أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-2-2017
2206
التاريخ: 29-5-2022
2516
التاريخ: 17-5-2017
1852
التاريخ: 25-3-2018
1868
|
أثر العادات والتقاليد على الجانب الاستهلاكي
إن الخوض في التباين المكاني لعادات الشعوب وتقاليدها يعد من الموضوعات الحديثة نسبياً بالنسبة لعلم الجغرافية، إذ ينظر الكثيرون إلى أن تلك المواضيع تقتصر على اهتمامات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، إلا أن التوسع الكبير لعلم الجغرافية وتشظي موضوعاته واهتمامه المتزايد بالعلاقات المكانية والتباين المكاني، جعلت الأخيرة لا تبتعد كثيراً عن مرمى الجغرافية، ولاسيما أن للعادات والتقاليد آثاراً اقتصادية وسياسية مختلفة، تتنوع بحسب المكان الذي يعد المسرح الحقيقي لعلم الجغرافيا.
تشكل العادات والتقاليد جزءاً من حياة الأمم و الشعوب، وتسهم في بناء واقع اقتصادي يميز المجتمع عن غيره، وتنعكس على زيادة معدلات النمو الاقتصادي، لذلك يقال: بأن اليابانيين يمتازون بحب العمل والتضحية في سبيل إنجاح عمل الدوائر والمصانع التي يعملون فيها، في حين يمتاز الألمان يحب النظام، ويزداد اهتمام الإنكليز بالاقتصاد وأساليب الإدارة، ويميل السويسريون إلى الدقة في العمل. أما العربي، فيحتم عليه إرثه الثقافي والعقائدي المستوحى من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء مساعدة الغريب، ونصرة المظلوم، والتكافل الاجتماعي، ومواساة الأقرباء والجيران أوقات الحزن والمصائب، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم.
وكمثال على التباين المكاني بين الشعوب، نأخذ المقولة الآسيوية التي خلدها التاريخ الحضاري لبلدان شرقي آسيا واليابان تحديداً وهي إن تأجيل استهلاك اليوم يعد تنمية للغد، وعلى عكس ذلك ظهرت مقولات في أوربا تعاكس هذه المقولة، تؤكد على أن استهلاك اليوم هو تنمية للغد، وهو أمر له مردودات اقتصادية تسهم في نشاط السوق وزيادة الاستثمار بسبب ما تمتاز به البيئة الاقتصادية للدول الأوربية. لذا فان التجربة الأوربية ماثلة أمامنا في تفضيل الاستهلاك على العكس تماماً من التجربة اليابانية التي تتضح معالمها في الوقت الحاضر، لذا قامت تجربة دول شرق آسيا واليابان تحديداً على مبدأ معاكس تماما مبني على تأجيل الاستهلاك وتقديس العمل والاكتفاء بالاستهلاك الميسور، أي إذا خفض المواطنون استهلاكهم فإن السلع سوف تعد للتصدير وسوف يزداد ادخارهم، حيث وصلت معدلات الادخار ما بين30 -40%، من أعلى المعدلات العالمية، الأمر الذي ساعد على إنجاز تنمية اقتصادية واجتماعية هائلة(1). والحق أن تجربة اليابان في مجال التطور الاقتصادي كانت مدفوعة إلى حد كبير بتشكيل القدرات البشرية، التي تشمل دور التعليم والتدريب، على الرغم من أن اليابان كانت اقتصادياً ماتزال فقيرة جداً ومتأخرة، فإنها أصبحت واحدة من أكبر منتجي الكتب في العالم، فأخذت تنشر كتباً أكثر من بريطانيا وضعف ما تنتجه الولايات المتحدة. ولهذا استطاعت أن تصنع أسس تطورها الاقتصادي والاجتماعي المذهل(2).
كما أن للعادات والتقاليد أثراً في طريقة الاستهلاك وأسلوبه، من تناول الطعام وطريقة الطبخ وتناول الحلوى والمشروبات والزيارات الشعبية والسهرات، وفي المقابل يؤثر مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي على العادات والتقاليد، فكلما ازدادت مستويات التطور تزداد الفردية وينخفض حجم التعاون وبالتالي يزداد الاستهلاك، وكلما ازداد حجم التعاون بين الجماعات يزداد الادخار وينخفض الاستهلاك. لذلك شجعت عادات دول جنوب شرق آسيا وتقاليدها على تأجيل الاستهلاك وزيادة الادخار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رمزي زكي، المحنة الاسيوية، دار المدى، دمشق، 2000، ص48.
(2) امارتيا صن، الهوية والعنف، ترجمة سحر توفيق، سلسلة عالم المعرفة، العدد (352)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2008، ص16.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|