المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

Hexavigesimal
27-11-2019
شبهات حول مسألة الشفاعة
25-09-2014
نفي التجسيم
3-07-2015
حُسن الخلق
2024-10-13
الامبراطورية الاكدية
27-10-2016
المزارع المفردة Single Strain Cultures
7-2-2020


التمييز بين القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص والقانون التجاري الدولي  
  
2470   12:53 صباحاً   التاريخ: 17/11/2022
المؤلف : خليل ابراهيم محمد خليل
الكتاب أو المصدر : تكامل مناهج تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص 265-272
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

يذهب اتجاه في فقه القانون الدولي الخاص (1) ونتيجة لعدم قدرة قواعد القانون التلقائي للانطباق مباشرة على العلاقات الخاصة الدولية بعيدا عن منهج قاعدة الإسناد، إلى عدم اعتبار عادات التجارة الدولية وأعرافها من قبيل قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي. إذ تساءل هذا الجانب من الفقه بأنه كيف يتسنى لنا أن نطلق على عادات التجارة الدولية وأعرافها قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي، ثم ننزعها من إطار القانون الدولي الخاص الذي هو البيئة الطبيعية لمثل هذه القواعد، وننسبها إلى قضاء التحكيم، ونعطى له سلطة تطبيقها المباشر على ما يعرض عليه من منازعات العقود التجارية الدولية، ونحرم القاضي من هذه السلطة، بحجة أن هذه القواعد إنما هي قواعد قانون دولي خاص موضوعی خاصة بالتحكيم التجاري الدولي، وأنها بالنسبة للمحكم بمثابة قانون اختصاص؟.

ويضيف هذا الرأي بان وصف قاعدة قانون دولي خاص موضوعي أو مادي لا ينبغي أن تطلق إلا على القاعدة ذات التطبيق المباشر الموجودة في قانون القاضي، والخاصة بمنازعات العلاقات الاقتصادية الدولية، أما عادات التجارة الدولية وأعرافها، فليس لها هذا الوصف، لأنها تندرج في إطار القانون التجاري الدولي، أو القانون الموضوعي للتجارة الدولية، الذي قد ينعقد أو لا ينعقد له الاختصاص بحكم النزاع بناء على إرادة الأطراف.

ويستعرض هذا الجانب من الفقه(2) طبيعة القواعد الموضوعية المتعلقة بالتجارة الدولية، مبينا للاتجاه الذي ينكر طبيعة النظام القانوني الكامل للقواعد الموضوعية للتجارة الدولية، والاتجاه الذي يرى أن القواعد الموضوعية الخاصة بالتجارة الدولية تشكل نظاما قانونيا كاملا و مستقلا بذاته. وان كلا الاتجاهين - سواء ذلك الذي يرى أن القواعد الموضوعية تدخل في إطار القانون الدولي الخاص كمنهج مستقل، أم ذلك الذي يرى أنها تمثل نظاما قانونيا مستقلا خارج إطار القانون الدولي الخاص يتفق على وحدة مصادر هذه القواعد سواء المصادر الوطنية أم المصادر غير الوطنية، كما يتفق على أن هذه القواعد تهدف إلى تحقيق غاية واحدة وهي مصلحة التجارة عبر الحدود، وذلك بإيجاد القواعد التي تلائم تطورها السريع، والتي تعمل على ازدهارها.

وهذا الأمر يدعو إلى الدهشة من وجهة نظر هذا الرأي لان كلا الاتجاهين قد أغفل الفروق والحدود بين القانون الموضوعي للتجارة الدولية، ومنهج القواعد الموضوعية في القانون الدولي الخاص، إذ يوجد الكثير من التناقض بين كل منهما، ويتضح ذلك من خلال نظرة كل اتجاه إلى القواعد الموضوعية وكيفية تطبيقها. فعلى الرغم من أن القائلين بان هذه القواعد تشكل منهجا مستقلا في القانون الدولي الخاص، يهدف إلى تلافي عيوب منهج الإسناد، الذي لا يقدم حلا مباشرة للنزاع، ومن ثم فإن القواعد الموضوعية، وجدت لتنطبق مباشرة على كل نزاع ناشئ عن عقد دولي، دون حاجة إلى منهج الإسناد، إلا أن هناك من ناقض نفسه بتعليقه تطبيق هذه القواعد على منهج الإسناد لاسيما إرادة الأطراف، وهو ما اتجهت إليه البعض من القوانين (3).

