المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24
سبب نزول الآية 122 من سورة ال عمران
2024-11-24
أقسام الغزاة
2024-11-24
سبب نزول الآية 86-89 ال عمران
2024-11-24
الموطن الاصلي للفجل
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الفجل
2024-11-24



مواصلة بناء جامعة أهل البيت الاسلامية و خصائص جامعة أهل البيت ( عليهم السّلام )  
  
1961   06:02 مساءً   التاريخ: 28/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 8، ص125-134
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / التراث الصادقيّ الشريف /

مواصلة بناء جامعة أهل البيت الاسلامية

لقد واصل الإمام الصادق ( عليه السّلام ) تطويره للمدرسة التي أسّسها الأئمة ( عليهم السّلام ) من قبله وانتقل بها إلى آفاق أرحب فاستقطبت الجماهير من مختلف البلاد الإسلامية ، لأنّها قد لبّت الرغبة في نفوسهم وسعت لملء الفراغ الذي كانت تعانيه الامّة آنذاك .

خصائص جامعة أهل البيت ( عليهم السّلام )

1 - من مميّزات مدرسة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) واختلافها عن باقي المدارس أنّها لم تنغلق في المعرفة على خصوص العناصر الموالية فحسب وإنّما انفتحت لتضمّ طلّاب العلم من مختلف الاتّجاهات ، فهذا أبو حنيفة الذي كان يخالف منهج الإمام ( عليه السّلام ) حيث سلك في القياس مسلكا استوجب شدّة الإنكار عليه وعلى أصحابه وهو الذي أطلق على مؤمن الطاق اسم شيطان الطاق كان ممّن يختلف إلى الإمام الصادق ( عليه السّلام ) ويسأله عن كثير من المسائل وقد روى عن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) وحدّث عنه واتّصل به في المدينة مدّة من الزمن ، وناصر زيد بن علي وساهم في الدعوة إلى الخروج معه وكان يقول ضاها خروج زيد خروج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يوم بدر[1].

2 - انفتحت مدرسة الإمام ( عليه السّلام ) على مختلف فروع المعرفة الاسلامية والإنسانية فاهتمّت بالقرآن والسنة والفقه والتأريخ والأصول والعقيدة والكلام والفلسفة الاسلامية كما اهتمّت بعلوم أخرى مثل علم الفلك ، والطبّ ، والحيوان ، والنبات ، والكيمياء ، والفيزياء .

3 - لم تتّخذ مدرسة الإمام طابع الانتماء إلى الدولة الأموية أو العباسية ولم تتلوّث بسياسة الحاكمين ولم تكن أداة لخدمة الحكّام ، بل رأت الأمة أنّ هذه المدرسة هي التي تحقّق لها تطلّعاتها ؛ إذ كانت ترى على رأسها وريث النبوة وعملاق الفكر المحمّدي الإمام أبا عبد اللّه الصادق ( عليه السّلام ) المعروف بمواقفه واستقامته حتى لقّب بالصادق لسموّ أخلاقه وعدم مساومته وخضوعه لسياسة الحكّام المنحرفين .

من هنا شكّلت مدرسته حصنا سياسيا وفكريّا يلوذ به طلّاب الحقيقة ومن كان يشعر بالمسؤولية ويريد التخلّص من التيه الذي خلّفته التيارات الفكرية والسياسية المتضاربة في أهدافها ومساراتها .

4 - وتميّزت أيضا جامعة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) بمنهجها السليم وعمقها الفكري ولم تكن اطروحتها في الإعداد العلمي مبتنية على حشو الذهن ، وإنّما كانت تعتمد الفكر والتعمّق والأصالة ونموّ الكفاءات العلمية وتعتبرها أسسا مهمّة في المنهج العلمي والتربوي .

