أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2022
1022
التاريخ: 16-5-2021
1444
التاريخ: 16-5-2021
1303
التاريخ: 13-8-2022
876
|
المدرسة الالمانية للجيوبولتيكا
كان الجغرافي السويدي رودولف كلين (Rudolf Kjellen) اول من استخدم مصطلح الجيوبولتيكا. وعرفها على اساس انها "النظرية التي تبحث في قوة الدولة، بالنسبة للأرض" . وتتميز أفكار هذه المدرسة عن افكار ومفاهيم علم الجيوبولتیکا، بانها نابعة من حب وتعصب مؤسس هذه المدرسة لبلادهم المانيا ، ودعوتهم إلى تحقيق السيطرة الالمانية -German Hege) (mony على العالم. وقد اثر تعصب تلاميذ تلك المدرسة وولائهم لبلادهم المانيا الى تخليهم عن الحياد العلمي للباحث الجغرافي، وتحول أبحاثهم الى اصوات دعاية للحزب النازي. وكانت نواة تلك المدرسة معهد ميونخ لعلم الجيوبولتيكا The Geopolitical Institute of) (Munich ومجلة الجيوبولتيكا الألمانية-Journal of Geopolitics) (Zeitschrift Fur Ge) (opolitick التي عرفت علم الجيوبولتيكا على انه " العلم الذي يبحث في درجة اعتماد الاحداث والقرارات السياسية، والعسكرية على التربية (الأرض). وهي قائمة على الاسس العامة لعلم الجغرافيا السياسية التي تبحث في التنظيمات السياسية للمجال الارضي، وكل من العاملين المكاني والزماني، وهي تهدف إلى تجهيز الدولة بالأسلحة التي تستعين بها عند القيام باي عمل سياسي، والتي يمكن ان تسترشد بها في توجيه حياتها السياسية. فهي والحالة هذه يجب أن تصبح الضمير الجغرافي للدولة< وقد بدأت المدرسة الالمانية للجيوبولتيكا عام1885، عندما تأسس معهد الجيوبولتيكا الذي رأسه البرفسور الجنرال کارل هسهوفر. وقد كان هسهوفر المستشار الخاص لهتلر في الشؤون الخارجية. وفي عام ۱۹۲٤ تأسست مجلة الجيوبولتيكا السابقة الذكر لتكون الناطق الرسمي باسم معهد الجيوبولتيكا الألماني. وقد كان الجنرال الألماني الدكتور كارل هسهوفر (Karl Haushofer) (1869-1946) اول رئيس تحرير لهذه المجلة.
لقد جاء توقيت انشاء هذه المجلة بعد اربع سنوات من عقد مؤتمر فرساي عام 1919 في باريس، والذي املی شروطا قاسية على المانيا. ولان الحكومة الالمانية اخفت عن الشعب الالماني اخبار الهزائم العسكرية في الحرب العالمية الأولى، تولد لدى الالمان ردة فعل، وشعور بخيبة الأمل، وبان بنود معاهدة فرساي القاسية لم تكن مبررة عسكريا. وتعزيزا لهذا الشعور، کتب هسهوفر في مجلة الجيوبولتيكا أن سبب الهزيمة الألمانية في الحرب العالمية الأولى هو فشل القيادة العسكرية والسياسية في فهم وتقدير طبيعة العلاقة بين الجغرافيا من جهة، والسياسة والاستراتيجية من جهة اخرى. ومن أجل تعميق هذا الفهم لدى هؤلاء القادة ولتفادي الخطأ الذي وقعت فيه المانيا في الحرب الأولى، انشئت مجلة الجيوبولتیکا، لتعزيز فهم طبيعة العلاقة بين الجغرافيا والحرب.
