أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-7-2022
1346
التاريخ: 4-7-2022
11358
التاريخ: 9-7-2022
6495
التاريخ: 19-7-2022
2232
|
تشمل العوامل السياسية: السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، ولكل منهما أثر على الظاهرة الأجرامية.
أولا: علاقة السياسة الخارجية بالظاهرة الأجراميه: من أهم مظاهر السياسة الخارجية هي الحرب، والتي يقصد بها: النزاع المسلح بين دولتين او التهديد بوقوع هذا النزاع طبقا لمباديء القانون الدولي العام، ولذلك سنبين اثرها على الإجرام مما لاشك فيه ان حالة الحرب تحدث اضطراب مفاجئة في التنظيم الأجتماعي، واثر الحرب على الظاهرة الأجراميه يختلف بحسب ما اذا كان الأمر يتعلق ببداية الحرب ام اثنائها ام بعد انتهائها(1). ويستخلص - بصفة عامة - من الأحصاءات في كل من فرنسا وإنكلترا و امریكا، ان بداية الحرب تشهد انخفاض في عدد الجرائم، لايلبث أن يرتفع فجأة أثناء الحرب ويستمر هذا الارتفاع إلى مابعد إنتهاء الحرب بأكثر من سنتين لكي يعوده مرة ثانية إلى المستوى الذي كان عليه قبل بدء عمليات القتال. ويفسر الباحثون تقلبات الظاهرة الأجراميه بسبب الحرب على النحو السابق بايأتي: أن بداية العمليات الحربية يترتب عليها انخفاض في حجم الظاهرة الأجراميه بسبب الاضطراب الذي يصيب جهازي البوليس والمحاكم، وذلك أن جزء كبير من اعضاء هذين الجهازين يستدعي للاشتراك في العمليات الحربية مما يقلل من كفاءة كل منهما في الكشف عن الجرائم ومحاكمة مقترفيها، كما أن استدعاء بعض المجرمين وقلة اقدام البعض الآخر على ارتكاب الجرائم نظرا للاحساس بالتضامن الذي يسود بين افراد المجتمع أثناء المخاطر، يترتب عليه انخفاض عدد الجرائم، يضاف إلى ذلك انه مع بداية العمليات الحربية، تتوافر فرص عمل جديدة في مصانع القوات المسلحة. كما يحجم الافراد عن الافراط في استهلاك المواد المخدرة والمسكرة مما ينجم عنه انخفاض حجم الظاهرة الأجراميه في بداية القتال.
اما الارتفاع المفاجيء لهذه الظاهرة اثناء القتال والى مابعد الحرب بفترة زمنية، فيرجعه الباحثون إلى زيادة فرص ارتكاب الجرائم بسبب تطبيق نظام البطاقات وفرض سعر اجباري للسلع الضرورية مما يخلق سوقا سوداء تزداد بسببه الجرائم الاقتصادية، ويساعد على زيادة الإجرام في هذه الفترة تفكك الأسر وتشتتها بسبب استدعاء الأزواج للاشتراك في القتال، أو بسبب الوفاة أو الأسر او الهرب إلى دولة اخرى، كل هذا يؤدي إلى ضعف الرقابة داخل الأسرة ويدفع افرادها إلى ارتكاب الجرائم. ويزيد من الجرائم ايضا اثناء العمليات الحربية وبعدها، عدم الاستقرار النفسي الناشيء عن هذه العمليات، وضعف العوامل المانعة من ارتكاب الجرائم، اذ تنخفض قيمة الحياة ذاتها في نظر الافراد بسبب ماينقل اليهم او مايشاهدون من حالات القتل المتكررة، ويعزز من الأسباب السابقة اذا نتج عن الحرب إحتلال جزء من اراضي الدولة او كلها من قبل العدو.
اما استمرار زيادة حجم الظاهرة الأجرامية إلى ما بعد الحرب بفترة زمنية، فيرجع إلى أن آثار الحرب تستمر إلى ما بعد إنتهاء العمليات القتالية، بالاضافة إلى أن عودة المستدعين إلى الحياة المدنية - بعد انتهاء الحرب - يكشف عن صعوبة اندماجهم في المجتمع، ويتولد لديهم نتيجة لذلك حالة عدم التكيف الاجتماعي التي قد تدفع بهم إلى ارتكاب الجريمة. وتزداد أثناء الحرب جرائم الأموال كالسرقة والاحتيال وخيانة الأمانة و الغش التجارى، كہا تزداد جرائم النساء عن جرائم الرجال، وتكثر جرائم الاحداث، ويرجع السبب في ذلك إلى استدعاء اغلب الرجال إلى جبهة القتال وتولي النساء إدارة شؤون الحياة اليومية لأسرهم، و تخلف الأحداث عن الاشتراك في القتالي.
ثانيا: علاقة السياسة الداخلية بالظاهرة الأجراميه: يتوقف تأثير السياسة الداخلية على الإجرام على طبيعة العلاقة بين الشعب والحكومة، فإذا كانت هذه العلاقة يحكمها الأسلوب الديمقراطي، حدث تلاحم بين الحكومة والشعب، وتعاون الجميع في التغلب على مشاكل المجتمع المختلفة، ومن بينها مشكلة الإجرام. وفي هذه الحالة يكون للسياسة الداخلية أثر سلبي على الظاهرة الأجراميه، اذ تحد منها او تؤدي إلى تخفيضها، اما اذا إبتعد الحكم عن الاسلوب الديمقراطي، ترتب على ذلك إنفصال بين الشعب والحكومة، وبعدت المسافة بينهما بقدر البعد عن الديمقراطية، وفي هذه الحالة يكون للسياسة الداخلية أثر على الظاهرة الإجرامية، فلا يتحقق التعاون بين الشعب والحكومة ويتخذ أشكالا متعددة تصل في مداها إلى الثورة عليها وتغييرها، فمثل هذه السياسة ينتج عنها ارتفاع في عدد الجرائم سواء الجرائم السياسية أو الجرائم العادية.
أن انفصال الحكومة عن الشعب يتمثل في عدم تلبية إحتياجات الجماهير وحل مشاكلهم مما يدفعهم إلى التدخل بأنفسهم لحل هذه المشاكل فتنتشر الفوضى ويختل الأمن والنظام، ويظهر الفساد السياسي والاداري، مما يساعد على زيادة الجرائم، كالرشوة و اختلاس المال العام او الاستيلاء عليه واستغلال النفوذ، والجرائم المتعلقة بالانتخابات، وبصفة خاصة، جرائم تزویر نتائج الانتخابات بالاضافة إلى الجرائم الاقتصادية. وقد تدفع هذه الظروف السياسية مجموعة من الأشخاص إلى التمرد على الحكومة وعصيان أوامرها، كیا قد تؤدي إلى ثورة شعبية شاملة تطيح بالحكومة القائمة (2) والعصيان والثورة - كأثر للنظام السياسي الفاسد - يؤثران على الظاهرة الأجرامية. ولعل من الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع، الدراسة التي قام بها كل من (لومبروزو) و (لاشي) (3) ويستخلص من هذه الدراسات أنه في اثناء العصيان او الثورة، لم تسجل زيادة في عدد الجرائم، ولعل السبب يرجع إلى الفوضى التي تسود أثناء هذه الظروف وبصفة خاصة بين رجال البوليس وفي المحاكم. أما بعد العصيان او الثورة، فقد رصدت الأحصاءات إرتفاعا في حجم الإجرام، وهذا الارتفاع شمل بصفة خاصة الجرائم السياسية كجرائم الاعتداء على أمن الدولة، وجرائم الصحف، والتمرد والاعتداء على الموظفين، والجرائم ضد الأشخاص كالإيذاء. ومن الملاحظ أنه يغلب إرتكاب الجرائم السياسية من الشباب البالغين و النساء (4) .
___________
1-leaute: opcit - p. 254/pinatel: opcit. p. 171. no. 77.
نقلا عن: د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984، ص107.
2- قد يترتب على الوضع السياسي قيام حرب أهلية بين اكثر من طائفة من طوائف المجتمع، مثلما حصل في لبنان، فقد اثرت تلك على ظاهرة الإجرام، وكانت أهم الجرائم التي ارتكبت (القاء المتفجرات، والقتل بأنواعه، وبصفة خاصة القبض والقصف العشوائي، والخطف، ومقاومة رجال السلطة والضرب، والاشتباك، والسرقة والسطو، واقتحام السجون) واغلب هذه الجرائم مجهولة المصدر، كما كانت ترتكب بصورة جماعية، واغلب مرتكبيها من الشبان أو الأحداث. في تفصيل ذلك ينظر: غسان رباح - ظاهرة الإجرام في حرب الستين - دار الميسرة- بيروت – ط1۔ 1979- ص 85 ومابعدها 2
3- صدرت تلك الدراسة في كتاب بعنوان (الجريمة السياسية والثورات) عام 1891 بإيطاليا، ثم عام 1892 بفرنسا، كما أنه توجد ايضا الاحصاءات الجنائية الفرنسية التي تصدر عن وزارة العدل. ينظر:285 leaute: opcit - p. 271 et نقلا عن: د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984، ص110 .
4- تجدر الاشارة الى ان (المجرم السياسي) لايوضع في نفس مستوى المجرم العادي من حيث درجة الخطورة الاجرامية، أو من حيث اللوم الخلقي، فالمجرم السياسي لايرتكب سلوكا إجرامية بطبيعته، فهو لاينطلق من مصلحة شخصية كالمجرم العادي، وانما المصلحة العامة، ونبل الغاية هما الهدف وراء عصيانه او ثورته، ولقد إعتبره (جاروفالو) مجرما صناعيا، من أجل هذا يتمتع المجرم السياسي في الدول الديمقراطية بمعاملة خاصة سواء من حيث العقوبات او من حيث اسلوب تنفيذها، هذا بخلاف الحال في الدول غير الديمقراطية او دول المعسكر الشيوعي، فالمجرم السياسي عندهم يعامله معاملة أقسى وأشد من معاملة المجرم العادي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|