التركيب الديني: يطلق مصطلح التركيب الديني على التوافق والتباين الديني او الطائفي للشعوب التي تتكون منها الدول. ويعتبر الدين احد مقومات القومية، واحد العناصر المميزة للمجموعات البشرية. وقد مضى وقت تقاتلت فيه الشعوب لفرض ادیانها. الا أن الدعوة الى التعايش السلمي بين الاديان ونمو الوعي الثقافي بين شعوب الارض ادى الى زوال عهد الاقتتال الديني الى حد ما. ويشكل المسلمون نحو ربع سكان الكرة الارضية، في حين يشكل المسيحـيـون نـحـو ثلث سكانها. وتأتي الديانات البوذية والهندوسية في المرتبة الثالثة حيث تشكل خمس سكان الارض. ومن ديانات العالم الاخرى الكونفوشية، اليهودية، والبراهمية.

ويحتوي الوطن العربي مثلا على دول متعددة اللغات ووحيدة الدين مثل: المغرب، تونس، الجزائر، ودول موحدة اللغة ومتعددة الاديان والطوائف مثل مصر، اليمن، السعودية، سوريا ، لبنان، الكويت، دبي، البحرين، ودول تحـتـوي على تعدد لغوي وديني مثل العراق، السودان، وفلسطين المحتلة. وتؤثر طبيعة نظام الحكم، ومدى تطبيق القواعد الديموقراطية في الحكم، علي العلاقة بين الاقليات العـرقـيـة والدينية في الدولة. فكلما انتهجت الحكومة سياسات عنصرية تميز ضد الاقليات كلما زادت احتمالات نشوء صراع دائم بين تلك الاقليات والحكومة، أو بعضها مع بعض. وتختلف معاملة الحكومات للأقليات من تمييز ظاهر ضدهم، الى تمييز خفي غير معلن، الى مساواة كاملة بينهم وبين الاكثرية العرقية. وقد تستعين بعض الحكومات بالأقليات في الحكم، وقد يصل ذلك الى حد الاعتماد الكلي على الاقليات في الحكم، لما تبدية الاقليات الصغيرة من ولاء للحكومات في سبيل الحفاظ على مصالحها الخاصة.

ويتفاقم الصراع في الدول المتعددة الطوائف والاعراق كلما زاد الوعي العرقي لدى الشعوب التي تتكون منها تلك الدول. فكلما زاد ادراك المجموعة العرقية لحقوقها المسلوبة، وتمييزها لما يجب ان تتلقاه ،زاد غضبها، وتفاقمت المشاكل العرقية، فقد نشبت صراعات عرقية في يوغسلافيا في الاربعينات من هذا القرن، مثلما انفجرت مرة أخرى في التسعينات بسبب عدم قناعة الاقليات العرقية بموقعها ودورها في اتحاد الجمهوريات اليوغسلافية. ويقاتل الكروات والمسلمين ضد الصرب لعدم قناعتهم بما حصلوا عليه، وبسبب سيطرة الصرب علي الحكومة الاتحادية. وينطبق ذلك على المسلمين في اريتريا والذين يشـعـرون بانهم جسم منفصل عن الحكومة المسيحية في اديس ابابا.

كما يؤثر الموقع الجغرافي للأقليات العرقية والدينية على ولاءها وانتماءها للدولة التي تعيش فيها. فيزداد خطر الاقليات و تهديدها كلما تجمعت عناصرها في اقليم جغرافي واحد. ويتضاءل اثر تلك الاقليات اذا تشتت عناصرها في أقاليم عديدة. ومن أمثلة ذلك تشتت الزنوج في امریکا. ويتعاظم خطر الاقليات المتجمعة إذا كانت تحتل اقلیما جغرافيا هامشيا ، كالإقليم الذي يحتله الباسك في شمال شرق اسبانيا، والاقليم الذي يحتله الأكراد في شمال شرق العراق، وشمال غرب ایران وجنوب شرق تركيا.

وتتزايد مشاكل الاقليات اذا احتلت موقعا جغرافيا قريبا من دولة مجاورة تحتل فيها المجموعة العرقية الاكثرية في الدولة المجاورة. وينطبق ذلك على الألمان السوديت في تشيكوسلوفاكيا، والمساد ونين المتواجدين في يوغسلافيا. اليونان، وبلغاريا. والكازاخ في الصين، والذين يتطلعون الى الانضمام الى جمهورية كازاخستان.