أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1810
التاريخ: 4-12-2018
1947
التاريخ: 1-07-2015
3362
التاريخ: 1-07-2015
3565
|
اعلم أنّ الإيمان ـ على الأصحّ ـ عبارة عن التصديق بالتوحيد والنبوّة وسائر ما جاء به النبيّ صلى الله عليه وآله ضرورة ، ويشترط عدم الإنكار لسانا ؛ لقوله تعالى : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14].
ولا تدلّ تلك الآية على اعتبار الإقرار باللسان في الإيمان ، بل إنّما
تدلّ على اشتراط عدم الإنكار ؛ ولهذا يحكم بإيمان الأخرس إذا علم الاعتقاد القلبي
، فلا يكفي الإقرار باللسان كما يدلّ عليه قوله تعالى : {قَالَتِ الْأَعْرَابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14].
وقوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } [البقرة: 8].
وقوله تعالى : {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}
[المجادلة: 22]. ونحو ذلك.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ العمل أيضا خارج عن حقيقة الإيمان بطريق أولى. ويدلّ
عليه عطف العمل على الإيمان في الآيات ؛ لاقتضائه المغايرة ظاهرا.
وما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله من أنّ : « الإيمان معرفة بالجنان
، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان » (1). وعنه صلى الله عليه وآله أنّ : « الإيمان
قول مقبول ، وعرفان بالعقول ، واتّباع الرسول » (2). ونحوهما محمول (3) على
الإيمان الخاصّ كما يدلّ عليه قوله صلى الله عليه وآله : « الإيمان إقرار باللسان
، وعمل بالأركان ، والإسلام إقرار بلا عمل» (4). فتأمّل.
نعم ، لا بدّ من الإقرار باللسان إظهارا بالتصديق القلبي ، وأمّا العمل
بالأركان فواجب أيضا لكنّه غير داخل في حقيقة الإيمان كما مرّ.
والكفر عدم الإيمان عمّا من شأنه الإيمان. إمّا مع الجحود والتكذيب أو
بدونه ، ولا يبعد أن يكون عبارة عن إنكار الإلهيّة أو النبوّة أو ما جاء به النبيّ
صلى الله عليه وآله ضرورة.
والتقسيم في الآية بين المؤمن والكافر محمول على الغالب ؛ إذ المتردّد
الشاكّ نادر ، وغير المكلّف عن الطرفين في حكمهما.
والطاعة عبارة عن امتثال أوامر الله وترك نواهيه ونحوهما بعد الإيمان.
والفسق خروج عن طاعته كذلك.
والنفاق إظهار الإيمان وإخفاء الكفر.
والأمر بالمعروف بالحمل على الطاعة قولا أو فعلا ، وكذا النهي عن المنكر
بالمنع عن فعل المعاصي قولا أو فعلا سمعا إجماعا وكتابا وسنّة ؛ لقوله تعالى :
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [آل عمران: 104].
وقوله صلى الله عليه وآله : « ليأمرنّ بالمعروف ولينهنّ عن المنكر أو
ليسلّطنّ شراركم على خياركم فيدعوا خياركم فلا يستجابوا » (5). والأمر والوعيد
دليلان على الوجوب.
وقيل : بالوجوب العقلي ، وليس ببعيد.
ويشترط في الوجوب تجويز التأثير ولو ظنّا ، وانتفاء مظنّة المفسدة ولو
بالنسبة إلى بعض إخوانه نفسا أو مالا أو نحوهما.
وينبغي أن لا يتجسّس عن أحوال الناس ؛ للنهي في الآية والسنّة ؛ لقوله
تعالى : {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] أو قوله عليه السلام : « عورة المؤمن
على المؤمن حرام » (6).
وكذا يجب التوبة ؛ لقوله تعالى : {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا}
[النور: 31]. وقوله تعالى : { تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم:
8]. إلى غير ذلك.
وإلى مثل ذلك أشار المصنّف مع شرح الشارح القوشجي بقوله : ( والإيمان )
في اللغة هو التصديق مطلقا ، قال الله تعالى حكاية عن إخوة يوسف : {وَمَا أَنْتَ
بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17]؛ أي بمصدّق فيما حدّثناك به.
