أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2017
1926
التاريخ: 5-12-2017
1658
التاريخ: 1-08-2015
2465
التاريخ: 1-07-2015
2561
|
قال : ( فيغاير الماهيّة ، وإلاّ اتّحدت الماهيّات ، أو لم تنحصر أجزاؤها ).
أقول : اختلفوا في أنّ الوجود نفس الماهيّة أو زائد عليها؟
والظاهر أنّ الكلام في الوجود بمعنى منشأ الأثر ، لا بمعنى
الكون والتحقّق ، كما لا يخفى.
فعن أبي الحسن الأشعري وأبي الحسين البصري وجماعة تبعوهما :
أنّ وجود كلّ ماهيّة نفس تلك الماهيّة (1).
وقال جماعة من المتكلّمين
والحكماء : إنّ وجود كلّ ماهيّة مغاير لها ، إلاّ واجب الوجود تعالى ؛ فإنّ أكثر
الحكماء قالوا : إنّ وجوده نفس حقيقته. (2) وسيأتي تحقيق كلامهم فيه.
وقد استدلّ الحكماء على الزيادة بوجوه :
[ الوجه ] الأوّل : أنّ الوجود مشترك ... فإمّا أن يكون نفس الماهيّة أو جزءا
خارجيّا منها أو خارجا عنها.
والأوّل باطل ، وإلاّ لزم اتّحاد الماهيّات في خصوصيّاتها ؛
لما تبيّن من اشتراكه ووحدته.
والثاني باطل ، وإلاّ لم تنحصر أجزاء الماهيّة ، بل تكون
كلّ ماهيّة على الإطلاق مركّبة من أجزاء لا تتناهى ، واللازم باطل ، فالملزوم
مثله.
بيان الشرطية : أنّ الوجود إذا كان جزءا من كلّ ماهيّة ،
فإنّه يكون جزءا مشتركا بينها ، ويكون كمال الجزء المشترك ، فيكون جنسا ، فتفتقر كلّ
ماهيّة إلى فصل يفصلها عمّا يشاركها فيه ، لكن كلّ فصل فإنّه يكون موجودا ؛
لاستحالة انفصال الموجودات وتقوّمها بالأمور العدميّة، فيفتقر الفصل ـ من جهة كونه
موجودا وكون الوجود جزءا مشتركا لكلّ موجود ـ إلى فصل آخر هو جزء منه ويكون جزءا
من الماهيّة ؛ لأنّ جزء الجزء جزء أيضا موجود ، فيفتقر (3) إلى فصل آخر ويتسلسل ،
فتكون للماهيّات أجزاء لا تتناهى.
وأمّا استحالة اللازم ؛ فلوجوه :
أحدها : أنّ وجود ما لا يتناهى محال على ما يأتي.
الثاني : أنّه يلزم منه تركّب واجب الوجود تعالى ؛ لأنّه موجود ،
فيكون ممكنا ، هذا خلف.
الثالث : أنّه يلزم منه انتفاء الحقائق أصلا ؛ لأنّه يلزم منه تركّب
الماهيّات البسيطة ، فلا يكون البسيط متحقّقا ، فلا يكون المركّب متحقّقا.
وهذا كلّه ظاهر البطلان.
قال : (
ولانفكاكهما تعقّلا ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني الدالّ على زيادة الوجود.
وتقريره : أنّا قد نعقل الماهيّة ونشكّ في وجودها الذهني
والخارجي ، والمعقول مغاير للمشكوك. وكذلك قد نعقل وجودا مطلقا ونجهل خصوصيّته ،
فيكون مغايرا لها. وقد نعقل الماهيّة ونغفل عن وجودها ، فيكون غيرها.
لا
يقال : إنّا قد نتشكّك في ثبوت الوجود ، فيلزم أن يكون
ثبوته زائدا عليه ويتسلسل.
لأنّا نقول : الشكّ ليس في ثبوت وجود الوجود ، بل في ثبوت الوجود نفسه
للماهيّة ، وذلك هو المطلوب.
قال : (
ولتحقّق الإمكان ) (4).
أقول : هذا وجه ثالث على الزيادة.
وتقريره : أنّ ممكن الوجود متحقّق بالضرورة ، والإمكان
إنّما يتحقّق على تقدير الزيادة ؛ لأنّ الوجود لو كان نفس الماهيّة أو جزءها ، لم
تعقل منفكّة عنه ، فلا يجوز عليها العدم حينئذ ، وإلاّ لزم اجتماع النقيضين ، وهو
محال.
وانتفاء جواز العدم يستلزم الوجوب ، فينتفي الإمكان حينئذ ؛
للمنافاة بين الإمكان الخاصّ والوجوب الذاتي ، ولأنّ الإمكان عبارة عن تساوي نسبة
الماهيّة إلى الوجود والعدم ، والنسبة لا تعقل إلاّ بين شيئين.
قال : (
وفائدة الحمل ).
أقول : هذا وجه رابع يدلّ على المغايرة بين الوجود والماهيّة.
وتقريره : أنّا نحمل الوجود على الماهيّة ، فنقول :
الماهيّة موجودة ، فنستفيد منه فائدة معقولة لم تكن حاصلة لنا قبل الحمل.
وإنّما تتحقّق هذه الفائدة على تقدير المغايرة ؛ إذ لو كان
الوجود نفس الماهيّة ، لكان قولنا : «ماهيّة موجودة » بمنزلة [ قولنا ] (5) : « ماهيّة ماهيّة » أو «
الوجود وجود» والتالي باطل فكذا المقدّم.
قال : (
والحاجة إلى الاستدلال ).
أقول : هذا وجه خامس يدلّ على أنّ الوجود ليس هو نفس الماهيّة ولا
جزءا منها.
وتقريره : أنّا نفتقر في نسبة الوجود إلى الماهيّة إلى
الدليل في كثير من الماهيّات ، ولو كان الوجود نفس الماهيّة أو جزءها لم نحتج إلى
الدليل ؛ لاقتضاء الافتقار إلى الدليل المغايرة بين الموضوع والمحمول ، والشكّ في
النسبة الممتنع تحقّقه في الذاتي.
قال : (
وانتفاء التناقض ).
أقول : هذا وجه سادس يدلّ على الزيادة.
وتقريره : أنّا قد نسلب الوجود عن الماهيّة ، فنقول : «
ماهيّة معدومة » ولو كان الوجود نفس الماهيّة لزم التناقض ؛ لكونه بمنزلة قولنا :
« الموجود ليس بموجود » أو كان جزءا منها لزم التناقض أيضا ؛ لأنّ تحقّق الماهيّة
يستدعي تحقّق أجزائها التي من جملتها الوجود ، فيستحيل سلبه عنها ، وإلاّ لزم
اجتماع النقيضين ، فتحقّق انتفاء التناقض يدلّ على الزيادة.
قال
: ( وتركّب الواجب ).
أقول : هذا وجه سابع ، وهو أنّ تركّب الواجب منتف ، وإنّما يتحقّق
لو كان الوجود زائدا على الماهيّة ؛ لأنّه يستحيل أن يكون نفس الماهيّة ؛ لما
تقدّم ، فلو كان جزءا من الماهيّة ، لزم أن يكون الواجب مركّبا وهو محال.
ويمكن جعل الأدلّة خمسة ، بجعل قوله : « وإلاّ لاتّحدت
الماهيّات أو لم تنحصر أجزاؤها » إشارة إلى الدليل الأوّل ، كما مرّ. وقوله : «
ولانفكاكهما تعقّلا » إشارة إلى الدليل الثاني ، كما تقدّم. وقوله : « ولتحقّق
الإمكان » إشارة إلى الدليل الثالث ، كما سبق. وقوله : « وفائدة الحمل والحاجة إلى
الاستدلال » إشارة إلى الدليل الرابع ، بجعل « فائدة الحمل » وجها لعدم العينيّة ،
وقوله : « والحاجة إلى الاستدلال » وجها لعدم الجزئيّة ؛ لأنّ ذاتيّ الشيء بيّن
الثبوت له. وجعل قوله : « وانتفاء التناقض وتركّب الواجب » إشارة إلى الدليل
الخامس ، بجعل « انتفاء التناقض » وجها لعدم العينيّة ، كما مرّ ، وانتفاء تركّب
الواجب وجها لعدم الجزئيّة ؛ إذ لو كان جزءا لكان مشتركا بين الواجب والممكن ،
وكلّ ما له جزء فله جزء آخر بالضرورة ، فيلزم تركّب الواجب ، وهو محال.
قال : (
وقيامه بالماهيّة من حيث هي ).
أقول : هذا جواب عن استدلال الخصم على أنّ الوجود نفس الماهيّة.