كما أن القائلين باستقلال القواعد الموضوعية للتجارة الدولية عن القانون الدولي الخاص كقانون متكامل، يرون أن هذه القواعد تطبق أمام المحكم على غرار القواعد الموضوعية في القانون الدولي الخاص، أي تطبيقة مباشرة، وأن غالبية هذه القواعد ذات طابع مكمل أو مفسر لإرادة الأطراف، وأنها تسري عليهم ما لم يتفقوا على استبعادها، وهذا بالطبع يتعارض مع طبيعة القاعدة الآمرة التي لا يتوقف تطبيقها على إرادة الأطراف.

إذن هناك خلط بين كلا الاتجاهين حسب هذا الرأي فمن قال بان القواعد الموضوعية في القانون الدولي الخاص ما وجدت إلا لتتطبق مباشرة على العقد الدولي، فانه عاد وناقض نفسه باشتراطه التطبيق هذه القواعد، بان تكون هناك إرادة صريحة أو ضمنية للأطراف في تطبيقها، ومن قال بأن القواعد الموضوعية للتجارة الدولية تشكل نظام قانونية مستقلا عن القانون الدولي الخاص، عاد و قال بان هذه القواعد تطبق مباشرة أمام المحكم بوصفها جزءا من القانون الدولي الخاص الموضوعي.

ويرى هذا الجانب من الفقه أن سبب الخلط هذا يرجع إلى أن الفقه (4) يعتبر أن قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي هي نفسها القواعد المكونة للقانون التجاري الدولي الجديد "New Lex Mercatoria'، على الرغم من أن هناك اختلافا واضحا بينهما.

ويستطرد هذا الرأي الفقهي بالقول: أن هناك أوجه تشابه و اختلافا بين منهج القواعد الموضوعية في القانون الدولي الخاص، والقانون الموضوعي للتجارة الدولية، وحيث هناك تطور في القانون الدولي الخاص نحو تعدد المناهج تجاوبا مع تطور العلاقات الاقتصادية الدولية، إذ وجد منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي، وهذا يعني أننا بصدد منهج مستقل يندرج في إطار القانون الدولي الخاص، وما دام الأمر كذلك فلا ينبغي أن يرتدي هذا المنهج ثوبا غير الثوب الذي يميز القانون الذي ينتمي إليه، وما دام القانون الدولي الخاص هو قانون وطني، فان النتيجة المنطقية المترتبة على ذلك أن المنهج المنتمي إليه، هو منهج وطني بالدرجة الأولى، وله خصوصيته في مصادره و أهدافه ونطاق تطبيقه.

فمن حيث المصدر فمنهج القواعد الموضوعية في القانون الدولي الخاص مصادره ذات طابع وطني محض تتمثل فيما ابتدعه القضاء الوطني من قواعد خاصة بالتجارة الدولية، وكذلك تعد الاتفاقيات الدولية مصدرا لهذا المنهج، فيما تتضمنه هذه الاتفاقيات من قواعد موضوعية، يطبقها القاضي المعروض عليه النزاع بوصفها جزءا من قانونه الوطني، كما أن التشريع الوطني يعد رافدا آخر لهذا المنهج، إذ تتأثر القواعد الموضوعية الخاصة بالمعاملات الدولية في التشريعات الوطنية المختلفة.

أما من حيث أهدافه ونطاق تطبيقه، فان منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي لم يوجد إلا من اجل تلافي عيوب منهج التنازع التقليدي منهج قاعدة الإسناد - تيسيرا لحركة الأموال والبضائع عبر الحدود، ومن ثم لا يتصور أن يكون لهذا المنهج الموضوعي إلا ذو تطبيق مباشر، ولا يتصور أن يتوقف تطبيقه على قاعدة إسناد "إرادة الأطراف" وإلا كنا متناقضين مع أنفسنا إذ كيف يتسني لمنهج لم يوجد أصلا إلا لتلافي عيوب منهج قاعدة الإسناد، أن يتوقف تطبيقه على هذا المنهج المعيب الذي لا يتناسب مع تطور العلاقات الاقتصادية الدولية؟.