5 - أنتجت هذه الجامعة رموزا للعلم والتقوى والاستقامة وعرفت بالعطاء العلمي والديني للأمة وبما أبدعته في تخصّصاتها العلمية وما حققته من إنجازات على صعيد الدعوة والاصلاح بين الناس ، وأصبح الانتساب إلى مدرسة الإمام ( عليه السّلام ) مفخرة للمنتسب ، كما ناهز عدد طلّابها الأربعة آلاف طالب .

6 - واتّسعت هذه المدرسة فيما بعد وشكّلت عدّة فروع لها في الكوفة والبصرة ، وقم ، ومصر .

7 - إنّ الإمام ( عليه السّلام ) لم يجعل من جامعته العلمية والجهد المبذول فيها نشاطا منفصلا عن حركته التغييرية وانشطته الأخرى ، بل كانت جزءا من برنامجه الاصلاحي ، لأنها كانت تساهم بحقّ في خلق المناخ المناسب لبناء الفرد الصالح ، وكانت امتدادا واعيا ومؤثّرا في المسيرة العامّة للامّة فضلا عن النتائج السياسية الايجابية الخاصّة حيث نجد الكادر العلمي الحاضر في مدرسة الإمام ( عليه السّلام ) هو نفسه الذي يحضر في نشاطات الإمام الخاصّة .

8 - تميّزت مدرسة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) بالارتباط المباشر بمصادر التشريع والمعرفة وهما الكتاب الكريم والسنّة النبوية الشريفة بنحو لا مثيل له .

ومن هنا حرص الإمام الصادق ( عليه السّلام ) على أن يحقّق من خلال مدرسته إنجازا بخصوص تدوين الحديث والحفاظ على مضمونه ، بعد أن كان الحديث قد تعرّض في وقت سابق للضياع والتحريف والتوظيف السياسي المنحرف ، بسبب المنع من تدوينه . ولم يستجب الأئمّة المعصومون ( عليهم السّلام ) لقرار المنع بالرغم من كل الشعارات التي رفعت لتجعل الهدف من حظر تدوين الحديث هو الحفاظ على القرآن وسلامته من التحريف .

بينما كان الهدف البعيد من منع تدوين الحديث هو تغييب الحديث النبوي الذي كان يؤكّد ربط الامّة بأهل البيت ( عليهم السّلام ) فاستهدف الحكّام صرف الناس عن أهل البيت ( عليهم السّلام ) ؛ لأنّ الحديث حين كان يؤكّد الارتباط بهم كان يحول بينهم وبين الانسياق وراء كلّ ناعق سياسي أو حاكم جائر .

يقول الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : « . . . أما واللّه إنّ عندنا ما لا نحتاج إلى أحد والناس يحتاجون الينا . إن عندنا الكتاب بإملاء رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وخطّه علي بيده صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها كل حلال وحرام »[2].

وجاء عنه ( عليه السّلام ) أنه قال : « علمنا غابر ، ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الاسماع وإن عندنا الجفر الأحمر ، والجفر الأبيض ، ومصحف فاطمة ( عليها السّلام ) وان عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس اليه »[3].

9 - وتميزت أيضا مدرسة الإمام ( عليه السّلام ) بالاهتمام بالتدوين بشكل عام بل ومدارسة العلم لإنمائه وإثرائه .

فكان ( عليه السّلام ) يأمر طلّابه بالكتابة ويؤكد لهم ضرورة التدوين والكتابة كما تجد ذلك في قوله ( عليه السّلام ) : « إحتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها »[4].

وكان يشيّد بنشاط زرارة الحديثي إذ كان يقول : « رحم اللّه زرارة بن أعين لولا زرارة لا ندرست أحاديث أبي » .

وقال فيه وفي جماعة من أصحابه منهم أبو بصير ، ومحمد بن مسلم ، وبريد العجلي : « لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الفقه ، هؤلاء حفّاظ الدين وامناء أبي ( عليه السّلام ) على حلاله وحرامه وهم السابقون الينا في الدنيا والآخرة »[5].