وقد كتبت مجلة الليون The Lio الشهرية التي تصدر في مدينة شيكاغو الأمريكية عام ۱۹۶۳ تقول " ... عمل معهد الجيوبولتيكا الألماني على رسم وتنفيذ خطط تهدف الى ضعضعة الشؤون الداخلية للدول المجاورة لألمانيا أولا، ثم دول العالم الاخرى، تمهيدا لإضعافها، وأسقطاها، والسيطرة عليها. ويتم ذلك عن طريق ضعضعة المؤسسات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية في تلك الدول . وقد اهتم هسهوفر القائد العسكري الألماني الذي خدم في اليابان ووصل الى رتبة جنرال بأفكار الجغرافي الاستراتيجي الانجليزي (ماکندر) السابقة الذكر، وقد استوعب أفكار ما کندر المتعلقة بالأرض القلب، وتمنى لو أن المانيا تسيطر على الأرض القلب (محور الارتكاز)، ولتحقيق ذلك دعا الى تحالف الماني - روسي. واعتبر هسهوفر أن القوة العسكرية ذات ثلاثة ارکان : القوات البرية ، والاسطول البحري، وسلاح الجو. وكما اسلفنا فقد اید هسهوفر ما خلص اليه ماكندر من أن القوة البرية هي الأهم في أي نزاع مسلح، لان الجند المشاة هم الذين يسيطرون على المجال الارضي. وتأثر هسهوفر بأفكار راتزل وكيلين فيما يتعلق بالدولة، وتشبيهها بالكائن الحي، وعليه فقد آمن بان الدول يجب أن تتبع سياسة تؤدي الى الاكتفاء الذاتي. وقد تنبأ هسهرفر بان البقاء سيكون للدول الكبيرة في حين ستزول الدول صغيرة الحجم. ومن مبادئ هسهوفر ومدرسته، أن الدولة اهم من الأشخاص أو الأفراد. وقد اباح هسهوفر للدول تحقيق مصالحها على حساب مصالح الاخرين وهسهوفر هو صاحب مبدأ المجال الحيوي، او المجال الارضي للدولة. هذا المجال الذي اعتبره هسهوفر متغيرا هو الذي يحدد مكانة الدولة وقدرتها على البقاء والاستمرار. ويجب ان يتسع المجال الحيوي للدول حسب حاجاتها وقدراتها العسكرية. ولضمان استمرار الدول يجب عليها توسيع مجالها الحيوي عن طريق ضم أقاليم جغرافية جديدة تكون بمثابة المغذي لها. وكما اشرنا سابقا ، يجب على الدول اضافة اقاليم جغرافية جديدة ليست ذات أهمية استراتيجية عسكرية فقط، بل ذات اهمية اقتصادية ايضا. ويجب التنويه هنا إلى أن إسرائيل تطبق المبادئ الالمانية للجيوبولتيكا، وبالذات فيما يتعلق بأفكار هسهوفر واستاذه فردريك را تزل فيما يتعلق بالنمو المكاني للدول.
وقد آمن اتباع المدرسة بألمانيا ايمانا يرقى الى مرتبة العقيدة الدينية، ونظروا اليها على اساس انها كائن حي يحتاج للنمو عن طريق ضم اراضي جديدة، والا ستتعرض للزوال والفناء. ولذلك فان الجيوبولتيكا تهدف لخدمة المانيا عن طريق رسم سياسات على درجة كبيرة من الأهمية، وتنفيذها امر اجباري للدولة حتى تستمر. وقد مرت مدرسة الجيوبولتيكا الألمانية من خلال معهد ومجلة الجيوبولتيكا بمراحل ثلاث: دامت الأولى بين ۱۹۲۶ - ۱۹۳۱، حيث انضم اليها نخبة جيدة من الجغرافيين الألمان من الذين آمنوا بضرورة توظيف معلوماتهم وخبراتهم الجغرافية لخدمة بلدهم. الا انه وفي عام ۱۹۳۱حدث اتصال بين هسهوفر والحزب الاشتراكي القومي الألماني، عن طريق رودولف هس احد القادة الألمان، الذي تولى منصب نائب زعيم الحزب النازي بعد تسلم هتلر السلطة في المانيا. ونتيجة لهذا الاتصال، انضم للمدرسة كتاب وباحثون يفتقرون للخلفية العلمية وانتجوا كتابات هدفها تمرير معلومات غير موثقة علميا، تسعى للترويج للنازية. وفي عام ۱۹۳۲ تأسست في المدرسة مجموعة عمل اطلق عليها اسم "مجموعة جيوبولتيكا الدفاع العسكري" (Wehrgeopolitik) أو (Defece Military Geopolics)، حيث طبقت مفاهيم الجيوبولتيكا على الوقائع والعمليات العسكرية بهدف تحقيق النصر، وفي الفترة التي تلت ذلك، أصبح هم مدرسة الجيوبولتيكا، وهدف الكتابات في مجلتها تقديم تبرير منطقي، ومقنع السياسات وممارسات الحزب النازي اعتمادا على اسس جغرافية. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة زوال وانتهاء دور هذه المدرسة، والتي بدأت عام 1940 بفرار رودولف هس الى بريطانيا وغزو المانيا لروسيا عام 1941 في خطوة مناقضة لما دعا اليه هسهوفر. وفي عام 1944 توقفت المجلة عن الصدور ، واعدم ابن هسهوفر بعد أن اتهم بتدبير مؤامرة لاغتيال هتلر. كما قبض على هسهوفر كمجرم حرب، غير انه انتحر في عام 1946.