لذلك يشترط لتطبيق المنهج الموضوعي للقانون الدولي الخاص عدة شروط هي: ضرورة أن تكون بصدد نزاع ناشئ عن عقد دولي، وأن تكون القواعد الموضوعية المراد تطبيقها تنتمي إلى قانون القاضي المعروض عليه النزاع، وأن يتم تطبيق هذه القواعد من جانب القاضي تطبيق مباشرة من دون حاجة إلى قاعدة الإسناد.

ومن ثم فان القاضي لا يمكنه أن يطبق مباشرة قاعدة قانونية معينة تتعلق بمصالح التجارة الدولية متى كانت تلك القاعدة لا تنتمي إلى قانون القاضي الوطني، إذ يتوارى المنهج الموضوعي في هذه الحالة ليحل محله منهج الإسناد، ولا يكون من سبيل في تطبيق مثل تلك القواعد المذكورة آنفا إلا سبيل منهج الإسناد، دون أن يكون لها أية خصوصية كمنهج موضوعي، بل لا ينبغي الحديث مطلقا عن منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي في هذا الشأن.

فإذا جئنا والكلام مازال لهذا الجانب من الفقه - إلى القانون التجاري الدولي فان هذا القانون إذا كان يتشابه مع منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي، من حيث أن موضوع كل منهما هو العقد الدولي ومن حيث أن هدفهما واحد، وهو تيسير حركة الأموال والبضائع عبر الحدود، إلا أن أوجه التشابه هذه لا تعني أنهما شيء واحد، ولا تغني بحال من الأحوال عن ضرورة إبراز أوجه الاختلاف بينهما.

فإذا كان منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي هو منهج وطني لكونه احد مناهج قانون وطني هو القانون الدولي الخاص، إلا أن قانون التجارة الدولية الجديد "New Lex Mercatoria على العكس من ذلك أي أنه قانون غير وطني نظرا لأن مصادره غير وطنية تتمثل في عادات التجارة الدولية وأعرافها، والمبادئ العامة للقانون، ومبادئ العدالة، فضلا عما يبتدعه التحكيم التجاري الدولي من حلول في هذا الصدد، أي أن قواعده تتسم بالنشأة التلقائية وليست الوضعية كما هو الحال بالنسبة لمنهج القانون الدولي الخاص الموضوعي.

وتتمثل أهم مظاهر الاختلاف بينهما في أن قاعدة القانون الدولي الخاص الموضوعي هي قاعدة ذات تطبيق مباشر ولا تحتاج في تطبيقها إلى قاعدة الإسناد "إرادة الأطراف لان مثل هذه القاعدة الموضوعية تمثل منهجا مستقلا يعمل إلى جوار منهج الإسناد، في إطار عام هو إطار القانون الدولي الخاص، و القول بتعليق تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعية على إرادة الأطراف بوصفها قاعدة إسناد، يعني إزالة الحدود والمعالم بين المنهج الموضوعي ومنهج الإسناد، ولن تكون هناك حاجة للقول بوجود منهج موضوعي في القانون الدولي الخاص، ينافس أو يزاحم منهج الإسناد في حكم العلاقات الخاصة الدولية.

بينما الأمر يختلف بشأن قانون التجارة الدولي الجديد، إذ استقر الفقه الغالب على أن هذا القانون يتضمن بين ثناياه تنظيما للتنازع، وان كان تنظيما غير وطني ولا ينتمي للقانون الداخلي لدولة معينة بل يستقي من المبادئ القانونية المشتركة في القانون الدولي الخاص المقارن وكذلك حاجات التجارة الدولية وهذا من شأنه تأكيد الاختلاف بين هذين النوعين من القواعد (5).

ونعتقد أن هذا الرأي مجانب للصواب من جوانب عدة و السبب الذي دعا هذا الرأي الفقهي إلى التمييز بين القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص والقواعد الموضوعية لقانون التجارة الدولية، انه لم يتصور كيف يتم تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي بموجب منهج قاعدة الإسناد، فالاختلاف الجوهري عنده بين منهج القانون الدولي الخاص الموضوعي والقانون الموضوعي للتجارة الدولية، يكمن في أسلوب تطبيق كل منهما، فإذا كان فقه القانون التجاري الدولي يذهب إلى أن المحكم يطبق عادات التجارة الدولية وأعرافها تطبيق مباشرة على ما هو معروض أمامه من منازعات تتعلق بعقود العلاقات الاقتصادية الدولية، على غرار ما يفعل القاضي الوطني في شأن قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي، إذ يطبق القاضي هذه القواعد تطبيقا مباشرة دون حاجة إلى إرادة الأطراف، فهذا الرأي يأخذ في الحسبان الأسلوب الفني الذي يتبعه القاضي في تطبيق القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص، الذي يعد المعيار في التمييز بينهما.