وكان يأمر طلّابه أيضا بالتدارس والمباحثة فقد قال للمفضّل بن عمر :

« اكتب وبث علمك في إخوانك ، فإن متّ فأورث كتبك بنيك ، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلّا بكتبهم »[6].

وعلى هذا الأساس اهتمّ أصحابه بكتابة الأحاديث وتدوينها حتى تألّفت واجتمعت الأصول الأربعمائة المعروفة[7] ، والتي شكّلت المجاميع الحديثية الأولى عند الشيعة الإمامية .

10 - وممّا تميزّت به مدرسة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) هو إنماء الفكر الإسلامي وتطويره من خلال التخصص العلمي في مختلف فروع المعرفة الإسلامية وسوف نشير إلى هذه الميزة بالتفصيل .

التخصص العلمي في مدرسة الإمام ( عليه السّلام )

والتفت الإمام في تلك المرحلة لأهمّية الاختصاص ودوره في إنماء الفكر الإسلامي وتطويره ، وقدرته في استيعاب الطاقات الكثيرة الوافدة على مدرسته ، وبالتخصّص تتنوّع عطاءاته ، فيكون الابداع أعمق نتاجا وأكثر احتواء ، لذا وجّه الإمام ( عليه السّلام ) طلّابه نحو التخصّصات العلمية ، وتصدى بنفسه للإشراف فكان يعالج الإشكالات التي تستجد ، ويدفع مسيرة الحركة العلمية إلى الأمام . ولا يمكن في هذا البحث أن نستوعب كل هذه التخصّصات وإنّما نقتصر على ذكر بعض النماذج فيما يأتي :

أ - في الطب : سئل الإمام عن جسم الإنسان فقال ( عليه السّلام ) : « ان اللّه خلق الانسان على اثني عشر وصلا وعلى مائتين وثمانية وأربعين عظما ، وعلى ثلاثمائة وستين عرقا ، فالعروق هي التي تسقي الجسد كله ، والعظام تمسكه واللحم يمسك العظام والعصب تمسك اللحم ، وجعل في يديه اثنين وثمانين عظما في كل يد إحدى وأربعين عظما ، منها في كفه خمسة وثلاثون عظما وفي ساعده اثنان ، وفي عضده واحد ، وفي كتفه ثلاثة ، فذلك إحدى وأربعون ، وكذلك في الأخرى ، وفي رجله ثلاثة وأربعون عظما ، منها في قدمه خمسة وثلاثون عظما وفي ساقه اثنان ، وفي ركبتيه ثلاثة ، وفي فخذه واحد وفي وركه اثنان وكذلك في الأخرى ، وفي صلبه ثماني عشر فقاره وفي كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع وفي وقصته ثمانية وفي رأسه ستة وثلاثون عظما وفي فيه ثماني وعشرون عظما أو اثنان وثلاثون عظما »[8].

يقول الشيخ ميرزا محمد الخليلي : ولعمري إن هذا الحصر والتعداد هو عين ما ذكره المشرّحون في هذا العصر ، لم يزيدوا ولم ينقصوا[9].

وشرح الإمام الصادق ( عليه السّلام ) كيفية دوران الدم في الجسم ولأول مرة في حديثه مع المفضّل بن عمر ، وقد سبق بذلك العالم ( هارفي ) الذي عرف بأنه مكتشف الدورة الدموية .

قال ( عليه السّلام ) : « فكّر يا مفضّل في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير ، فإنّ الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه ، وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق رقاق واشجة بينها ، قد جعلت كالمصفى للغذاء ، لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء فينكأها وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ، ثم إن الكبد تقبله فيستحيل فيها بلطف التدبير دما ، فينفذ في البدن كله ، في مجار مهيّأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيّأ للماء حتى يطّرد في الأرض كلّها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مغايض أعدّت لذلك فما كان منه من جنس المرّة الصفراء جرى إلى المرارة ، وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال وما كان من جنس البلّة والرطوبة جرى إلى المثانة فتأمّل حكمة التدبير في تركيب البدن ، ووضع هذه الأعضاء منه موضعها ، واعداد هذه الأوعية فيه لتحمل تلك الفضول لئلّا تنتشر في البدن فتسقمه وتنهكه ، فتبارك من أحسن التقدير وأحكم التدبير »[10].

