أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2016
1326
التاريخ: 18-8-2016
1466
التاريخ: 18-8-2016
1991
التاريخ: 16-2-2021
2502
|
لعلك تقول: إن الشكر إنما يعقل في حق منعم هو صاحب حظ في الشكر، فإنا نشكر الملوك إما بالثناء ليزيد محلهم في القلوب ويظهر كرمهم عند الناس فيزيد صيتهم (1) وجاههم، أو بالخدمة التي هي إعانة لهم على بعض أغراضهم، أو بالمثول (2) بين أيديهم في صورة الخدم لتكثير سوادهم وزيادة جاههم، وهذا كله محال في حقه تعالى لوجهين
أحدهما: إنه تعالى منزه عن الحظوظ والأغراض والحاجة ونشر الجاه والحشمة (3) وتكثير السواد ونحو ذلك.
الثاني: إن جميع ما نتعاطاه باختيارنا فهو نعمة أخرى علينا من نعم الله، إذ جوارحنا وقدرتنا وإرادتنا وداعيتنا وسائر الأمور التي هي أسباب حركتنا ونفس حركتنا من خلق الله تعالى ونعمته، فكيف نشكر نعمته بنعمته؟
ولو أعطانا الملك مركوباً فأخذنا مركوباً آخر له وركبناه، وأعطانا مركوباً آخر لم يكن الثاني شكراً للأول منا بل كان الثاني يحتاج إلى شكر كما يحتاج الأول، ثم لا يمكن شكر الشكر إلا بنعمة أخرى فيؤدي ذلك إلى أن يكون الشكر محالاً في حقه تعالى، وقد ورد الشرع به فكيف طريق الجمع بينهما؟
فاعلم أن هذا الخاطر قد خطر لداود (4) أو لموسى (5) على اختلاف الروايتين ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال: أوحى الله عزّ وجل إلى موسى: يا موسى أشكرني حق شكري. فقال: يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشركك به إلا وأنت أنعمت به علي. قال: يا موسى الآن شكرتني حيث علمت أن ذلك منّي (6).
وفي حديث آخر: وشكري لك نعمة أخرى منك توجب الشكر لك. فقال تعالى: إذا عرفت أن النعم مني رضيت منك بذلك شكر (7).
وعن السجاد عليه السلام أنه كان إذا قرأ هذه الآية: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] قال: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه (8).
والجواب عن الأول: إنّ طلب الله من عباده الشكر كسائر التكاليف يرجع نفعه إليهم لا إليه.
وإن أردت إيضاح ذلك فاعلم أنّ ملكاً من الملوك لو أرسل إلى عبد قد بعد عنه مركوباً وملبوساً ونقداً لأجل زاده في الطريق حتى يقطع به مسافة البعد ويقرب من حضرة الملك، فذلك الملك يتصور له حالتان: الأولى أن يكون قصده من إحضار عبده القيام ببعض مهماته والحظ بخدمته، والثانية ألا يكون له حظ في حضوره أبداً ولا يزيد حضوره في ملكه مثقال ذرة، ولكنه قصد بذلك أن يحظى العبد بالقرب منه وينال سعادة حضرته ليرجع النفع إلى العبد نفسه لا إلى الملك، وإرادة الله الشكر من عباده مثال الحالة الثانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصيت: الذكر الجميل الذي ينتشر في الناس، دون القبيح. يقال ذهب صيته في الناس.
لسان العرب، ابن منظور: 2/ 58، مادة "صوت".
(2) المثول: الانتصاب قائما، والفعل مثل يمثل.
كتاب العين، الفراهيدي: 8/ 229، باب الثاء واللام والميم معهما، مادة "مثل".
(3) حشمة الرجل وحشمه محركتين وأحشامه: خاصته الذين يغضبون له من أهل وعبيد أو جيرة. والحشم محركة للواحد والجمع: وهو العيال والقرابة أيضا. والحشمة بالكسر: الحياء والانقباض.
القاموس المحيط، الفيروز آبادي: 4/ 96، مادة "الحشمة".
(4) نبي الله داود عليه السلام: هو داود بن يسى، وقيل: إيشا بن عوبيد بن بوعز، وقيل: عامر، وقيل: ياعز بن سلمون بن أحشون، وقيل: نحشون بن عمينا داب، وقيل: عويناداب، من سلالة إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، ومعنى داود بالعبرية: الحبيب. ولد في بيت لحم بفلسطين حوالي عام 1033 قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وقيل: قبل الميلاد بـ 1071 سنة، وقيل: 1086 سنة قبل الميلاد. توفي فجأة في أورشليم يوم السبت، وقيل: يوم الأربعاء، حدود عام 962، وقيل: عام 1015 قبل ميلاد المسيح عليه السلام بعد أن عمر 100 سنة، وقيل: 77 سنة، وقيل: 71 سنة، وقيل: 80 سنة، وقيل: 120 سنة، فدفنوه في مدينة داود على جبل صهيون بفلسطين.
أعلام القرآن، عبد الحسين الشبستري: 361 ــ 364، نبي الله داود عليه السلام.
(5) موسى بن عمران عليه السلام: هو موسى، وبالعبرية: موشي بن عمران، أو عمرام، أو عمرم بن قاهث بن لاوي ابن نبي الله يعقوب عليه السلام. ولد موسى عليه السلام، وذلك بين سنتي 1605 و1645 قبل الميلاد. توفي على جبل نبو، وقيل: نبا بالقرب من جبل طور سيناء حدود سنة 1525 قبل الميلاد أيام التيه، ودفن هناك، ويدعي اليهود أن في فلسطين قبرا لموسى عليه السلام يقصدونه في كل سنة. توفي موسى عليه السلام وعمره 240 سنة، وقيل 120 سنة، وقيل 126 سنة، وقيل 137 سنة.
أعلام القرآن، عبد الحسين الشبستري: 937 ــ 944، موسى بن عمران عليه السلام.
(6) انظر: الكافي، الكليني: 2/ 98، كتاب الإيمان والكفر، باب الشكر/ ح27.
(7) انظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/ 151 ــ 152، كتاب الصبر والشكر، بيان كشف الغطاء عن الشكر في حق الله سبحانه.
(8) انظر: تحف العقول، الحرّاني:283، وروي عن الإمام سيد العابدين عليه السلام في قصار هذه المعاني.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|