فإذا كانت الأحكام القليلة للتحكيم طبقت عادات التجارة الدولية وأعرافها بشكل مباشر، إلا أن الغالب في أحكام التحكيم تعطي الأولوية لتطبيق القانون الذي يختاره الأطراف، فالمحكم يطبق عادات التجارة الدولية وأعرافها بصفة تكميلية من اجل سد النقص في قانون الإرادة.

ولو أن هذا الرأي أنتهج منهج التكامل بين المنهجين لما كان بحاجة إلى هذا التمييز بين النوعين من القواعد، فرأيه بخصوص اعتماد المحكم على منهج قاعدة الإسناد في تطبيق عادات التجارة الدولية وأعرافها، وأن يتم الرجوع إلى القواعد الأخيرة بصفة تكميلية، يعكس مبدأ التكامل بين المنهجين إلا أنه وعدم إقراره بهذا الأمر أدى به إلى هذا التمييز، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فهذا الرأي يخالف الكثير من فقهاء القانون الدولي الخاص (6) ، الذين يعدون قواعد القانون التلقائي من مصادر القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص بمختلف مصادره، من عادات التجارة الدولية وأعرافها، والمبادئ العامة المشتركة، وقواعد العدالة والإنصاف.

ومن جانب ثالث فهو يعد مصادر القانون الدولي الخاص وطنية، وهذا القول مجانب للصواب إذ أن مصادر القانون الدولي الخاص لا تقتصر على المصادر الوطنية (7) ، هذا فضلا عن أعتباره للاتفاقيات الدولية ذات مصدر وطني للقواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص، وهذا ما لا يمكن التسليم به لان القواعد التي تقرها الاتفاقيات الدولية هي ذات مصدر دولي وعادة ما يبحث فقه القانون الدولي الخاص، القواعد الموضوعية التي تقرها الاتفاقيات الدولية بأنها ذات مصدر دولي (8).

كما انه يعد من شروط تطبيق القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص أنها تنطبق مباشرة، وهذا الأمر ينطبق على القواعد الموضوعية التي مصدرها الاتفاقيات الدولية، كيف أن هذه القواعد في كثير منها تعتمد على منهج قاعدة الإسناد في الانطباق، أو تعتمد عليه في اختيار قانون ما بموجب قاعدة الإسناد لإكمال النواقص التي تعتريها.

وعليه فقد اتضح ومن خلال العلاقة بين منهج قاعدة الإسناد و منهج القواعد الموضوعية بمختلف مصادره أن هناك تكاملا بين المنهجين، فالقواعد الموضوعية ذات المصدر التشريعي الداخلي تطبق من خلال قاعدة الإسناد الخاصة بالعقود، وأن القواعد الموضوعية التي اقرها القضاء الفرنسي لم تكن بعيدة عن منهج قاعدة الإسناد، فهذه القواعد أقرت بمناسبة تطبيق وإعمال منهج قاعدة الإسناد، فضلا عن أن هذه القواعد لا تخرج عن كونها قواعد محدودة تقررت الاعتبارات تتعلق بحاجات التجارة الدولة، لا تكفي لوحدها لحسم النزاع. كما أن القواعد الموضوعية التي أقرتها الاتفاقيات الدولية يتم إعمالها إما من خ لال منهج الإسناد، و إما من خلال إكمال قواعدها عن طريق تطبيق قانون وطني بموجب قاعدة الإسناد، لحسم مشکلات تنازع القوانين، نظرا للنقص الذي يعتريها. ولا يختلف الأمر بالنسبة للقانون التلقائي الذي لا يكون له إلا دور مکمل مع القانون واجب التطبيق بموجب منهج قاعدة الإسناد، فضلا عن انطباق الكثير منها من خلال قاعدة الإسناد.