ب - في الوقاية الصحية : حذر الإمام من الأمراض المعدية وأوصى بعدم الاختلاط بالمصابين بمثل مرض الجذام حيث قال فيه : « لا يكلّم الرجل مجذوما إلّا أن يكون بينهما قدر ذراع »[11] ، وقد جاء في الطب الحديث أنّ ميكروب الجذام ينتشر في الهواء حول المصاب أكثر من مسافة متر .

وقال ( عليه السّلام ) أيضا : « كلّ داء من التخمة »[12].

وقال ( عليه السّلام ) : « اغسلوا أيديكم قبل الطعام وبعده »[13] فإنّ غسل اليدين قبل الطعام تعقيم من الجراثيم المحتملة والغسل بعد الطعام يعدّ من النظافة .

ج - علم الحيوان : قال ( عليه السّلام ) في مملكة النمل : « انظر إلى النمل واحتشاده في جمع القوت وإعداده فإنك ترى الجماعة منها إذا نقلت الحبّ إلى زبيتها[14] بمنزلة جماعة من الناس ينقلون الطعام أو غيره ، بل للنمل في ذلك من الجد والتشمير ما ليس للناس مثله . أما تراهم يتعاونون على النقل كما يتعاون الناس على العمل ، ثم يعمدون إلى الحب فيقطعونه لكيلا ينبت فيفسد عليهم[15] فإن أصابه ندى أخرجوه فنشروه حتى يجف ثم لا يتخذ النمل الزبية إلّا في نشر من الأرض كيلا يفيض السيل فيغرقها ، وكل هذا منه بلا عقل ، ولا روّية بل خلقة خلق عليها لمصلحة من اللّه عزّ وجلّ [16] .

وتكلم الإمام أيضا في كل من علوم : النبات ، والفلك ، والكيمياء ، والفيزياء والعلاجات النباتية[17] كما تكلّم في الفلسفة والكلام ومباحث الإمامة والسياسة والمعرفة والفقه وأصوله والحديث والتفسير والتأريخ .

وتخصص من طلّاب الإمام ( عليه السّلام ) في مباحث الكلام كلّ من : هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، ومؤمن الطاق ، ومحمد بن عبد اللّه الطيّار ، وقيس الماهر وغيرهم .

وتخصّص في الفقه وأصوله وتفسير القرآن الكريم : زرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، وجميل بن درّاج ، وبريد بن معاوية ، وإسحاق بن عمّار وعبد اللّه الحلبي ، وأبو بصير ، وأبان بن تغلب ، والفضيل بن يسار ، وأبو حنيفة ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، وسفيان بن عيينة ، ويحيى بن سعيد ، وسفيان الثوري .

كما تخصّص في الكيمياء : جابر بن حيان الكوفي .

وتخصّص في حكمة الوجود : المفضّل بن عمر الذي أملى عليه الإمام الصادق ( عليه السّلام ) كتابه الشهير المعروف ( بتوحيد المفضّل ) .

ونشط طلاب الإمام في نتاجاتهم كلّ حسب اختصاصه في التأليف والمناظرة ، يدل على ذلك ما جمعه السيد حسن الصدر عن مؤلّفات الشيعة في هذه الفترة وقد ذكر أنها وصلت إلى ستة آلاف وستمائة كتاب[18].

وبرز في المناظرة : هشام بن الحكم وكان الإمام الصادق ( عليه السّلام ) مسرورا بمناظرات هشام وحين استمع مناظراته مع زعيم المعتزلة - عمرو بن عبيد - وأخبره بانتصاره عليه قال له الإمام ( عليه السّلام ) : « يا هشام من علّمك هذا قال : يا بن رسول اللّه جرى على لساني قال الإمام ( عليه السّلام ) : « هذا واللّه مكتوب في صحف إبراهيم وموسى »[19].

