الإمام الباقر ( عليه السّلام ) والنظام الاجتماعي للجماعة الصالحة |
1860
08:01 مساءً
التاريخ: 19/11/2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2016
3621
التاريخ: 16-8-2016
3676
التاريخ: 15-04-2015
3132
التاريخ: 15-8-2016
4672
|
النظام الاجتماعي للجماعة الصالحة هو مصداق حقيقي للنظام الاجتماعي الاسلامي الذي أرسى دعائمه القرآن الكريم ، وخاتم المرسلين ( صلّى اللّه عليه واله ) وهو قائم على أسس خلقية في التعامل والعلاقات ، وعلى رأسها حسن الخلق ، قال الإمام الباقر ( عليه السّلام ) : « إنّ أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا »[1].
ومن حسن الخلق تلقّي الآخرين بوجه منبسط ، فقد قال ( عليه السّلام ) : « أتى رسول اللّه رجل فقال : يا رسو اللّه أوصني ، فكان فيما أوصاه أن قال : الق أخاك بوجه منبسط »[2].
ومن مصاديق حسن الأخلاق الرفق بجميع أصناف الناس قال ( عليه السّلام ) :
« من قسم له الرفق قسم له الإيمان »[3].
ووضع لكل وحدة اجتماعية نظامها الخاص بها ، وعلاقاتها مع الوحدات الاجتماعية الأخرى ، ابتداءا بالأسرة وانتهاءا بالمجتمع الكبير .
1 - الأسرة
الأسرة هي المؤسسة الأولى والأساسية من بين المؤسسات الاجتماعية المتعددة ، وهي المسؤولة عن رفد المجتمع بالعناصر الصالحة ، وهي نقطة البدء التي تزاول انشاء وتنشئة العنصر الانساني . وقد وضع القواعد الأساسية في تنظيمها وضبط شؤونها ، ابتداءا باختيار شريك الحياة المناسب على أساس التديّن وحسن الخلق والانحدار من أسرة صالحة ، كما وضع برنامجا للحقوق والواجبات على كل من الزوجين ، ومراعاتهما من قبلهما كفيل بإشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء الأسرة .
فقد روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) حق الزوج على الزوجة بقوله : « أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تتصدق من بيتها بشيء إلّا بإذنه ، ولا تصوم تطوعا إلّا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلّا بإذنه . . . »[4].
وقال ( عليه السّلام ) : « جهاد المرأة حسن التبعل »[5].
ودعا إلى تحمّل أذى الزوج من أجل إدامة العلاقة الزوجية ، وعدم تفكّك الأسرة من خلال عدم مقابلة الأذى بأذى ، بقوله ( عليه السّلام ) : « وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته »[6].
ووضع الإمام ( عليه السّلام ) واجبات على الزوج اتجاه زوجته ، وهو مسؤول عن تنفيذها لكي يتعمق الودّ بينهما ، ويكون الاستقرار والهدوء هو السائد في أجواء الأسرة ، ومن هذه الحقوق ، الاطعام وما تحتاجه من ثياب ، قال ( عليه السّلام ) :
« من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرّق بينهما »[7].
وأكّد على الاهتمام بالزوجة ومراعاتها ، فقد روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلّا من فاحشة بيّنة »[8].
وحثّ على تحمل الأذى من المرأة ، وعدم مقابلة الأذى بالأذى لأن ذلك يؤدي إلى تردّي العلاقات وتشنجها ، فقال ( عليه السّلام ) : « من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة أعتق اللّه رقبته من النار وأوجب له الجنة . . . »[9].
وقد كان ( عليه السّلام ) أسوة في تحمل الأذى ، حتى قال الإمام الصادق ( عليه السّلام ) :
« كانت لأبي امرأة وكانت تؤذيه وكان يغفر لها »[10].
ووضع ( عليه السّلام ) منهجا للحقوق والواجبات بين الأبناء ووالديهم ، فالواجب على الوالدين تربية أولادهم على المفاهيم والقيم الإسلامية [11]. وابعادهم عن الانحرافات بمختلف ألوانها[12].
ووضع ( عليه السّلام ) برنامجا للتربية في مختلف مراحل حياة الأطفال ابتداءا بالطفولة المبكرة حتى بلوغ وسن التكليف والرشد[13].
