أقرأ أيضاً
التاريخ: 5/10/2022
1715
التاريخ: 18-1-2016
2227
التاريخ: 11-1-2016
2475
التاريخ: 2023-04-13
1425
|
يقول الأستاذ عبد التواب يوسف عن أدب الأطفال المعاصر في البلاد العربية: (إن أدب الأطفال في بلادنا حديث، وإن كانت جذوره تمتد إلى مصر القديمة)(1).
ويبدو في هذا القول كما درج عليه أكثر الباحثين من تأثر بالصورة الحديثة لأدب الأطفال، والحكم على هذا اللون الخاص بما عرف عنه عند الغربيين، ولذلك أنكر كثير من الباحثين وجود أدب للأطفال قبل القرنين الأخيرين، واستتبع ذلك - أيضاً - وضع المعايير الفنية لهذا اللون على وفق ما عرف عند الغربيين، ورموا بالتخلف، أو عدم النجاح كل أثر من هذا الأدب يخرج عن هذه المعايير.
وإذا صحت هذه النظرة، فإنه ينبغي إنكار وجود أي علم، أو أدب أو اختراع قبل أن يعرف عند الغربيين، لأن هذه العلوم المدعاة، أو الفنون والآداب والمخترعات القديمة تختلف في مقاييسها، وطرائقها ووسائلها عما عرفه العصر الحديث.
ولكن الواقع غير هذا، فالآداب، والفنون والعلوم عرفت قديماً وحديثاً ونالت الشعوب - على أقساط مختلفة من ذلك كله - نصيباً ما.
ولكن أوروبا التي هيمنت على مقدرات العالم خلال قرن ونصف من الزمان، واستطاعت أن تسخر كل الطاقات العالمية في مختلف العلوم والفنون لتقدمها ورفاهيتها، أوروبا هذه استطاعت أن تبرز نهضتها وتقدمها، واستطاعت أن تنقب عن مآثرها، بل واستطاعت في غيبة الوعي والصحوة، والتحرر الحقيقي للشعوب الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، أن تهيمن على مقدرات الشعوب والأمم وأن تأخذ تراثها، وتستفيد من علومها وفنونها وآدابها، وأن تسرق كنوزها، ثم تخرج ذلك كله بثوب يتلاءم مع أوروبا الحديثة ثم تدعي أن كل ذلك من ابتكارها واكتشافاتها!.
كم من النظريات العلمية، والقوانين، والبحوث، والاكتشافات والاختراعات التي عرفها العالم الإسلامي قديماً، أخذتها أوروبا وادعتها لنفسها في عهود الغياب الإسلامي، أو عصور الانحسار والتفكك الإسلامي؟(2).
لقد تقدمت أوروبا مادياً، ولكن تقدمها كان نتيجة استنزاف مئات الملايين من البشر، وأخذ خيراتهم واستلاب مقدراتهم ونقل علومهم واستغلال كل طاقاتهم المادية والبشرية.
وإذا كانت مثل هذه الحقائق أصبحت واضحة لنا، فكيف بالشعوب الأخرى التي ظلت ترزح تحت نير الاستعمار الأوروبي عقوداً طويلة، حتى فقدت لغتها وهويتها، وصبغت بالفلسفة الأوروبية، بل ونقلت إليها الديانة الأوروبية تحت اسم التبشير كما حصل في أفريقيا السوداء وبعض بلدان شرق آسيا. وأدب الأطفال واحد من هذه الألوان التي عرفت قديماً بصور أخرى تتلاءم مع الشعوب والأمم والديانات المختلفة.
وفي البلاد العربية عرف أدب الأطفال قديماً، بالقصص، والحكايات الشعبية، والسير المختلفة، والأشعار، ثم في النصوص الإسلامية المختلفة، وإن لم تأخذ التسمية والاصطلاحات الحديثة، وشأنها شأن بقية فروع الأدب وألوان التعبير التي عرفت قديماً دون أن يكون لها السمات التي عرفت حديثاً في أوروبا.
والغريب أن ينساق إلى هذا الرأي بعض الكتّاب الإسلاميين، فيرون أن أدب الأطفال أدب حديث، وأن النصوص التي عرفت عن هذا اللون لا تكوّن تياراً صغيراً أو كبيراً(3).
وفي هذا تسليم بأن الغرب هو صانع الآداب المختلفة، والفنون العديدة لأن منهج هذه الآداب والفنون يختلف عن منهج الأقدمين، فالقصة حديثة والمقالة حديثة والشعر - ينبغي أن يكون حديثاً - وينبغي أن نفتش عن مسمى يتلاءم مع الشعر القديم.
والغريب أن يلتمس هذا الادعاء الأساس الفكري وهو أن المنهج التربوي لدى أسلافنا يختلف عن منهج المعاصرين، فقد كانوا ينظرون إلى الطفل، على أنه مشروع رجل، ويعاملونه على هذا الأساس في التوجيه والتعليم وتربية الذوق والوجدان(4).
وهذا القول غريب في مضمونه لأنه يسلم بوجهة نظر الغربيين وفلسفتهم في التربية بصورة غير مباشرة، ويعيب على المسلمين منهجهم التربوي القائم على الأصول الإسلامية أيضاً. فضلاً عن أن هذا الحكم الذي يطلقه بعض الكتّاب بعيد عن الحقيقة، ويتنافى مع ما عرف عن المسلمين في نظرتهم للطفولة، وفي منهجهم التربوي. بل إن هذا الحكم مبني على تجاهل التربية الإسلامية، وتاريخها العريق، حيث تعتمد في النظر إلى النفس الإنسانية على الحقائق الربانية، وعلى ما ورد في كتاب الله (عز وجل)، وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، من الخطوط الأساسية للنفس البشرية(5)، ولا تسلم بالنتائج التي وصلت إليها دراسات النفسانيين الغربيين.
من هذا نخلص إلى أن أدب الأطفال - كغيره - قديم في البلاد العربية، وإن كانت صورته تختلف عما عرفه العصر الحديث، حيث لا يمكن أن نرى صورة الأدب الحديث عند القدماء، ولا يمكن أن نرى هذه التقسيمات والسمات التي طبعها الغربيون على أدب الطفل، ونشروها بقوة نفوذهم حتى أصبحت الصورة المألوفة، المعروفة، وغيرها مستنكر مستبعد(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ كتب الأطفال في عالمنا المعاصر / 10، وفي هذا نوع من العصبية لمصر الفرعونية كما يفعل كثير من كتّاب مصر.
2ـ انظر كتاب: شمس العرب تسطع على الغرب.
3ـ أدب الأطفال واقعه وهمومه: د/ عبد الباسط بدر.
4ـ المصدر السابق، وكذلك انظر: أدب الأطفال ومكتباتهم: تأليف سعيد أحمد حسن / 34.
5ـ هناك قائمة طويلة من الدراسات الخاصة بالتربية الإسلامية وأسسها، وكذلك الدراسات الخاصة بعلم النفس.
6ـ أدب الأطفال ومكتباتهم / 26، وانظر أيضاً كتاب، (الطفولة في الشعر العربي الحديث)، حيث أورد فصلاً كاملاً عن (أدب الطفل عند العرب القدماء)، ص49 ـ 84.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|