وظائف المجلة  

لقد لعبت المجلات دوراً مهماً من خلال تعدد وظائفها  في التأثير على الرأي العام، وذلك عن طريق ما تقدمه من موضوعات مدروسة، مدعمة بالدراسة والبحث والاستقصاء لأن لديها الوقت الكافي الذي تستطيع ان تستثمره في معالجة الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، خيراً من الصحافة اليومية . وذلك بحكم أن هذه التقارير أوقع في نفس القارئ وذات اثر أبقى من العناوين، أو للنبذ او الاخبار المصورة التي تنشرها الصحف (الجرائد) اليومية.

وتستطيع المجلة ان تؤثر في مخيلة القراء عن طريق الرسم، والصور "الفوتوغرافية"، تفوق تأثير الجريدة اليومية، وذلك لما يتوفر للمجلة عامة من الامكانات الفنية في هذه الناحية، فالطابع الجميل للمجلات من حيث الإمكانات الطباعية، والألوان، والاخراج له تأثير "سيكولوجي" قوى في نفس الناس جميعاً على اختلاف صفاتهم واعمارهم لذلك تستغل المجلات بواسطة رجال الدعاية السياسية والتجارية كوسيلة ناجحة ومؤثرة.

ولكن يبقى التحريك في صورة الخيال عند القارئ "سيكولوجيا" انطبع عنده من خلال وجود الامكانات الفنية التي توافرت له في المجلة من حيث الطباعة، والألوان والاخراج التي هي اكثر جدية من الجرائد اليومية، وتكون اكثر قرباً من الشاشة السحرية من الناحية "الدراستيكية"، وهذا هو الاسلوب الحديث في اتجاهات المجلة من الناحية الفنية، ناهيك عن المضمون الذي اقترب إلى حد الوسط بين الكتاب، والجريدة، كما يراه "فلافيد كرونيك" الذي يضع المجلات في منطقة وسط بين الكتاب، والجريدة حجته في ذلك : انها توجه إلى جمهور اكثر تحديداً من جمهور الجريدة ولا ترتبط بشدة الحوادث اليومية، وتشبه الكتاب اكثر من الجريدة بحكم مدى الافكار التي تعالجها، وبينما يرى "جورج ديهامبل" ان المجلة تجمع بين الجريدة والكتاب بعد ان غيرت خلال السنوات الاخيرة مقرها والتمست لها مظهراً جديدا، محافظة على مظهر الجريدة، وان قدمت مادة أغنى وان لجأت إلى شيء من التراجع في الزمن لتحكم على الوقائع والناس.

وهذا الشكل من المظهر قد تمثل في مجلة "التابلويد" التي أخذت ثوب الجريدة كمظهر ومضمون المجلة في مادتها الغنية وذلك بحكم ما فرضه واقع الحياة من ايقاع سريع في حركة القراءة السريعة التي لجأ إليها قارئ العصر الذي لم يعد لديه الوقت بأن يتصفح الألوان والاخراج ويمكن النظر في هذه الإمكانات الفنية المتوافرة في المجلة، بل كل ما يهمه مراجعة العناوين والوقوف عند المادة الدسمة التي تشد انتباهه، كما ان هناك شيئاً آخر في لجوء المجلات لتصغير حجمها وتقليص تكاليف إخراجها  المعقد، قلة إمكاناتها المادية، واقتصاديات السوق للورق الفاخر المصقول ... وهذا الشكل في المجلات لحجم "التابلويد" أكثر انتشاراً في الولايات المتحدة الامريكية، وتليها بريطانيا، وربما كان وراء ذلك سبب آخر في اتجاه الصحف والمجلات الاوربية، كي تتخطى التخصص للجرائد اليومية والمجلات الاسبوعية ... وبشكل عام يمكننا ان نحدد اهم الوظائف التي تقوم بها المجلات، لخدمة قارئها ومجتمعها من وجهة نظر الباحثين والدارسين وذلك في النقاط التالية :

1- تشارك المجلة – مع الجريدة – في الدعوة للإصلاحات السياسية في المجتمع.

2- لا تقوم المجلة بتفسير الاحداث والمسائل العامة فقط ولكنها تضع الاحداث في أبعادها الوطنية .. وربما  كانت المجلات مكملة لا منافسة لوسائل الاعلام الاخرى.

3- تساعد المجلة في تدعيم الاتجاهات الوطنية من أجل تكوين المواطن المتجانس، كما تعمل المجلة على تدعيم الروابط الثقافية بين القراء.

4- زودت المجلة المصورة بوسيلة رخيصة للتسلية، واحتلت المجلة خصوصاً – بعد احتوائها على المقالات المتنوعة والاخبار والتحقيقات فضلاً عن الصور في عادات القراءة مكان الكتاب بالنسبة للكثيرين.

5- المجلة معلم قليل التكاليف إذ تقدم للجمهور في حياته اليومية الكثير من المشورة، والنصائح فهي تعطى المشورة بالنسبة للأطفال المتخلفين في دراساتهم، وتقدم النصائح بالنسبة للمشاكل المالية او الزوجة وكيف يمكن ان يكون الزوجان اكثر تألقاً مثلاً، وتوضح المجلة للناس كيف يزينون منازلهم وحدائقهم، وكيف يعدون طعاماً رخيصاً صحيا في الوقت نفسه، وهي تدل السيدات على كيفية العناية ببشرتهن وقوامهن، وعلى آخر الأزياء والزينية، وغير ذلك من الابواب ومحتوياتها.

6- المجلة معلم للجمهور في مراته الثقافي والحضاري، فهي تصل مقالاتها، واخبارها الجيل الحاضر بالجيل الذي سبقه، والمجلة تحيط خزائنها بإنجازات الشعوب الاخرى وصفاتهم، وقصصهم وانماط حياتهم، كما تذكر المجلة عادة – تقارير عن الكتب الحديثة التي صدرت او نبذة صغيرة عنها، وكذلك عن المسرحيات او "الافلام"، والاسطوانات" "الموسيقية" اي أنها تحث القارئ على ان يكتشف، ويتقصى مصادر اخرى من المعلومات.

ويمكن في النهاية القول إن احدى مميزات المجلة الحديثة، هي في تقديمها لألوان مختلفة من المعلومات والتسلية، والخدمات، ومحاولة من خلالها ان ترضى أذواق قطاعات كثيرة من القراء، ولقد استطاعت المجلات الكبرى المتعددة النشاط ان تحقق رغبات القراء وان تحتوي اهتمامهم بها. وهذا هو الاتجاه الحديث للمجلات المعاصرة.