وحثّ ( عليه السّلام ) على التعامل المتوازن مع الأطفال فقال ( عليه السّلام ) : « شرّ الآباء من دعاه التقصير إلى العقوق وشرّ الآباء من دعاه البر إلى الافراط »[14].
وأمر ( عليه السّلام ) ببرّ الوالدين ، فقال : « ثلاثة لم يجعل اللّه عزّ وجلّ فيهنّ رخصة :
أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبرّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين »[15] .
وكانت أوامره مؤكدة على برّ الوالدين وان كانا منحرفين أو فاجرين وذلك لحقوقهما على الابن .
ونهى عن العقوق مهما كانت الظروف ، وان كان الوالدان مسيئين للأبناء ، فقد روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « إياكم وعقوق الوالدين ، فإنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ، ولا يجدها عاقّ . . . »[16].
2 - الأرحام
الأرحام هم كل من يرتبط بالأسرة بعلاقة نسبية وهم الاخوان والأخوات والأعمام والأخوال ، والأجداد ، وسائر أفراد العشيرة القريبين بالنسب أو البعيدين . لقد حثّ الإمام ( عليه السّلام ) على صلتهم بزيارة أو لقاء ، وما يترتّب على هذه العلاقات من حقوق . وهم مقدّمون على غيرهم في الاحسان إليهم ، وإدخال السرور في قلوبهم ، ومساعدتهم في حلّ مشاكلهم .
وبيّن ( عليه السّلام ) الآثار الايجابية المترتبة على صلة الارحام ، فقال : « صلة الارحام تزكّي الاعمال ، وتدفع البلوى ، وتنمي الأموال ، وتنسئ له في عمره ، وتوسّع في رزقه ، وتحبّب في أهل بيته ، فليتّق اللّه وليصل رحمه »[17].
وقال ( عليه السّلام ) لأحد أصحابه : « أما إنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرتين ، كلّ ذلك يؤخّر اللّه بصلتك قرابتك »[18].
3 - الجيران
أكّد الإمام ( عليه السّلام ) على حسن التعامل مع الجيران فقال : « قرأت في كتاب عليّ ( عليه السّلام ) : أن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب ، أن الجار كالنفس غير مضار ولا اثم ، وحرمة الجار على الجار كحرمة امّه »[19].
ونهى عن أذى الجيران وتضييع حقوقهم ، فقد روى عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنّه قال : « من آذى جاره حرّم اللّه عليه ريح الجنة ، ومأواه جهنّم وبئس المصير ، ومن ضيّع حق جاره فليس منّا ، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه . . . »[20].
وروى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « ما آمن بي من أمسى شبعانا وأمسى جاره جائعا »[21].
والجار في منهج أهل البيت ( عليه السّلام ) هو مطلق الانسان سواء كان من أفراد الجماعة الصالحة ، أو من غيرهم ، وسواء كان مسلما أم غير مسلم ، كما هو المشهور في الروايات الصادرة عنهم ( عليهم السّلام ) .
4 - أفراد الجماعة الصالحة
النظام الاجتماعي في داخل الجماعة الصالحة يقوم على أساس وحدة التصورات والمبادئ ، ووحدة الموازين والقيم ، ووحدة الشرائع والقوانين ، ووحدة الأوضاع والتقاليد ، لأنّ مجموع الجماعة الصالحة تتلقى منهج حياتها من جهة واحدة وهي أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وتجمعها وحدة الطريقة التي تتلقى بها ، ووحدة المنهج الذي تفهم به ما تتلقى من أفكار وعواطف وممارسات .
والنظام الاجتماعي قائم على أساس القاعدة الثابتة ، وهي قول الإمام الباقر ( عليه السّلام ) : « المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه »[22].
فقد جعل العلاقة بين أفراد الجماعة الصالحة كالعلاقة النسبية التي تترتب عليها حقوق وواجبات ، كالسعي في حوائج المؤمنين ، وتفريج كربهم ، والنصيحة لهم ، والدعاء لهم بالتوفيق ، وستر عيوبهم[23].
والعلاقة القائمة تنطلق من الايثار وتحكيم الحق في النفس ، قال ( عليه السّلام ) :
« ان للّه جنة لا يدخلها إلّا ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ »[24].