ومن الأهداف الكبرى التي خطّط لها الإمام ( عليه السّلام ) في مدرسته إلى جانب الاختصاصات الأخرى هو تنشيط حركة الاجتهاد الفقهي الخاص إلى جانب التفقّه في الدين بشكل عام .

من هنا نجد تأصيل منهج الاجتهاد الفقهي واستنباط أحكام الشريعة ، قد تمثّل في الرسائل العلميّة التي دوّنها أصحابه في خصوص أصول الفقه وفي الفقه والحديث والتي تميّزت بالاعتماد على مدرسة أهل بيت الوحي ( عليهم السّلام ) واتّخاذها أساسا للفقه والإفتاء دون الرأي والاستحسان .

قال ( عليه السّلام ) : « حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وحديث رسول اللّه قول اللّه عزّ وجلّ »[20].

وقال ( عليه السّلام ) : « إنا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهو انا لكنّا من الهالكين ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وأصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم »[21].

وقد تكفّلت كتب أصول الفقه بيان قواعد استنباط الأحكام ومناهجها وكيفة التعامل مع الأحاديث المدوّنة في عامة موسوعات الحديث وأصوله .

وعلّم طلّابه كيفية استنباط الأحكام من مصادر التشريع كما علّمهم كيفية التعامل مع الأحاديث المتعارضة . قال ( عليه السّلام ) فيما عارض القرآن : « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف »[22] « 3 » وقال أيضا : « إنّ على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالف كتاب اللّه فدعوه »[23].

وفي حالة تعارض الأحاديث فيما بينها قال ( عليه السّلام ) : « إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب اللّه أو من قول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وإلّا فالّذي جاءكم به أولى به »[24].

وقال ( عليه السّلام ) : « إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا »[25].

 

[1] حياة الإمام محمد الباقر : 1 / 75 .

[2] بصائر الدرجات : 149 .

[3] الارشاد : 2 / 186 وعنه في مناقب آل أبي طالب : 4 / 396 ، والاحتجاج : 2 / 134 ، وبحار الأنوار : 47 / 26 وزادوا فيه : فسئل عن تفسير هذا الكلام فقال : أما الغابر فالعلم بما يكون .

[4] الكافي : 1 / 52 .

[5] وسائل الشيعة : 8 / 57 - 59 .

[6] أصول الكافي : 1 / 52 .

[7] وسائل الشيعة : 18 / 57 - 59 .

[8] المناقب : 4 / 256 ، وبحار الأنوار : 14 / 480 .

[9] طب الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : 3 .

[10] بحار الأنوار : 3 / 57 عن كتاب التوحيد للمفضل بن عمر الجعفي .

[11] وسائل الشيعة : 2 / 208 .

[12] بحار الأنوار : 63 / 336 .

[13] المصدر السابق : 63 / 356

[14] الزبية - بضم فسكون - الزابية لا يعلوها ماء ، جمعها زبى .

[15] إذا خشي النمل من الحبة المدخرة أن تنبت في الأرض فلقتها نصفين ، وقد تفلق بعض الحبوب كحب الكزبرة إلى أربعة أقسام لأن نصف الكزبرة أيضا بنبت .

[16] التوحيد للمفضل : 66 ، وبحار الأنوار : 3 / 61 و 62 / 102 .

[17] راجع حياة الإمام الصادق للشيخ باقر شريف القرشي : 2 / 289 وما بعدها .

[18] تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام : 288 .

[19] راجع الاحتجاج : 2 / 125 - 128 .

[20] أصول الكافي : 1 / 53 - 58 .

[21] بصائر الدرجات : 300 .

[22] الوسائل : 18 / 78 .

[23] أصول الكافي : 1 / 69 .

[24] المصدر السابق .

[25] بحار الأنوار : 2 / 245 ح 53 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.