نتيجة التعريفات المدرسة الالمانية للجيوبولتيكا، وممارسة كتابها، يمكن القول أن الغاية من دراساتها ، كان زيادة المجال الحيوي، والرقعة الجغرافية للدولة، وهي والحالة هذه تدعو ضمنا للحرب ، والقيام بعمليات عسكرية لتحقيق ذلك. وهذا ما حدا ببعض الجغرافيين الى محاربة هذه المدرسة وانتقاد ممارساتها. وقد وصل الحد بالبعض إلى رفض علم الجيوبولتيكا من اساسه. فقد وصفه الجغرافي (ويجرت) بانه "علم زائف". ودعاه الجغرافي اسحاق بومان في مقالة نشرها عام ۱۹۶۲ بانه "علم تمتد جذوره الى فلسفة غير شريفة للقوة والتي تبرر السرقة
وعلى الرغم من أن اليهود عانوا الممارسات النازية، غير أن الحركة الصهيونية تبنت الافكار الجيوبولتيكية للمدرسة الألمانية، والداعية الى التوسع الجغرافي على حساب الدول المجاورة كأفضل وسيلة لاستمرار البقاء، وتجدر الاشارة هنا الى ان احداث الحرب العالمية الثانية ومساهمة المدرسة الالمانية فيها، دفع الكثير من الجغرافيين الى التخلي عنها ومحاربتها، وكان ذلك أحد عوامل تراجع الجغرافيا السياسية، في الفترة التي تلت الحرب الثانية، بسبب الخلط بين الجغرافيا السياسية وعلم الجيوبولتيكا من جهة، وممارسات القائمين على المدرسة الالمانية للجيوبولتيكا من جهة أخرى .
ولا بد من القول هنا أن الجيوبولتيكا لا تعني بالضرورة الدعوة الى الحرب، او التشجيع عليها، بل انها قد تؤدي الى السلم اذا نظر اليها على أنها تقدم معلومات جغرافية توجه السياسة الخارجية للدول. ويمكن اعتبارها أداة تحليلية لتقويم الوزن والقدرة السياسية والعسكرية للدولة بشكل علمي وموضوعي، يعتمد حقائق الجغرافيا كأساس له، ويتبع منهجا موضوعيا بعيدا عن التحيز. وبكلمات أخرى يمكن القول أن الجيوبولتيكا تسعى الى تقييم العناصر الجغرافية للأقاليم الجغرافية، وتحديد وزن كل عنصر، وذلك للخروج بتقييم شامل ومتكامل لكل اقليم لمعرفة وزنه وقيمته الاستراتيجية العالمية.
وتری مجلة هيرودوت الفرنسية التي تعتني بالشؤون الجيوبولتيكية أن مهمة الجيوبولتيكا هو اظهار العلاقات المعقدة بين الظواهر الجغرافية، والسياسية. وتحقيق ذلك ليس لصالح الشرق او الغرب، أو اليمين أو اليسار. بل ان اهدافها محايدة. وتعترف المجلة أن كثير من الفكر الجيوبولتيكي مربوط بالتبرير الهتلري للتمدد الجغرافي للدول. غير انها ترفض بشدة فكرة وصف علم الجيوبولتيكا بانه علم هتلري او نازي، بل انه استخدم من قبل النازيين لأغراضهم الخاصة، وتعزز المجلة من موقفها حين تقول " لماذا أذا لا نصف علم الأحياء بانه علم هتلري، على الرغم من ان النازيين استخدموه لدعم افكارهم بتفضيل العنصر الجرماني" وترى المجلة أنه يجب العمل على الحد من تأثير وسيطرة الايدولوجيات التي تدفع الأشخاص الى تفسير الأحداث بطريقة غير علمية، لخدمة مصالح ضيقة لحزب، او مجموعة. وترى المجلة أن العلاقة بين القضايا والاحداث السياسية والجغرافيا قديم وذو اهمية كبيرة. فتساعدنا الخريطة الجغرافية على فهم العلاقات بين القوى في الاقاليم المختلفة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|