أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2020
1882
التاريخ: 22-3-2018
1693
التاريخ: 26-7-2017
3705
التاريخ: 14-08-2015
3898
|
ثمة عامل آخر وجه اذهان النقاد إلى مفهوم افلاطون، وحال دون ادراكهم لمفهوم ارسطو، وهو العلاقة بين الشعر والفنون، ذلك ان ارسطو ذهب ــ كما رأينا ــ إلى ان الفنون جميعاً انما تحاكي جوهر الاشياء، وان اختلفت وسائلها وان الشعر شأنه شأن التصوير، والرقص، والموسيقا(1)، ولكن لأمر ما استقر في ذهن النقاد ان الشعر قرين التصوير، وغاب عنهم انه قرين الموسيقا، وقد يرجع ذلك إلى اجلالهم لفن التصوير في الشعر الجاهلي، أو إلى غموض الصلة بين الشعر والموسيقا في أذهانهم، ويرى الدكتور محمد غنيمي هلال ان البيئة هي التي اسهمت في غموض هذه الصلة يقول: (كانت صلة الشعر بالرقص أو الموسيقا بعيدة عن الاستقرار في اذهانهم(2)، ومهما يكن، فلقد مضى النقاد يتكلمون على التصوير من خلال فنون النسج، والنقش، والصياغة، والنجارة، وهي كلها فنون مرئية، فقالوا: هو ذا القصد من ربط الشعر بالفنون، وغاب عنهم ربطه بالموسيقا التي تتسرب بإيحائها إلى الشعور بينما يفتن التصوير مجال العين المرئي ولا سيما اذا اقترن بالمادة المشكلة في مثل الخاتم، والثوب وحقاً ان الحس الجمالي ربما فتن بخاتم احكمت صياغته، أو احكم تصويره ، بيد ان هذه الفتنة انما ترجع غالباً إلى الحس فأما فتنة الموسيقا فترجع إلى القلب، وهكذا فإن مقارنة الشعر بالنقش مثلاً قد افضت فيما يلوح إلى ايثار اللفظ على المعنى، لأن براعة النقش لا تشترط غالباً جودة الخشب، مثلما لا يشترط النقاد في براعة التشبيه جودة المعنى، ولا ريب ان مشكلة اللفظ والمعنى التي ملأت دنيا النقد، كانت متأثرة على نحو ما بهذه المقارنة القديمة بين الشعر والتصوير في النسج والنقش على وجه الخصوص، فقد انصرف النقد إلى افتراض ان التصوير انما يظهر في اللفظ (الشكل) دون المعنى، وشيئاً فشيئاً أصبح اللفظ مناط الجهد، ومجل الفن، وربما كانت على ذلك ان النقاد يتصورون اصلاً ان الشعل فن يرجع إلى اللغة لا إلى الانسان، يقول الدكتور مصطفى ناصف: (ان النقاد يعزفون ــ ادركوا ذلك ام لم يدركوه ــ عن ان يتصورا الشعر نتاج عبقرية الانسان الشعر نتاج عبقرية في اللغة وطالما احالت كتابات النقاد المعترف بمكانتهم البراعة الخيالية والعاطفية إلى ما يشبه المضمونات اللغوية) (3).
والحق اننا لا
نكاد نعير على ناقد لم يولع بعقد الصلة بين فن الشعر، وفن التصوير، أو النسيج، او
النقش أو الصياغة، ولعل الجاحظ هو الذي شغل النقاد بهذه الصلة، منذ ان سخر من ابي
عمرو الشيباني لثنائه على بيتين غلب فيهما المعنى على الفن، فذهب إلى ان الشعر (صناعة
(صياغة) وضرب من النسج، وجنس من التصوير)(4)، وربما كان الجاحظ يشير
بهذه العبارة إلى تغليب اللفظ على المعنى حقاً، ولكن الدكتور شوقي ضيف يرجح انه
انما يريد هنا الاسلوب وليس رصف الألفاظ، لأنه ذكر التصوير وما ينطوي عليه من
اخيلة(5)، والذي يعنينا هنا هو ربط الشعر بالنسج والتصوير على نحو أصبح
فيما بعد حجة النقاد على اختلاف مذابهم، فلم يلبث قدامة ايضاً ان قال: ان (المعاني
للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها كالصورة كما يوجد في كل صناعة من انه
لا بد فيها من شيء موضوع يقبل تأثير الصور منها مثل الخشب للنجارة والفضة للصياغة)(6)،
وجاء "ابن طباطبا" فأضاف إلى فن النسيج والنجارة والصياغة فن النقش ونظم
الجواهر، فقال في معرض وصفه لما ينبغي ان يكون عليه الشاعر المجيد: (ويكون كالنساج
الحاذف الذي يفوق وشيه بأحسن التفويف، ويسديه، وينيره، ولا يهلهل شيئاً منه
فيشينه، وكالنقاش الرفيق الذي يضع الاصباغ في أحسن تقاسيم نقشه ويشبع كل صبغ منها
حتى يتضاعف حسنه في العيان، وكناظم الجوهر الذي يؤلف بين النفيس منها والثمين الرائق)
(7).
