أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
2010
التاريخ: 29-09-2015
2032
التاريخ: 27-08-2015
1798
التاريخ: 22-04-2015
5521
|
توجد
في الإسلام طرق تعليم غير مباشرة كثيرة، وتأثيرها من بعض الجهات أوسع وأعمق من
تأثير الطرق المباشرة.
فالعبادات
الإسلاميّة، وخاصّة تلك التي تؤدّى بشكل جماعي كصلاة الجماعة والجمعة ومناسك
الحج، من جملة الأمور التي لها تأثير قويّ في التّعليم الجماعي للنّاس.
فصلاة
الجماعة الّتي تقام خمس مرّات باليوم واللّيلة تُعَلِّم المسلمين درس الوحدة
والإتحاد ورصّ الصفوف والمساواة والأُخوة، فتجمع شرائح المجتمع المختلفة والتي قد
لا تلتقي في السّنة مَّرةً واحدة في غير الصّلاة على أثر المشاغل والمسؤوليات
المختلفة التي ينشغلون بها عن بعضهم، فصلاة الجماعة تعلّم هؤلاء درس وحدة التّفكير
ووحدة الهدف في المسائل الاجتماعيّة.
فصفوف
صلاة الجماعة، ومضافاً إلى روحانيتها الخاصة الحاكمة عليها واقترانها بنور
المعنوية والصّفاء، خير وسيلة لاطلاع عامة النّاس على المسائل المصيريّة للمجتمع
الإسلامي.
لقد
استطاع المسلمون الأوائل ومن خلال صلاة الجماعة- وهو لقاء يوفر لهم اللقاء صباحاً
ونهاراً ومساءً- كسب الوعي الكافي ووحدة الصف والكلمة مقابل اعدائهم ذوى العدة
والعدد، حيث استطاعوا أن ينشروا برنامج الحكم الإسلامي وتعاليم الدين بسرعة فائقة.
ففي صلاة الجمعة والجماعة، وطبقاً للتعاليم الإسلامية، فإنّ الإمام وحده هو الذي
يقرأ الحمد والسورة نيابة عن الجميع، وبهذه الطريقة يبعث الانضباط الاجتماعي في
نفوس الناس التي تعتاد على الإدارة المقرونة بالروح والمعنى اللذين توفِّرهما
مضامين السورتين اللتين يقرأهما إمام الجماعة.
والنّكتة
المهمّة هنا هي أنّ للإمام الحق أنْ ينتخب سوراً مختلفة وآيات متنوعة من القرآن
لقراءتها بعد سورة الحمد بحسب المناسبات المختلفة، وكلّ واحدة من هذه السور يمكنها
أنْ تشتمل على دروس في المعرفة الإسلاميّة، والأخلاق، والتّربية السّياسية
والاجتماعيّة، فعندما يقرأها الإمام بشكل جذّاب والكلّ قائم يصغي لها بسكون عميق،
يكون لها أثرٌ تعليمي قوي منقطع النّظير في نفوس المأمومين، يضطرهم إلى التّفكر
والتّعمق في محتوى الآيات، ويضاعف روحانيّة العبادة وتأثيرها، ولو أنّ هذه المراسم
العبادية تؤدّى بآدابها الإسلاميّة المقررة وحضور القلب وتمركز الحواس وهي الشرط
الأساسي لقبولها، لكانت مدرسة عظيمة لتربية المجتمع الإسلامي، وفضلًا عن ذلك فإنّ
هذه المراسم تكون درساً تربوياً لأعداء الإسلام والأجانب، وغالباً ما يلاحظ أنّ
هؤلاء يقفون متأملين متفكرين في هذه العبادة عندما يشاهدون المسلمين في صفوف منظمة
ومرصوصة يُقيمون الصلاة.
ومن
هنا ورد عن الإمام علي بن موسى الرّضا عليه السلام أنّه قال :
«إنَّما جُعلتْ الجَمَاعَةُ لِئَلا يَكُونَ الإِخلاصُ
وَالتُّوحِيدُ وَالإسْلامُ وَالْعِبادَةُ للَّه إِلّا ظاهِراً مَكْشوفاً
مَشْهُوراً ، لأنَّ فِي إظْهارِهِ حُجَّةً عَلى أَهلِ الشَّرقِ وَالْغَرْبِ ...
مَعَ ما فيهِ مِنَ المُساعَدَةِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوى وَالزَّجْرِ عَنْ
كَثيرِ مِنْ مَعاصِي اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ» (1).
وخلاصة
الكلام هي إنّ تأثير صلاة الجماعة في إيقاظ المسلمين وتربيتهم، وتأثيرها في افشال
مخططات الأعداء وكسر شوكتهم، لا يخفى على أحد.
ولهذا
فإنّ هذه العبادة العظيمة، من أهَم وآكد العبادات الإسلاميّة، وقد ذكر لها فضل
عظيم وثواب جزيل في الرّوايات إلى درجة يبهت الإنسان لها.
ففي
حديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : «مَنْ مَشى إلى مَسْجِد
يَطْلُب فيه الجَماعَة كانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ حَسَنَةٍ
وَيُرْفَعُ لَهُ من الدّرَجاتِ مِثْلُ ذَلِكَ ، فَإِنْ ماتَ وَهُوَ عَلى ذلِكَ ،
وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَعُودُونَهُ فِي قَبْرِهِ
وَيُبَشِّرُونَهُ وَيُؤنِسُونَهُ فِي وَحْدَتِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتّى
يُبْعَثَ» (2).
_____________________
(1) وسائل الشّيعة ، ج5 ، ص
372.
(2)
المصدر السابق ، ح7.