تعريف علم الجغرافيا، مثل علم التاريخ، هو طريقة للنظر إلى العالم. فحينما يدرس المؤرخون التغير عبر الزمن، يدرس الجغرافيون التغير عبر المكان من حيث: لماذا وكيف تختلف الخصائص الطبيعية والبشرية للأرض من مكان إلى آخر، وما تبعات هذا الاختلاف وكيف يمكن التنبؤ به؟ لذلك هناك قسمان أو فرعان رئيسان للجغرافيا: الجغرافيا الطبيعية؛ تركز على فهم أنماط توزيع الخصائص الطبيعية ونشاطاتها، مثل: المناخ والتربة والنبات وفهم المشكلات المرتبطة بها. في حين أنَّ الجغرافيا البشرية تركز على دراسة الأنماط والعمليات التي تشكل المجتمع البشري، ويشمل ذلك الجوانب الإنسانية )السكان، والسكن(، والثقافية، والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبهذا فإنَّ علم الجغرافيا يتناول وفقًا لإطاره أو منهجيته الاستكشافية والتحليلية المكانية التكاملية، موضوعات متكررة تصادفنا ونعيشها سواء علمنا أنَّها من اختصاص الجغرافي أم لا، مثل: الانتشار المكاني للأشخاص والسلع والأفكار، وأهمية الموقع النسبية في التفاعل البشري، وقوة المكان في الوعي الإنساني ضمن مختلف الأنشطة اليومية، والتفاعل بين النشاطات الطبيعية والبشرية الذي يشكل في النهاية التمايز في المظهر الأرضي من مكان إلى آخر. وعليه، فأيّ علم معني بهذه القضايا فكرًا وتحليلًا واستنتاجًا غير الجغرافيا؟ إنَّ صياغة الموضوعات بالعبارات أعلاه هي في الحقيقة العبارات أو اللغة والأساليب، التي يتعامل معها دارس هذا العلم والتواصل بها علميًا مع الآخرين، مثلها مثل الأساليب العلمية لتأصيل العلوم أكاديميًّا. ولهذا، فإنَّ البحث انتهى في مسألة القناعة بأهمية الجغرافيا علمًا أو تطبيقًا في العالم؛ خصوصًا وأنَّ تاريخ هذا العلم الطويل فيه من الأدلة والإنجازات الفكرية والتطبيقية ما يكفي لإضافة المزيد وليس الاستغناء عنه.