أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
3089
التاريخ: 6-4-2016
2912
التاريخ: 6-4-2016
3368
التاريخ: 5-6-2022
1614
|
نقل بعض المؤرّخين : أنّه حينما حاصر الثائرون عثمان ؛ بعث الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) بولديه الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) للدفاع عنه ، بل قالوا : إنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) قد جرح وخضّب بالدماء على باب عثمان من جرّاء رمي الناس عثمان بالسهام ، ثم تسوّر الثائرون الدار على عثمان وقتلوه ، وجاء الإمام علي ( عليه السّلام ) كالواله الحزين ، فلطم الحسن وضرب صدر الحسين ( عليه السّلام ) وشتم آخرين ، منكرا عليهم أن يقتل عثمان وهم على الباب[1].
وقد استبعد مؤرّخون آخرون ذلك ؛ استنادا إلى أنّ سيرة عثمان تبعد كلّ البعد عمّا نسب إلى عليّ وولديه ( عليهم السّلام ) ، كما ويبعد منهم أن يتّخذوا موقفا يخالف موقف البقية الصالحة من الصحابة ، وينفصلوا عنهم . ويضيف هؤلاء المؤرّخون بخصوص دفاع الحسن عن عثمان ، ولو فرض صحة ذلك ، فإنّه لم يكن إلّا لتبرير موقفه وموقف أبيه من الاشتراك في دمه ، وأن لا يتّهمه المغرضون بشيء[2].
ويشكّ السيّد الشريف المرتضى في إرسال أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) ولديه للدفاع عن عثمان ، إذ يقول : « فإنّما أنفذهما - إن كان أنفذهما - ليمنعا من انتهاك حريمه وتعمّد قتله ، ومنع حرمه ونسائه من الطعام والشراب ، ولم ينفذهما ليمنعا من مطالبته بالخلع »[3].
وأما العلّامة الحسني ( رحمه اللّه ) فيقول : « من المستبعد أن يزجّ بريحانتي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في تلك المعركة للدفاع عن الظالمين ، وهو الذي وهب نفسه وكلّ حياته للحقّ والعدالة وإنصاف المظلومين »[4].
في حين يرى باحث آخر : « أنّ الخليفة كان مستحقّا للقتل بسوء فعله ، كما أنّ قتلته أو الراضين بقتله هم جمهرة الصحابة الأخيار ، ولا يعقل أن يقف الحسنان في وجه هؤلاء وصدهم »[5].
وهنا نقدّم جملة من الملاحظات :
أ - إنّ ما ذكره هؤلاء من أنّ الصحابة الأخيار كانوا هم قتلة عثمان أو أنّهم الراضون بقتله فهذا صحيح ، ولكن ممّا لا شك فيه هو أنّه كان من بينهم أيضا من ثأر على عثمان ، من أمثال : عائشة والزبير وطلحة وغيرهم ، لا لأجل الانتصار للحقّ وإنّما من أجل المكاسب الدنيوية ، كما أثبتت ذلك مواقفهم من حكومة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) بعد أن بايعوه عقيب مقتل عثمان .
ب - وأمّا ما ذكر من أنّ عليّا قد ضرب الحسن ( عليه السّلام ) ودفع صدر الحسين فهذا ما لا اتّفاق عليه ؛ لأنّ عليّا ( عليه السّلام ) قد كرّر وأكّد أنّ قتل عثمان لم يسره ولم يسؤه[6] ، كما أنّه لم يكن ليتّهم الحسنين ( عليهما السّلام ) بالتواني في تنفيذ الأوامر التي يصدرها إليهما ، وهما من الذين نصّ اللّه سبحانه وتعالى على تطهيرهم ، وأكّد النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) على عظيم فضلهم وباسق مجدهم وعلى محبته العظيمة لهم .
ج - وأمّا بالنسبة للدفاع عن عثمان فإنّ أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وإن كان لا يرى خلافة عثمان شرعية من الأساس ، وكان على اطّلاع تامّ بالنسبة لجميع المخالفات والانتهاكات التي كانت تصدر عن الهيئة الحاكمة باستمرار إلّا أنّه ( عليه السّلام ) لم يكن يرى أنّ علاج الأمر بهذا الأسلوب الانفعالي هو الطريقة المثلى والفضلى ، وقد نقل عنه ( عليه السّلام ) قوله عن عثمان : « إنّه استأثر فأساء الإثرة ، وجزعوا فأساءوا الجزع »[7].
وما ذلك إلّا لأنّ هذا الأسلوب بالذات وقتل عثمان في تلك الظروف وعلى النحو الذي كان لم يكن يخدم قضية الإسلام ، بل كان من شأنه أن يلحق بها ضررا فادحا وجسيما ، إذ أنّه سوف يعطي الفرصة لأولئك المتربّصين من أصحاب المطامع والأهواء لاستغلال جهل الناس ورفع شعار الأخذ بثارات عثمان .
وإذا كان عليّ ( عليه السّلام ) لا يرغب في قتل عثمان بالصورة التي حدثت ؛ فإنّه لم يكن يريد أن يكون الدفاع والذبّ عن عثمان موجبا لفهم خاطىء لحقيقة رأيه في عثمان وفي مخالفته ، فكان يذكر تلك المخالفات تصريحا تارة وتلويحا أخرى ، كما أنّه كان يجيب سائليه عن أمر عثمان بأجوبة صريحة أحيانا ومبهمة أخرى ، أو على الأقل بنحو لا تسمح بالتشبّث بها واستغلالها من قبل المغرضين والمستغلين[8].
ولم يكن الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ليسكت عن تلك المخالفات الشنيعة التي كانت تصدر عن عثمان وأعوانه ، بل كان ( عليه السّلام ) وباستمرار يجهر بالحقيقة مرّة بعد أخرى ، وقد حاول إسداء النصيحة لعثمان في العديد من المناسبات حتى ضاق عثمان به ذرعا ، فأمره أن يخرج إلى أرض ينبع[9].
كما أنّ عثمان واجه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) وبصريح القول بأنّه لا يرغب بنصائح أبيه ، وذلك لأنه « كان عليّ كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان ؛ أرسل ابنه الحسن ( عليه السّلام ) إليه ، فلمّا أكثر عليه قال : إنّ أباك يرى أنّ أحدا لا يعلم ما يعلم ؟ ونحن أعلم بما نفعل ، فكفّ عنّا ! فلم يبعث علي ( عليه السّلام ) ابنه في شيء بعد ذلك . . . »[10].
وهكذا يتّضح أنّ نصرة الحسنين ( عليهما السّلام ) لعثمان بأمر من أبيهما الإمام علي ( عليه السّلام ) وقد كانت منسجمة كلّ الانسجام مع خطّهم ( عليهم السّلام ) الذي هو خطّ الإسلام الصافي والصحيح ، وهو يدخل في عداد تضحياتهما الجسام - وما أكثرها - في سبيل هذا الدين ! كما أنّه دليل واضح على بعد النظر والدقّة والعمق .
[1] راجع الصواعق المحرقة : 115 - 116 ، ومروج الذهب : 2 / 344 - 345 ، والإمامة والسياسة : 1 / 44 و 42 و 43 ، وأنساب الأشراف : 5 / 69 و 70 و 74 و 93 و 95 ، والبدء والتاريخ : 5 / 206 ، وتاريخ مختصر الدول 105 .
[2] راجع : حياة الإمام الحسن ( عليه السّلام ) للقرشي : 1 / 115 - 116 .
[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 3 / 8 .
[4] سيرة الأئمة الاثني عشر : 1 / 428 .
[5] صلح الإمام الحسن لآل ياسين : 50 - 51 .
[6] الغدير : 9 / 69 - 77 عن مصادر كثيرة .
[7] نهج البلاغة : 1 / 72 بشرح عبده ، الخطبة رقم 29 .
[8] راجع هذه الأجوبة في كتاب الغدير : 9 / 70 .
[9] نهج البلاغة بشرح عبده : 2 / 261 ، والغدير : 9 / 60 .
[10] نهج البلاغة بشرح عبده : 2 / 261 ، والغدير : 9 / 60 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|