ويقوم النظام الاجتماعي على قاعدة تعظيم وتوقير أفراد الجماعة الصالحة لكي يتعمّق الودّ والإخاء ، قال ( عليه السّلام ) : « عظموا أصحابكم ووقّروهم ولا يتجهم بعضكم بعضا ، ولا تضارّوا ولا تحاسدوا ، وايّاكم والبخل ، وكونوا عباد اللّه المخلصين »[25].
وحثّ الإمام ( عليه السّلام ) على إشاعة الودّ والمحبّة من خلال ممارسات متنوّعة ، قال ( عليه السّلام ) : « تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة ، وصرف القذى عنه حسنة ، وما عبد اللّه بشيء أحبّ إلى اللّه من ادخال السرور على المؤمن »[26].
ووضع مجموعة من الحقوق المتبادلة عليهما فقال : « من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ويواري عورته ويفرّج عنه كربته ويقضي دينه ، فإذا مات خلفه في أهله وولده »[27].
وحثّ على العوامل التي تؤدي إلى التقريب بين القلوب وتزيد في الاخوة والتآلف والتآزر . عن أبي حمزة الثمالي قال : زاملت أبا جعفر ( عليه السّلام ) فحططنا الرحل ، ثم مشى قليلا ، ثم جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة ، فقلت : جعلت فداك أو ما كنت معك في المحمل ؟ ! فقال : أما علمت أنّ المؤمن إذا جال جولة ثم أخذ بيد أخيه نظر اللّه اليهما بوجهه ، فلم يزل مقبلا عليهما بوجهه ، ويقول للذنوب : تتحاتّ عنهما ، فتتحاتّ - يا أبا حمزة - كما يتحاتّ الورق عن الشجر ، فيفترقان وما عليهما من ذنب »[28].
وقال ( عليه السّلام ) : « ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا »[29].
روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح ، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار »[30].
وحثّ ( عليه السّلام ) على تبادل الزيارات لأنها تؤدي إلى تجذر روح الإخاء وزرع الودّ في القلوب والنفوس ، ورغّب فيها بتبيان آثارها الايجابية على المتزاورين ، حين قال : « أيّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقّه كتب اللّه له بكلّ خطوة حسنة ، ومحيت عنه سيئة ، ورفعت له درجة ، وإذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء ، فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل اللّه عليهما بوجهه ، ثم باهى بهما الملائكة ، فيقول :
انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابا فيّ ، حقّ عليّ ألّا اعذبهما بالنار بعد هذا الموقف ، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه ، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل ، فإن مات فيما بينهما أعفي من الحساب ، وان كان المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور ؛ كان له مثل أجره »[31].
ونهى ( عليه السّلام ) عن جميع الممارسات التي تؤدّي إلى الكراهية والتنافر والتقاطع كالغيبة والبهتان والتحقير والتعيير والتنابز بالألقاب ، والسباب ، والاعتداء على الأموال والأعراض وغير ذلك .
ودعا إلى الاصلاح بين المؤمنين وحثّهم على التآلف فقال ( عليه السّلام ) : « ان الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه ، فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدّد ، ثم قال : فزت ، فرحم اللّه امرئ ألّف بين وليّين لنا ، يا معشر المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا »[32].
ونهى ( عليه السّلام ) عن احصاء عثرات الآخرين وزلاتهم ، فقال : « ان أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرّجل الرّجل على الدين ، فيحصي عليه عثراته وزلّاته ليعنّفه بها يوما ما »[33].
ونهى عن الطعن بالمؤمنين ونبزهم بالكفر فقال : « ما شهد رجل على رجل بكفر قطّ إلّا باء به أحدهما ، ان كان شهد به على كافر صدق ، وان كان مؤمنا رجع الكفر عليه ، فإيّاكم والطعن على المؤمنين »[34].
ونهى عن النميمة فقال : « محرّمة الجنّة على القتّاتين المشائين بالنميمة »[35].
ونهى ( عليه السّلام ) عن الإذاعة وكشف الاسرار الخاصّة بالمؤمنين فقال :
« يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دما ، فيدفع اليه شبه المحجمة أو فوق ذلك ، فيقال له :
هذا سهمك من دم فلان ، فيقول : يا ربّ إنّك لتعلم أنّك قبضتني وما سفكت دما . فيقول : بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا ، فرويتها عليه فنقلت حتّى صارت إلى فلان الجبّار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه »[36].
