أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-23
259
التاريخ: 19/9/2022
1772
التاريخ: 20-6-2019
3799
التاريخ: 22-6-2019
2560
|
إنّ أهداف الرجال العظام هي عظيمة في التأريخ ، وتزداد رفعة وسموّا حين تنبعث من عمق رسالة سامية . ونحن حين نقف أمام الحسين ( عليه السّلام ) الذي يمثّل أعظم رجل في عصره وهو يحمل ميراث النبوّة وثقل الرسالة الخاتمة الخالدة مسدّدا بالتسديد الإلهي في القول والفعل ، وأمام سيرته لنبحث عن أهداف نهضته المقدسة - التي فداها بنفسه وبأهل بيته وخيرة أصحابه - لا نجد من السهل لنا أن نحيط علما بكلّ ذلك ، لكنّنا نبحث بمقدار إدراكنا ووعينا للحدث وفق ما تتحمّله عقولنا طبعا .
لقد تفانى الحسين ( عليه السّلام ) في اللّه ومن أجل دينه ، فكانت أهدافه – التي تمثّل رضى اللّه وطاعته - سامية جليلة ، كما أنّها كانت واسعة وعديدة . ويمكننا أن نذكر بعض أهداف الإمام الحسين ( عليه السّلام ) من ثورته كما يلي[1]:
1 - تجسيد الموقف الشرعي تجاه الحاكم الظالم :
لقد أصابت الامّة حالة من الركود حتى أنّها لم تعد تتحرّك لاتّخاذ موقف عملي واقعي تجاه الحاكم الظالم ، فالجميع يعرف من هو يزيد وبماذا يتّصف من رذائل الأخلاق ممّا تجعله غير لائق أبدا بأن يتزعّم الامّة الإسلامية .
في مثل هذا الظرف وقف الكثيرون حيارى يتردّدون في قرارهم ، فتحرّك الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ليجسّد الموقف الرسالي الرافض للظلم والفساد ، في حركة قوية واضحة مقرونة بالتضحية والفداء ، من أجل العقيدة الإسلامية ، لتتّخذ الامّة الموقف ذاته تجاه الظلم والعدوان .
2 - فضح بني اميّة وكشف حقيقتهم :
إنّ الحكّام الذين تولّوا أمور المسلمين ولم يكونوا معصومين ولا شرعيين كانوا يغطّون تصرّفاتهم بغطاء ذي مسحة شرعية عند الجماهير . وكان بنو اميّة من أكثر الحكام المستفيدين من هذا الأسلوب الماكر ؛ إذ لم يتردّد معاوية في وضع الأحاديث المفتعلة لتدعيم حكمه ، بل سعى بكلّ وسيلة لتضليل الامّة ، وتمكّن من فعل ذلك مع عامة الناس .
وأصبح الأمر أكثر خطورة حين تولّى يزيد ولاية الحكم بطريقة لم يقرّها الإسلام ، ولهذا كان لا بدّ من فضح التيار الأموي وتصويره على حقيقته ، لتتّضح الصورة للعالم الإسلامي فيعي دوره ورسالته ويقوم بواجبه ووظيفته ، فتحرّك الحسين ( عليه السّلام ) بصفته الإمام المعصوم ليواجه زيف الحكم وضلالته .
وفعلا أسفر التيار الأموي عن مكنون حقده بارتكابه الجريمة البشعة في كربلاء بقتل خير الناس وأصحابه وأهل بيته من الرجال والنساء والأطفال ، ثم أعقب ذلك بقصف الكعبة بالمنجنيق في واقعة الحرة وإباحة المدينة ثلاثة أيام قتلا ونهبا وسلبا واعتداء على الأموال والنساء والأطفال بشكل بشع لم يسبق له مثيل[2].
وانتبه المسلمون إلى انحراف الفئة الحاكمة الضالّة وإلى فساد أعمالها ، وسعوا من خلال محاولات عديدة إلى تطهير الجهاز الحاكم المتوغّل في الظلم والطغيان ، حتى غدت ثورة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أنموذجا يحتذى به لمقارعة ومقاومة كلّ نظام يستشري فيه الفساد ، وقد أفصح الإمام ( عليه السّلام ) عن الصفات التي يجب أن يتحلّى بها الحاكم بقوله :
« فلعمري ما الإمام إلّا العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط ، والدائن بالحقّ ، والحابس نفسه على ذات اللّه »[3].
3 - إحياء السنّة وإماتة البدعة :
انحدرت الامّة الإسلامية في منحدر صعب يوم انحرفت الخلافة عن مسارها الشرعي في يوم السقيفة ، فإنّها قبلت بعد وفاة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يتولّى أمرها من يحتاج إلى المشورة والنصيحة ويخطئ في حقّها ويعتذر ، فكانت النتيجة بعد خمسين عاما من غياب النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يتولّى أمرها رجل لا يتورّع عن محارم اللّه ، بل ويظهر الحقد على الإسلام والمسلمين ، فتعرّض الإسلام - عقيدة وكيانا وامّة - للخطر الحقيقي والتشويه المقيت المغيّر لكلّ شيء ، على غرار ما حدث لبعض الرسالات السماوية السابقة .