اما ابن سنان
الخفاجي، فقد اضفى على هذه المقارنة صبغة فلسفية، وقصرها على فن النجارة اذ قال في
معرض كلامه على صناعة الكلام: (ان كل صناعة من الصناعات فكما لها بخمسة اشياء على
ما ذكره الحكماء: الموضوع وهو الخشب في صناعة النجارة، والصانع وهو النجار والصورة
وهي كالتربيع المخصوص ان كال المصنوع كرسياً، والالة مثل الميشار والقدوم وما يجري
مجراها، والغرض وهو ان يقصد على هذا المثال الجلوس فوق ما يصنعه) (8).
وأفاض عبد القاهر
الجرجاني في ان سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة والنقش، ولكنه نبه على ان ذلك
انما يرجع إلى المعنى لا إلى اللفظ، بل انه قرن بين نظريته في النظم، وبين فنون
النسج، والصياغة، والبناء، والوشي. فقال في موضع: (إذا كانت تعلم انهم استعاروا
النسج والوشي والنقش والصياغة لنفس ما استعاروا له النظم وكان لا يشك في ان ذلك
كله تشبيه وتمثيل يرجع إلى أمور واوصاف تتعلق بالمعاني دون الالفاظ، فمن حقك ان
تعلم ان سبيل النظم ذلك السبيل) (9) وفي موضع آخر: (وانما سبيل هذه
المعاني سبيل الاصباغ التي تعمل منها الصور والنقوش) (10) وفي موضع
ثالث: (ومعلوم ان سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة وان سبيل المعنى الذي يعبر
عنه سبيل الشيء الذي يقع التصوير والصوغ فيه كالفضة والذهب يصاغ منهما خاتم أو
سواء، فكما ان محالاً إذا انت اردت النظر في صوغ الخاتم، وفي جودة العمل ورداءته
ان تنظر إلى الفضة الحاملة لتلك الصورة أو الذهب الذي وقع فيه العمل وتلك الصنعة
كذلك محال إذا اردت ان تعرف مكان الفضل والمزية في الكلام ان تنظر في مجرد معناه)
(11).
واضح اذن ان النقد
العربي انصرف تماماً إلى مقارنة الشعر بالتصوير، ويلاحظ أنهم لم يكونوا يريدون
بالتصوير فنون الرسم والنحت، وانما يردون تلك الفنون العملية النفعية القائمة على
الزخرفة والوشي والتجانس بين الاشكال والالوان والرسم على نحو يكون فيه للبصر
المقام الأول، وسواء اكان النقد خاضعاً في ذلك للشعر ام موجهاً له، فقد أفضى ذلك
إلى جمود الشعر حول المفهوم الحسي المرئي للمحاكاة. وربما قبل ان علاقة الشعر
بالتصوير لا تفضي بالضرورة إلى المفهوم الحسي الذي يقصر الخيال على الصنعة
الزخرفية، وهنا ينبغي ان نذكر ان معظم ما دار في كلام النقاد حول التصوير والتخييل
انما يرجع إلى مفهوم التشبيه، فالتشبيه عندهم هو روح الشعر ولعل ذلك يقتضي الكلام
على مفهوم المحاكاة عند النقاد.
________________________
(1) كتاب الشعر:
ص28.
(2) النقد الأدبي
الحديث: ص165.
(3) الدكتور مصطفى
ناصف الصورة الأدبية، مكتبة مصر دون تاريخ ص107-108
(4) الجاحظ:
الحيوان تحقيق عبد السلام هارون، الطبعة الثالثة، 1969 – ص3/132.
(5) الدكتور شوقي
ضيف: البلاغة تطور وتاريخ، دار المعارف الطبعة الثالثة 1976 – ص52.
(6) قدامة بن
جعفر: نقد الشعر، تحقيق: كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، الطبعة الاولى، دون تاريخ،
ص13.
(7) ابن طباطبا:
عيار الشعر تحقيق: الدكتور طه الحاجري والدكتور محمد زغلول سلام، المكتبة
التجارية، القاهرة 1956. ص5-6.
(8) سر الفصاحة:
ص85.
(9) دلائل
الاعجاز: ص43.
(10) دلائل الاعجاز: ص70.
(11) المصدر نفسه:
ص196-197.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|