5 - مجتمع المسلمين
الإسلام هو الأفق الواسع الجامع لمن شهد الشهادتين ، وهو الميدان الرحب لتجميع الطاقات وتوحيد الامكانات لتنطلق في مصالح واحدة ومصير واحد ، ولهذا فالاسلام محوره وحدوده مجتمع المسلمين جميعا .
والنظام الاجتماعي لمجتمع المسلمين قائم على أساس الإخاء والتآلف والتآزر من أجل تحقيق الأهداف الكبرى والحفاظ على الكيان الاسلامي من التصدّع والتمزّق .
ولذا حثّ الرسول وأهل بيته ( عليهم السّلام ) على الاهتمام بأمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، والاهتمام بالعوامل التي تؤدي إلى التقريب والاتفاق على القواسم المشتركة في الفكر والعاطفة والسلوك .
ووضع الإمام ( عليه السّلام ) قاعدة كلية في التعامل وهي تعميق مفهوم الولاية بين المسلمين . عن زرارة قال : دخلت أنا وحمران على أبي جعفر ( عليه السّلام ) ، فقلت له : إنّا نمدّ المطمار . . . فمن وافقنا من علويّ أو غيره توليّناه ، ومن خالفنا من علويّ أو غيره برئنا منه ، فقال لي : يا زرارة قول اللّه أصدق من قولك ، فأين الذين قال اللّه عزّ وجلّ : إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ . . . .
أين المرجون لأمر اللّه ؟ اين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ؟ أين أصحاب الأعراف ؟ أين المؤلفة قلوبهم ؟[37].
فليس المقياس عند الإمام ( عليه السّلام ) هو الانتماء إلى الجماعة الصالحة فقط ، وإنّما المقياس هو الانتماء إلى الإسلام .
ومن خلال سيرة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ومن خلال متابعة أحاديثهم وبالخصوص أحاديث الإمام الباقر ( عليه السّلام ) المنتشرة في بطون الكتب نستطيع أن نقسم الولاية إلى أربعة أقسام :
الأول : ولاية اللّه تعالى .
الثاني : ولاية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) .
الثالث : ولاية أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
الرابع : الولاية بين المسلمين .
فمن لم يؤمن بولاية اللّه وولاية الرسول فهو كافر باجماع المسلمين ، امّا الذي يؤمن بهما ، ولا يؤمن بولاية أهل البيت ( عليهم السّلام ) - أي بإمامتهم - فلا يجوز سلب صفة الإسلام منه فتبقى ثابتة له - ما لم يبغضهم - وتبقى الولاية بين أتباع أهل البيت ( عليهم السّلام ) وغيرهم من المسلمين ثابتة لا يجوز خرمها وقطعها .
وبهذه الروح الإسلامية تعامل الإمام الباقر ( عليه السّلام ) مع سائر المسلمين .
ومن خلال هذا المفهوم بيّن ( عليه السّلام ) الأسس العامة في التعامل الاجتماعي ، فحثّ على التعاون مع سائر المسلمين ، ومن مصاديق التعاون ، ما رواه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال : « من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السماوات : الفردوس ، وجنة عدن ، وطوبى »[38].
وروى عنه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشيء ممّا يقوته من معيشته ، وكّل اللّه عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور »[39].
ونهى ( عليه السّلام ) عن وضع حجاب بين المسلم والمسلم . عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله ، فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج اليه ؟ .
قال ( عليه السّلام ) : « يا أبا حمزة أيّما مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله ، فاستأذن له ولم يخرج اليه ؛ لم يزل في لعنة اللّه حتّى يلتقيا » .
فقلت : جعلت فداك في لعنة اللّه حتّى يلتقيا ؟
قال : نعم يا أبا حمزة[40].
ونهى ( عليه السّلام ) عن تتبع عورات المسلمين ، وروى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنّه من تتبع عوراتهم تتبع اللّه عورته ، ومن تتبع اللّه عورته يفضحه ولو في بيته »[41].
وروى عنه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « ليس منّا من ماكر مسلما »[42].
ودعا الإمام ( عليه السّلام ) إلى حسن التعامل والصبر على الأذى وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة ، والظلم بالظلم ، والقطيعة بالقطيعة ، فدعا إلى العفو فقال :
« الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة »[43].