كما أن هناك تساؤلا مهما يطرح نفسه وهو كيف يمكن لمنهج يختص فقط بالعقود الدولية ومسائل التجارة الدولة(9) أن يحل مكان منهج الإسناد الذي يعالج مختلف مجالات وحالات تنازع القوانين؟.

لاشك أن قصور هذا المنهج عن تنظيم جوانب التنازع كافة لا يمكنه من أن يحل محل منهج قاعدة الإسناد، فهو حتى في مجال العقود الدولية ومسائل التجارة الدولية جاء قاصرا ومن ثم اعتمد على منهج الإسناد في كثير من الأمور.

وتشير أخيرة إلى رأي في الفقه المناصر للقواعد عبر الدولية (10) التي يدخل في مضمونها طبقا له عادات التجارة الدولية وأعرافها والمبادئ العامة عبر الدولية - الذي أشار إلى الكثير من القوانين وأحكام التحكيم (11)  التي تطبق بشكل مباشر هذه القواعد، إلا أنه انتهى إلى آراء ليست بعيدة عن التكامل بين المنهجين منهج الإسناد و منهج القواعد الموضوعية التي مصدرها عادات التجارة الدولية وأعرافها والمبادئ العامة عبر الدولية.

فهو يرى أن اختيار هذه القواعد على المنازعة باتفاق الأطراف يتم بمفهوم النظرية الموضوعية، فهناك أختيار تنازعي لقواعد ذات صلة بالمنازعة تطبق بوصفها قواعد قانونية لا يستطيع الأطراف تفادي قواعدها الآمرة. كما يرى أن التحكيم الاقتصادي الدولي قد استقر على تمتع المحكم بسلطة تحديد القواعد القانونية واجبة التطبيق على المنازعة، وانه يعد مستوفية لالتزامه إذا أخضع النزاع استئثارة للقواعد عبر الدولية.

ويرى كذلك أنه وعلى الرغم من أن تطبيق القواعد عبر الدولية قد يتم بشكل مباشر أي نظرا الرغبتها في الانطباق لاسيما في القواعد عبر الدولية الآمرة إلا أنه يجوز تطبيق تلك القواعد بالاستناد إلى منهج التنازع بعد تطوير مفهومة. كما يرى أن تطبيق القواعد عبر الدولية استئثارا على المنازعة الاقتصادية الدولية لا يجد لنفسه تفسيرا إلا في تركيز تلك المنازعة في النظام القانوني عبر الدولي ولا شك أن فكرة التركيز بطبيعتها ذات صفة تنازعيه، صحيح أن النظام القانوني عبر الدولي لا يطبق على إقليم معين، فضلا عن أنه لا يتمتع بالكمال إلا أن استقلال التحكيم الاقتصادي الدولي وتمتعه بمنهج تنازع مستقل يتمثل في قواعد التنازع عبر الدولية (12) يحتم تطوير المفاهيم التقليدية المتعلقة بمنهج التنازع، ومن خلال ذلك يتم تهذيب نظرية القواعد عبر الدولية فتطبيق تلك القواعد بالاستناد إلى تركيز المحكم للنزاع في النظام القانوني عبر الدولي وذلك يعني أننا نظل في إطار النظرية الموضوعية حتى عند تطبيق القواعد عبر الدولية بالاستناد إلى سلطة المحكم، وعلى الرغم من أن تركيز المحكم للمنازعة استئثارة في النظام القانوني عبر الدولي قد لا يتم استنادا إلى كون هذا النظام هو الأكثر ارتباطا بالنزاع ولكن لكونه الأكثر ملاءمة إلا أننا لم نستبعد هذا الغرض من صور تطبيق القواعد عبر الدولية بالاستناد إلى منهج التنازع، فإذا كان تركيز المنازعة في النظام القانوني عبر الدولي بوصفه القانون الأكثر ارتباطا بالنزاع يتم في حقيقة الأمر بموجب تطبيق قواعد إسناد ذات غاية محايدة، إلا أن تركيز المنازعة في النظام القانوني عبر الدولي بوصفه القانون الملائم هو أيضا تطبيق لقاعدة إسناد ولكنها ذات غاية مادية.