في مثل هذا المنعطف الخطير وقف الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ومعه أهل بيته وأصحابه ، وأطلق صرخة قويّة ومدوّية محذّرا الامّة ، مفتديا العقيدة والامّة بدمه الطاهر الزكي ، ومن قبل قال فيه جدّه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة » . كما قال غير مرّة : « حسين منّي وأنا من حسين » . فكان الحسين ( عليه السّلام ) ونهضته التجسيد الحقيقي للإسلام الحقّ ، فقد كان الخط الحقيقي للإسلام المحمدي متمثلا في الحسين ( عليه السّلام ) وأهل بيته وأصحابه رضوان اللّه تعالى عليهم .
وقد صرّح الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في رسالته التي بعثها إلى أهل البصرة بكل وضوح إلى أنّ السنّة قد ماتت حين وصل الانحراف إلى حدّ ظهور البدع وإجبائها .
4 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
لقد كان غياب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نتيجة طبيعية لتولّي الزعامة المنحرفة ، وقد حدث هذا تحت عناوين متعدّدة منها :
لزوم إطاعة الوالي وحرمة نقض بيعة تمّت حتى لو كانت منحرفة ، وكذلك حرمة شقّ وحدة الكلمة ، وقد وصف الإمام ( عليه السّلام ) هذه الحالة بقوله : « ألا ترون أنّ الحقّ لا يعمل به وأنّ الباطل لا يتناهى عنه ؟ ! ليرغب المؤمن في لقاء اللّه »[4]. لذا تطلّب الأمر أن يبرز ابن النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) للجهاد وهو يحمل السيف في محاولة لإعادة الحقّ إلى نصابه من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد أدلى ( عليه السّلام ) بذلك في وصيّته لأخيه محمد بن الحنفية حين كتب له : « إنّي لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في امّة جدّي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر » .
إنّ الإصلاح المقصود هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كلّ جوانب الدين والحياة ، وقد تحقّق ذلك من خلال النهضة العظيمة التي قام ( عليه السّلام ) بها فكانت الهداية والرعاية للبشر دينيا ومعنويا وإنسانيا وأخرويا بمقتله وشهادته ، وتلك النهضة التي عليها تربّت أجيال من الامّة ، وتخرّجت من مدرستها الأبطال والصناديد ، ولا زالت وستبقى المشعل الوضّاء ينير درب الحقّ والعدل والحرية وطاعة اللّه إلى يوم القيامة .
5 - إيقاظ الضمائر وتحريك العواطف :
في أحيان كثيرة لا يستطيع أصحاب العقائد ودعاة الرسالات أن يحاوروا العقل والذهن مجرّدا معزولا عن عنصر العاطفة لأجل تعميق المعتقد والفكر لدى الجماهير ، وقد ابتليت الامّة الإسلامية في عهد الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وبعد تسلّط يزيد بحالة من الجمود والقسوة وعدم التحسّس للأخطار التي تحيط بها وبفقدان الإرادة في مواجهة التحديات ضدّ العقيدة الإسلامية ، لهذا لم يكتف الإمام الحسين ( عليه السّلام ) بتثبيت الموقف الشرعي وتوضيحه عمليا من خلال موقفه الجهادي بل سعى إلى إيقاظ ضمائر الناس وتحريك وجدانهم وأحاسيسهم ليقوموا بالمسؤولية ، فسلك سبيل البذل والعطاء والتضحية من أجل العقيدة والدين ، واتّخذ أسلوب الاستشهاد الذي يدخل بعمق وحرارة في قلوب الجماهير ، وقد ضرب لنا مثلا رائعا حينما برّزت ثورته أنّ التضحية لم تكن مقصورة على فئة أو مستوى معيّن من الامّة ، فللطفل كما للمرأة والشيخ دور فاعل فضلا عن الشباب .
وما أسرع ما بان الأثر على أهل الكوفة إذ أظهروا الندم والإحساس بالتقصير تجاه الإمام والإسلام ، فكانت ثورة التوّابين التي أعقبت ثورة أهل المدينة التي وقعت في السنة الثانية من بعد واقعة الطفّ .
لقد كانت واقعة الطفّ تأكيدا حقيقيا على أنّ المصاعب والمتاعب لا تمنع من قول الحقّ والعمل على صيانة الرسالة الإسلامية ، كما أنّها زرعت روح التضحية في سبيل اللّه في نفوس أبناء الامّة الإسلامية ، وحرّرت إرادتها ودفعتها إلى التصدّي للظلم والظالمين ، ولم تبق عذرا للتهرّب من مسؤولية الجهاد والدفاع عن العقيدة والمقاومة لإعلاء كلمة اللّه .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|