وقال ( عليه السّلام ) : « ثلاث لا يزيد اللّه بهنّ المرء المسلم إلّا عزّا : الصفح عمّن ظلمه ، واعطاء من حرمه ، والصلة لمن قطعه »[44].
وحبّب ( عليه السّلام ) طلب مرضات الناس وسائر المسلمين ، بالتقرب إليهم بحسن المعاملة وحسن السيرة ، ويجب أن لا تكون مرضاة الناس مسخطة للّه تعالى ، فقد روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه كان حامده من الناس ذامّا ، ومن آثر طاعة اللّه بغضب الناس كفاه اللّه عداوة كل عدّو ، وحسد كل حاسد ، وبغي كل باغ ، وكان اللّه عزّ وجلّ له ناصرا وظهيرا »[45].
وفي الوقت الذي شجّع فيه على إقامة العلاقات مع سائر المسلمين وسائر الناس حذّر من مصاحبة أصناف منهم ، فقد روى عن أبيه الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) وصيته له : « يا بنيّ انظر خمسة فلا تصاحبهم ، ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق .
إياك ومصاحبة الكذّاب فإنه بمنزلة السّراب يقرب لك البعيد ، ويباعد لك القريب .
وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بائعك بأكلة أو أقلّ من ذلك .
وإيّاك ومصاحبة البخيل فإنّه يخذلك في ماله .
وإياك ومصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك »[46].
ونهى ( عليه السّلام ) عن الخصومة ، ودعا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ليكون المؤمن في وسط الميدان الاجتماعي ويكون قدوة لغيره بعمله واخلاصه للّه ، وحسن سيرته . قال ( عليه السّلام ) : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده . . . المؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم حرام على المسلم أن يظلمه أو يخذله ، أو يدفعه دفعة تعنته »[47].
ودعا إلى المجاملة حفاظا على الأفق العام من العلاقات فقال :
« خالطوهم بالبرّانية وخالفوهم بالجوّانية ان كانت الامرة صبيانية »[48].
[1] الكافي : 2 / 99 .
[2] المصدر السابق : 2 / 103 .
[3] المصدر السابق : 2 / 118 .
[4] مكارم الأخلاق : 214 .
[5] من لا يحضره الفقيه : 3 / 278 .
[6] مكارم الأخلاق : 215 .
[7] المصدر السابق : 217 .
[8] مكارم الأخلاق : 216 .
[9] المصدر السابق : 216 .
[10] من لا يحضره الفقيه : 3 / 279 .
[11] مكارم الأخلاق : 222 .
[12] المصدر السابق : 223 .
[13] مراجعة كتاب : تربية الطفل في الإسلام ، اصدار مركز الرسالة .
[14] تاريخ اليعقوبي : 2 / 320 .
[15] الكافي : 2 / 162 .
[16] الكافي : 2 / 349 .
[17] المصدر السابق : 2 / 152 .
[18] رجال الكشي : 224 .
[19] وسائل الشيعة : 12 / 126 .
[20] المصدر السابق : 12 / 127 .
[21] المحاسن : 98 .
[22] الكافي : 2 / 166 .
[23] الكافي : 2 / 198 ، 199 ، 205 ، 207 ، 208 .
[24] وسائل الشيعة : 15 / 285 .
[25] الكافي : 2 / 173 .
[26] المصدر السابق : 2 / 188 .
[27] المصدر السابق : 2 / 169 .
[28] الكافي : 2 / 180 .
[29] المصدر السابق : 2 / 181 .
[30] المصدر السابق .
[31] الكافي : 2 / 183 ، 184 .
[32] المصدر السابق : 2 / 345 .
[33] المصدر السابق : 2 / 355 .
[34] المصدر السابق : 2 / 360 .
[35] المصدر السابق : 2 / 369 .
[36] الكافي : 2 / 371 .
[37] المصدر السابق : 2 / 382 .
[38] الكافي : 2 / 201 .
[39] الكافي : 2 / 502 .
[40] المصدر السابق : 2 / 365 .
[41] المصدر السابق : 2 / 354 .
[42] وسائل الشيعة : 12 / 242 .
[43] المصدر السابق : 12 / 170 .
[44] وسائل الشيعة : 12 / 173 .
[45] الكافي : 2 / 372 .
[46] المصدر السابق : 2 / 376
[47] الكافي : 2 / 234 .
[48] المصدر السابق : 2 / 220 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|