كما يرى هذا الجانب من الفقه أن منهج التنازع الذي يتبعه المحكم الدولي يقوم على تركيز المنازعة في القواعد القانونية الأكثر ارتباطا بالنزاع، ما لم تكن غير ملائمة فعندئذ تطبق القواعد القانونية المرتبطة الأخرى والتي يعد تطبيقها ملائمة ومن ثم فقد يكون القانون الداخلي هو الأكثر ارتباطا وأحيانا يكون تطبيق القواعد عبر الدولية غير ملائم، ومن هذا المنطلق فقد يكون القانون الداخلي للدولة الطرف هو الأكثر ارتباطا في عقود الدولة مع الأشخاص الخاصة، إلا أن ذلك لا يمنع من تطبيق القواعد عبر الدولية إذا كانت أكثر ملاعمة لذلك العقد، كما لو كانت تلك القواعد تراعي الدولة أو الشخص العام الطرف بشكل أفضل.

كما نشير إلى جانب آخر من الفقه(13) الذي يرجح التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية، إلا أن هذا الأمر لم يمنعه من أن يرجح في صدد العلاقة بين منهج قاعدة الإسناد ومنهج القواعد الموضوعية الرأي الذي يقول بعلاقة التعايش والتعاون بين المنهجين على اعتبار أن منهج قاعدة الإسناد منهج احتياطي أو مكمل لمنهج القواعد الموضوعية (14). وقريب من هذا الرأي يذهب جانب آخر من الفقه (15) إلى أن القواعد عبر الدولية تصلح للانطباق على عقود الدولة بقدر مراعاتها للطبيعة الخاصة لعقود الدولة وأي نقص في القواعد عبر الدولية يمكن سده من خلال اللجوء إلى قواعد القانون الداخلي، والعكس صحيح، فإذا أختار الأطراف قواعد القانون الوطني لكي تطبق على عقود الدولة فان القواعد عبر الدولية تؤدي دورا مكملا أو معدلا للقانون الداخلي المختار، هذا الدور المكمل مستمد من القواعد عبر الدولية تتمتع بوظيفة أستكمال نقص القانون الداخلي، أما الدور المعدل فهو مستمد من بعض القواعد عبر الدولية تتصف بالطبيعة الأمرة فتغلب على القواعد القانونية الداخلية.

وبعد أن انتهينا من هذا الفصل وتبين لنا وضوح التكامل بين منهج القواعد الموضوعية ومنهج قاعدة الإسناد يثار التساؤل هنا عن الأولية في التطبيق بين المنهجين على النزاع؟.

في الإجابة عن هذا التساؤل ينبغي أن نفرق بين ما إذا كانت مصادر القواعد الموضوعية مستمدة من الاتفاقيات الدولية وبين ما إذا كانت مستمدة من القانون التلقائي بمكوناته التي رأيناها.

فإذا كانت القواعد الموضوعية تجد مصدرها في اتفاقية دولية فان منهج القواعد الموضوعية يكون له الأولوية في التطبيق باعتبار انه قد وضع قواعد موضوعية عالمية في مجال محدد من مجالات التجارة الدولية أو المسؤولية التقصيرية أو غيرها من مجالات القانون الدولي الخاص، ومن ثم يتم إكمال ما يعتري هذه القواعد الموضوعية من خلال القوانين الداخلية ذات العلاقة بالنزاع والتي تشير إليها قواعد الإسناد.

أما إذا كانت القواعد الموضوعية ذات نشأة تلقائية فان منهج قواعد الإسناد تكون له الأولوية في التطبيق، ومن ثم يتم إكماله بعادات التجارة الدولية و أعرافها لإكمال ما يعتري القوانين الداخلية من نقص وقصور في مجال التجارة الدولية، وهذا ما بدا لنا واضحا من خلال استعراض الآراء الفقهية التي بينت أن القانون التلقائي هو قانون مكمل للقوانين التي تشير إليها قواعد الإسناد. على الرغم من أن بعض الآراء الفقهية أعطت لمنهج الإسناد الطابع الاحتياطي المكمل لقواعد القانون التلقائي. أما القواعد الموضوعية ذات المصدر الداخلي فهي لا تطبق إلا من خلال منهج قاعدة الإسناد وبالاعتماد عليه ومن ثم تكون الأولية في التطبيق لمنهج الإسناد.

___________

1- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص248.