وقال عليه السلام : « الإيمان أن تؤمن بالله وكتبه ». الحديث (7) ، أي
تصدّق.
وأمّا في الشرع فهو عند الأشاعرة : التصديق للرسول صلى الله عليه وآله
فيما علم مجيئه به ضرورة. فتفصيلا فيما [ علم ] مفصّلا ، وإجمالا فيما علم مجملا ،
فهو في الشرع تصديق خاصّة.
وقال الكراميّة : هو كلمة الشهادة. وقال قوم : إنّه أعمال الجوارح.
وذهب الخوارج والغلاة وعبد الجبّار إلى أنّه الطاعات بأسرها فرضا كان أو
نفلا.
وذهب الجبائي وابنه وأكثر معتزلة البصرة إلى أنّه الطاعات المفترضة من
الأفعال والتروك دون النوافل.
وقال المحدّثون وبعض السلف كابن مجاهد : إنّه تصديق بالجنان وإقرار
باللسان وعمل بالأركان.
وقال طائفة : هو التصديق مع كلمتي الشهادة. ويروى هذا عن أبي حنيفة (8).
ولعلّ هذا هو مراد المصنّف حيث قال : ( تصديق بالقلب واللسان ، ولا يكفي
الأوّل يعني التصديق بالقلب وحده ليس إيمانا ؛ لقوله تعالى : {وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] ). أثبت للكفّار الاستيقان النفسي
وهو التصديق القلبي ، فلو كان الإيمان هو التصديق القلبي لزم اجتماع الكفر
والإيمان ، ولا شكّ أنّهما يتقابلان. ( ولا يكفي الثاني ) يعني الإقرار باللسان
لقوله تعالى : {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ
قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]. ولقوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة:
8]. فقد أثبت في هاتين الآيتين التصديق اللساني ونفى الإيمان. فعلم أنّ الإيمان
ليس هو التصديق اللساني فقط.
وللأشاعرة الآيات الدالّة على محلّيّة القلب للإيمان نحو : {أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة: 22]، {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ
فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] ، {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }
[النحل: 106]. ومن ذلك الآيات الدالّة على الختم والطبع على القلوب ، وكونها في
أكنّة ؛ فإنّها واردة على سبيل البيان لامتناع الإيمان منه. ويؤيّده دعاء النبيّ
صلى الله عليه وآله : « اللهمّ ثبّت قلبي على دينك » (9).
وقوله صلى الله عليه وآله لأسامة وقد قتل من قال : لا إله إلاّ الله : «
هلاّ شققت قلبه » (10).
فإذا ثبت أنّه فعل القلب وجب أن يكون عبارة عن التصديق ؛ لأنّ فعل القلب
إمّا التصديق وإمّا المعرفة ، والثاني باطل ؛ لأنّه على ذلك التقدير يكون منقولا
عن معناه اللغوي ، وكان على الشارع أن يبيّن النقل بالتوقيف كما بيّن نقل الصلاة
والزكاة وأمثالهما ، ولو نقل لاشتهر اشتهار نظائره. بل كان هو بذلك أولى ، لكنّ
الشارع لم يزد على أن قال : « الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ». الحديث كما نقلنا عنه صلى الله عليه وآله آنفا.
والدليل على أنّ الأعمال خارجة عن الإيمان أنّه جاء الإيمان مقرونا
بالعمل الصالح معطوفا هو عليه في غير موضع من الكتاب نحو : {الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [البقرة: 25] ، و {مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ
صَالِحًا} [التغابن: 9]. وظاهر أنّ الشيء لا يعطف على نفسه.
وأيضا قد قرن الإيمان بضدّ العمل الصالح نحو : {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] فأثبت الإيمان مع وجود القتال ، وظاهر
أنّ الشيء لا يمكن اجتماعه مع ضدّه ولا مع ضدّ جزئه.
