هل يتعلم علي عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله ؟ وما طبيعة هذا التعليم والتعلم ؟ |
1498
10:56 صباحاً
التاريخ: 29-8-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2022
1727
التاريخ: 18-5-2022
2356
التاريخ: 29-7-2022
3984
التاريخ: 2-6-2022
1713
|
السؤال : يقول الإمام أمير المؤمنين [عليه السلام] :
«علمني رسول الله ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب» (1).
هل يقدح بكمال المعصوم كونه تعلم العلم وإن كان من معصوم آخر؟
وهل يعني تعلمه لهذه الأبواب [صلوات الله وسلامه عليهم] خلوه من هذه المعرفة قبل ذلك ؟
إن لم يكن كذلك فما هي طبيعة هذا التعليم والتعلم؟
الجواب : إن الإجابة على سؤالك أيها الأخ الكريم تكون في ضمن النقاط التالية:
1 ـ إنه لا شك في أن علياً [عليه السلام]، هو نفس رسول الله [صلى الله عليه وآله]، بنص القرآن الكريم في آية المباهلة: (وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ)( سورة آل عمران 61).
2 ـ إن درجة النبوة الخاتمة قد كانت للنبي الأكرم [صلى الله عليه وآله].. وهو أعظم مقام يمكن أن يناله بشر.. كما أن درجة الإمامة والمقام الأعظم فيها هي تلك الإمامة التي ترتبط بالنبوة الخاتمة بلا فصل أيضاً.. وقد اختص الله بهذا المقام الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
بل إن نبي الله إبراهيم [عليه السلام]، حين نال مقام الإمامة، فإن درجتها لم تكن في حد درجة الإمامة المرتبطة بالنبوة الخاتمة..
وقد حكى الله سبحانه عن إبراهيم، فقال: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)( سورة البقرة الآية 124).
وقد زاد الله تعالى في إكرام علي [عليه السلام]، بأن جعل من ذريته، أحد عشر إماماً.. قد نالوا شرف الارتباط بإمامته العظمى، ومن النبي [صلى الله عليه وآله] ـ من خلال الزهراء [عليها السلام] ـ شرف الارتباط بالنبوة الخاتمة..
3 ـ إن للإمامة العظمى المرتبطة بالنبوة الخاتمة مقاماتها وعلومها المناسبة لها.. فلا بد من نيل تلك العلوم، والوصول إلى تلك المقامات..
ونحن نعلم أن علوم الشريعة والأحكام لا تختلف درجات علم الأئمة بها.. كما دلت عليه الروايات.. فلا بد أن يكون التمييز والتفاضل بين الأئمة هو في علوم أرقى منها.. وهذه هي التي ورد عن الأئمة [عليهم السلام]: أن بعضهم أعلم من بعض فيها..
وهذا السنخ من العلوم هو المقصود بكلام أمير المؤمنين [عليه السلام]: علمني رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب..
فالرسول [صلى الله عليه وآله]، قد علم علياً [عليه السلام]، مفاتيح علوم عظيمة هي الأرقى في سلسلة أسرار الغيوب التي يختص الله تعالى بها بعض عباده كنبي الله محمد [صلى الله عليه وآله]، ووصيه علي أمير المؤمنين [صلوات الله وسلامه عليه]..
4 ـ قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)( سورة الجن الآية 27 / 28) ولا شك في أن مقام الرضى الأعظم قد كان لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، من بين جميع الأنبياء والمرسلين، لأنه أفضلهم وأكرمهم على الله سبحانه، وأشرفهم منزلة، وأقربهم من الله زلفى.
وعلي [عليه السلام] هو المرتضى من رسول الله [صلى الله عليه وآله]، كما روي عنه [عليه السلام] في بيان هذه الآية المباركة.
5 ـ وقد حدد الله سبحانه وسائل معينة يتم من خلالها إيصال المرادات الإلهية إلى الرسل فقال: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ)( سورة الشورى الآية 51)، فالرسول الذي يلقي بالإذن، هو الوحي بواسطة الملك، وهو جبرائيل بالنسبة لنبينا الأعظم [صلى الله عليه وآله].
وجبرائيل كان يتعلم من رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وكان الرسول [صلى الله عليه وآله]، أفضل منه.. فوساطته كانت شرفاً له..
وتكليم الله سبحانه لموسى [عليه السلام]، بواسطة الشجرة تكليم له من وراء حجاب.
والوحي بواسطة كالرؤيا والإلهام يدخل في قوله تعالى: (إِلاَ وَحْياً)( سورة الشورى الآية 51)، لأنه إلقاء للمعاني في قلب رسول الله [صلى الله عليه وآله].. ومن وسائل الإطلاع على الغيب أيضاً كشف الحجاب عن اللوح المحفوظ وعن أم الكتاب لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، ليطلعه سبحانه على غيوبه..
6 ـ وأما فيما يرتبط بانتقال علوم المعصومين [عليهم السلام]، إلى بعضهم البعض، فلا ريب أيضاً، في أن لوراثتهم علوم بعضهم البعض طرائق وحالات، تناسبهم وتنسجم مع واقع وجودهم، ومع طبيعة تعاطيهم مع هذا الخلق والوجود بصورة عامة، ومع بعضهم البعض بصورة خاصة.
7ـ والله سبحانه يطلع رسوله على غيبه، ويكشف له المكنون المخزون، أو فقل: المكفوف في أم الكتاب، كما في بعض الروايات(2)، وفي اللوح المحفوظ. حيث يمكِّن الله تعالى نبيه [صلى الله عليه وآله]، من الإشراف عليه، دون سواه من خلقه، فيكون ذلك اللوح أو الكتاب هو المرآة التي تعكس غيبه تعالى على القلب الأطهر، والروح والنفس الأصفى للرسول الأعظم [صلى الله عليه وآله]..
8 ـ فلا غرو بعد هذا أن ينال علي [عليه السلام]، ذلك الغيب بالذات، وتكون واسطة الفيض له هي قلب الرسول، المشرف على اللوح بصورة مباشرة.. وتكون نفسه الشريفة [صلى الله عليه وآله]، هي المرآة الصافية التي تعكس لعلي [عليه السلام] ما في ذلك اللوح أو أم الكتاب تماماً كما كان الإشراف المباشر وكشف اللوح أو أم الكتاب له، الواسطة في إطلاع الرسول [صلى الله عليه وآله]، على غيب الله سبحانه وتعالى..
فليست القضية إذن قضية علم وجهل.. وليس في تعليم الرسول [صلى الله عليه وآله].. أي انتقاص من مقام علي [عليه السلام].. بل هو تشريف له وتكريم لم يبلغه بشر، أن تكون وسيلته لنيل تلك الغيوب هي الإشراف على قلب ونفس الرسول الأكرم والأفخم والأعظم، عند الله تعالى، من بين كل ما خلق.. علماً بأن هذه التراتبية في الإشراف والإفاضة إنما هي في هذه النشأة الخاضعة لأحكام ونواميس خاصة بها، وإن كانا في النشأة الأخرى والأرقى يكونان متقاربين حيث خلقهم الله سبحانه من قبل خلق الخلق بألف دهر، ثم اشهدهم خلق كل شيء، كما ورد في الحديث الشريف، ويكون التأخر رتبياً كما هو ظاهر.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى وصيه أمير المؤمنين، وعلى الأئمة الأطيبين الأطهرين.. وعلى الزهراء البتول سيدة نساء العالمين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار ج26 ص28.
(2) تفسير نور الثقلين ج5 ص442.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|