2 -  د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص 249-250.

3- ينظر ص 179 من هذه المصدر .

4- من هذا الفقه P, Mayer و Louissouarni et Bourel و Goldman نقلا عن د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص 254

5- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص 254-262.

6- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ، ص 598 د. محمود محمد ياقوت، حرية المتعاقدين في اختيار قانون العقد الدولي بين النظرية والتطبيق دراسة تحليلية ومقارنة في ضوء الاتجاهات الحديثة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000، ص310؛ د. أحمد عبد الحميد عشوش، تنازع مناهج تنازع القوانين،  الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1985   ، ص56.

7- فمن مصادر القانون الدولي الخاص ما هو دولي كالاتفاقيات الدولية خصوصا تلك التي تقرر قواعد أستاذ في مجال من المجالات القانونية ينظر في مصادر القانون الدولي الخاص د. محمد وليد المصري، الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة التشريعات العربية و القانون الفرنسي، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان - الأردن، 2009، ص24

8- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، منهج القواعد الموضوعية في تنظيم العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي ، دار النهضة العربية القاهرة 1998   ، ص325؛ د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية المرجع السابق، ص 46 45 د. محمود محمد يقوت، حرية المتعاقدين في اختيار قانون العقد الدولي، المرجع السابق، ص305؛ د. احمد عبد الحميد عشوش، تنازع مناهج تنازع القوانين، المرجع السابق، ص 52.

9- وهذا الأمر لا ينطبق على الاتفاقيات الدولية فهي تقرر قواعد موضوعية في مختلف المجالات كالعقود الدولية ومسائل التجارة الدولية والمسؤولية التقصيرية وغيرها، إلا أنها محدودة في إقرار قواعد موضوعية في مجال الأحوال الشخصية .

10- د. نادر محمد إبراهيم، مركز القواعد عبر الدولية امام التحكيم الاقتصادي الدولي ، دار الفكر الجامعي الاسكندرية 2002  ، ص 666-972

11-  خصوصا تلك التي يراها متحررة تجاه التطبيق المباشر للقواعد عبر الدولية ومنها القانون الفرنسي في المادة (1496) من قانون المرافعات التي نصت على أن يفصل المحكم في المنازعة وفقا للقواعد القانونية المختارة من قبل الأطراف وفي حالة تخلف هذا الاختيار، فوفقا للقواعد التي يقدر انه من الملائم إعمالها ويراعي المحكم في جميع الأحوال الأعراف التجارية فهو يرى أن تطبيق القواعد القانونية الواردة في النص يتجاور مع تطبيق النظام القانوني الداخلي ليتم تطبيق "عدة أنظمة قانونية داخلية منفردة أو مجتمعة مع تطبيق المبادئ العامة للقانون أو أعراق التجارة الدولية أو حتى تطبيق القواعد عبر الدولية دون أن تكون مجتمعة مع تطبيق أي قانون داخلي. ينظر: المرجع نفسه، ص 536 وص. 54 - 551.

12- من أمثلة قواعد التنازع عبر الدولية عند هذا الاتجاه 1، حرية الأطراف في تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق 2. عند تنازع القوانين الحاكمة لموضوع العقد محل التنازع يطبق القانون الأكثر ارتباطا بالعقد 3. عند تنازع القواعد الحاكمة الموضوع العقد يطبق القانون الذي لا يبطل العقد 4. خضوع الفعل غير المشروع المكان وقوعه. ينظر: د. نادر محمد إبراهيم، المرجع السابق، ص 337

13- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص 52.

14- ذهب الأستاد شيمتهوف Schurnithof" إلى أن مادمنا قد اعترفنا بنقص القانون الموضوعي للتجارة الدولية فلا غني عن قواعد الإسناد المعروفة ومن ثم فان تطبيق عادات التجارة الدولية وأعرافها يعتمد على قواعد النظم الوطنية للقانون الدولي الخاص، نقلا عن د. أحمد عبد الكريم سلامة، نظرية العقد الدولي الطليق، الجزء الثاني، دار النهضة العربية القاهرة 1989 ، ص 21

15- هاني محمود حمزة، النظام القانوني الواجب الإعمال على العقود الإدارية الدولية أمام المحكم الدولي، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت - لبنان، 2008، ص 390-391

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .