أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2017
2478
التاريخ: 5-6-2022
1882
التاريخ: 5-03-2015
3092
التاريخ: 6-4-2016
3590
|
احتشد الجيشان في صفيّن ، وبذل الإمام علي ( عليه السّلام ) العديد من المساعي لتفادي وقوع الحرب مع معاوية ، إلّا أنّها لم تفلح ، ممّا اضطرّ الإمام عليّا ( عليه السّلام ) لخوض غمار حرب استمرت عدة أشهر ، وراح خلالها - ضحية لسلطوية معاوية - الآلاف من المسلمين والمؤمنين .
وكان للإمام الحسن ( عليه السّلام ) دور بارز في حرب صفّين ، فقد نقل المؤرّخون : أنّ الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) عندما نظّم صفوف جيشه جعل الميمنة بقيادة الإمام الحسن ( عليه السّلام ) وأخيه الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وعبد اللّه بن جعفر ومسلم بن عقيل[1] ، وفي هذه الأثناء أراد معاوية أن يجسّ نبض الإمام الحسن ( عليه السّلام ) فبعث اليه عبيد اللّه بن عمر يمنّيه بالخلافة ويخدعه حتى يترك أباه ( عليه السّلام ) فانطلق عبيد اللّه ، فقال له : لي إليك حاجة .
فقال له ( عليه السّلام ) : نعم ، ما تريد ؟
فقال له عبيد اللّه : « إنّ أباك قد وتر قريشا أولا وآخرا ، وقد شنؤوه فهل لك أن تخلفه ونولّيك هذا الأمر ؟ »[2].
فأجابه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) بكلّ حزم : « كلا واللّه لا يكون ذلك »[3] ، ثم أردف قائلا : « لكأنّي أنظر إليك مقتولا في يومك أو غدك ، أما إنّ الشيطان قد زيّن لك وخدعك حتى أخرجك مخلقا بالخلوق[4] وترى نساء أهل الشام موقفك ، وسيصرعك اللّه ويبطحك لوجهك قتيلا »[5].
ورجع عبيد اللّه إلى معاوية وهو خائب حسير قد أخفق في مهمته ، وأخبره بحديث الإمام ( عليه السّلام ) فقال معاوية : « إنّه ابن أبيه »[6].
وخرج عبيد اللّه في ذلك اليوم إلى ساحة الحرب يقاتل مع معاوية ، فلقي حتفه سريعا على يد رجل من قبيلة همدان ، واجتاز الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في ساحة المعركة ، فرأى رجلا قد توسّد رجلا قتيلا وقد ركز رمحه في عينه وربط فرسه في رجله ، فقال الإمام ( عليه السّلام ) لمن حوله : انظروا من هذا ؟ فأخبروه أن الرجل من همدان وأنّ القتيل عبيد اللّه بن عمر[7].
ومن الواضح أنّ هذا الحادث من كرامات الإمام الحسن ( عليه السّلام ) حيث أخبر عن مصير عبيد اللّه قبل وقوعه ، وأنبأه بنهايته الذليلة ، وقد تحقّق ذلك بهذه السرعة .
9 - إملكوا عنّي هذا الغلام :
لم تكن المواجهة في صفّين على وتيرة واحدة ، فكانت تارة على شكل مناوشات بين الفريقين ، وتارة أخرى كانت بصورة التحام كامل بين الجيشين ، وأول مواجهة حيث اتّخذت شكل الالتحام العام رأى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ابنه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) يستعدّ ليحمل على صفوف أهل الشام ، فقال لمن حوله : « إملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني[8] فإنّني أنفس[9] بهذين الغلامين - يعني الحسن والحسين - لئلّا ينقطع بهما نسل رسول اللّه »[10].
10 - الإمام الحسن ( عليه السّلام ) والتحكيم :
بعد أن مضت عدّة أشهر على المواجهة بين جيش الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وجيش معاوية ، وبعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بالجانبين ، أو شك جيش الحقّ بقيادة أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) على تحقيق النصر ووضع حدّ لهذا النزف الذي أوجده معاوية في جسم الامّة الإسلامية ، إلّا أنّ عمرو بن العاص أنقذ جيش معاوية من الهزيمة المؤكدة ، عندما دعا هذا الجيش إلى رفع المصاحف على الرماح والمطالبة بتحكيم القرآن بين الجانبين .
واضطرّ الإمام عليّ ( عليه السّلام ) لقبول التحكيم بعد أن مارس جمع من المقاتلة ضغوطا كبيرة عليه ، فقد انطلت عليهم خدعة ابن العاص بسبب جهلهم ، كما وظّف المنافقون والانتهازيون القضية لتدعيم ضغوط الجهلة على الإمام المظلوم ( عليه السّلام ) .
وبعد أن انخدع أبو موسى الأشعري - ممثّل العراقيّين - بحيلة عمرو بن العاص - ممثّل الشاميين - في قضيّة التحكيم ؛ التفت الذين فرضوا التحكيم على الإمام ( عليه السّلام ) إلى الخطأ الجسيم الذي وقعوا فيه ، فتوجّهوا إلى الإمام علي ( عليه السّلام ) يطلبون منه أن ينقض تعهداته التي أمضاها استجابة لضغوطهم ، وأن يستأنف الحرب مع معاوية ، وفوق ذلك كلّه اعتبروا أنّ الإمام ( عليه السّلام ) أخطأ بقبوله التحكيم ، فرفعوا شعار « لا حكم إلّا للّه » ، الأمر الذي بات ينذر باضطراب آخر وفاجعة جديدة في أوساط جيش الإمام عليّ ( عليه السّلام ) .
ومن هنا رأى الإمام ( عليه السّلام ) ضرورة الحيلولة دون وقوع الفاجعة ، وذلك بأن يدعو شخصا يتمتّع بثقة الجميع واحترامهم ليلقي فيهم خطابا يتضمّن إبطالا لحكم أبي موسى الأشعري بالدليل والبرهان ، ويبيّن لهم مشروعية القبول بأصل التحكيم ، فاختار الإمام ( عليه السّلام ) ابنه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) فقال له : قم يا بنيّ ، فقل في هذين الرجلين عبد اللّه بن قيس ( يعني : أبو موسى الأشعري ) وعمرو بن العاص ، فقام الإمام الحسن ( عليه السّلام ) فاعتلى أعواد المنبر ، وهو يقول :
« أيّها الناس ! قد أكثرتم في هذين الرجلين ، وإنّما بعثا ليحكما بالكتاب على الهوى ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسمّ حكما ولكنّه محكوم عليه ، وقد أخطأ عبد اللّه ابن قيس إذ جعلها لعبد اللّه بن عمر فأخطأ في ثلاث خصال : واحدة أنّه خالف أباه إذ لم يرضه لها ولا جعله من أهل الشورى ، وأخرى أنّه لم يستأمره في نفسه[11] ، وثالثها أنّه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين يعقدون الإمارة ويحكمون بها على الناس .
وأمّا الحكومة فقد حكّم النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) سعد بن معاذ في بني قريضة فحكم بما يرضى اللّه به ، ولا شك لو خالف لم يرضه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) »[12].
لقد عرض الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في خطابه الرائع أهم النقاط الحسّاسة التي هي محور النزاع ومصدر الفتنة ، فأبان ( عليه السّلام ) أنّ المختار للتحكيم إنّما يتبع قوله ، ويكون رأيه فيصلا للخصومة فيما إذا حكم بالحقّ ، ولم يخضع للنزعات والأهواء الفاسدة ، وأبو موسى لم يكن في تحكيمه خاضعا للحقّ ، وإنّما اتّبع هواه فرشّح عبد اللّه بن عمر للخلافة ، مع أنّ أباه كان لا يراه أهلا لها ، مضافا إلى أنّ الشرط الأساسي في الانتخاب اجتماع المهاجرين والأنصار على اختياره ولم يحصل ذلك له ، كما أعرب ( عليه السّلام ) في خطابه عن مشروعية التحكيم بالأمر الذي أنكرته الخوارج ، مستدلا عليه بتحكيم النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) لسعد بن معاذ في بني قريضة .
[1] مناقب ابن شهرآشوب : 3 / 168 .
[2] حياة الإمام الحسن : 1 / 492 .
[3] المصدر السابق : 1 / 492 - 493 .
[4] الخلوق : الطيب .
[5] المصدر السابق : 1 / 492 - 493 .
[6] المصدر السابق : 1 / 492 - 493 .
[7] المصدر السابق : 1 / 492 - 493 .
[8] يهدّني : أي يهلكني .
[9] أنفس : أبخل .
[10] حياة الإمام الحسن : 1 / 497 .
[11] وفي رواية ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : 1 / 144 « أنه لم يستأمر الرجل في نفسه ولا علم ما عنده من رد أو قبول » .
[12] حياة الإمام الحسن : 1 / 530 - 532 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|