( والكفر عدم الإيمان ) عمّا من شأنه. وهذا معنى عدم تصديق النبيّ صلى
الله عليه وآله في بعض ما علم مجيئه به بالضرورة. والظاهر أنّ هذا أعمّ من تكذيبه
صلى الله عليه وآله في شيء ممّا علم مجيئه به ، على ما ذكر الإمام الغزالي ؛
لشموله الكافر الخالي عن التصديق والتكذيب.
وإلى هذا أشار بقوله : ( إمّا مع الضدّ أو بدونه ) يعني أنّ عدم الإيمان
أعمّ من أن يكون مقارنا لضدّ الإيمان وهو التكذيب ، أو لا يكون مقارنا لضدّ
الإيمان وهو التكذيب ، أو لا يكون مقارنا لضدّ الإيمان ، بأن يخلو عن كلا الضدّين.
واعتذار الإمام الرازي ـ بأنّ من جملة ما جاء به النبيّ صلى الله عليه
وآله أنّ تصديقه واجب في كلّ ما جاء به ، فمن لم يصدّقه فقد كذّبه في ذلك ـ ضعيف ؛
لظهور المنع.
فإن قيل : من استخفّ بالشرع أو الشارع أو ألقى المصحف في القاذورات أو
شدّ الزنّار (11) بالاختيار كافر بالإجماع وإن كان مصدّقا للنبيّ صلى الله عليه
وآله في جميع ما جاء به ، وحينئذ لا يكون حدّ الإيمان مانعا ولا حدّ الكفر جامعا.
وإن جعلت ترك المأمور به وارتكاب المنهيّ عنه علامة التكذيب وعدم التصديق لم يكن
حدّ الإيمان جامعا ؛ لخروج غير الكفرة من الفسّاق عنه ، ولا حدّ الكفر مانعا ؛ لدخوله
فيه.
قلنا : لو سلّم اجتماع التصديق المعتبر في الإيمان مع تلك الأمور التي هي
كفر وفاقا فيجوز أن يجعل بعض محظورات الشرع علامة التكذيب فيه ، فيحكم بكفر من
ارتكبه ، وبوجود التكذيب فيه ، وانتفاء التصديق عنه كالاستخفاف بالشرع وشدّ
الزنّار ، وبعضها لا كالزنى وشرب الخمر. ويتفاوت ذلك إلى متّفق عليه ، ومختلف فيه
، ومنصوص عليه ، ومستنبط من الدليل. وتفاصيله في كتب الفروع.
( والفسق : الخروج عن طاعة الله تعالى مع الإيمان. والنفاق : إظهار
الإيمان وإخفاء الكفر. والفاسق مؤمن لوجود حدّه فيه ) خلافا للمعتزلة في مرتكب الكبيرة
، فإنّه عندهم لا مؤمن ولا كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين.
__________________
(1) « جامع الأخبار » :
35 ـ 36.
(2) المصدر السابق : 36.
وفيه « قول بمقول » بدل « قول مقبول ».
(3) خبر لقوله : « وما
روي ».
(4) « جامع الأخبار » :
36.
(5) « الكافي » 5 : 56 ، باب الأمر بالمعروف ... ، ح 34 ؛ « تهذيب
الأحكام » 6 : 176 ، ح 342.
(6) «
الكافي » 2 : 358 ـ 359 ، باب الرواية على المؤمن ، ح 2 ـ 3 ؛ « الفقيه » 4 : 104
، ح 5192.
(7) « كتاب سليم بن قيس
» : 613 ؛ « مجمع الزوائد » 1 : 195 ، ح 115.
(8) انظر « شرح المواقف
» 8 : 322 ـ 323.
(9) « بحار الأنوار » 66
: 139 ؛ « سنن ابن ماجة » 2 : 1260 ، ح 3834.
(10) « الجمل » : 94 ؛ «
بحار الأنوار » 65 : 248 ؛ « فتح الباري » 12 : 240.
(11)
الزنّار والزنّارة : « ما على وسط المجوسي والنصراني. وفي « التهذيب » : ما يلبسه
الذي يشدّه على وسطه ».
« لسان العرب » 4 : 330
« زنر ».
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|