في الوجه، أو طلاء الوجه أو الجسم بطلاء أو زيت قذر، أو الإمساك بملابس المتهم بشدة وتمزيقها، أو دفعه بالقوة، أو ربط المجني عليه من قضيبه بسلك كهربائي وإطلاق قيده وجذبه منه، أو إنزال المجني عليه في الماء الملوث أو تهديده بإسقاطه فيه، أو إحضار زوجته وتهديده بارتكاب الفحشاء بها أو التهديد بذلك، وكذلك إجبار المجني على التسمّي بأسماء النساء أو ارتداء ثيابهن أو تسليط الضوء الشديد على الوجه وإبقاء الشخص واقفاً مدة طويلة (1).
الفقرة الثانية: صور التعذيب الحديثة
إنَّ التطور العلمي الهائل الذي شهدته الحياة في مجالاتها المختلفة شمل وسائل التحقيق وأساليب الاستجواب، وكان ذلك يشكل تحولاً كبيراً في مجال كشف الجريمة وتحقيق العدالة، إلا أنه كان باتجاهين متعاكسين إيجابياً وسلبياً بالنسبة للعدالة.
ففي الاتجاه الأول كانت الوسائل العلمية المشروعة، التي ينجم عنها أدلة علمية مادية ومعنوية كبصمات الأصابع والأذن والأسنان والصوت والبصمة الوراثية، وما إلى ذلك، أما الاتجاه الآخر فيشمل طائفة الوسائل العلمية الحديثة في هذا المجال وإن كان انطواؤها على المساس بسلامة الجسد أمراً وارداً، إلا إن مساسها بسلامة النفس وحرية الإرادة أمر مؤكد، وذلك حينما يجري الاستجواب تحت تأثيرها، ومنها أساليب التنويم المغناطيسي وأجهزة كشف الكذب والحقن بالمواد المخدرة (2).
وسوف نعرض لهذه الأساليب الثلاثة كأمثلة لتلك الأساليب والصور الحديثة للتعذيب أولاً: جهاز كشف الكذب يمكن أن يعرف جهاز كشف الكذب بأنه ذلك الجهاز الذي يقوم بتسجيل بعض التغييرات الفيزيولوجية مثل : ضغط الدم التنفس درجة مقاومة الجلد للتيار الكهربائي التي تظهر على الفرد من خلال التحقيق، ومن دراسة هذه التغيرات من خلال تحليل الرسوم البيانية التي سجلها الجهاز ومن تقييم كل الأدلة المتوفرة خلال التحقيق يمكن عندئذٍ التأكد من صدق أو كذب الشخص موضوع الاختبار في إجابته على الأسئلة الموجهة إليه وإن لجهاز كشف الكذب آثاراً مختلفةً على المراد اختباره؛ فهو يؤدي إلى قلق المختبر من مجرد الاتهام وخوفه من احتمال خطأ الجهاز والألم الذي يصاحب تثبيت بعض أجزاء الجهاز على جسمه، والاضطراب الشديد الذي ينتابه عند سؤاله أسئلةً شخصية محرجة بعيدة عن موضوع الجريمة(3).
وعلى ما تقدم فإن استخدام جهاز كشف الكذب يمثل ضغطاً نفسياً عنيفاً على الخاضع له، وبالتالي فقد تعتري البريء حتى عند خضوعه له وخشيته من وقوعه في خطأ غير مقصود انفعالات تفشر على أنها محاولة تغيير الحقيقة، فضلاً على أن هذا الأسلوب يمثل اعتداء مادياً على حق المشتبه فيه في الصمت، أو في عدم الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بأنه مذنب كوسيلة للدفاع، وبذلك فإن استخدام هذا الجهاز هو من صور تعذيب المتهم الحديثة، وبذلك فإننا ندعو إلى عدم استخدام هذا الجهاز في التحقيق ؛ لما ينطوي عليه من تعذيب للمختبر به.
ثانياً: الاستجواب تحت تأثير العقاقير المخدرة
ويعد هذا الأسلوب خاصاً في التحليل النفسي، يتم عن طريق حقن الشخص بجرعة معينة في
الوريد من إحدى العقاقير المخدرة والتي تؤدي إلى حالة من الغيبوبة الواعية لفترة معينة حسب كمية الجرعة يستمر الشخص إثنائها مالكاً لقواه الإدراكية، ولكنه يفقد في الوقت نفسه القدرة على التحكم في إرادته واختياره، مما يجعله أكثر قابلية للإيحاء وأكثر رغبةً في الإفصاح والتعبير عما يختلج في كوامن نفسه (4).
بتعبير آخر، يؤدي التحليل التخديري إلى إضعاف الحاجز بين الشعور واللاشعور، أو إزالته تماماً، الأمر الذي يتيح إمكانية سبر غور العقل الباطن والوقوف على ما يخزنه من معلومات أو أحاسيس مكتوبة، لذلك يطلق على هذا النوع من الاستجواب اللاشعوري، وبذلك محظور الاستجواب تحت تأثير العقاقير المخدرة باعتبارها وسيلة من وسائل التعذيب المادي، كما أن استخدام كمية كبيرة من العقاقير المخدرة قد يؤدي إلى الغيبوبة والموت، وبذلك فهو اعتداء على حق الإنسان الطبيعي المطلق في سلامة شخصه وجسمه وعقله، (5) وبما أن الاستجواب بهذه الطريقة يعد تعذيباً مادياً وفق ما تقدم فهي إذن من أوضح صور التعذيب. ثالثاً: التنويم المغناطيسي التنويم المغناطيسي هو إحداث حالة من النوم الاصطناعي لبعض ملكات العقل عن طريق الإيحاء بفكرة النوم، فيضيق نطاق الاتصال الخارجي للنائم ويخضع لشخصية المنوم، بحيث تختفي الأنا الشعورية للنائم، وتبقى الأنا اللاشعورية تحت سيطرة المنوم، وهكذا تشل الوظيفة الأساسية لعقل الإنسان (6).
فبذلك تعد هذه الوسيلة غير مشروعة باعتبارها وسيلة إكراه؛ إذ يعدُّ النائم مكرهاً مادياً على ما يأتيه من أفعال وأقوال ، وبذلك فإن هذا الأسلوب لا يختلف عن سابقيه بتأثيره على الخاضع له وحرمانه من حقه في الدفاع، فضلاً عن الاعتداء المادي والنفسي عليه، ممثلاً صورة من صور التعذيب، فبذلك يجب عدم استخدامها في إجراءات التحقيق وغيرها من الإجراءات الجزائية (7).
__________
1- سليم حربة، القتل العمد وأوصافه المختلفة، المكتبة المركزية، الطبعة الأولى، مطبعة بابل، بغداد، العراق، 1988، صفحة 108
2- محمد حسن، مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجزائي، الطبعة الأولى، مطبعة الشرطة، بغداد، العراق، 1987، صفحه 79
3- سلطان الشاوي، علم التحقيق الجزائي، مطبعة العاني، الطبعة الأولى، بغداد ،العراق، 1969، صفحة 133- .134
4- سامي الملا ، اعتراف المتهم ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، مصر 1969 ، ص178.
5- أكرم إبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، الطبعة الأولى، مطبعة الفتيان، بغداد، العراق، 1998 ، صفحة 40.
6- علي خلف وسلطان الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطابع الرسالة، الكويت، 1982، صفحة .241
7- سامي الملا اعتراف المتهم دراسة مقارنة، مرجع سابق، صفحة 174.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|