وتقرير استدلالهم : أنّه لو كان زائدا على الماهيّة لكان
صفة قائمة بها ؛ لاستحالة أن يكون جوهرا قائما بنفسه مستقلاّ عن الماهيّة ،
واستحالة قيام الصفة بغير موصوفها ، وإذا كان كذلك فإمّا أن يقوم بالماهيّة حال
وجودها أو حال عدمها ، والقسمان باطلان :
أمّا
الأوّل ؛ فلأنّ الوجود الذي هو شرط في قيام هذا الوجود
بالماهيّة ، إمّا أن يكون هو هذا الوجود ، فيلزم اشتراط الشيء بنفسه ، أو يكون
مغايرا له ، فيلزم كون الماهيّة موجودة قبل وجودها وقيام الوجودات المتعدّدة
المتسلسلة بالماهيّة الواحدة ؛ لأنّا ننقل البحث إلى الوجود الذي هو شرط.
وأمّا
الثاني ؛ فلأنّه يلزم قيام الصفة الوجوديّة بالمحلّ
المعدوم ، وهو باطل.
وإذا بطل القسمان بطلت الزيادة.
وتقرير الجواب أن نقول : الوجود قائم بالماهيّة من حيث هي ،
لا باعتبار كونها موجودة ولا باعتبار كونها معدومة ، فالحصر ممنوع.
وفيه
: أنّ الحصر باعتبار الاشتراط بالوجود والعدم
ممنوع ، وأمّا باعتبار كون العروض حال الوجود أو العدم فلا.
فالأولى أن يقال بأنّ الحصر ممنوع ، من جهة أنّ الماهيّة
موجودة بالوجود ، والوجود موجود بنفسه ، كما في النور والمنوّر وزمان وجودهما واحد
، فالمعروض هو الماهيّة لا بشرط الوجود ، بل في زمان الوجود الموجود بنفسه ، فلا
يلزم وجود الماهيّة قبل وجودها ولا التناقض.
نعم ، يلزم تقدّم الماهيّة على الوجود بالذات ؛ ضرورة تقدّم
المعروض على العارض ، ولا فساد فيه ، لا تقدّمها بالزمان ، بل الزمان الواحد زمان
تقوّم الوجود بالماهيّة ، وتحصل الماهيّة بالوجود المتحصّل بنفسه من غير تعدّد
واشتراط حتّى يلزم اشتراط الشيء بنفسه.
قال
: ( فزيادته في التصوّر ).
أقول
: هذا نتيجة ما تقدّم ، وهو أنّ قيام الوجود
بالماهيّة من حيث هي هي إنّما يعقل في الذهن والتصوّر ، لا في الوجود الخارجي ؛
لاستحالة تحقّق ماهيّة ما من الماهيّات في الأعيان منفردة عن الوجود ، فكيف تتحقّق
الزيادة في الخارج والقيام بالماهيّة فيه ، بل وجود الماهيّة زائد عليها في نفس
الأمر والتصوّر ، لا في الأعيان.
وليس قيام الوجود بالماهيّة كقيام السواد بالمحلّ ؛ لأنّ
المحلّ له وجود ، والسواد كذلك مع تأخّره عن المحلّ.
وفيه نظر ؛ لجواز قيام الوجود بالماهيّة في الخارج من جهة كفاية
مطلق ثبوت المثبت له في ثبوت الشيء ولو كان بنفس الثابت. وتأخّر كلّ عرض عن المحلّ
ممنوع.
ويؤيّد ما ذكرنا كون كلّ من الوجود وعروضه والاتّصاف به
خارجيّا ، كما لا يخفى.
وقد نظمت هذا المطلب بقولي.
إنّ الوجود غير ذي الوجود في غير ذات واجب الوجود
لكثرة الذوات والإمكان كذا انفكاك الكلّ في الأذهان
والحمل والحاجة للدليل والسلب مع بساطة الجليل
قيامه بالذات حيث الذات فزيده في الذهن كالمرآة
______________________
(1) « شرح المواقف » 2 : 127 ؛ « كشف المراد
» : 25.
(2) « تلخيص المحصّل » : 97 ؛ « شرح
المواقف » 2 : 135 ـ 136 ؛ « شرح المقاصد » 1 : 308 ؛ « كشف المراد » : 25.
(3) في « كشف المراد » : 25 ، العبارة
هكذا : « فإن كان موجودا افتقر » بدل « موجود فيفتقر ».
(4)
في « كشف المراد » : 26 و « تجريد الاعتقاد » : 106 أضيفت كلمة « الخاص » إلى «
الإمكان ».
(5)
الزيادة أضفناها من « كشف المراد » : 26.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|